شراب الوصل (1 - 100)

المعني:
أنا: ال "أنا": مظهر الهُويّة, حيث ظهرت الأنا بوجود الأنت و هو حضرة النبي صلي الله عليه و سلم بعد تعيينه في حضرة التعيين الأول (غيب الأحديّة) من حضرة العماء, المشار إليها بال (هُو) , أو بالذات الساذج, قبل مرحلة الأحدية التي هي مرحلة ال"أنا",
يقول رب العزة في الحديث القدسي: "كنت كنزاً مخفيّاً فأردت أن أعرف فخلقتُ الخلق و تعرفت إليهم فبي عرفوني" , و بدؤه القصيدة الأولي من الديوان بحرف ال (أنا) إشارة إلي ذاته الظاهر, أي: ذات الشيخ, لأن الأنا هي مظهر الذّات, و يتدرج هذا من ربّ العزة جلّ و علا, فحضرة النبي, فأكابر الأولياء, يقول تعالي, مخاطبا سيدنا موسي عليه السلام:
(إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) طه 10 و في الحديث عَنْ سَيّدِنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَأْخُذُ بِحَلَقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ وَلا فَخْرَ، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي وَلا فَخْرَ", فالخطاب الذّاتي هُنا مهمّته التعريف بذات المتكلم, و قال سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه:
إِذَا شِئتَنِي فَاطْلُبْنِي و اسْألْنِي فِي أَنَا *** أَنَا فَي أَنَا إِنِّي أنَا فِي أنَا نَفْسِي فِي أنا إنّي: فِي: ظرفية لتعيين المكان, أنا: الأنا الإلهية الظاهرة في إنّي: الأنا النبوية, هذه, هي الخاصة بحضرة النبي صلي الله عليه و سلم - مظهر الهوية و باطنها الله, إنّي: إشارة لغيب الأحدية, إذا إنّي هي الأنا مع ظهور الياء للاشباع إشارة لحضرة الأحديّة و إنّي: الأنا الخاصة بحضرة النبي صلي الله عليه و سلم
فِي أنَا: ظاهرة في (أنا) الإلهية المعبّر عنها بقوله تعالي:
(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) طه 14 رَحِيقِيَ مَختُومٌ بِمِسكِ الحَقِيقَةِ: الآية: (يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ , خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) المطففين 25,26 و المعنيون بالشراب في الاية هم الأبرار و المقربين.
الرحيق: الخالص الصافى و يُقصد به الخمر, الشراب, كناية عن العلوم و التجلّيات الإلهية, فهم هناك يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك، ورحيق الازهار: ما تفرزه لاجتذاب الحشرات، ومسك رحيق: لا غش فيه وحب رحيق: خالص لا تشوبه شائبة. و الرّحيق هو العصارة, و كونه مختومٌ أي ظل مدخّراً لأبنائه لم يفضّ لغيرهم. و هذا هو شراب الوصل, قال رضي الله عنه:
شَرَابُ الْوَصْلِ مَخْتُومٌ وَسِرِّي *** شِفَاءٌ لاَ شَرِبْتُمْ غَيْرَ مِنَّا (1 ق 56) المِسك ما هو؟ يعتبر المسك ملك الأطياب والمسك كلمة عربية هي اسم لطيب من الأطياب القليلة التي مصادرها حيوانية, وقد ورد ذكر المسك في القرآن الكريم (كما ورد في الآية أعلاه).و ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "أطيب الطيب المسك" وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يحرم ويوم النحر, وقبل ان يطوف بالبيت بطيب فيه مسك. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً).
و كون ختامه مسك فإن ذلك في أرقي مراقي الإحسان, من غيب الأحدية, صُفت لها الأملاك عند نزولها, تنشق من ذلك الرحيق المختوم, قال رضي الله عنه:
شَرَابِيَ عَذْبٌ سَلْسَبِيلٌ مَذَاقُهُ *** وَعِلْمِيَ كَنْزٌ فِي قُلُوبِ أَحبَّتِي (7 ق 1) تنبيه:
كان لا بد من الوقوف عند البيت الأول بتمهّلٍ, فالتائية هي المحكم و "أم الكتاب" من ديوان شراب الوصل - كما الفاتحة و القرآن الكريم (جدّها من أبٍ لها). البيت الأول بمقام البسملة للقرآن و البسملة هي سر الفاتحة, إذن كل الديوان أجمل في هذا البيت, و عندما تقرأ أي بيت تجده راجعاً لهذا البيت

المعني:
صَبَرْتُ: (أي: أنا صَبَرْتُ) الصَّبْرُ نقِيض الجَزَع، بالماضي أي: حين حكم الله
لِحُكْمِ اللَّه: اللام: تفيد الإذعان للحُكم, غير أن يقول (علي حكم) , حُكْمِ اللَّه: الحُكْمُ القَضاء، قال تعالي في الآية:
(ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الممتحنة 10 بَلْ: تسمي في النحو أداة إضراب, أي أنك أضربت عن ما سبق من كلام و تحولت إلي الكلام التالي لأنه أكثر دقّة أو أهميّة, مبيّناً أن، التالي أوفي و أجلي في المعني
أَنَا شَاكِرٌ: أنا: أي ذاتي الظاهر, شَاكِرٌ: الشُّكْرُ: الشُّكْرُ: الثناءُ على المُحْسِنِ بما أَوْلاكَهُ من المعروف، يلاحظ أن الحكم جاء في صيغة الفعل في الماضي بينما الشكر في المضارع أي مستمر, أي: البقاء في موطن الشكر, و هو الشكر في درجة الإحسان, قال تعالي: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ 13 فَمَا الصَّبْرُ: (ف) ما: الفاء هنا تسمي في اللغة الفاء الفصيحة و هي الفاء التي تبين وتفصح عن محذوف وتدل علي ما نشأ عنه, مثل قوله تعالي (وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) البقرہ 60 إِلاَّ: استثنائية, تالية لأداة النفي (مَا) تفيد الحصر
عَنْ: تبين نوع الصبر, فالصبر علي شئ (معناه صبر حال وجود ما يكره) و (الصبر عن) معناه صبر حال عدم ما هو مرغوب و محبب إلي النفس, كالصبر عن رؤية من تحب أو نيل ما تهوي, قال رضي الله عنه, لتوضيح المعني: فَأَصْبِرُ عَنْهَا لاَ عَلَيْهَا وَإِنَّنِي *** بِصَبْرِيَ شَكَّارٌ وَفِي الُقَابِ صَبْرَتِي (106 ق 1) عَظِيمِ الْمُصِيبَةِ: عَظِيمِ: العظيم هو الكبير من كل شئ, الْمُصِيبَةِ: صفة لجمع و منه أن تقول سهمٌ مصيب و أسهم مُصيبة, أي: عظيم الأسهُم التي أصابت, و المُصيبة المفرد المؤنث هي كل ما يُصيب من خير أو شر, قال تعالي: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الروم 48 و هي هنا من استهام (رمي السهم للظفر بالحظ) الحضرتين عليه, لاختياره, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في تبيين ذلك: وَإِنَّ سِهَامَ الْحَضْرَتَيْنِ إِسْتَهَامُهَا *** عَلَيَّ فَكِلْتَاهَا سِهَامٌ أَصَابَتِ (240 ق 2)

المعني:
سَعَيْتُ إِلَى: السعي الاسراع في المشي دون العدو, و السّعي إلي الشئ: طلبه بهمة
مَوْلاَيَ: ربّي, من يتولي أمري, الذّات في مجلي أسمائه, و السعي هنا طلب الانتقال, بقرينة عجز البيت: (وَمَا زِلْتُ لِلدُّنْيَا شُعَاعَ الْهِدَايَة)
مَرْفُوعَ هَامَةٍ: الهامة: مقدمة الرأس, مَرْفُوعَ هَامَةٍ: أي: عزيزاً و في شأن عظيم, و في موطن الكرم الإلهي, و هو شأن الوراثة المحمديّة الكاملة, كما جاء في السيرة عنه صلي الله عليه و سلم أنه حينما وصل إلى سدرة المنتهى وأوحى إليه ربه: يامحمد أرفع رأسك، وسل تٌعط قال: يارب إنك عذبت قوما بالخسف وقوما بالمسخ .. فماذا أنت فاعل بأمتي. قال الله: (أُنزل عليهم رحمتي .. وأُبدل سيئاتهم حسنات .. ومن دعاني أجبته .. ومن سألني أعطيته .. ومن توكّل عليّ كفيته .. وأستر على العصاة منهم في الدنيا .. وأُشفعك فيهم في الآخرة .. ولولا أنّ الحبيب يحب معاتبة حبيبه لما حاسبتهم .. يا محمد، إذا كنتُ أنا الرحيم وأنت الشفيع .. فكيف تضيع أمتك بين الرحيم والشفيع) , قال سيدي فخر الدين في تبيين ذلك: فَأَرْكَعُ تَعْظِيماً وَأَرْفَعُ شَاكِرا *** أُشَاهِدُ مَا أَبْغِيِه فِي رَفْعِ هَامَتِي (251 ق 1) وَمَا زِلْتُ: الواو للعطف, زِلْتُ: من زَال و هي تفيد النفي و تقترن بأدة النفي (مَا) فينقلب معناها من النفي إلي الإيجاب, فتنقلب إلي فعل مضارع يفيد الاستمرارية و تفيد إثبات الوجود
لِلدُّنْيَا: اللام لاصقة كقولك أمسكتُ بالحبل, الدُّنْيَا: الحياة الأولي تليها الحياة البرزخية ثم الآخرة, و هي موطن الأعمال و العبادات و خدمة دين سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم, قال تعالي: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ) الرعد 17 شُعَاعَ الْهِدَايَة: الشُّعاع هو ما يضئ و هو العضو الواحد من مائة أربعة و عشرين عضواً من أعضاء الحضرة الصمدانية الوترية, الْهِدَايَة: بواسطة ضوء الشّعاع, إنارة الطريق للسير إلي الله, و هذا و هذا البيت من أعظم البشارات لأبناء الطريقة, فهو يطمئن الأخوان و يدلهم علي مكانة شيخهم رضي الله عنه


المعني:
وَآتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ: وَآتَيْتُ: و أعطيتُ, إِبْرَاهِيمَ: الخليفة الوارث رضي الله عنه
مِنْ قَبْلُ: في القديم من الزمان, قبل الإيجاد
رُشْدَهُ: الرُّشْد والرَّشَد والرَّشاد: نقيض الغيّ, أي: الهِداية, قال تعالي: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) الأنبياء 51 جاء في تفسير أبن كثير: يخبر تعالى عن خليله إبراهيم، عليه السلام، أنه آتاه رشده من قبل، أي: من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه, و في تفسير سيدي محي الدين بن عربي: ولقد آتينا إبراهيم (الروح) رشده (المخصوص به الذي يليق بمثله وهو الاهتداء إلى التوحيد الذاتي ومقام المشاهدة والخلة). (من قبل) أي: قبل مرتبة القلب والعقل متقدما عليهما في الشرف والعز) وكنا به عالمين (أي: لا يعلم بكماله وفضيلته غيرنا لعلو شأنه, أيّ أن سيدي فخر الدين رضي الله عنه كمّل خليفته و أعدّه للإمامية منذ نشأته
فَمَا هُوَ إِلاَّ: نفي و استثناء يفيد حصر الوصف في المشار إليه لا غيره
فلذتي: الفِلّذَةُ القطعة من الكبد واللحم والمال والذهب والفضة، و يوصف الإبن من الظهر بفلذة الكبد, و قد قيل: أبناؤنا فلذات أكبادنا تمشي علي الأرض) , يعني إِبْرَاهِيمَ الذي هو (ولدي من صلبي) ... أوضحها درءاً لأي تأويل في غير محله, حتي لا يدّعي الخلافة غيره, و إِبْرَاهِيم تنطبق علي كل الخلفاء ورثة سيدي فخر الدين من صُلبه, قال رضي الله عنه:
فَإِبْرَاهِيمُ عِنْدِي مَنْ يَرِثْنِي *** عَلَى الأَيَّامِ مِمَّنْ قَدْ وَصَلْتُ (13 ق 41) وَعَطِيَّتِي: الواو للعطف, عَطِيَّتِي: الذي أعطاني الله, قال رضي الله عنه: هَذَا عَطَاءُ اللَّهِ مِنْ عَلْيَائَهِ *** هَذَا إِصْطِفَاءُ السَّيِّدِ الْبُرْهَانِي (1 ق 2) و قال رضي الله عنه: مِنْ كَمَالِ الْعَطَاءِ مِنْ فَيْضِ وَهْبٍ *** أَيُّهَا النَّاسُ جَاءَكُمْ إِبْرَاهِيمُ (1 ق 12)

المعني: تَوَاكَبَتِ: الوكوب هو السير في درجان و يقال تواكبت الغزلان, و تواكبت من تفاعلت ما يفيد الكثرة و التتابع, و منها المَوْكِبُ: و هو الجماعةُ من الناس رُكْباناً ومُشاةً, وفي الحديث: أَنه كان يسير في الإِفاضةِ سَيْرَ المَوْكِب, المَوْكِبُ: جماعةٌ رُكْبانٌ يسيرون بِرِفْقٍ، مثل ما يفعل في المارشات العسكرية, وهم أَيضاً القومُ الرُّكُوبُ للزينة والتَّنَزُّهِ، أَراد أَنه لم يكن يُسْرعُ السَّيْرَ فيها الأَقْطَابُ: الرؤساء منذ سيدنا آدم عليه السلام إلي انتهاء الدنيا
يَوْمَ إِجَابَتِي: يَوْمَ: اليوم زمان, و تأتي كلمة يَوم للدلالة علي الحدث الهام العظيم, فكانت العرب تمسي العيد يَوم كذا, و منه يُقال: يَوم الجمعة, و يوم البعث .. الخ, إِجَابَتِي: الإجابة للطلب تلبيته, يعني بذلك إجابة الله تعالي لطلبه هو ما تمني و هو الإنتقال, قال رضي الله عنه: أَقُولُ أُجِبْتُ وَمَا أَجَبْتُ لِطَالِبٍ *** أَقُولُ مُنَايَ وَلاَ أَقُولُ مِنِيَّتِي (112 ق 1) تَزَاحَمَتِ: التزاحم هو التضايق بسبب الكثرة
الأَمْلاَكُ: أو الملائكة أو الملائك جمع ملَك
تَخْدُمُ رَوْضَتِي: تَخْدُمُ: تقوم بالخدمة و هي إكرام الزائرين, رَوْضَتِي: ساحة مقامي, و الرّوضة من الجنّة, حيث العطاء و الثِمار, و في الحديث, قال صلي الله عليه و سلم: "مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّة" و بيّن المعني رضي الله عنه بقول: وَمَا خِدْمَةُ الأَمْلاَكِ لِلْرَّوْضِ دُونَكُمْ *** فَكُلُّ مَقَامٍ فِيهِ أُذْكَرُ رَوْضَتِي (113 ق 1)

المعني:
وَأَعْرِفُ: أُدرك الحقيقة
أَقْدَارَ الرِّجَالِ: أَقْدَارَ: جمع قَدر, و في اللغة: معني قَدْرُ قال: قَدْرُ كل شيء ومِقْداره: مَبْلَغُه. و قوله تعالى: و ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِه (الزمر 67) أَي ما عظموا الله حق تعظيمه، وقال الليث: ما وَصَفوه حق صِفَتِه، والقَدَرُ والقَدْرُ ههنا بمعنى واحد، وقَدَرُ الله وقَدْرُه بمعنًى، وهو في الأَصل مصدر. أي أن القدر هو المكانة و المنزلة, و قَدر, تعني: مكانة و منزلة و مرتبة, أقدار: مَنازِل, قال تعالي: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) يس 39 و قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم و أن ننزلهم منازلهم" , إذن القدر و المنزلة هي غاية بلوغ الشئ من المكانة
الرّجال: الأولياء, و هم من بعد درجة الإيمان (أي: أهل درجة الإحسان و ما فوق) , قال تعالي: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) الأحزاب 23 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه (11,12 ق 35): أَمَّا الرِّجَالُ الذَّينَ عَنَيْتُ مَنْ ذَكَرُوا *** وَذِكْرُهُمْ غَايَةٌ فَاللَّهُ غَايَتُنَا مَنَازِلٌ قُدِّرَتْ لِلذِّكْرِ أَجْمَعِهِ *** وَبَعْدَهَا نُصْطَفَى هَذِي بِدَايَتُنَا جَمِيعِهِمْ: من لدن آدم إلي آخر الدنيا, أهل الجمع
وَلَكِنَّهُمْ: الواو للعطف, لَكِنَّ: للاستدراك و التأكيد, الضمير (هُمْ) يعود علي الرجال, أي: الأولياء
ضلّوا ابتداء مكانتي: ضلّو: ا الضَّلالُ والضَّلالةُ ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، أي: تاهوا عنها و لم يعرفوها, ابتداء مكانتي: ابتداء منزِلَتي: الابتداء موطن بداية اصطفائه رضي الله عنه, و هذه خصاصية, قال رضي الله عنه في تبيين ذلك: أَلاَ إِنَّ أَقْدَارَ الِرّجَالِ مَنَازِلٌ *** بِهَا نَزْلُوا خَتْماً وَتِلْكَ بِدَايَتِي (114 ق 1)

المعني:
شَرَابِيَ: الشَّرَاب: ما يُشرب, و هو إشارة لعلوم الحقائق, قال تعالي: (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) الإنسان 21 و نسبة الشراب للمتكلم, يعني بذلك, شرابه رضي الله عنه, و هو شَرَابُ الوَصلِ, و هو مصطلح كثير الاستخدام عند السادة الصوفية, يرمز به للحقائق الإلهية, و قد جاء في الأثر: (إنّ لِله شَرَاباً ادّخَرَهُ لِعِبادهِ المُقَرَّبِين, حَتَى إذَا شَرِبُوا طَارُوا و إذَا طَارُوا وَصَلُوا, و إذَا وَصَلُوا اتّصَلُوا, و إذَا اتّصَلُوا صَارَ لاَ فَرْقَ بَيْني و بَيْنَهم", و في قصيدة ابن الفارض الشهيرة بالخمرية:
شَرِبْنَا عَلَى ذِكْرِ الحَبِيبِ مَدَامَةً *** سَكِرْنَا بِهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخلَقِ الكَرْمُ عَذْبٌ: طيب مُستساغ الطعم, طيب مُستساغ في كلماته و معانيه, قال تعالي: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) الفاطر 12 سَلْسَبِيلٌ مَذَاقُهُ: السَّلْسَبيل الرَّحِيق: الخَمْر، والسَّلْسَبيل: السَّهْل المَدْخَل في الحَلْق, التذوق بالقلب و عبره تُسقي الروح
وَعِلْمِيَ كَنْزٌ: وَعِلْمِيَ: العلم الذي أعطيه في دروسي و قصائدي, كَنْزٌ: الكَنْزُ المال المدفون، أي: مخبأ, و في الحديث عَنْ سَيّدِنَا أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ كَهَيْئَةِ الْمَكْنُونِ، لا يَعْرِفُهُ إِلا الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ، فَإِذَا نَطَقُوا بِهِ لَمْ يُنْكِرْهُ إِلا أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللَّهِ) و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:- وَأَكْشِفُ لِلأَحْبَابِ عَنْ عِلْمِيَ الَّذِي *** جَوَاهِرُهُ فِي كُلِّ صَدْرٍ كَمِينَةِ (146 ق 1) فِي قُلُوبِ أَحبَّتِي: أي أن أسرار علمه محفوظة في فِي قُلُوبِ أَحبَّتِه, و أَحبَّة جمع حِبّ و الحِبُّ هو الذي يُحِب و يًحَب, محب و محبوب, أي: أبناء الطريقة, قال تعالي: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ) العنكبوت 49

المعني:
سَقَيْتُ مُرِيدِي: سَقَيْتُ: سَقَيْتُه إذا ناولته الشراب فشرِب, أنا السّاقي, مُرِيدِي: المُريد الطالب و القاصد و التابع, و منه مريد و مراد, و مريد الشيخ تابعه و السائر علي إرادته, الآية: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) آل عمران 31 مِنْ شَرَابٍ مُعَتَّقٍ: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, شَرَابٍ مُعَتَّقٍ: مُعَتَّقٍ من عَتُقَ عِتْقاً وعَتاقَةً أَي قَدُم وصار عَتيقاً، و العَتيقُ: القديم من كل شيء, وفي التنزيل: (ولْيَطَّوَّفوا بالبيت العَتيقِ) الحج 29 و الشراب المعتق القديم أفضل الشراب, و هو يشير إلي قِدَم القصائد, فهي موجودة من قبل الزمن, قال رضي الله عنه: هَذَا كَلاَمِي قَدِيٌم يَسْبِقُ الزَّمَنَ *** فَلاَ تَخُوضُوا بِحَاراً أَهْلَكَتْ سُفُنَا (1 ق 35) وَكَفِّيَ كَأْسٌ: وَكَفِّيَ: اليد, تستعمل للعطاء و الكرَم, كَأْسٌ: الكأس, الإناء الذي يُشرب به, و أصلها في الاصطلاح الصوفي الرّوح, وَكَفِّيَ كَأْسٌ: ما يضعه الشيخ من كرمه في روح المريد, وقاية له من شدّة التجلّي, بيّن ذلك بقوله رضي الله عنه: وَكَفِّيَ كَفُّ الْبَأْسِ عَنْ كُلِّ شَارِبٍ *** لأَنَّ مُرِيدِي تَحْتَ سَيْفِ حِمَايَتِي (116 ق 1) و قال رضي الله عنه: مِنْهَا سَقَيْتُكَ وَالسّقَايَةُ كَفُّنَا *** عِنْدَ الْمَقَامِ وَسِرُّهَا يَسْرِي بِي (8 ق 38) وَالْخَفَاءُ مَزِيَّتِي: الخَفَاءُ: عدم الظهور, أي: لا يُدرك, مَزِيَّتِي: خاصيةٌ خُصّ بها رضي الله عنه, قال رضي الله عنه في (13 - 15 ق 35): شَرَابُ قَوْمِي عَظِيمٌ جَلَّ صَانِعُهُ *** وَفِي كُؤُوسِ الْخَفَا نَسْقِي أَحِبَّتَنَا
مُعَتَّقٌ مِنْ قَدِيمِ الْوَصْلِ مُتَّصِلٌ *** أَكُفُّهُ فِي سَخَاءٍ مِنْ حِمَايَتِنَا
فَلِلْتَجَلى شَرَابٌ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ *** وَكَفُّ بَأْسِ التَّجَلِي تِلْكَ صَنْعَتُنَا

المعني:
وَبَعْضُ شَرَابِي: الواو استئنافية, بَعْضُ: جزء من الكُلّ, شَرَابِي: الشَّرَاب: ما يُشرب, و هو إشارة لعلوم الحقائق, يعني شراب الوصل
أَغْرَقَ: غرق في الأمر: أحاط به الأمر أو الشيء وغمره وغلبه, و عند السادة الصوفية: الغرق، مقام استغراق من تحقق بالحب، فغرق في لجة بحر القرب، فغاب عن إحساسه بالروح والنفس واللب, و أَغْرَقَ جعله يغرق الكُلَّ: كُلّ حرف لاستيعاب أفراد العدد, أي: كلّ أهل الله السالكين و الواصلين
فِي الْهَوَى: الهوي: هو الحبّ مع فراغ القلب من الغير, لأن الهوي يشتق من مادة الهواء و هو الفراغ, شراب الوصل يملأ القلب بالمحبّة حتي تفيض
تلاحظ: قوة المعني و البلاغة اللغويّة في عبارة: (بعض) شرابي أغرق (الكٌلّ).
وَمَنْهَجِيَ الْقُرْآنُ: منهجي: طريقٌ نَهْجٌ: بَيِّنٌ واضِحٌ، وهو النَّهْجُ؛ ومَنْهَجُ الطريقِ: وضَحُه, والمِنهاجُ كالمَنْهَجِ. وفي التنزيل: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً ) المائدة 48 وَمَنْهَجِيَ الْقُرْآنُ: أي: القرآن طريقتي, قال رضي الله عنه: فلاَ جَدَلٌ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَضِدِّهِ *** فإِنِّيَ صَرْحٌ وَالْقُرْآنُ يُشيدُنِي (12 ق 36) والله وجهتي: الوِجهة: القصد و القبلة, قال تعالي: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 148 كناية عن المشاهدة الإلهية

المعني:
فَمَا فَازَ: فَمَا: الفاء استئنافية, مَا: نافية, فَازَ: الفوز هو النجاة, قال تعالي: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) النور 52 فِي الأَكوَانِ: الأكوان الخمس (الملك-الملكوت-الجبروت-اللاهوت-الهاهوت)
إِلاَّ مُسَالِمِي: إِلاَّ للاستثناء, مُسَالِمِي: المُسَالِمُ من يكُفّ أذاه عن الآخرين, و في الحديث: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده" وَمَا خَابَ: خابَ يَخِيبُ خَيْبَةً: حُرِم، ولم يَنَلْ ما طَلَب, والخَيْبَة الحِرْمانُ والخُسْران
إِلاَّ مَنْ أَرَادَ عَدَاوَتِي: إلاّ الاستثناء لحصر الخيبة علي صنف معين, مَنْ أَرَادَ: مَنْ اختار, عَدَاوَتِي: العَداوة الكُره و الخصام, الآية: (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ) البقرة 98 و قد قيل في الأدب مع الشيخ المربّي: وكن محب محبيه وناصره *** والزم عداوة من أضحى يعاديه

المعني:
فَهَا: الفاء للاستئناف, ها: إسم إشارة للقريب و ألفها عند أهل الحقائق يعني السمو و العلو, و لذا قيل في انتقال العارف: رجع التُرب إلي التُرب فها *** و سري النورُ إلي النّور فهي أَنَا ذَا: أَنَا الظاهر بذاتي, ذا إشارة إلي الأقرب
أَرْعَى الضَّعِيفَ: أَرْعَى: الراعِي يَرْعى الماشيةَ أَي يَحوطُها ويحفظُها, الضَّعِيفَ الذي في بداية السير
وَأَسْتَقِي مِنَ الْمُصْطَفَى جَدِّي: وَأَسْتَقِي و أَسْتَسْقي: أطلبُ السِقاية, أي: الشُرب, الآية: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ) البقرة 60 مِنَ: حرف ابتداء لغاية مكانية, الْمُصْطَفَى: صلي الله عليه و سلم, اصطفاه علي جميع خلقه, أي: ألآخذه صفيّاً, أودعه سرّه و اأتمنه, جَدِّي: إشارة إلي الوراثة المحمدية, إذا الجَدّ يورث
يَنَابِيعَ حِكْمَتِي: يَنَابِيعَ: النبعُ هو مصدر الماء أو العين التي ينبع منها الماء, يَنَابِيعَ مصادر, حِكْمَتِي: الحَكمة هي ما أوتي المرء من زيادة العلم, و هي: شراب الوصل

وَهَا أَنَا ذَا: وَهَا: الواو واو العطف, ها: إسم إشارة للقريب و ألفها عند أهل الحقائق يعني السمو و العلو, أَنَا ذَا: أَنَا الظاهر بذاتي, وَهَا أَنَا ذَا: أي: أنني موجود
أَشْفِي السَّقِيمَ: أَشْفِي: أزيل المرض, السَّقِيمَ: المرض, أي: مرض النفوس
مِنَ الضَّنَى: الضَّنَى: التّعب, ما تلقيه الأنفس علي صاحبها من فقد و عناء, قال سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, في وصف أهل الجِد في الله: أبْدَانُهُم أَتْعَبَتْ فِي اللهِ أَنْفُسَهُمْ *** وَأَنْفُسٌ أَتْعَبَتْ فِي اللهِ أَبْدَانَا وَأَجْبُرُ: الجبر بمعني ردّ ما فقد و تعويضه, و منه جبر الكسر
مَكْسُورَ الْقُلُوبِ: الْقُلُوبِ الضعيفة التي كُسرت عن بلوغ غايتها, من الأنس بذكر الله
بِنَظْرَتِي: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي: بواسطة نَظْرَتِي: النّظرة هي عناية الشيخ بعين الأبّ الرحيم المربي, وكان سيدى أبو الحسن الشاذلى رضي الله عنه يقول: "إن السلحفاة تربى أولادها بالنظر وكل من توارى عليها من أولادها هلك، ونحن أولى بذلك من السلحفاة", و النظرة من الشيخ تكمّل المريد, و تصل به إلي ما لا يصل إليه إلا بالجهد الكبير

المعني:
وَأَفْطُمُ مِنْكُمْ: الفطم القطع و الفصل, وفَطَمَ الصبيِّ يَفْطِمه فَطْماً: فصَلَه من الرّضاع, و الرّضاع هو ذكر اللسان, و الفطم: الانتقال من ذكر اللسان لذكر القلب, قال سيدي فخر الدين في وصف من خدع نفسه و هو يدعي المشيخة: وَلإِنْ رَأَيْتُمْ فِتْنَةً فَلْتُطْفِئُوا *** فَالْغِرُّ كَهْلٌ مَاتَ دُونَ فِطَامِ (56 ق 15) مَنْ أَتَمَّ رِضَاعَةً: مَنْ أَتَمَّ: الذي أكمل, أي: من أبناء الطريقة, الرضاعة: ذكر اللسان, لأنه حينما يتوقف عن الذكر تأتي الغفلة, فلا غذاء للروح بالغفلة, الآية: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) البقرة 233 وَأُورِثُ سِرِّيَ: أي وَأُورِثُ باطني الخفّي, قال تعالي: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) النمل 16 لِلَّذِي فِيهِ صِبْغَتِي: لِلَّذِي فِيهِ صِبْغَتِي: الصِّبْغةُ: ما يُصْبَغُ به وتُلَوَّنُ به الثياب، و الصِّبْغةُ هي الدّين شرعة و منهاجاً, و الخُلُق, قال تعالي: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) البقرة 138 اِلَّذِي: من أبناء الطريقة, فِيهِ صِبْغَتِي: المتلبس بالشيخ, متخلّق بأخلاقه, و فيه صفاته, قال رضي الله عنه في (121 - 122 ق 1)
فَنِعْمَ مُرِيدِي مِن وَليدٍ وَمُرْضَعٍ *** بِي اللَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ كَفْرَ الْخَطِيئَةِ
فَأُورِثُهُ سِرِّي وَيَكْفِيهِ مَوْرِثاً *** وَأُبْدلُهُ عَنْ كُلِّ هَمٍّ بِهِمَّةِ
و قيل:
لَبِسُونَا أَو لَبِسْنَاهُم فَمَنْ *** هُوَ مِنّا اللَابِسُ المُشْتَمِلً

المعني: لَقِيتُ مِنَ الْمَوْلَى: لَقِيتُ مِنَ: حصلت علي الشئ منه, الْمَوْلَى: الربّ جلّ وعلا رِضَاهُ: حضرة الرضوان أعلي مراتب الوصول (الشهود)
وَقُرْبَهُ: حضرة التقريب (المشاهدة)
نَشَرْتُ عَلَيْكُمْ: بسطتُ عليكم, أظللتكم
بُرْدَتِي: البُرْدَة كساء يلتحف به، الخِلعة, الوقاية, و من ذلك قصة البُردة التي أعطاها رسول الله صلي الله عليه و سلم للشاعر كعب بن زهير إيذانا بالأمان له
وَعَبَاءَتِي: العَباءُ أو العَبايةُ ضَرْبٌ من الأَكْسِيَة واسِعٌ فيه خُطوطٌ سُودٌ كِبارٌ، كناية عن الشرف, النسبة له, كما جاء في قصة الكساء, عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الاحزاب 33 قال رضي الله عنه: لِيَنْسِبْ كُلُّ مَنْ يَبْلُغْهُ قَوْلِي *** إِلَى إِخْوَانِهِ شَرَفَ انْتِسَابِي 17 ق 74)

المعني:
وَإِنِّي: إنّي الباطن الظاهر في الأنا
وَأَيْمُ اللَّهِ: أَيْمُ اللهِ: هَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ يُسْتَعْمَلُ لِلْقَسَمِ، وَأصْلُهُ أيْمُنُ اللهِ من الأَيمان و هو القسم, الفرق بينها و بين تَاللّهِ أن القسم ب"تالله" يكون للعظيم (و تالله ما رمتً المديح, يخاطب حضرة النبي صلي الله عليه و سلم).
مَا غِبْتُ عَنْكُمُ: كان من أسباب نزول القصائد تثبيت الإخوان و تعرفيهم بمكانة الشيخ و خليفته, يؤكد بالقسم أنه ما غاب. مَا غِبْتُ عَنْكُمُ, أي: حاضرٌ بينكم
وَعَارِيَتِي: من أعار و استعار طلب الشئ يرده لصاحبه في أجل, يُشار بها للرّوح
رُدَّتْ لِرَبِّ الْبَرِيَّةِ: الإسم الرّب القائم علي أحوال العباد في الحياة الدنيا (بالتربية) , الْبَرِيَّةِ: الخلق, كما برأها (كوّن صورتها) تُرد إليه مع انقضاء الأجل, قال رضي الله عنه: إِذَا نَحَرُوا الأَنْعَام أَدْفَعُ بِالَّتِي *** تُرَدُّ إِلَى اللَّهِ الَّذِي فِيهِ كَانَتِ (370 ق 1)

المعني:
وَإِنِّي: إنّي الباطن الظاهر في الأنا
فِيكُمْ: الآية: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) الذاريات 21 فَاشْهَدُونِي: الفاء استئنافيّة, أشهدونى من الشهادة بالعين
وَعَاينُوا: شهادة, ابصروا
جَمَالِيَ: الجمال مع إضافته للمتكلم, و الجمال لغةً: صفة تلحظ في الأشياء وتبعث في النفوس سروراً أو إحساساً بالانتظام والتناغم، وهو أحد المفاهيم الثلاثة التي تنسب إليها أحكام القيم: الجمال والحق والخير, و الجمال: في الحقيقة هو نعوت الرحمة والألطاف و ما شابهها من الصفات, و الجمال معني و تجليات و جماله رضي الله عنه يتجلي في الطريقة, و لذا قال عنها:
وَمَا يُوسُفِيٌ غَيْرُهَا لِجَمَالِهَا *** وَمَا هِيَ فِي التَّحْقِيقِ إِلاَّ طَرِيقَتِي (186 ق 1) موصول: من وَصَلْت الشيء وَصْلاً وَصِلةً، والوَصْلُ ضِدُّ الهِجْران واتَّصَلَ الشيءُ بالشيء: لم ينقطع, وفي الحديث: رأَيت سَبَباً واصِلاً من السماء إِلى الأَرض أَي مَوْصولاً، فاعل بمعنى مفعول, و هو من مادة الوصل و تعني مكاشفة القلوب ومشاهدة الأسرار
وَسِرِّي بِصُحْبَتِي: الواو للعطف, سِرِّي: باطن أمري, بِصُحْبَتِي: الباء حرف جر لاصق كقولك أمسكت بالحبل, صُحْبَتِي: الصُحبة المعاشرة و الرفقة, و منها سمي رفقة رسول الله, صلي الله عليه و سلم, الصّحابة و الصّحب, و تقدير المعني: نيلُ سرّي يكون بصبحتي, و صحبته رضي الله عنه تكون بصحبة الخليفة الوارث إذ الياء تفيد تنزّل الأمر للخليفة الوارث, أي بصحبة خليفتي. و الصحبة تقتضي المحبّة و الطاعة

المعني:
رَوَيْتُ: من الريّ و هو السقاية. و منه رواية علم الحقائق الذي تسقي منه الأرواح أي نقلته عن المحبوب, أي: قصصت و حكيت
عَنِ الْمَحْبُوبِ: المصطفي صلي الله عليه و سلم المعرف بالألف و اللام أحبه الله و أحبه المؤمنون و كل من في الكون
مَا قَدْ رَأَيْتُه: ما) لشمول ما يعني, (قد) للتأكيد لدخولها علي فعل ماض) , رَأَيْتُه: شاهدته, رأي عين و ليس سماعاً, فبذلك نال رضي الله عنه فضل صحبته صلي الله عليه و سلم, رَوَيْتُ: شراب الوصل, منحة من المصطفي صلي الله عليه و سلم
وَسِرُّ أَبِي الْعَيْنَيْنِ: الواو واو عطف, سِرُّ: السِرُّ: باطن الأمر, أَبِي الْعَيْنَيْنِ: سيدي ابراهيم الدسوقي, يكره بكُنيته, تعظيماً
مَتْنُ رِوَايَتِي: المتن الظهر و ما يقوم عليه الشئ فكان كل ما أرويه يقوم علي سر أبي العينين رضي الله عنه

المعني:
أَلاَ: حرف استفتاح وتنبيه! لشدّ الانتباه لكلام مهم
فَخُذُوا عَنِّي: فاء الاستئناف, خُذُوا عَنِّي: تلقي مباشر, قال صلي الله عليه و سلم لسيدنا عبد الله بن عمر: (انظر ممن تأخذ). عَنِّي: أروي عن النبي صلي الله عليه و سلم
الآحَادَ: الأحاديث التي لا يوجد فيها شروط التواتر, جاءت عن طريق واحد من الصحابة, والتواتر عند الفقهاء والمحدثين والأصولين هو: رواية جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم, ويكون مستندهم الحس من مشاهدة أو سماع, والمقصود أن يكون رواة الحديث، فى كل طبقة قد بلغوا عدداً لا يعقل معه إتفاقهم على الكذب
أحاديث الآحاد: هى الأحاديث التى رواها واحد عن واحد, وهى – عندهم - تفيد الظن ولا تفيد اليقين
مُعَنْعَناً: اعتماد رواية حديث الآحاد عنّي و قد نبّه رضي الله عنه في درسوه لاعتماد الأحاديث التي يرويها الأولياء, لاتصالهم المباشر مع حضرة النبي صلي الله عليه و سلم
أَصَحُّ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ رِوَايَتِي: أَصَحُّ رِوَايَاتِ: مع اختلاف الروايات و الرواة, تجد أصح, رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ, المنقول عن النبي صلي الله عليه و سلم, رِوَايَتِي: ما أرويه, و مثال ذلك: اعتماده و عدد من الأولياء, أحاديث سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه, في أسبقية نور النبي صلي الله عليه و سلم, و رؤية المولي عزّ و جل, و مثال ذلك: حديث: "كُنت نبيّاً و آدمٌ بين الماء و الطين" و"كُنت نبيّاً و آدمٌ لا ماء و لا طين"

المعني:
حَرَامٌ عَلَى: حَرَامٌ عَلَى: ضد حلال, و عمل فيه معصية, الآية: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) الأنبياء 95 فالمعنى حَرامٌ على قرية أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، أي أن القوم الذين أكون إمامهم حرامٌ عليهم (عمل غير مقبول منهم) , و فيه تعدي علي الحُرمات. و من حديث مسلم: إن الحلال بين وإن الحرام بين ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه قَوْمٍ أَكُونُ إِمَامَهُمْ: قَوْمٍ: القوم من يجمعهم شأن واحد كثروا أو قلّوا, أهل الطريقة قوم الشيخ, أَكُونُ إِمَامَهُمْ: أَكُونُ قدوتهم و من يؤمهم و يتبعون
وِلاَيَةُ قَوْمٍ جَاحِدينَ لِنِعْمَتِي: وِلاَيَةُ: الوِلاَيةُ: إتخاذهم قَرابة و موالاتهم, قَوْمٍ: القَوْمُ (كما جاء) , الجماعةُ من النَّاس تجمعهم جامعة يقومون لها (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ) ص 12
(لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ) الحجرات 11
جَاحِدينَ لِنِعْمَتِي: الجُحودُ الإِنكار مع العلم, منكري نعمتي: أعطيتهم الإرشاد و الإرفاد, ثم أنكروا ذلك, أي: يحرم علي أبناء الطريقة الموصولين بالشيخ أن يوالوا المنكرين نعمة هدايته و المنكرين القصائد, قال رضي الله عنه:
فَكَيْفَ يُوَالِي الْخِلُّ خَالٍ مِنَ الْهَوَى *** وَكَيْفَ يُوَاسِي الآيِسِينَ بِغضْبتِي (131 ق 1)

المعني:
وَيَعْرِفُ عَنِّي: يتلقي المعرفة بسندي, يدخل جنّة المعرفة, قال تعالي: (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) محمد 5,6 مَنْ هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ: مَنْ: الذي, هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ: مكّن قلبه من الهُدى: الرشادُ والدلالةُ إلي الله
وَيَعْزُفُ عَنْ حُبِّي: وَيَعْزُفُ عَنْ: عزِف عن الشئ تركه و انصرف عنه, حُبِّي: أن يحبّني و يحب من أحبّ, في الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي" حَبّ الشيخ هو حُبُّ آل بيته و حُبُّ النبي صلي الله عليه و سلّم و آل البيت أجمعين و هو حُبّ الله, لا تفرّق بينهم
طَرِيدُ الْهِدَايَةِ: الطَّرْدُ: الإِبْعَادُ، أي: المطرود من الهداية, الضّال, الآية: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) الكهف 17 بعُد عن ولاية الشيخ و إرشاده
بلاغة:
أولاً أريد أن ألفت إلي الجناس البديع في البيت بين كلمتي الاستهلال في كل شطر: (يَعْرِفُ) و (يَعْزُفُ) و يسمي هذا النوع من الجناس بالجناس التصحيفي حيث تتشابه الكلمتان مع التغيير في أحد الحروف بنقطة (ر) و (ز).

المعني:
سَلاَمٌ: السّلام هو النجاة من الشر و الأذي, الآية: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) يس 59
(سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) القدر 5
و آيات السلام عديدة في القرآن الكريم, سلامٌ من اسمه تعالي: السّلام, و قال رضي الله عنه:
وَإِنْ شِئْتُمْ فَحُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِي *** وَإِنْ شِئْتُمْ دَخَلْتُم فِي سَلاَمِي (9 ق 49) عَلَى قَوْمٍ بِنَا قَدْ تَوَاصَلوُا: عَلَى قَوْمٍ: القوم من جمعهم شأن واحدٌ, بِنَا قَدْ تَوَاصَلوُا: و هنا هو التواصل بمشائخ الطريقة مع الخليفة الوارث رضي الله عنه, و التواصل يفيد الاستمرارية و المحبّة و الإفادة من بعضهم البعض في تربية الشيخ و علومه.
فَحَبْلِيَ مَوْصُولٌ: الوراثة في خلفائه و أهل بيته, الحبل كناية عن الصلة لقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي تَارِكٌ فِيْكُمُ الثَّقَلَيْنِ، كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ, وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ مَوْصُولٌ: به صلي الله عليه و سلم
وَجَدِّيَ قُدْوَتِي: وَجَدِّيَ: يكني بها عن الوراثة المحمدية, لأن شأن الجّد أن يورث, قُدْوَتِي: مثالي الذي أتبعه, الآية: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب 21 قال صلي الله عليه و سلم: صلوا كما رأيتموني أصلي إقتداء من رأي بعينه أفعال الحبيب صلي الله عليه و سلم شريعةً و حقيقةً

المعني:
هَنِيئاً: الهَنِيءُ والمَهْنَأُ: ما أَتاكَ بلا مَشَقَّةٍ، اسم كالمَشْتَى. وقد هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءة: صار هَنِيئاً، مثل فَقِهَ وفَقُهَ. وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به. وطَعامٌ هَنِيءٌ: سائغ، وما كان هَنِيئاً. قال تعالي: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الطّور 19 و منه التهنيئة و هذي التهنئة الأولي في هذا البيت لِمَنْ أَمَّ: قصدَ
الْحِمَى: حَمَى أَهلَه في القِتال حِماية, حامي الحِمى يَحْمِي أهله, أَحْمَيْت المكان فهو مُحْمىً إذا جعلته حِمىً، و الحمى للراعي حيث يرعي غنمه طالما هي في الحمى و هو حيث يكون الأخوان و لذا وصّي علي عدم الابتعاد عن الأخوان و ردّ ذلك للكسل في الأوراد فالنشاط في الأوراد يربط المريد بروحانية الشيخ و الأخوان فلا يطيق البعد عنهم, و في الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" وَبِيَ: الواو حرف عطف (مكان العطف من الشيخ) الباء: حرف جرّ و تفيد الاستعانة (أي استعان بي) , الياء تفيد تنزّل الأمر في الخليفة الوارث
احْتَمَى: طلب الحماية
هَنِيئاً: المرة الثانية في البيت و السبب الهناء الأول هناء شهادة و الثاني هناء مشاهدة (بصر: بالجمع مع الأخوان و بصيرة: بالسير بالروح)
لَمَنْ يُسْقَى بِرَاحِ طَرِيقَتِي: لَمَنْ: للذي, يُسْقَى: يعطي الشراب فيشرب, الشراب بالروح, بِرَاحِ طَرِيقَتِي: الرّاح الخمر, كناية عن شراب المعاني, و يعني بِرَاحِ طَرِيقَتِي: شراب الوصل

المعني:
هَنِيئاً: هَنِيئاً: الهَنِيءُ والمَهْنَأ: ما أَتاكَ بلا مَشَقَّةٍ، اسم كالمَشْتَى, وقد هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءة: صار هَنِيئاً، مثل فَقِهَ وفَقُهَ, وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به, وطَعامٌ هَنِيءٌ: سائغ، وما كان هَنِيئاً. قال تعالي: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الطّور 19 لِمَنْ أَضْحَى: لِمَنْ: للذي, أَضْحَى: (جلوة) الضُحى حينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَيَصْفو ضَوْءُها
صَرِيعاً: (خلوة) الصَرْعُ: الطَّرْحُ بالأَرض، قال تعالي: سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) الحاقّة 7 وفي الحديث: "مثَلُ المؤمِن كالخامةِ من الزَّرْعِ تَصْرَعُها الريحُ مرة وتَعْدِلُها أُخْرى", أَي تُمِيلُها وتَرْمِيها من جانب إِلى جانب, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَإِنْ لَقِيَتْ ظَمْأَى سَقَتْهُمْ بِرِيَّها *** عَطِيَّتَهَا مِنْ رَشْفَةٍ يَرْشِفُونَهَا (26 ق 32) يعني من تخلي عن ذاته صار قابلاً للتجلي (الشيخ يجلو بخلوته) , يتخلي عن ذاته و ينصبغ بصبغة الشيخ
بِحَيِّنَا: الحيّ هو مكان الوصل, سار حتي وصل
فَدَائِيَ طِبٌّ: فَدَائِيَ: الفاء سببية, دَائِيَ: الدّاء المرض, داء الحّب, قال رضي الله عنه: أَلاَ إِنَّ دَاءَ الْحُبِّ للِصَبِّ عِلَّةٌ *** وَلَكِنَّهَا تَشْفِي عُضَالَ الأَعِلَّةِ (136 ق 1) بَلْ: أداة إضراب, أي: الانتقال لمعني أدقّ و أخطر
وَقَتْلِي إِغَاثَتِي: الواو للعطف, قَتْلِي: قتلي لأنفس المريد, إِغَاثَتِي: إِغَاثَتِي له – عون له – ليترقي في مراتب السير, قال رضي الله عنه:
وَأَقْتُلُ بِاسْمِ اللَّهِ فِي الصَّبِّ نَفْسَهُ *** فَيَحْيَا حَيَاةَ الصَّالِحينَ بِقَتْلَتِي (137 ق 1)

المعني:
فَذَاتِيَ: فاء الاستئناف – ذَاتِيَ الذّات هي صرافة الشئ و محضيّته من غير إضافة متعلق به من صفاتٍ و أسماء و يسمي الكُنه أو الجوهر أو الحقيقة. و لكل كائن ذات. و الذّات العليّة للمولي سبحانه و تعالي لا تُدرك. ذاتي ال (أنا) الخاصة بالشيخ
شَمْسٌ: الشمسُ هي الحقيقة الكونية الساري نورها في سائر الأكوان. أي أن ذاتي ممدة للحقائق, قال رضي الله عنه مشيراً لذاته: وَمَا أَنَا بِالَّذِي يُمْلَى عَلَيْهِ *** وُجُوهُ الْجمْعِ دُونَ الشَّمْسِ تَعْنُو (6 ق 52) لَوْ تَجَلَّتْ: لو حرف امتناع لوجوب (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ ... ) الكهف 109 تَجَلَّتْ: ظهرت علي حقيقتها
لأَحْرَقَتْ: اللام للتأكيد, أَحْرَقَتْ: الحرق شأنه أن يفني, لأفنت, أي لا يتحمل تجلّيها أحد, في صحيح مسلم من حديث أَبِي مُوسَى قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ من حيث تخلّقه رضي الله عنه بالخُلق الإلهي
وَلكِنْ: للاستدراك
بِفَضْلِ اللَّهِ: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة فضل الله و فضل الله هو سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلّم, قال تعالي: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) يونس 58 أضْحَتْ: الضُحى أول النهار و شروق الشمس من غير وهجها الحارق, و هو كناية عن أول التجلّي
مُضِيئَتِي: مضيئة تهب الضياء (الهداية) الإضافة بالياء إشارة لتنزّل الأمر للخليفة الوارث, مُضِيئَتِي: أي: تهب ضوئي, هُداي, قال تعالي: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ, مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يونس 5 حجب قدرتها علي الإحراق حتي تبقي ضياء يحتمله الرائي

المعني: وَأَرْضَعْتُ أبْنَائِي: رِضاعة الأمّ لطفلها أن تعطيه خلاصة ما لديها من الغذاء النافع, و ما يصحب ذلك من الحنوّ و الرحمة, أبنائي: آل عهدي, أبناء طريقتي. و خلاصة الغذاء النافع هنا هي هوي آل أحمدٍ, أي: محبّتهم, و يعني أن هوي آل أحمدٍ هو خلاصة الدين
هَوَى آلِ أَحْمَدٍ: الهوى ميول القلب و وقوعه في الحب كما يهوي الدلو في البئر, الآية: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ .... ) إبراهيم 37 آلِ أَحْمَدٍ: الآل هم العصبة الأقربون (أهل العباء و من تناسل منهم) و قال آل أحمد يشير إلي حال تنزّلهم معه في الحقائق من حضرة غيب الأحديّة إلي الحضرة الأحمدية, في عالم الأرواح. قال تعالي: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ, فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) الصف 6 قال (اسْمُهُ أَحْمَدُ) لكون سيدنا عيسي عليه السلام رأي حضرة الرسول صلي الله عليه و سلم في موطن الأرواح, و لم يراه بجسده في مكة حيث اسمه (مُحمَّد).
فَأَوْرَثَهُمْ طَهَ: فَأَوْرَثَهُمْ فاء الاستئناف أَوْرَثَهُمْ: تقول: أورثه الشيءَ أبوه، طَهَ اسم النبي صلي الله عليه و سلّم الجامع للحقائق, و يعني: طلسم السرّ المُتدلّي, قال تعالي: طه ، مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) طه 1 - 2 وحسابه (ط 9 + ه 5 = 14) و هو عدد الحروف النوارانية الأربعة عشر المكون منها طلاسم (أوائل السور) من القرآن, جمعها سيدنا الإمام علي رضي الله عنه في عبارة (من قطعك صله سحيرا). فيكون الميراث من جميع الحقائق المحمديّة.
الصَّفَاءَ: صفاء الباطن فلا يعتريه ما يشوّش شهود الحقّ, والصَّفاءُ مَصْدَرُ الشيءِ الصافي, صَفَا الجَوُّ: لم تكن فيه لُطْخَةُ غَيْمٍ, و الصَّفَاءُ مُصافاة المَوَدَّةِ والإخاءِ, و الصفاء أصله المصطفي صلي الله عليه و سلّم. قال الشيخ:- هُوَ مِنْ صَفَاءِ الْكُنْهِ أَعْظَمُ آيَةٍ *** هُوَ صَفْوَةٌ وَالْكَوْنُ بَعْضُ صَفَاهُ (16 ق 19) و الصفاء مفتاح كل الخير, قال رضي الله عنه:
كَنْزِيَّةٌ أَسْرَارُهُ بِقُلُوبِنَا *** فَالْحُبُّ كَنْزٌ وَالصَّفَا مِفْتَاحُ (10 ق 25) وَرَحْمَتِي: الواو واو العطف, رَحْمَتِي: أي رحمتي التي أورثنيها حضرة النبي صلي الله عليه و سلّم, من الرحمة الرحيمية الامتنانية الصرفة الواردة في قوله تعالي: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) التّوبة 128 و الياء إشارة لتنزل الأمر للخليفة الوارث, تواتر عن سيدي فخر الدين و سيدي الشيخ إبراهيم و سيدي الشيخ محمد رضي الله عنهم قولهم علي قدم الحبيب صلي الله عليه و سلّم (إنّي لأتألمُ لأحدِكمُ الشَوكةَ يُشاكُها) و الإجمال في الرحمة هنا هو ما يتجلي من تلك الوراثة المحمدية الصرفة من تراحمٍ بين الإخوان في الطريقة. قال رضي الله عنه:- فَالرَّحْمَةُ الرَّحْمَاءُ يَا مَنْ يَعْلَمُوا *** أَنَّ الْخَبَايَا هُنَّ لِي أَوْ هِنَّ لِي (13 ق 38)
أَيْنَ التَّراحُمُ يَا بَنِيَّ فَإِنَّهُ *** عَذْبٌ صَفِيٌّ مِنْ شَرَابِ الْكُمَّلِ (14 ق 38)

المعني:
حَفظْتُ: حفظتُ بصيغة الماضي بتاء المتكلم تعبّر دائماً عن أفعال أمضاها هو بنفسه رضي الله عنه و نفذَت, مثل: قضيتُ, تركتُ, أجبتُ, رأيتُ, قتلتُ .... الخ. و منها أنّه أودَعَ علومه في قلوب أحبّته, و حفظ الشئ إذا حرسه, حَفظْتُ فِيكُمُ, عُلُومِي, و من المعلوم عن سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه, حين سئل لِمَ لَم يؤلف كتباً, أنه قال: "كتبي أصحابي"
عُلُومِي: عُلُومِ جمع عِلم و هو إدراك حقائق وجه معيّنٍ من المعرفة, و مما ورد في القرآن الكريم: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) الرعد 9
و (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) الکھف 65
و (عَلَّمَ الْقُرْآَنَ) الرحمن 2
وصف سيدي فخر الدين علومه في كل درجات المعرفة الإلهية في مواطن شتّي منها علي سبيل المثال:
وَإِنَّ عُلُومَ اللَّهِ فِي اللَّوْحِ كُلَّهَا *** أُطَالِعُهَا مِنْ قَابِ قَوْسِ الْحَظِيَرةِ (167 ق 1)
عَلِمْتُ وَلِي عِلْمٌ بِعِلْمِ مُعَلَّمِي *** أُمِدُّ وَتَلْقِينِي بِغَيْرِ إِمَاطَةِ (379 ق 1)
وَسِيقَ إِلَيْهِ الْعِلْمُ مِنْ كُلِّ طَارِقٍ *** وَجِيءَ بِهِ شَاهِدِي الأَوَّلِيَّةِ (416 ق 1)
إِنَي بِقُرْآنِ الْعُلُومِ لَعَالِمٌ *** أُنْبِيتُ عَن مَعْنَاهُ مِنْ كَلِمَاتِهِ (18 ق 9)
وَمِزَاجُ الْعُلُومِ مِنْ فَضْلِ رَبّى *** كَرَماً خَصَّنِيهِ وَهُوَ عَمِيمُ (26 ق 12)
جَلَّ مَنْ يُحْيِي عُلُوماً *** بَعْدَمَا بَلَغَتْ عِتِيَّا (1 ق 17)
عِلْمِيَ الْمَوْهُوبُ لَكِنْ *** لاَ أُلَقّيهِ شَقِيَّا (31 ق 17)
وَأَخَذْتُ مِنْ كُلِّ الرَّوَافِدِ عِلْمِهَا *** وَخِصَالَ أَبْنَاهَا وَتَمَّ الصَّاعُ (14 ق 23)
وَلَكِنْ هُنَّ مَخْصُوصَاتُ عِلْمِي *** وَذُو الإِحْسَانِ يَرْجُوهُنَّ جَاهَا (6 ق 29)
فَجَدِّيَ مَنْ وَرِثَ الْعُلُوَمَ جَمِيعَهَا *** وَلَمْ يَكُ مَقْطوعُ الْوَتِينِ يُرِيبُنِي (13 ق 36)
فِيكُمُ: بالتلّقي و الإلهام, يقول تعالي: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) العنكبوت 48 و يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه: حُسْنُ التَّلَقِّي مِنْ سِمَاتِ أَحِبَّتِي *** وَالْجَوْهَرُ الْمَكْنُونُ فِي إِلْهَامِي (23 ق 15) و يقول رضي الله عنه:
وَأُودِعَتْ فِي صُدُورٍ لِى خَزَائِنُهَا *** مَكَامِنُ أَهْلُهَا سَارُوا عَلى قَدَمِي (8 ق 40) وَمَهَابَتِي: جلالي و قوتي
وَجَهْرِيَ فِيكُمْ: الواو للعطف, جَهْرِيَ: تجلّي ظاهر (جلوة) , بَلْ: للإضراب, وَفيكُمْ سَرِيرَتِي: باطني (خلوة) , الآية: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب 21 التلبس بحال الشيخ ظاهراً و باطناً. قال رضي الله عنه يصف حال المريد السائر في (10,9 ق 52): يَغْشَاهُ شَيْءٌ مِنْ مَبَاهِجِ عِزِّنَا *** فَيَقَرُّ عَيْنَا وَادِعاً بِرِضَانَا
وَيُرَى عَلَيْهِ إِذَا رُؤى وَكَأَنَّهُ *** لاَ شَاءَ فِيهِ مَكَانَةً وَمَكَانَا

المعني:
أَجُودُ: الجُود التسمُّح بالشيء، وكثْرةُ العَطاء و المبادرة به قبل السؤال, عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة" رواه البخاري و الفعل في صيغة المضارع يفيد الاستمرارية
عَلَى أُمٍّ: (عَلَى) تفيد الفوقية, عَلَى أُمٍّ: تنزّل الرحمة (أُمٍّ) نكرة إسم جنس فإنّها تفيد العموم, إنسان و حيوان و غيره من الأمّهات في الكون, و يجود علي طرق القوم لأن الطريقة أم للمريد, أي رحمته تشمل كلّ طرق السالكين لِتَرْحَمَ طِفْلَهَا: اللام لا التعليل, تنصب المضارع (تَرْحَمَ) , قال سيدي فخر الدين في مدح سيد العالمين صلي الله عليه و سلّم:
وَإِنَّ الْمُصْطَفَى جَدِّي وَحَدِّي *** رَحِيمٌ فَوْقَ كُلِّ الأُمَّهَاتِ (39 ق 39) فَرَحْمَةُ مَنْ فِي الْكَوْنِ: الفاء تفسيرية, الكون إجمالاً هو الأكوان الخمسة: المُلك, الملكوتُ, الجبروتُ, اللاهوتُ, الهاهوتُ. و الرَّحْمة: الرِّقَّةُ والتَّعَطُّفُ، والمرْحَمَةُ مثله، وقد رَحِمْتُهُ وتَرَحَّمْتُ عليه. وتَراحَمَ القومُ: رَحِمَ بعضهم بعضاً. وقال الله عز وجل: ( وتَواصَوْا بالصَّبْر وتواصَوْا بالمَرحَمَةِ؛ ) البلد 17 أَي أَوصى بعضُهم بعضاً بِرَحْمَة الضعيف والتَّعَطُّف عليه.
مِنْ بَعْضِ رَحْمَتِي: مِنْ تفيد البعضية, فكأنّه يقول (بعض بعض) رَحْمَتِي و في الحديث عَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) " و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
نَطُوفُ بِالرَّحْمَةِ الأَكْوَانَ أَجْمَعَهَا *** نُلَقّنُ الْوَالِدَاتِ بَعْضَ رَحْمَتِنَا (41 ق 35).

المعني:
عُصَارَةُ: عُصارةُ الشيء ما تحلَّب منه إِذا عَصَرْته, أي خُلاصته, خبر لمبتدأ محذوف تقديره (أَنَا) , أي: أَنَا عُصَارَةُ (مَا فِي الكَوْنِ)
مَا فِي الكَوْنِ: "ما" اسم موصول بمعني الذي, عُصَارَةُ مضاف و جملة اسم الموصول مضاف إليه, في: الظرفية تفيد وقوع الشيء في الداخل, و ما تفيد العموم و من ثم فالعبارة معناها: كلّ الموجودات في الكون, و الكون يعبر عن الأكوان الخمسة: الملك-الملكوت-الجبروت-اللاهوت-الهاهوت. و عُصارةُ مَا فِي الكَوْنِ: أي أنّه رضي الله عنه خُلاصة كلّ ما في الكون, لا مثال له, (عصير العنب أو البرتقال هو خلاصته و محتوي الفائدة منه) , و في بيت آخر يقول رضي الله عنه (3,4 ق 69):-
أَنَا الْعُصَارَةُ لَكِنَّ الْوَفَا سِمَتِي *** لِتَنْهَلُوا مِنْ مَعِينِي حَيْثُ وَفَّيْتُ
وَمَا تَخَلَّيْتُ مُعْتَصَراً فَذَا عَبَثٌ *** وَمَا عَنِ الْحِبِّ يَوْماً قَدْ تَخَلَّيْتُ
لِكَنْ: حرف استدراك
لِحِكْمَةٍ: اللام سببية. الحِكْمَةُ: معرفةُ أفضل الأشياء بأَفضل العلوم و جمع الفقه الكثير في محتويً بسيط و سائغ, الآية: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ, وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا, وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) البقرة 269 و الحِكمة وضع الشئ في موطنه, فالإخفاء, جاء رحمةً بالناس خَفِيتُ: حُجبتُ, خفاء من الأزل, في كلام سيدي إبراهيم رضي الله عنه:
فَوَائدُكُم أَضْحَتْ قُيُودَ رَهِينِنَا *** وَعَنْكُمْ لَقَدْ أُخْفِي مَقَامُ أَمِينِنَا عَنِ الأَبْصَار: عالم الشهادة (الظاهر)
بَلْ: للإضراب أي: الانتقال إلي معني أدقّ و أهمّ
وَالْبَصيَرةِ: عالم المشاهدة (الباطن) , أي لم أُدرك لأهل الظاهر و لا لأهل الباطن.

المعني:
نصَحْتُ: النُّصح هو صِدقُ القول و إِرادة الخير للمنصوح له، النُّصح هو (الموعظة الحسنة) و الإرشاد, و في الحديث: (الدّينُ النّصيحة ... ) و قال رضي الله عنه: يَا سَعْدُ لَقِّنْهُمْ حَلاَوَةَ طَاعَةٍ *** كَمْ كَلَّ فِيهَا النُّصْحُ وَالإِرْشَادُ (20 ق 46) لِوَجْهِ اللَّهِ: اللام سببية, وَجْهِ: مستقبلاً. أي متجرّداً عن الغرض, الآية: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) الإنسان 9 أَبْغِي رِضَاءَهُ: أطلبُ رِضَاءَهُ, الآية: يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ,,,) الفتح 29 الرّضا: القبول
وَحُبَّ ذَوِي الْقُرْبَى: الواو حرف عطف, َحُبَّ: ميل القلب لهم و التعلّق بهم, ذَوِي الْقُرْبَى: قرابة النبي صلي الله عليه و سلم و أخصّهم آل بيته الكِرام, و في الترتيب من الأشمل فالأخص: العترة, ذوو القربي, أهل البيت, آل البيت
وَبَرَّأْتُ ذِمَّتِي: برأ بمعني سلم من العقاب و إلصاق الذنب به. بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) التوبة 1 الذّمة: العهد والكَفالةُ، وفي حديث الإمام عليّ، كرم الله وجهه: ذِمَّتي رَهِينُه وأَنا به زعيم أَي ضماني وعهدي رَهْنٌ في الوفاء به. أي أوفيتُ بعهدي و نصحتُ, و هنا يشير رضي الله عنه كتابه: "تبرئة الذّمة في نصحِ الأُمّة" حيث بين خصائص النبي صلي الله عليه و سلم و مكانة أهل البيت الكرام, قال رضي الله عنه: وَلإِنْ سُئِلْتُم مَا الْكِتَابُ فَإِنَّهُ *** مِمَّا رَوَاهُ أَمَاجِدُ الأَعْلاَمِ (47 ق 16)

المعني:
وَإِنَّ: الواو استئنافية, إنّ حرف توكيد
عُلُومِي: جمع علم و العلم أصالة نقيضُ الجهل أي: انتفاء الجهل بالشئ و من ثم الإلمام بكل دقائقه، (كل أصناف العلوم التي حباها في دروسه و قصائده و ما أكنّه عنده)
بَاسِقَاتٌ: بسَقَ الشيء يَبْسُق بُسوقاً: تمّ طوله, الآية: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ) ق 5 أي علومه رضي الله عنه عالية, قال رضي الله عنه: وَعِلْمِيَ فِي الْعَلْيَاءِ صَعْبٌ مَنَالُهُ *** وَإِنَّ ظِلاَلِي غَافِلاً مَا أَظَلَّتِ (138 ق 1) وَطَلْعُهَا نَضِيدٌ: والطَّلْعُ نَوْرُ النخلة ما دامِ في الكافُور، الواحدة طَلْعةٌ, نَضَدْتُ المَتاعَ أَنْضِدُه، بالكسر، نَضْداً ونَضَّدْتُه: جَعَلْتُ بعضَه على بعض, أي غزارة ثمرتها. و عني غزارة علومه رضي الله عنه و ما بها من ثمرات
وَرِزْقٌ للِعِبَادِ: الآية: (رِزْقًا لِلْعِبَادِ, وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا) ق 11 أي ينهل من علومه العباد بمراتبهم الثلاث (عبادة, عبودية, عبودة) , قال رضي الله عنه: وَقُمْتُ عَلَى أَهْلِ الْمَرَاتِبِ كُلهِمْ *** أُلَقّنُهُمْ فِقْهَ الْعُلُومِ الِثَّمينَةِ (376 ق 1). وَرَحْمَتِي: واو العطف, رَحْمَتِي معطوف علي (رزقٌ) , رَحْمَتِي: الرّحمة العطف, و رَحْمَتِي: ما خصّه رضي الله عنه من الرّحمة بالوراثة النبوية الكاملة, رحمة رحيمية امتنانية صِرفة, قال رضي الله عنه: أَجُودُ عَلَى أُمٍّ لِتَرْحَمَ طِفْلَهَا *** فَرَحْمَةُ مَنْ فِي الْكَوْنِ مِنْ بَعْضِ رَحْمَتِي 27 ق 1)

المعني:
وَلَوْ: شرطية بمعني إذا
شَرِبُوا رَاحِي: شَرِبُوا: أي: أهل الطريقة, الشراب بالأرواح, رَاحِي: الرّاح الخمر, كناية عن علوم الحقائق العالية, و يعني بها: قصائد شراب الوصل
أَرَاحُوا قُلُوبَهُمْ: أَرَاحُوا: من الرّاحة, من العناء و التعب, قُلُوبَهُمْ: القلوب موطن الأحاسيس, و من ذلك أنها تتعب و ترتاح بمقتضي ما تلاقيه
مِنَ العَنَتُ الأَدْنَى: مِنَ: حرف جر, العَنَتُ: دُخُولُ المَشَقَّةِ على الإِنسان، ولقاءُ الشدَّةِ, و ذلك من اتباع النفس الأمّارة التي هي "العنت الأدني", التي يقتلها الشيخ في المريد من بدايتة أخذه الطريقة
وَمِنْ كُلِّ شِقْوَةِ: من كل شقوة تعترضه في سيره إلي الله. قال رضي الله عنه: فَإِنِّي مِعْوَانٌ لِكُلِّ سَدِيدَةٍ *** وَكُلِّ فَتىً يَشْقَى بِسَدِّ الْمَسَالِكِ (5 ق 10)

المعني:
وَمَا زَاغَتِ الأَبْصَارُ: وَمَا: الواو للاستئناف, مَا: النافية, زَاغَتِ: زاغَ أي مال, قال تعالي: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) النجم 17 ما زاغت كناية عن عدم الإلتفات, الأَبْصَارُ: جمع بَصر أداة الشهود, تتعدد بتعدد مرات التجلّي, قيل: فشَهِدتَّهُمْ بِعُيونِهِم و بِسَمعِهِمْ *** و شَرابُهُمْ لَم يُبقِ مِنّي بَاقِيَا
يَوْمَ: اليَوْمُ: لغة معروفٌ مِقدارُه من طلوع الشمس إِلى غروبها، و اليَوم يسمّي به الحدث الهام, مثل يوم العيد, يوم الجمعة, يوم البعث ... الخ
رَأَيْتُهُ: رأي العين, الضمير هاء في آخر الكلمة إشارة إلي الذّات الإلهية, كمال الشهود (الرأي أو الشهود بالعين – المشاهدة بالبصيرة) , و هو كناية عن سفور التجلّي و وضوحه
جَمِيلَ الْمُحَيَّا: المُحَيّا جماعة الوَجْهِ أي ناحية وجهه، بمعني تجلّي جمال - و في الحديث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (رأيت ربي في صورة شاب أمرد عليه حلة حمرا ) و في همزيّة البوصيري: و مُحيّا كالشمس منك مُضيء *** أسفرت عنه ليلةٌ غراءُ
فَائِقاً كُلَّ طَلْعَةِ: فَائِقاً: فاق غيره علاهم, كُلَّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, طَلْعَةِ: الطلعة ما طلع و ما بدا من الشخص (المرئي) , طَلَعَتِ الشمس والقمر والفجر والنجوم تَطْلُعُ طُلُوعاً، فهي طالِعةٌ، بمعني: تجلّي جمال الجمال, فَائِقاً كُلَّ طَلْعَةِ: شدة ظهور التجلّي

المعني:
وَإِنِّي: الواو الاستئنافية, إنّي: إنّ للتأكيد, مع يا المتكلم, و تعرف بياء الإشباع, إشارة لباطنه رضي الله عنه هويّة المصطفي لي الله عليه و سلّم
إِذْ: ظرف زمان, بمعني حين كمثال قوله تعالي: ( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ) آل عمران 124 أَرْوِي: أَرْوِي القومَ أَرْويهم إِذا أسقيت لهم الماء حتي ذهب عشطهم, وهو راوٍ من قومٍ رُواةٍ، وهم الذين يأتونهم بالماء. فالأصل هذا، ثمّ شبِّه به الذي يأتي القومَ بِعْلمٍ أو خَبَرٍ فيرويه، كأنَّه أتاهم برِيِّهم من ذلك, و الفعل مضارع لتنزل القصائد تباعاً في ظرف زمانٍ حاضرٍ حال نزولها
رَأَيْتُ: شهدت شهود عيانٍ, قال رضي الله عنه: إِنِّي رَأَيْتُ وَقُلْتُ يَا قَوْمِي أَرَى *** وَلِيَ الْفَخَارُ وَمَكَّتِي أُمُّ الْقُرَى وَعَايَنَتْ (1 ق 34) وَعَايَنَتْ مَعِي: شاهدت معي – رأوا الذي رأيت
سَائرُ الأَقْطَابِ: سَائرُ من السُّؤْرُ و هو بَقِيَّة الشيء، و سَائرُ الأَقْطَابِ باقي الأَقْطَابِ، هو و باقي الأقطاب, الأقطاب الرؤساء الكبار و مُحيّا كالشمس منك مُضيء *** أسفرت عنه ليلةٌ غراءُ
فَائِقاً كُلَّ طَلْعَةِ: فَائِقاً: فاق غيره علاهم, كُلَّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, طَلْعَةِ: الطلعة ما طلع و ما بدا من الشخص (المرئي) , طَلَعَتِ الشمس والقمر والفجر والنجوم تَطْلُعُ طُلُوعاً، فهي طالِعةٌ، بمعني: تجلّي جمال الجمال, فَائِقاً كُلَّ طَلْعَةِ: شدة ظهور التجلّي
أَصْلَ الِرّوَايَةِ: أَصْلَ: أَصْلُ الشئ أسفلُه أي: أساسه الذي يبدأ منه, الِرّوَايَةِ: ما أرويه, تروي الكلام تحكيه, و الرّواية يعني بها تنزيله للقصائد, من موطن المانحات حيث تنزّلها من حضرة غيب الأحديّة, شاهد الرؤساء معه فكان هو صاحب صحبتهم, قال تعالي: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... الخ الآية) 29 الفتح

المعني:
وَرَثْتُ عَنِ: ملكتُ وراثةً, آلت لي منه
الْمحَبُوبِ: عَنِ: بمعنى (من) , كقوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِه) الشورى 25 الْمحَبُوبِ: حضرة النبي صلي الله عليه و سلّم, فهو صاحب المحبوبية الأول, الرابط بين الوجود الحقّي و الخلقي
بَعْضاً: بعض لغة لا تصير إلا مع الإضافة (بعض كذا و بعض كذا) و تعني جمع الجمع – الحضرة النبويّة
وَجُمْلَةً: وجَمَل الشيءَ: جَمَعَه, و تعني الجمع - الحضرة الإلهية, أي: ورث اختصاصات الحضرتين الإلهية و النبوية
وَأَسْتَعْذِبُ الْبَلْوَى: الواو استئنافية, أَسْتَعْذِبُ: العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ: كُلُّ مُسْتَسَاغٍ, واستَعْذَبَ استَقَي وشَرِبَ ماءً عَذْباً, أي: تذوق حلاوة الْبَلْوَى, الْبَلْوَى: من الابتلاء, الاختبار, الآية: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة 124 , الابتلاء, بالانشغال بالمحبوب, و قد قيل: أَصْلُ بَلْوَائِي *** نُقْطَةُ البَاءِ وَصَبْرِي مَطِيَّتِي: وَصَبْرِي: الصبر في المصطلح الصّوفي هو سكون النفس وارتياحها، واطمئنان القلب وسروره بالله، الذى اختبره وابتلاه، لكمال يقينه أن الله لم يرد به إلا الخير العاجل والآجل، مَطِيَّتِي: المطيّة ما يُركب و يُتوصل به في السير, صَبْرِي مَطِيَّتِي: الصّبور آخر الأسماء الحسني و ختام الصفات للوصول لمشاهدة حضرة الذّات, إذ الصّبر المطيّة للخواتيم

المعني:
وَأَعْزِفُ: العزف ما يكون علي الآلة الموسيقية, و هي هنا قلوب المريدين
أَلْحَانِي: اللَّحْن: وجمعه أَلْحانٌ, و هو الغِناء وتَرْجيعُ الصوت والتَّطْريبُ و في وصف يزيد ابن النعمان:
لقد تَرَكَتْ فُؤادَكَ مُسْتَجَنَّا ** مُطَوَّقَةٌ على فَنَنٍ تَغَنَّى
يَمِيلُ بها، وتَرْكَبُه بلَحْنٍ ** إِذا ما عَنَّ للمَحْزُون أَنَّا
و اللحن كذلك الكلام
و ألحان سيدي فخر الدين ما أودعه من معانٍ في قالبٍ طروبٍ من النظم في شراب الوصل, ذلك أنّه أتي بصيغة المضارع (و أعزِفُ).
فَيَطْرَبُ عَاشِقِي: الفاء السببية, أي بسبب (عزف ألحاني في قلوب المريدين) , و الطَّرَبُ خفة تَعْتَري عند شدَّة الفَرَح و الشوق, عَاشِقِي: من العِشْقُ: فرط الحب، و عاشقي هو عاشق قصائدي, و العشق مرتبة تلي الحبّ و هي اشتباك المحب بالمحبوب فلا يبارحه
وَأُوقِدُ: الواو للعطف, أُوقِدُ: الوَقُودُ: ما يبقي الجذوة من النار مشتعلة, و أوقد استمد الوقود, من زيت الحبيب, قال تعالي في الآية: (يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ) النور 35 مِشْكَاةَ الْمُرِيدِ: المشكاة: كَوَّةٍ تُوقد فيها النار, و يعني بها: القلب, الآية: قال تعالي: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) النّور 35 بِلَمْعَتِي: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة لَمْعَتِي, و اللمْعَة: الواحدة من ومضات الشُعاع, من واحد من أعضاء الحضرة الصمدانية الوترية, الشعاع له 124 ألف لمعة أو ومضة, قال رضي الله عنه: مَعَارجُ الْقُرْبِ فِي الْعَلْيَاءِ تَعْدِلُهَا *** لَمُيْعَةٌ مِنْ سَمَاءِ النُّورِ لَمْعَتُنَا (72 ق 35)

المعني:
وَأَنْفُخُ: نَفَخ بفمه يَنْفُخ نَفْخاً إِذا أَخرج منه هواءً بقصد المعالجة ونحوها؛ في قصة سيدنا عيسي عليه السلام يقول تعالي: (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ) آل عمران 49 قال رضي الله عنه: لَنَفْخَةٌ فِي فُؤَادِ الْحِبِّ تَجْعَلُهُ *** أَمِينَ عِلْمٍ لَدُنّىِّ بِنَفْخَتِنَا (68 ق 35)
فِي رُوعِ الْمُرِيدِ: الرُّوعُ، بالضم: القَلبُ والعَقْل، (أي موضع التلّقي من المريد) ووقع ذلك في رُوعِي أَي نَفْسي وخَلَدِي وبالي، وفي الحديث: (إِنَّ رُوح القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي) و قال سيدي فخر الدين: رِيحُ الصَّبَا نَفَثَتْ بِرُوْعِ مُتَيَّمٍ *** عَجَباً لِرَاحٍ رِيحُهَا لَفَّاحُ (25 ق 25)
فَيَنْتَقِي: الفاء السببية, يَنْتَقِي: نَقَّيْتُ الشّيءَ: خلّصتُه ممّا يشوبُه تنقيةً’ وكذلك يقال: انتقَيت الشّيءَ كأنَّك أخَذتَ أفضلَه وأخلَصَه. والنُّقَاوة: أفضَلُ ما انتقَيْت من شيء, ينتقي: يختار الأفضل
جَوَاهِرَ عِلْمِ الأَوَّلِينَ: جَوَاهِرَ: الجَوَاهِر: الحُلي النفيسة, يعني الثمين من علم أهل الحقيقة, عِلْمِ الأَوَّلِينَ: ما تركه الأولون من العارفين بالله من المعرفة, يأخذها المريد انتقاءً, و لذلك تجد ابن الطريقة يدرك علوم السابقين, و من بعد ما بينه سيدي فخر الدين من هذه العلوم, قال رضي الله عنه: حُسْنُ التَّلَقِّي مِنْ سِمَاتِ أَحِبَّتِي *** وَالْجَوْهَرُ الْمَكْنُونُ فِي إِلْهَامِي (23 ق 15)
بِنَفْخَتِي: الباء: حرف جرّ يفيد الاستعانة, أي: بواسطة بِنَفْخَتِي, نفخة من الشيخ: العطاء دفعةً واحدة, تجمع في المريد جواهر علم الأولين

المعني:
وَأَشْفَعُ: الشَّفاعةُ: كلام الشَّفِيعِ للأكبر في حاجة يسأَلُها لغيره, وَأَشْفَعُ بضيغة المضارع تفيد استمرارية الفعل (في الدنيا و الآخرة). و جاء في قوله تعالى: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) البقرة 255 قال رضي الله عنه في (13 - 15 ق 57):
وَفِي ظِلِّ الشَّفَاعَةِ كُلُّ عَبْدٍ *** وَبَيْنَ الْخَلْقِ نَحْنُ الشَّافِعِينَ
وَأَوَّلُ رَشْفَةٍ مِنهَا هَنِيئاً *** لَدَى الضَّعَفَاءِ وَالْمُسْتَضعَفِينَ
وَيَوْمَئِذٍ يَقُولُ الرُّسْلُ جَهْرا *** رَضِينَا يَا أَبَا الزَّهْرَا رَضِينَا
فِي أَهْلِ الزَّمَانِ: الزَّمَان زمان الطريقة – آخر الأزمان بالنسبة لترتيب الأقطاب الأربعة. سيدي إبراهيم اختار آخر فترة زمنيّة لأنها الأصعب, و طريقته هي التي ينصلح بها الزمان
وَإِنْ بَدَتْ شَقَاوِتُهُمْ: وَإِنْ: الواو واو الحال, إِنْ: شرطية, بَدَتْ: ظهرت, شَقَاوِتُهُمْ: الشقاوة هي العمل الذي يبعد عن رضا الله و يدخل النار, و يعني: و إن ظهرت شقاوتهم, قال تعالي: (فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى) الليل 14 - 15
إِلاَّ بِحَقِّ الطَّرِيقَةِ: إِلاَّ: استثناء, بِحَقِّ الطَّرِيقَةِ: إلا أن تكون معصيتهم هي الوقوع في الطريقة بسوء فيحرموا من شفاعته رضي الله عنه, و قد قيل:
"وَيْلٌ لِمَنْ شُفَعَاؤُهُ خُصَمَاؤُهُ"

المعني:
وَأُسْمِعُ صَوْتِي لِلْمُرِيدِ: وَأُسْمِعُ صَوْتِي: أبلغه مسامعه فيسمعه, لِلْمُرِيدِ: المريد الطالب و القاصد للمطلوب و المُراد, و مريد الشيخ قاصده للهداية, الآية: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الحج 27 , و الشيخ أبلغ المريد من الأزل, فاستجاب للنداء, فصار مكتوباً عند الشيخ أنه مريده, و لذلك قال سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه: "أعرف تلاميذي و هم في بطون أمهاتهم" فَيَهْتَدِي: الفاء السببية, يهتدي علي وزن يفتعل, يسلك طريق الهدي, بسبب أن الشيخ أسمعه صوته من الأزل
إِلَى بَابِ عِزِّ اللَّهِ: إِلَى بَابِ عِزِّ اللَّهِ: الإيمان, أي: الطريقة, قال تعالي في الآية: ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) المنافقون 8 , قال رضي الله عنه:
عَلَى بَابِ عِزِّ اللَّهِ كُنْتُ مُنَادِياً *** فَمَنْ جَاءَنِي فَهْوَ الْعَزِيزُ بِعزَّتِي (148 ق 1) مِنْ بَعْدِ شِقْوَةِ: مِنْ بَعْدِ: الحرفان يفيدان الظرفية, بمعني: بالرغم مما كان عليه الحال من قبل, و منها قوله تعالي:
(ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة 52
(ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ) يوسف 49
شِقْوَةِ: الشِقْوَةِ: الشَّقاء, يبدّل شقاؤه بسعادةٍ, قال رضي الله عنه: تَخُطُّ يَمِينِي مَحْوَ شِقْوَةِ تَابِعِي *** وَمَرْتَعِيَ الْكُرْسِيُّ وَاللَّوْحُ خَلْوَتِي (50 ق 1)

المعني:
وَأَنْظُرُ فِي قَلْبِ الْمُرِيدِ: وَأَنْظُرُ فِي قَلْبِ الْمُرِيدِ: النظر من الشيخ في قلب المُريد, أن يعطيه العطاء دفعةً واحدةً فيكملّه بمراتب الكمال, و ذلك تأسياً بقوله تعالي: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه 39 و قد كان سيدى أبو الحسن الشاذلى رضي الله عنه يقول: (نحن كالسلحفاة تربي أطفالها بالنظر) و هذا شأن الكُمل من الأولياء, (الإلهيين) , أصحاب حضرة الشهود الذّاتي, و في ذلك يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَكُلُّ إِلَهِيٍّ إِذَا شَاءَ نَظْرَةً *** يُكَمِّلُ ذَا نَقْصٍ بِمَكْنُونِ فَضْلِهِ (12 ق 66)
و قال رضي الله عنه:
وَلِي نَظْرَةُ الرَّاعِي إِلَى الْقَلْبِ يَرْتَقِي *** وَيَصْعَدُ مَحْمُولاً بِنُورِ مَحَفَّتِي (149 ق 1)
فَيَرْتَقِي: فاء السببية, يَرْتَقِي: يصعد, أي: يسير في مراتب السير إلي الله و السير في الله
مَعَارِجَ أَهْلِ اللَّهِ: مَعَارِجَ: المَصاعِد والدَّرَج, تقول عَرَجَ إذا ارتفع وعَلا, مراتب السير, الآية: (مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ) 3 الْمَعَارِج أَهْلِ اللَّهِ: الأولياء
وَالِسّرُّ نَظْرَتِي: وَالِسّرُّ: كُنه ما يقوم به الأمرُ, نَظْرَتِي: نَظْرَتِي في قلب المُريد, قال رضي الله عنه في قوله في (70 - 72 ق 35): بِنَظْرَةٍ فِي فُؤَادِ الْحِبِّ تَحْمِلُهُ *** يَدُ الْعِنَايَةِ مِعْرَاجاً لِسَاحَتِنَا
فَيَرْتَقِي بَلْ يٌرْقَّى بَلْ تُحيطُ بِهِ *** مَلاَئِكُ الْحِفْظِ مَأْمُوناً لِوَاحَتِنَا
مَعَارجُ الْقُرْبِ فِي الْعَلْيَاءِ تَعْدِلُهَا *** لَمُيْعَةٌ مِنْ سَمَاءِ النُّورِ لَمْعَتُنَا

المعني:
يُعَاهِدُنِي: العهد, عهد الطريقة, الموثق و البيعة (كنتراتو) بين الشيخ و المريد, الياء إشارة لتنزل الأمر للخليفة الوارث, يعاهد الشيخ أو ورثته, الآية:
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) الفتح 10 الْمَثْبوُتُ فِي اللَّوْحِ: الْمَثْبوُتُ: المُبرم, ما يكتب في اللّوح المحفوظ أمر مُبرم, و يُكتب و المرء في بطن أمّه, كما جاء حديث سيدنا عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يروى عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ قَالَ:
(إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثُمَّ يكون علقة مثل ذلك، ثُمَّ يكون مضغة مثل ذلك، ثُمَّ يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد .... الخ) (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد 39 يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ: ألواح الحو و الإثبات, أُمُّ الْكِتَابِ: اللّوح المحفوظ
مُسْعَداً: أعطي السعادة, أن يكون في طاعة الله
يُعَانِدُنِي الأَشْقَى: عانَدَ مُعانَدَةً أَي خالف وردَّ الحقَّ و مال عنه و أباه وهو يعرفه، الأَشْقَى, المصّر علي المعصية, (غير الشقيّ) , الشقاء معصية الله, الآية: (وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى) الأعلي 11 قال: بأخذ عزيز قادر سوف أحمها *** إذا همّ أشقاهم ليعقُر ناقتي وَلَوْ بِالإِشَارَةِ: وَلَوْ: للتقليل, كما في حديث "اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة" بِالإِشَارَةِ: أَشار أَومَأَ بيده أو حاجبيه أو هزّ رأسه ,,, ناهيك عن القول و الفعل

المعني:
يُبَايِعُ إِبْرَاهِيمَ: يُبَايِعُ: البيعة العهد, إِبْرَاهِيمَ: الخليفة الوارث شيخ الطريقة, في صيغة المضارع, للاستمرارية
مَنْ كَانَ وَاثِقاً: وثقَ أحكم الرباط و يعني صاحب العقيدة التي لا تتزعزع, وثِق بالشئ صدّقه و اطمأن له
بِأَنَّ أَبَا الْعَيْنَيْنِ يَجْلُو بِخَلْوَتِي: بِأَنَّ: الباء حرف إلصاق, أَنَّ: للتأكيد, أَبَا الْعَيْنَيْنِ: يُكني سيدي إبراهيم الدسوقي بكنيته تعظيماً, يَجْلُو: ظاهر, بِخَلْوَتِي: خلوة باطن, أي: واثقاً بأنّ لا فرق بيني و بينه, ذكر سيدي فخر الدين قصة حدثت في الحضرة الإلهية أن سئل سيدي ابراهيم عن بعض المريدين المنتمين إليه و كان رده رضي الله عنه في ذلك: "من لا يعرفه محمد عثمان فانا لا أعرفه", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: إِلَى حَيْثُمَا وَلَّى الدُّسُوقِي وِجْهَةً *** أَرَانِي أُوَلِي فَهْوَ بِاللَّهِ قِبْلَتِي (215 ق 1)
يعني العقيدة في الإمام الخليفه هي عقيدة في سيدي فخر الدين و هي العقيدة في سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنهم, قال رضي الله عنه:
وَمَنْ شَرِبَ التَّفْرِيقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ *** هُنَالِكَ لاَ تُجْدِي الرُّقَى وَالْمَسابِحُ (12 ق 82)

المعني:
وَأَغْرِسُ فِي الْجَنَّاتِ: أَغْرِسُ: غَرَس الشجر والشجرة يغرِسها غَرْساً, أثبتها في الأرض وزرعها, و في الحديث روى ابن ماجه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه وهو يغرس غرسا، فقال: " ألا أدلك على غراس خير من هذا؟ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إله الله، والله أكبر، يغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة" فِي الْجَنَّاتِ: أي: في العوالم العلوية: ملكوت-جبروت-لاهوت-هاهوت, قال رضي الله عنه: فَذِي سَبْعُ جَنَّاتٍ وَثِنْتَانِ بَعْدَهَا *** فَجَنَّةُ أَعْيَانٍ وَجَنَّةُ قُرْبَةِ (123 ق 1) حَمْداً لِرَبِّنَا: حمد الربوبية, القائمة بالتربية في الدنيا, المهيمنة علي الأسماء, و التربية سير المريدين
وَفَكُّ رُمُوزِ: فَكُّ: فَكُّ الرّمز, معرفة تفاصيل التكوين, رُمُوزِ: جمع رَمْزُ, الرَّمْزُ: الإيماءُ والإشارة, لغةً, و الرّمز: الشّفرة أيضاً, والإشارة تكتنف علي معني باطني و تشير إلي الشئ لكن لا تفسره, و لذا يحتاج الرمز لمن يفمه و يفك إشارته. قال تعالي لسيدنا زكريا: (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً, قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا, وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) آل عمران 41 و في قصة ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمر السوداء حين قال لها: (أين الله؟) فأشارت برأسها إلى السماء فقال: (أعتقها فإنها مؤمنة) الْكَائِنَاتِ: من كَوَّنَ الشيءَ أي أَحدثه, الْكَائِنَاتِ: كل ما هو موجود في الكون
رُمُوزِ الْكَائِنَاتِ: أسرارُ تكوينها و مفاتيحها
خَصَاصَتِي: من خَصَّ, خصّه بالشيء يخُصّه خَصّاً واخْتصّه: أَفْرَدَه به دون غيره, أي: ميزتي و اختصاصي

المعني:
وَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ رَبِّي: وَأَشْهَدُ: شهود عيان, تحقيقاً, أَنَّ اللَّهَ رَبِّي: توحيد الربوبيّة, الآية: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) آل عمران 51 وَإِنَّنِي: إن للتوكيد و أضيف إليها نون الوقاية, اشارة إلي الهوية المتدلية من غيب الأحديّة
لأَحْتَرِفُ التَّوْحِيدَ: لأَحْتَرِفُ: حرْفُ كلِّ شيء حدُّه و الاحْتِرافُ الصنعة و الاكْتِسابُ، التَّوْحِيدَ: التوحيد الذّاتي الصِرف, فهو ختم المراتب بعد مراتب الدين الثلاث: الإسلام, الإيمان, الإحسان. قال رضي الله عنه: أَمَّا عَنِ التَّوْحِيدِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ *** خَتْمُ الْمَرَاتِبِ خَصَّةُ الإِنْسَانِ (15 ق 60) فِي حَالِ نَشْوَتِي: نشِيَ الرجل من الشراب نَشْواً ونُشْوةً ونَشوةً ونِشْوةً فهو نَشْوان, أي: في حال محوي, الفناء في موطن القُرب

المعني:
فَمَحْوِيَ صَحْوٌ: المَحو: الفناء, الصَحو: البقاء, بمعني: إن غبت بدا و إن بدا غيبني
و الملائك تابعي: واو العطف, الملائك: جمع مَلَك, تابعي: يأتمرون بأمري, لأنه يتصرف من موطن الأمر و الملائك تتصرف من موطن القدرة, فهي تنفذ ما يريد فردي جمع: فردي: جمع الجمع و بالنسبة له هو موجود في الاثنين الجمع (الحضرة الإلهية (و جمع الجمع (الحضرة النبوية)
والنبيّيون صحبتي: والنبيّيون: جمع نبيّ, صحبتي: معي, في حضرة جمع الجمع, قال رضي الله عنه في (1 - 2 ق 54): إِنَّا بِجَمْعِ الْجَمْعِ كُنَّا عُصْبَةً *** وَإِمَامُ هَذَا الْجَمْعِ أَوَّلُ كَاتِبِ
السَّادَةُ الأَقْطَابُ فِينَا أَنْجُمٌ *** وَبِنَا أَبُو الدُّنْيَا وَأَوَّلُ تَائِبِ

المعني:
وَتَحْتَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يُجْمَعُ شَمْلُنَا: الواو استئنافية, تَحْتَ: ظرف مكان, لِوَاءِ الْحَمْدِ: اللواء العَلم و الرّاية ولا يمسكها إِلا الأمير, وفي الحديث, قال صلي الله عليه و سلم: "لِواءُ الحَمْدِ بيدي يومَ القيامةِ" و لواء الحمد كائن بالفغل يوم العرض, أمام المولي سبحانه و تعالي, و هو خاص به صلي الله عليه و سلم, و هو يرمز لحمد الحمد، وهو أتم المحامد وأسناها و علامة على مرتبة الملك ووجود الملك، كذلك حمد المحامد تجتمع إليه المحامد كلها، وجميع الخلائق خلفه من أمته صلي الله عليه و سلم وفيها الأولياء بعدد الأنبياء، ولهم ألوية مثل ما للأنبياء، ولهم من الاتباع مثل ما للأنبياء، ويستمدون من النبي صلي الله عليه و سلم, و قد جعل سادتنا الصوفية في احتفالاتهم بالمولد النبوي الشريف الساري الذي يُنصب في وسط ميدان الاحتفال بمثابة الرمز للواء الحمد, قال رضي الله عنه: لِوَاءُ حَبِيبِي وَارِفُ الظّلِ وَالنَّدَى *** وَإِنَّ لِوَائِي تَحْتَهُ فِيهِ دَوْحَتِي (155 ق 1) يُجْمَعُ شَمْلُنَا: يُجْمَعُ: يؤتي بالجميع فيجتمعون في مكان واحد, شَمْلُنَا: جمعنا, الشَّمْلُ الاجتماع، يقال: جَمعَ اللهُ شَمْلَك, أي: نحن و أنتم المريدون أهل تلقي الخطاب, قال رضي الله عنه: تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَلَيْهَا *** لِوَاءُ الْحَمْدِ مَوْرِدُنَا يَقِينَا (12 ق 57) وَيَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ: الواو للعطف, يَوْم: اليوم وقت من الزمان, و يعرّف به الحدث الهام من أحداثه, و من ذلك قول العرب للعيد يومُ كذا, و قولك: يَوْمَ الجُمعة, يَوْمَ القيامة, يَوْمَ العروبة ... الخ, يَقُومُ النَّاسُ: يقومون من الأجداث, يَوْم البعث, قال تعالي: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) المطففين 9 يَوْمُ كَرَامَتِي: و يَوْمُ هنا كنا ذكرنا ترمز لأهمية الحدث, و هو كرامة سيدي فخر الدين, و في القول ضمنيّاً, أن كلّ ما شهدتموه لا يعدل تلك الكرامة التي خُصصت بها يوم البعث, و الكرامة هي الأمر الخارق للعادة و هو بمثابة التأييد للوليّ كما المعجزة بالنسبة للنبي, و أن الكرامة الحقيقة و الأعظم له, رضي الله عنه, ستكون يوم القيامة, كرامة انفرد بها هو رضي الله عنه دون غيره و خصّه بها جده رسول الله صلي الله عليه و سلم, و هي الإذن بالشفاعة, الشفاعة التي يطلبها و يرضي بها الرُسل عليهم صلوات الله و سلامه, قال رضي الله عنه في (13 - 15 ق 57): وَفِي ظِلِّ الشَّفَاعَةِ كُلُّ عَبْدٍ *** وَبَيْنَ الْخَلْقِ نَحْنُ الشَّافِعِينَ
وَأَوَّلُ رَشْفَةٍ مِنهَا هَنِيئاً *** لَدَى الضَّعَفَاءِ وَالْمُسْتَضعَفِينَ
وَيَوْمَئِذٍ يَقُولُ الرُّسْلُ جَهْرا *** رَضِينَا يَا أَبَا الزَّهْرَا رَضِينَا

المعني:
لِوَائِيَ مَعْقُودٌ: لِوَائِيَ: اللواء الرّاية و العلم و تكون بيد الأمير, مَعْقُودٌ: عقد اللواء: إبرام أمر الرئاسة له, أي: مَعْقُودٌ في هذا الزمان, زمن سيدي إبراهيم الدسوقي من أزمان الدنيا, تنتشر فيه طريقته و يصلح الله به الأرض, و يعود الخلق لطاعة الله, و قد قيل في الرئاسة العامة لسيد الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم: عُقِدَ الِلواء لِمُحمّدٍ وَ ثَنائِهِ *** فَالدَّهْرُ دَهْرُهُ و الأَوَانُ أَوَانُهُ وعهدي مَوْثِقٌ: وعهدي: العهد هو البيعة من المريد للشيخ, موثق: مُلزم عهد يجب أن يلتزم به, و العهد أن علي الشيخ التربية و الحماية و علي المريد السمع و الطاعة
و يستلم الأركان: استلام الأركان للكعبة المشرفة ولها أربعة أركان: ركن الحجر الأسود، والركن الشمالي، والركن الغربي، والركن اليماني, و هو أمرُ يقوم به الطواف بالكَعبة المشرّفة, و رمزية الاستلام هي العهد بالالتزام بالأركان في الدين, و إشارة الشيخ هنا بالكَعبة للطريقة و من ثمّ فلها, أي: للطريقة, أربعة أركان: , يلتزمها المُريد و هي: العقيدة, الأوراد, القصائد, الخدمة
مَنْ زَارَ كَعْبَتِي: مَنْ: الذي, زَارَ: أتي المكان, كَعْبَتِي: و الكَعبة موطن التجلّيات الأسمائية, إشارة للشيخ و إشارة للطريقة (لا فرق بين الطريقة و الشيخ) , و في التأويل الطريقة من زارها أخذها فلا يكتمل أمره إلا بالالتزام بالأركان الأربعة

المعني:
وَلِي: الواو استئنافية, اللام للتخصيص
كُتُبُ الأَبْرَارِ: كُتُبُ: جمع كتاب, الكتاب هو الجامع لحقائق لكل ذات من ذوات أهل المرتبة, بعدد أهل المرتية, الأَبْرَارِ: هم أهل حضرة الجمع (الحضرة الإلهية) , و هي جنة الأعيان و الأعيان الرؤساء و العظماء الذين خافوا مقام ربهم (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) الرحمن 46 , الآيات: (كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ) * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ) المطففين 18 - 20 أَشْهَدُ مَا بِهَا: أَشْهَدُ: رأي العين, شهادة, مَا بِهَا: ما هو مكتوب فيها, و الشهود يكون من جنّة القرب أي: حضرة جمع الجمع (الحضرة النبوية) , الآية: (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) المطففين 21 كما قال رضي الله عنه: فَذِي سَبْعُ جَنَّاتٍ وَثِنْتَانِ بَعْدَهَا *** فَجَنَّةُ أَعْيَانٍ وَجَنَّةُ قُرْبَةِ (123 ق 1) وَإِنِّي عَبْدٌ: الواو للعطف, إنّ للتأكيد مع يا المتكلم, تعبّر عن باطن الأنا, عَبْدٌ: متحقق بالعبادة, في مرتبة الإحسان, و تسمي العبادة في هذه المرتبة بالعُبودة, قال رضي الله عنه: وَمِنْ عَبثٍ بَخْسُ الْحَقِيقَةِ أَهْلَهَا *** لأَنِّيَ عَبْدٌ فِي مَقَامِ الْعُبُودَةِ (72 ق 1) وَالْعبَادُ رَعِيَّتِي: وَالْعبَادُ: الخلق, رَعِيَّتِي: أرعاهم, و شأن الرّاعي التربية و الحفظ

المعني:
أَنَا: الذّات الظاهر, ذات المتكلم
بِيَمِيِن اللَّهِ: بِيَمِيِن: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي: بواسطة يمين الله, يَمِيِن اللَّهِ: يد القُدرة الإلهية
أَطْوَارُ خِلْقَتِي: أَطْوَارُ: مراحل, خِلْقَتِي: الخِلْقةُ: الفِطْرة, أي: فطرةٌ لم تتبدّل, قال تعالي: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الروم 30 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَإِنَّا قَدْ فُطِرْنَا مَاءَ غَيْبٍ *** كَمَا أَنَّ السَّمَاءَ لَهَا انْفِطَارُ (30 ق 31) مِنَ الْحَمِأَ الَمْسنُونِ: مِنَ: حرف ابتداء لغاية مكانية, الْحَمِأَ: الطين الأَسود, الَمْسنُونِ: المُنتن, قال تعالي: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ) الحجر 26 أي: منذ أن كنت في ظهر سيدنا آدم عليه السلام, المخلوق من الحمأ المسنون متنزلاً في النور النبوي, لأن البشر الوحيد الذي خلق من حمأ مسنون هو سيدنا آدم عليه السلام
حَتَّى النِّهَايَةِ: حتى نهاية مراحل تكويني, قال رضي الله عنه: أَلُوذُ بالسَّيِّدِ الْمَأْمُولِ مَنْ بُسِطَتْ *** بِهِ الْعِنَايَةُ بَدْءاً قَبْلَ تَكْوِينِي (5 ق 90)

المعني:
يَرَانِي بِعَيْنِي: يَرَانِي: رأي العين شهادة, بِعَيْنِي: أي: الباء للوسيلة, أي: بواسطة عيني, فيكون ذلك تحقيقاً و ليس خيالاً, لأن الرؤيا خيال, و لكن المعني هنا أنها تكون صادقة في حالة رؤيا المريد للشيخ في منامه, فهو صاحب الوراثة المحمدية, و ذلك لما ورد عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي" و صدق الرؤيا أيضاً من مقام الخُلّة, قال تعالي: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات 102 و قد قيل في المعني: فَشَهِدْتُهُم بِعُيُونِهِم وَ بِسَمْعِهِم *** وَ شَرَابُهم لَمْ يُبْقِ مِنِّي بَاقَيَا مَنْ رَأَىنِي فِي الرُّؤَى: مَنْ: الذي, رَأَىنِي فِي الرُّؤَى: الرُّؤَى جمع الرُؤية و هي ما يُري في المنام, و لصيغة الماضي, أي: من سبق أن رَأَىنِي فِي الرُّؤَى, يتحقق بالمشاهدة
وَيَسْمَعُنِي سَمْعِي: استبدال الصفات, الوارد في الحديث القدسي: (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحبته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) رواه البخاري فالاستنتاج أنك إذا سمعت بسمع أحد الإلهيين, فإنه قد صبغ بصبغة الله و أنت نلت صبغته, فالأمر واحد (و أثنان بعد الالتفات).
وَتِلْكَ إِرَادَتِي: لأنها لا تأتي إلا بكثرة الذكر و الأوراد, قال رضي الله عنه: يَا مُرِيدِي رِضَايَ فِي ذِكْرِكَ اللَّهَ *** يَا مُرِيدِي خَزَائِنُ اللَّهِ عِنْدِي (5 ق 3) و قال رضي الله عنه: وَلَسْتُ بِنَاءٍ عَنْ مُرِيدِيَ لَحْظَةً *** وَإِنَّ مُريدِي مَنْ أَرَادَ إِرَادَتِي (266 ق 1)

المعني:
تَخُطُّ يَمِينِي: تَخُطُّ: تكتب, يَمِينِي: يد القدرة, بالتفويض الإلهي, الآية: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت 48 مَحْوَ شِقْوَةِ تَابِعِي: مَحْوَ: إزالة, شِقْوَةِ: الشقاء, أي: من كُتب شقياً في اللوح. تَابِعِي: مريدي, التابع مقابل الإمام, تابع و متبوع, مأموم و إمام, ابن طريقتي, و هذا لصاحب التيجان الأربعة (القطب الفرد الجامع الكبير) لأنه يتصرف من موطن الأمر
وَمَرْتَعِيَ الْكُرْسِيُّ: وَمَرْتَعِيَ: الرَّتْعُ: لغةً: الأَكل والشرب رَغَداً في الرِّيف، رَتَعَ يَرْتَعُ رَتْعاً ورُتوعاً ورِتاعاً، والاسم الرَّتْعةُ والرَّتَعةُ, يقال: خرجنا نَرْتَعُ ونَلْعب أَي نَنْعَم ونَلْهُو, وقال الله تعالى مخبراً عن إِخوة يوسف: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) يوسف 12 وفي الحديث: "إِذا مَرَرْتُم بِرياضِ الجنة فارْتَعُوا", الْكُرْسِيُّ: هو مجلي الصفات الإلهية, و مظهر الموجودات المتعينة, إبراز القدرة الإلهية, و فوق العرش, و مرتعي الكرسي: أتنعم بالتجلّي الإلهي, قال رضي الله عنه: لَمَّا دَنَا الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ جِئَ بِهِ *** فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَازْدَانَتْ مَرَاقيِنَا (3 ق 28) وَاللَّوْحُ خَلْوَتِي: الواو للعطف, اللَّوْحُ: اللوح المحفوظ هو تعين روحاني في القلم الأعلى، فهو صورة أخرى للنور المحمدي, و له تفصيل ما أجمل في القلم, قال تعالي: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) البروج 21 - 22 خَلْوَتِي: تجرّدي للشهود

المعني:
وَأَفْتَرِشُ التَّأْيِيدَ حَقّاً: الواو للعطف, أَفْتَرِشُ: فَرَشَ الشيء وافْتَرَشَه: بسَطَه, قال تعالي: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء) البقرة 22 و في تفسير ذلك أنه تعالي جعل الأرض فراشا أنها كالفراش في التمكن من الاستقرار, أي: أن أساسه الذي يقوم عليه رضي الله عنه هو التَّأْيِيدَ, التَّأْيِيدَ: الإذن و التمكين, قال تعالي: (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) الأحزاب 46 حَقّاً: لا ظناً و لا أمراً يقبل الجدال
وَإِنَّنِي: الواو للاستئناف, إنّ للتأكيد, مع نون الوقاية و يا المتكلم, إشارة إلي باطن الحقيقة المستمد من غيب الأحديّة, الوراثة
لأَلْتَحِفُ: اللام للتأكيد – ألتحف: اللِّحاف كلُّ ما تغطَّيت به
الرِّضْوَانَ: أعلي مراتب العطاء الإلهي, قال تعالي: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) التوبة 100 قال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه: الصلاة في أول الوقت في رضوان الله و في وسطه في رحمة الله و في آخره في مغفرة الله, و لأن أكون في رضوانه خيرٌ لي من أن أكون في رحمته و مغفرته
وَالنُّورُ حُلَّتِي: الحًلة ما يُتحلّي به من الثياب, النور التجّلي النبوي, أي أني ألبس خلعة التجلي النبوي (رئاسة الزمان, المعني العام: هذا البيت جمع مراتب الدين:-
أفترش التاييد): التأييد الظاهري (مرتبة الشريعة
ألتحف الرضوان): أعمال الطريقة (مرتبة الإيمان
النور حلتي: (تجليات الحقائق (مرتبة الإحسان

المعني:
هَذَا بَيَانٌ: هَذَا: اسم اشارة للقريب, أي: القول الآتي, بَيَانٌ: والبَيانُ ما بُيِّنَ به الشيءُ و اتّضَح, واستَبانَ الشيءُ: ظهَر, و هَذَا بَيَانٌ فيها رفع لدرجة الانتباه لجلال الأمر, قال تعالي: (هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ) آل عمران 138 للْخَلاَئِقِ كُلِّهَا: للْخَلاَئِقِ: الْخَلاَئِقِ جمع خَلِيقة, و خَلِيقةُ الله و خَلْق الله، و تشمل الإنس و غيرهم من ذوي الرّوح, و أكدّها ب"كُلِّهَا", و كُلّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد
و ذلك من ضروب الوراثة النبويّة المحمّدية الكاملة, فقد تُخوطِبت كل الخلائق له, قال رضي الله عنه: حَتَّى خَفِيَّاتِ الْجَمَادِ تُخوُطِبَتْ *** هَلاَّ وَعَيْتُمْ مَا حَوَتْ كَافِيَّتِي سِهَامُ أَبِي الْعَيْنَيْنِ: سِهَامُ: جمع سَهم, و هو النَّبْلِ، مَرْكَبُ النَّصْلِ، يُرمي به الهدف, أَبِي الْعَيْنَيْنِ: حيثما يذكر سيدي إبراهيم بكنيته "أبو العينين" فذلك للإجلال و التوقير, و مثال ذلك, يقول رضي الله عنه: حَتَّى أَبُو الْعَيْنَيْنِ جَلَّ مَقَامُهُ *** حَدَّثْتُ عَنْهُ فِي حَشَا أَحَدِيَّتِي (316 ق 1) وفي التحصين الشريف, يقول سيدي أبو العينين رضي الله عنه: (أنا الأسَدُ سَهْمِي .... ) أي أن سهمي سديد الرمية و لا يخطئ, و في قصة القاضي الشهيرة من كرامات سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, رسالته التي قال فيها: سِهَامُ اللّيْل صَائبةُ المُرامِ *** إِذَا وُتِرَتْ بَأوْتَارِ الخُشُوعِ
يُصَوّبُها اِلَى المَرْمَى رِجَالٌ *** يُطِيلُونَ السُّجُودَ مَعَ الرُّكُوعِ
بِألْسِنَةٍ تُهَمْهِمُ فِي دُعَاءٍ *** وَأجْفَانٍ تَفِيصُ مِنَ الدُّمُوعِ
إِذَا أَوْتَرنَ ثُمّ رَمَيْنَ سَهْمَاً *** فَلاَ يُغْنِي التَّحَصُّنُ بِالدُّرُوعِ
مِلْءُ كَنِانَتِي: الكنانة هي الجراب الذي تُحمل فيه السّهام, مِلْءُ كَنِانَتِي: ما يكفيني لأسدد حيث شئت, أتصرّف بقوة سيدي أبي العينين

المعني:
وَجَدِّيَ مَحْمُودُ الْمَقَامِ: الواو للعطف, جَدِّيَ: الجَدّ حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, يكنيه بالجّد لإظهار أمر الوراثة المحمدية, لأن الجّد يورث, مَحْمُودُ الْمَقَامِ: مَحْمُودُ المنزلة, منزلة خاصة به صلّي الله عليه و سلّم, و هي منزلة الشفاعة الكُبري, الآية: قال تعالي (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) الإسراء 70 و عن سيدنا عبد الله ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قالَ: "إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ جُثًا- جلوسا على الركب -، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ المَقَامَ المَحْمُودَ " وَشَافِعي: الشافع من يؤدي الشفاعة و هي من التوسل لصاحب حاجة عند المَلِك, أي: شافعي واسطتي لدي الله تعالي
وَإِنَّ بَنِي الزَّهْرَاءِ: وَإِنَّ: إِنَّ: للتأكيد, بَنِي الزَّهْرَاءِ: آل البيت, و الزهراء أصلها نجمة بارزة في السماء تهدي السائرين, و بنو الزهراء نجومٌ – كني عنهم القرآن الكريم في قوله تعالي: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) الرحمن 4 وفي حديث سيدنا الإمام علي، عليه السلام، في صفة سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: كان أَزْهَرَ اللَّوْنِ ليس بالأَبيضِ الأَمْهَقِ, والمرأَة زَهْرَاءُ, وكل لون أَبيض كالدُّرَّةِ, و حين سئل سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه, لم سميت فاطمة الزهراء زهراء؟ قال: " لأنها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما تزهر نور الكواكب لأهل الأرض", و أخرجه أحمد بإسناده عن زيد بن ثابت قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم: "إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السّماء والأرض، أو ما بين السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: نَعْتُ الأَمَاجِدِ كَالنُّجُومِ وَنُورِهَا *** بِهِمُ اهْتَدَى مَن ضَلَّ فِي الوِدْيَانِ (21 ق 2) أَهْلِي: أخصّ الأقربين, أنتمي إليهم
وَعُصْبَتِي: جماعتي, و العُصْبة من الرِّجال أقلّها عَشرة، ولا يقال لما دونَ ذلك عُصْبة, وإنَّما سمِّيت عُصْبةً لأنَّها قد عُصِبت، أي كأنَّها رُبِط بعضُها ببعض

المعني:
وَإِنَّ مَقَامِي: إِنَّ للتوكيد, المقام الدَّرَجة والمنزلة, الآية: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) الصافّات 164 مَقَامِي: منزلتي و قدري, ياء المتكلم, سيدي فخر الدين رضي الله عنه
لاَ يُمَاطُ لِثَامُهُ: لاَ: نافية, يُمَاطُ: أماطَ أزال و أبعد, لِثَامُهُ: اللّثام ردّ الغطاء علي الفم فيصعب التعرّف علي المرء. و لاَ يُمَاطُ لِثَامُهُ يعني لا يُكشف. و الفعل بعد لا النفي بصيغة المبني للمجهول لتبيين استحالة إتيانه من أي طرفٍ كانَ, أي: لا يُكشف عنه, قال رضي الله عنه: وَأَعْرِفُ أَقْدَارَ الرِّجَالِ جَمِيعِهِمْ ... *** وَلَكِنَّهُمْ ضَلُّوا ابْتِدَاءَ مَكَانَتِي (6 ق 1) وَجَلَّ كَلاَمِي: جَلَّ عَظُمَ, كَلاَمِي: الكَلاَم هو جملة ما يقوله فيه القائل ما يريد توصيله للآخرين, و في المعني نقول "القرآن كلام الله", أي: الذي يحكي قصته, و كلام سيدي فخر الدين هو "شراب الوصل", قال رضي الله عنه: كَلاَمِي مَشْربُ الأَرْواحِ وَصُلاٍ *** إِذَا لَمْ تَشْربُوا مِنْهُ فَأَي (17 ق 30) عَنْ عُقُولٍ ذَكيَّةِ: عَنْ: حرف جر, عُقُولٍ: مدارك الفهم, ذَكيَّةِ: الذَّكاءُ سُرْعة الفِطْنَة. الليث: الذَّكاءُ من قولك قلبٌ ذَكِيٌّ وصَبِيٌّ ذكِيٌّ إذا كان سريعَ الفِطْنَةِ، كلام لا يتوصل لمعناه بالعقول حتي لو بلغت من الذكاء و الفطنة ما بلغت, قال رضي الله عنه: وَإِنْ أَرَدْتُمْ نَوَالَ الْقَصْدِ مِنْ مِنَحِي *** فَأَعْقِلُوا الْعَقْلَ إِنَّ الرُّوحَ تَأْتِينِي (22 ق 37) و في قصيدة سيدي الشيخ قريب الله, سبشر سيدي فخر الدين و قد أتاه صبيّا حينها, قال رضي الله عنه عن الشيخ: وَ حُسْنٌ لاَ تُحِيطُ بِهِ عُقُولٌ *** وَ ذَوْقٌ لَيْسَ يُدْرَكُ بِالذّكَاءِ

المعني:
وَشَارِبُ خَمْرِيَ: الواو استئنافية, شَارِبُ: الذي يمارس الشُرب, و الشُرب هو ما تناله الأرواح من المعاني و التجلّيات في الحضرات, خَمْرِيَ: مِن خامَرَ الشيءَ إذا قاربه وخالطه, والخَمْرُ ما أَسْكَرَ من عصير العنب لأَنها خامرت العقل, خَمْرِيَ: شراب الوصل, وَشَارِبُ خَمْرِيَ من يتلقي بروحه معانيه, قال تعالي: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) محمد 15 قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: شَتَّانَ بَيْنَ ضَلاَلَةٍ مِنْ شِقْوَةٍ *** وَضَلاَلِ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينْ (18 ق 7) و قيل في المعني: فِإنَّا إذَا طِبْنَا و طَابَت نُفُوسُنَا *** و خَمَرَنَا خَمْرُ الغَرَامِ تِهَتَّكْنَا يَنْتَشِي: النَّشا، مقصور: نَسِيم الرِّيح الطيبة، وقد نَشِيَ منه ريحاً طيبة نِشْوةً ونَشْوة, وانْتَشَى: سَكِرَ, من المعاني العالية
لَوْ بِقَطْرَةٍ: لَوْ: للتقليل, كما في قوله صلي الله عليه و سلم: "اتّقوا النَّارَ وَ لَو بِشِقِّ تَمرة" بِقَطْرَةٍ: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي: و لو بواسطة قَطْرَة, القَطْرَة: قَطَرَ الماءُ والدَّمْعُ وغيرهما من السَّيَّالِ, وتَقْطِيرُ الشيء: إِسالته قَطْرَةً قَطْرَةً, والقَطْرُ ما قَطَرَ من الماء وغيره، واحدته قَطْرة، وقد قيل: لو قطرةٌ مما شَربتُ تَدفَقَت *** فَوقَ الجّبالِ الشُّم ذَابَت خافِيَا وَبَاطِنُ أَمْرِي: حقيقة ذاتي, الأمر هو ما يختص بالذّات, قال رضي الله عنه: فَذَاتِيَ شَمْسٌ لَوْ تَجَلَّتْ لأَحْرَقَتْ *** وَلكِنْ بِفَضْلِ اللَّهِ أضْحَتْ مُضِيئَتِي (24 ق 1) فِي غُيُوبٍ خَفيَّةِ: غيوب الذّات, قال رضي الله عنه: سَقَيْتُ مُرِيدِي مِنْ شَرَابٍ مُعَتَّقٍ *** وَكَفِّيَ كَأْسٌ وَالْخَفَاءُ مَزِيَّتِي (8 ق 1)

المعني:
وَإِنِّي: الواو استئنافية, إنَّ للتأكيد مع يا المتكلم, إشارة لباطن الأنا, الهويّة
حَقٌّ: الحقّ ضدّ الباطل, و الحَقّ من أسمائه تعالي يتخلّق به أولياؤه, و الحَقّ القائم بالحقّ و مظهر تجلّي إسمه تعالي الحقّ, قال تعالي: (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) يونس 32 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَإِنِّي حَقٌّ شَأْنُ مُؤَيَّدٍ *** وَإِنِّي رَبُّ الْبَيْتِ وَهْيَ بِعِصْمَتِي (158 ق 1) وَالْحَقِيقَةُ: الطريقة أي: يقول رضي الله عنه: كَمْ لِي عَلَى أَهْلِ الْحَقِيقَةِ مِنْ يَدٍ *** غَرِقُوا إِلَى الأَذْقَانِ فِي آلآئِي (1 ق 6) أُودِعَتْ: أودع الشئ حفظه و صانه
غَيَابَةَ جُبٍّ يُوسُفِيٍّ: غَيابَةُ كلِّ شيءٍ: ما سَتَرَكَ منهُ, جُبٍّ: الجُبُّ البئر, يُوسُفِيٍّ: نسبة لسيدنا يوسف عليه السلام, قال تعالي: (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) يوسف 10 الجُبّ إشرة للزمان, أخفيت الطريقة في الزمان حتي يأتي وقت انتشارها علي يد سيدي فخر الدين, و سيدي إبراهيم الدسوقي لم يعط الطريقة في زمانه إلا لسيدي موسي و عدد من العلماء, و عمل ذلك لأنه لو جلس لإعطاء الطريقة لما انتشرت طرق (إخوته) من الطرق الأخرى, كما ذكر عنه رضي الله عنه, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: غَيَابَةَ جُبٍّ كَيْ تُصَانَ لِوَقْتِهَا *** وَمَا قُلْتُ أَلْقَوْهَا وَلَكِنْ وَدِيعَتى (159 ق 1) و قال رضي الله عنه: وَمَا الْجُبُّ إِلاَّ جَبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا *** وَمَا الْمَاءُ إِلاَّ مَا بِهِ الأَرْضُ مُدَّتِ (185 ق 1) و في عبارة: "يُوسُفِيٍّ" تشبيه للطريقة بسيدنا يوسف عليه السلام, لما تميزت به من الجمال, قال رضي الله عنه:- وَمَا يُوسُفِيٌ غَيْرُهَا لِجَمَالِهَا *** وَمَا هِيَ فِي التَّحْقِيقِ إِلاَّ طَرِيقَتِي (186 ق 1) بِفِطْنَةِ: الفِطنة, الذكاء, أي: كان يُدرك الحِكمة من إخفائها في الزمان, كما كان سيدنا يوسف يدرك ما وراء رميهفي غيابت الجُبّ, قال تعالي: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) يوسف 15

المعني:
وَكَانَ أَبُو الْعَيْنَيْنِ: وَكَانَ: و حصل في الزمان القديم, أَبُو الْعَيْنَيْنِ: يذكر سيدي إبراهيم الدسوقي بكنيته تعظيماً و توقيراً وَارِدَ مَائِهَا: وَارِدَ مَائِهَا: وارد الماء هو من يطلبه للسقيا, مَائِهَا: ماء الجُبّ, كناية عن باطن الزمان, وَكَانَ أَبُو الْعَيْنَيْنِ وَارِدَ مَائِهَا, من بين أخوانه الأقطاب (السَيَّارَة) , أي: القافلة السائرة, الآية: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) يوسف 19 فَأَدْلَى بِدَلْوٍ: فَأَدْلَى: الفاء سببية, أَدْلَى بِدَلْوٍ: (فَأَدْلَى دَلْوَهُ) الآية, أَدْلى دَلْوَه في البئر دَلاها فأَخرجها مَلأَى, أخرج من البئر (الزمان) سيدي فخر الدين, الطريقة
قَالَ تِلْكَ بِشَارَتِي: (قَالَ يَا بُشْرَى) الآية, أي: البشارة من البِشر الفرح و هي الخبر الذي يُفرح, بِشَارَتِي: ما بُشّرتُ به, و ذلك هو: سيدي فخر الدين, لأنه هو من سينشر طريقة سيدي أبي العينين

المعني:
وَجِيءَ بِهَا مِصْراً: وَجِيءَ بِهَا: أُتي بها مِصْراً:, مِصْراً: مصر يقصد سيدنا الحسين رضي الله عنه, كان سيدي فخر الدين من ضمن مداعباته مع الأخوان يقول للواحد: يا اللي مرحتش مصر يقصد ما دخلتش معية سيدنا الحسين – رضي الله عنه, و قال رضي الله عنه: بِمِصْرَ يُبَاعُ الْحُرُ عَبْداً لِسَيّدٍ *** لُيصْبِحَ رِقَّا فِي عِبَادٍ أَثِيَرةِ (187 ق 1) وَبِيعَتْ رَخِيصَةً: أي: أمانة الطريقة لسيدي فخر الدين, بيعت بثمن زهيد, الآية: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) يوسف 20 و كان البائع سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه و المشتري سيدنا الحسين رضي الله عنه, و لم تُبع رخيصة إلا لأن المشتري عالي القدر, عزيز مصر, و هو سيدنا الحسين رضي الله عنه, يقول المثل: (غالي و الطلب رخيص) , و معني اشتري أن الطريقة أصبحت مُضافة إلي سيدنا الحسين, أي: طريقة آل البيت, قال رضي الله عنه في (187 - 179 ق 1): بِمِصْرَ يُبَاعُ الْحُرُ عَبْداً لِسَيّدٍ *** لُيصْبِحَ رِقَّا فِي عِبَادٍ أَثِيَرةِ
فَيَا نِعْمَ مُبْتَاعٍ وَيَا نِعْمَ مُشْتَريً *** وَيَا عِزَّ مَأْثُورٍ لَدَيْهِ وَجِيَرةِ
وَذَا عَجَبٌ: ذا أي فعلهم هذا, عَجَب: مدهش و غير معتاد
أَنْ يَزْهَدُوا فِي الْبِشَارَةِ: أَنْ: مصدرية, يَزْهَدُوا: لا يطلبوا فيها عالي الثمن, فِي الْبِشَارَةِ: بشارة نشر الطريقة صاحبة الزمن, البشار هي الإخبار بما يُفرح

المعني:
وَأُكْرِمَ مَثْوَاهَا: مَثْوَاهَا منزلها أو إقامتها, وَأُكْرِمَ مَثْوَاهَا: أكُرمت منزلتها و إقامتها, عطاء سيدنا الحسين للطريقة, الضمير (ها) تعود علي البِشارة, أي: الطريقة أو سيدي فخر الدين, الآية: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) يوسف 21 يعني الكرم جاءها من صاحب الدار (سيدنا الحسين) – الإضافة الخاصة للطريقة لسيدنا الحسين – و في سيرته عندما زار سيدي فخر الدين رضي الله عنه مصر لأول مرة في حياته و هو عند سيدنا الحسين رضي الله عنه و أراد السفر لدسوق أرسل له سيدي إبراهيم رضي الله عنه بألا يحضر بل ينتظر عند سيدنا الحسين و قدم له عند سيدنا الحسين, و هذا هو الوقت الذي تمت فيه الإضافة, يقول سيدي فخر الدين و بعد أن عدتُ إلي السودان و وددت زيارة بعض أخواني من مشائخ الطرق الأخري, قالوا لي: بعد هذا نحن نجيئك و لا تجئينا لأنك أعطيت الإضافة لسيدنا الحسين
بِدَارٍ رَحِيبَةٍ: الدّار الرحيبة: الواسعة بالكرم, كرم أهل البيت
وَمَرْتَعِ خَيْرٍ: الرَّتْعُ: الأَكل والشرب رَغَداً وقوم مُرْتِعُون: راتِعُون إِذا كانوا مَخاصِيبَ، والموضع مَرْتَعٌ، وكلُّ مُخْصِب مُرْتِع وفي الحديث: إِذا مَرَرْتُم بِرياضِ الجنة فارْتَعُوا؛ أَراد بِرياض الجنة ذِكر الله، وشبَّه الخَوْضَ فيه بالرَّتْع في الخِصْب. كل مدد الطريقة و علومها من سيدنا الحسين رضي الله عنه. قال تعالي: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) يوسف 12 مرتع خيرٍ: الخير هو حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, كل عطاؤه عند سيدنا الحسين (حسين منّي و أنا من حُسين) جَدِّ أَهْلِ الْعِنَايَةِ: حضرة النبي صلي الله عليه و سلم. أهل العناية أكابر ساداتنا أهل البيت (السيدة فاطمة سيدنا الحسين سيدنا الحسين السيدة زينب ,,,, رضي الله عنهم) , الْعِنَايَةِ: الرعاية و الاهتمام, رعاية السالكين, قال رضي الله عنه: أَهْلُ الْعِنَايَةِ إِنْ تَوَلَّوْا سَيِّداً *** لَغَدَا مَتَاعاً يُشْتَرى وَيُبَاعُ (1 ق 23)

المعني:
وَلَمَّا: الواو للعطف, لَمَّا: ظرفية بمعنى (الحين) متضمنة للشرط
رَأَىهَا ذُو الْجَهَالَةِ: رَأَىهَا: أحسّها و علِمها, ذُو الْجَهَالَةِ: صَاحِبُ الْجَهَالَةِ, الجَّاهلُ, الضمير (هَا) يعود علي الطريقة, قال رضي الله عنه: وَهَمَّ أَخُو جَهْلٍ يَنَالُ مُرَادَهُ *** وَهَمَّتْ بِعَفْوٍ فَهْيَ غَيْرُ ضَعِيفَةِ (162 ق 1) و قال رضي الله عنه: تَهُبُّ عَلَى أَهْلِ الْغَرَامِ لَوَاقِحِي *** وَعَاتِيَتِي تَأْتِي عَلَى ذِي الْجَهَالِة (78 ق 1) أَيْنَعَتْ: يَنَعَ الثَّمَرُ وأَيْنَعَ: أَدْرَكَ ونَضِجَ، قال تعالي: (انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأنعام 99 أي: الطريقة, ثبتت قواعدها و بلغت أشدّها و انتشرت و ظهرت, قال تعالي: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) يوسف 22 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَمَا أَيْنَعَتْ إِلاَّ لأَنَّيَ تُرْبَةٌ *** أَنَا السَّاقِي لَهَا وَهْيَ زَهْرَتِي 189 ق 1) رَمَاهَا بِبُهْتَانٍ: رَمَاهَا: رَمي الشخص اتهمه بالباطل, بِبُهْتَانٍ: البُهتان الإفك و الزّور, إشارة إلي الفتنة, و البُهتان كان في قصة سيدنا يوسف عليه السلام حين اتهمته امرأة العزيز بالباطل, جاء في الآية: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) يوسف 25 وَإِنْكَارِ نِعْمَةِ: إنكار النّعمة جحودها و كُفرانها, و النعمة هداية الطريقة و تربيتها له, أي: تربية الشيخ له, و السبب أنّه أراد أن ينال من الطريقة ما يوافق هواه

المعني:
وَمَا عَرِفَ الإِنْكَارُ: وَمَا: الواو اسنئنافية, مَا النافية, تليها غير الاستثنائية تفيد الحصر, عَرِفَ الإِنْكَارُ فاعل, أي: المستثني الوحيد الذي يشار إليه بالإنكار, و كانّما الإنكار يُسئل: من تعرف؟ فيقول: أعرف واحداً فقط و هو (مَنْ ادَّعِي بِأَنَّ لَهَا فِي الْجَهْلِ مِثْقَالَ ذَرَّةِ) , و هذا البيت تعقيباَ علي البيت السابق: وَلَمَّا رَأَىهَا ذُو الْجَهَالَةِ أَيْنَعَتْ *** رَمَاهَا بِبُهْتَانٍ وَإِنْكَارِ نِعْمَةِ غَيْرَ مَنْ ادَّعِي: غَيْرَ: استثنائية, مَنْ: الذي, ادَّعِي: الاّدعاء هو نسبة الشئ إلي غير أصله, و القول بالزّور
بِأَنَّ: ادّعي بأنّ, أنّ للتوكيد
لَهَا: اللام للتخيص, الضمير (هَا) يعود علي الطريقة
فِي الْجَهْلِ مِثْقَالَ ذَرَّةِ: فِي الْجَهْلِ: عدم العِلم, مِثْقَالَ: وزن, ذَرَّةِ: الشئ المتناهي الصغر, قال تعالي: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة 7 - 8 و قد قيل: "إن ذرة من أعمال القلوب تعدّل مثاقيل الجبال من أعمال الأبدان", و المعني: أن نسبة الجهل للطريقة و لو بالقليل جداً يعتبر إنكار

المعني:
جِنَايَتُهَا: الجِناية الذَّنب, الضمير (هَا) يعود علي الطريقة, أي: نبها الذي بسببه يتهمهما المُنكر زوراً و يدّعي (بِأَنَّ لَهَا فِي الْجَهْلِ مِثْقَالَ ذَرَّةِ) , كما جاء في البيت السابق
تَعْظِيُم آلِ مُحَمَّدٍ: تَعْظِيُم: التعظيم هو إقرارك بعظمة و كُبر مكانة المُعظّم, آلِ مُحَمَّدٍ: ذريته صلي الله عليه و سلم بدءاً من السيدة فاطمة و أبنائها و سيدنا الإمام علي, الذين حواهم الكساء, و من تناسل منهم
وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ذُو أَحَدِيَّةِ: وَأَنَّ: أي ما أكّدته الطريقة, أي: سيدي فخر الدين, رسول الله صلي الله عليه و سلم, ذُو أَحَدِيَّةِ: أحد في مرتبته لا يشاركه فيها مخلوق, و ذلك من واقع أسبقية نوره صلي الله عليه و سلم, في حضرة غيب الأحديّة, و هي أول حضرة بعد العماء, و يشير بذلك لكتابه رضي الله عنه "تبرئة الذمة في نصح الأمّة و تذكرة أولي الألباب للسير إلي الصواب", ما اعتبره المنكرون جناية, ذنب, و أثاروا به الفتنة ضد الطريقة, و لذلك يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (196 - 197 ق 1): جَنَيْتُ بِتَعْظِيِم الْحَبِيبِ وَآلِهِ *** جَنَيْتُ ثِمَارَ الْجَنَّتَيْنِ بِجُنَّتِي
وَجَنَّ عَلَى مَنْ يُنْكُرِ الْحُبَّ جَهْلُهُ *** فَأَصْبَحَ مَقْطُوعَ الْوَتِينِ بِفِتْنَةِ

المعني:
وَهَمَّ أَخُو جَهْلٍ: الواو للعطف, هَمَّ: هَمَّ: حدّث نفسه و مال إلي, أي: حدث نفسه بأن ينال ما يهواه من الطريقة, أَخُو جَهْلٍ: أَخُو (من الأسماء الخمسة) , أَخُو جَهْلٍ: أي: هو و الجهل أخوان صنوان, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَهَمَّ أَخُو جَهْلٍ يَنَالُ مُرَادَهُ *** وَهَمَّتْ بِعَفْوٍ فَهْيَ غَيْرُ ضَعِيفَةِ (162 ق 1) وَهَمَّتْ عَفِيفَةً: وَهَمَّتْ: مالت إليه, بحسن الظنّ, عَفِيفَةً: عَفَّ فهو عَفٌّ وعَفيفٌ: كَفَّ عَمَّا لا يَحِلُّ ولا يَجْمُلُ وَيَحْفَظُهَا الْبُرْهَانُ: وَيَحْفَظُهَا: أي: يحفظ الطريقة, الْبُرْهَانُ: سيدي إبراهيم الدسوقي, للقبه ببرهان المِلّة و الدين, و في قصة سيدنا يوسف كان من أنقذه من أن تنال منه امرأة العزيز ما همّت به, ظهور سيدنا يعقوب له, فجري منها إلي أن ألفيا العزيز لدي الباب ... الخ القصة, قال تعالي: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) يوسف 24 منْ كُلِّ زَلَّةِ: كُلِّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, زَلَّةِ: المرة الواحدة من الزلل, الانزلاق, من زَلَّ السَّهْمُ عن الدِّرْع، والإِنسانُ عن الصَّخْرة يَزِلُّ ويَزَلُّ زَلاًّ: زَلِقَ, في ومنه قوله تعالي: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) البقرة 36

المعني:
وَيَشْهَدُ: شهود عيان لأن الشهادة رأي العين
رَبُّ الْبَيْتِ: سيّد الْبَيْتِ, عزيز مصر, و هو إشارة لسيدنا الإمام الحسين, قال تعالي: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) يوسف 23 يشهد حيث أمّن علي قول الصبي, و كان الصبي ابن أخت زليخة معهما في الغرفة و عمره 7 أو 8 شهور, و لما فوجئ سيدنا يوسف بالعزيز و اتهام زليخة له, قال له أيأل هذا الغلام, فنطق الغلام بالشهادة, قال العزيز: قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ و في الآيات: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) يوسف 26 - 28 سيدنا الحسين
طُهْراً وَعِفَّةً: طُهْراً: خلوّاً من الدنَس و الأباطل, وَعِفَّةً: العِفّة: الكَفُّ عما لا يَحِلّ ويَجْمُلُ. عَفَّ عن المَحارِم والأُطْماع الدَّنِية يَعِفُّ عِفَّةً وعَفّاً وعَفافاً وعَفافة، فهو عَفِيفٌ وعَفٌّ، أَي كَفَّ وتعفَّفَ واسْتَعْفَفَ وأَعفَّه اللّه, لما قال العزيز (قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) شهد له بالطُهر و العِفّة, أي: أن سيدنا الحسين رضي الله عنه يشهد بأن الطريقة لا يصلها الباطل و الدنس و لا تقرب الشهوات الدنيوية من حبّ الرئاسة و غيرها
وَنَاطِقُ مَهْدٍ: الواو للعطف, أي: الشهادة من ربّ البيت و ناطق المهد, نَاطِقُ: متكلم بالكلام, مجاب الصمت, مَهْدٍ: مَهْدُ الصبي: موضعه الذي يُهَيّأُ له ويُوَطَّأُ لينام فيه, في القصة ابن 7 أو 8 شهور, و هي إشارة لسيدي إبراهيم الدسوقي, وكرامته يوم ولادته بإثبات أول أيام شهر رمضان, و لذا يُقال: "الناطقُ في مهده, الوفيّ بعهده", يبقي شهادة براءة الطريقة جاءت من سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه و من سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, و أرضينا به
قَالَ بُرْءاً لِسَاحَتِي: قَالَ: نطق, بُرْءاً: البرءاة الخلو من الذنب و العيبِ, سَاحَتِي: ناحيتي, قَالَ بُرْءاً لِسَاحَتِي: سيدي إبراهيم نطق ببراءة الطريقة

المعني:
وَقَطَّعَ مَفْتُونُ الْجَمَالِ أَصَابِعاً: في قصة سيدنا يوسف عليه السلام, قال تعالي: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) يوسف 31 فكان تقطيع الأصابع معبّراً عن الافتتان بالجمال, مَفْتُونُ الْجَمَالِ: الْجَمَالِ: جَمَالِ الطريقة, الطريقة مظهر جمال دين النبي صلي الله عليه و سلم في هذا الزمان, مَفْتُونُ الْجَمَالِ: الذي وقع في الحسد للطريقة لما رآه من جمالها
وَيَشْهَدُ: الواو للعطف, يَشْهَدُ: من شَهِدَ له بكذا شَهادةً أَي أَدّى ما عنده من الشَّهادة، ما رأي بعينه, أقرّ و أثبت, و الفاعل هو (مفتون الجمال)
حَالَ السُّكْرِ: السُّكْرِ: خلاف الصحو
بِالْمَلَكِيَّةِ: الْمَلَكِيَّةِ: نسبةً لِمَلَك, و الْمَلَكُ جسم نوراني روحاني لطيف غاية في الجمال, يشهد بالجمال الفائق, غير المألوف, و الإشارة بسيدنا يوسف عليه السلام لما له من جمال, فتن صويحبات امرأة العزيز فشهدن بأنه مَلَكٌ كَريم, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَمَا يُوسُفِيٌ غَيْرُهَا لِجَمَالِهَا *** وَمَا هِيَ فِي التَّحْقِيقِ إِلاَّ طَرِيقَتِي (186 ق 1)

المعني:
خَزَائِنُ أَرْضِ اللَّهِ: أَرْضِ اللَّهِ عالم الملك, موطن الخِلافة, خَزَائِنُ أَرْضِ اللَّهِ: مكامن الأسرار و العلوم و الأرزاق, الآيات: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف 54, 55 قال رضي الله عنه في (5 - 6 ق 49):
فَلَيْسَ الأَرْضُ فِي يُمْنَايَ شَىْءٌ *** وَلاَ مَرْمَى يَعِزُّ مِنَ الْمَرَامِي
وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ *** فَأَرْضُ اللَّهِ خَرْدَلَةٌ أَمَامِي
مِلْكُ يَمِينِهَا: مِلْكُ أعطيت التصريف الكامل, يَمِينِهَا: الضمير راجع للطريقة, يمينها سيدي فخر الدين, يعني التمكين للطريقة, الآية: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف 56 تُقَرِّبُ مَنْ شَاءَتْ: تُقَرِّبُ مَنْ اختارت, القُرب من الشيخ, الآية: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) يوسف 50 اصطفاء سيدي فخر الدين
وَبُعْداً لِشَامِتِ: الواو للعطف, بُعْداً: أَي أَبعده الله, قال تعالي: (كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ) هود 95 لِشَامِتِ: من الشَّماتة: فَرَحُ العدوّ؛ وقيل: الفَرَحُ بِبلِيَّة العَدُوِّ, وقيل: الفَرَحُ ببليَّة تنزل بمن تعاديه، و يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَيُحْرَمُ مِنْ إِيثَارِهَا مَنْ يَشِي بِهَا *** خُرُوجاً عَلَيْهَا ذَاكَ بُعْداً الِشَامِت (164 ق 1) و يقول رضي الله عنه: وَيُحْرمُ مِنْهَا مَنْ عَلَى اللَّهِ يَفْتَرِي *** وَلَوْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ أَوْ كُلُّ شَامِتِ (173 ق 1) و يبين أن من يشمت فيه فقد شمت في رسول الله صلي الله عليه و سلم, فيقول رضي الله عنه: وَكُلُّ شُعَاعٍ مِنْ بَنِي النُّورِ وَاصِلٌ *** وَشَامِتُ جَدِّي فِي الْحَقِيقَةِ شَامِتِي (174 ق 1)

المعني:
وَتَقْبلُ: ترضي, الفاعل ضمير مستتر تقديره (هِي) , أي: مصر إشارة لسيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه
مُزْجَاةَ الْبَضَائِعِ: والزَّجاءُ: النَّفاذُ في الأَمر, والمُزْجَى: القَلِيل, وبضاعةٌ مُزْجاةٌ: قليلة, لا قيمة لها, الأرواح تطلب التزكية حتي تُباع و تُشتري, الآية: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) يوسف 88 و قد قيل: أَتَيْنَا تِجَارَ الذُّلِّ نَحْوَ عَزِيزِكُمْ *** وَأَرْوَاحُنَا المُزْجَاةُ تِلْكَ البَضَائِعُ مِنَّةً: كرماً و ليس استحقاقاً
تَكِيلُ بِإِمْدَادٍ: تَكِيلُ: تعطي القوت بمعاييره, بِإِمْدَادٍ: جمع مَدَد, و المَدَد الزيادة, زيادة العطاء من سيدنا الحسين, الآية: (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) يوسف 88 تُكَالُ بِجَفْوَةِ: تُكَالُ: تُعطي هي - من المتلقين لعطائها, في مقابل ذلك, بِجَفْوَةِ: الجفوة الابتعادُ و قطعُ الصلة, أي: أن القُرب من الشيخ هو القُرب من سيدنا الإمام الحسين و مجافاتُه مجافاتُه, و في الحديث: "من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه"

المعني:
وَتَرْفَعُ: ترفع تعلي مكانة, و الفاعل ضمير مستتر تقديره (هِي) يعود علي (مِصر) , إشارة لسيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه, الآية: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) يوسف 100 أي: أن سيدنا الحسين بعد أن أعطي التمكين لسيدي فخر الدين, يرفع مكانةً آخرين من أجله
مَنْ جَادَتْ عَلَيْهِ بَعِطْفِهَا: مَنْ: الذي, جَادَتْ عَلَيْهِ: الجُود هو العطاء مبادءة من غير سؤال, بَعِطْفِهَا: العطف الرحمة و الشفقة, مَنْ جَادَتْ عَلَيْهِ أي: من أهل الطريقة
وَيَسْجُدُ كُلٌّ: وَيَسْجُدُ: السجود هو التسليم لله, (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) , السجود القلبي, كُلٌّ: حرف لاستيعاب الأجزاء, أي: كلّ من يرفع مكانته سيدنا الإمام الحسين من صحبة سيدي فخر الدين
سَجْدَةَ الأَبَدِيَّةِ: السجود القلبي, الأَبَديّة أَي هي لآخر الدهر, آخر مواطن العبادة, و هي توحيد الذّات الصِرف, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَسَجَدْتُ لَمّا لَمْ أَجِدْ غَيْراً لَهُ *** يَا نِعْمَ وَجْهٌ بِالْمَحَاسِنِ أَسْفَرَ (13 ق 34)

المعني:
وَآيَةُ مُلْكى: الآية المعجزة التي تثبت مكانة النبي أو الولي, آية مُلْكى أي الدالة علي رئاستي: قال تعالي (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة 248 أَنَّنِي مَا خَطَبْتُهَا: أَنَّنِي: أَنَّ: للتوكيد, معها نون الوقاية, و يا المتكلم, خطاب ذاتي صرف, مَا: خَطَبْتُهَا: ما طلبتها, أي: ما طلبت الرئاسة, أي: هي التي اختارتني (اصطفاء)
وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ شَاهِدُ عُقْدَتِي: وَأَنَّ: واو العطف, أنًّ للتأكيد, رَسُولَ اللَّهِ شَاهِدُ عُقْدَتِي: من عقدت الحبل، فهو معقود، وكذلك العهد, فهي عُقْدَةُ العفد, أي: إبرامه, و هي عُقدة البيع للطريقة و سيدي فخر الدين الذي تم بين سيدي إبراهيم (البائع) و سيدنا الحسين (المشتري) , و كان الشاهد علي العقد رسول الله صلي الله عليه و سلم, قال سيدي فخر الدين مخاطباً مولانا الإمام الحسين رضي الله عنه: وَقَدِ اصْطُفِيتُ وَأَنْتَ أَنْتَ مُؤَيِّدِي *** وَلِبَاسِيَ التَّقْرِيُب وَالإِحْرَامُ (14 ق 24)

المعني:
مُرَادِيَ: أَراد الشيء: أَحبه وعُنِيَ به، والاسم الرِّيدُ, ما أطلب عِنْدَ اللَّهِ يَلْقَى إِجَابَةً: أي: يَلْقَى إِجَابَةً عِنْدَ اللَّهِ, عِنْدَ اللَّهِ: الاسم الله, رئيس الأسماء الإلهية كلها, وفي أَسماءِ اللّه المُجِيبُ، وهو الذي يُقابِلُ الدُّعاءَ والسُّؤَال بالعَطاءِ والقَبُول، سبحانه وتعالى، وهو اسم فاعل مِن أَجاب يُجِيبُ, والجَوابُ، معروفٌ: رَدِيدُ الكلام، والفِعْل: أَجابَ يُجِيبُ, قال اللّه تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة 186 لأنه رضي الله عنه يدخل تحت قوله تعالي (عِبَادِي) , و هُم المتحققون بالعبادة في درجة الإحسان, أي: العُبودة, قال رضي الله عنه: وَمِنْ عَبثٍ بَخْسُ الْحَقِيقَةِ أَهْلَهَا *** لأَنِّيَ عَبْدٌ فِي مَقَامِ الْعُبُودَةِ (72 ق 1) لأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ عِنْدِيَ سَلْوَتِي: لأَنَّ: اللام للتعليل, أنَّ: للتوكيد, مُرَادَ اللَّهِ: مقصوده تعالي, قال تعالي: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) يس 82 عِنْدِيَ: لدي, سَلْوَتِي: سلوتي من سلا السَّلوى هي ما سَلاّكَ، فأنساك الهمّ, متعتي هي مُرَادَ اللَّهِ, و تعلم منذ لك أن إرادة الله هي إرادته و إرادته هي إرادة الله

المعني:
وَأَنَّ: أَنَّ تنصب الاسم وترفع الخبر، وتفيد التوكيد, كِتَابَ إسمها منصوب
كِتَابَ اللَّهِ: القرآن الكريم
لَفْظاً: ظاهر المعني, التفسير
وَغَايَةً: الغاية أقصي الشئ, أي: حدّ المعني, و كما هو معلوم فإنّ للقرآن ظاهر و باطن و مطلع و حدّ, كما ورد في الحديث عن عبد الله ابن مسعود قال قال رسول الله: "أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع الغاية هي الحد و هي أعلي فهم في القرآن بِصَدْرِيَ مَكْنُونٌ بِصَدْرِيَ: بقلبي, مَكْنُونٌ: مخزون أو مخبأ, في الآية: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) العنكبوت 49 و في الحديث: روي عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل المعرفة بالله، فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغر" و قد قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه, في ذلك, في (16 - 20 ق 10): إِنِّي لِقُرْآنِ الِلسَانِ مُرَتّلٌ *** مُتَرَنِّماً وَمُفَصِّلاً آيَاتِهِ
وَكَذَا لِقُرْآنِ الْبَيَانِ مُبِينُهُ *** وَبِهِ أُقِيلُ الْخِلَّ مِنْ عَثَرَاتِهِ
إِنَي بِقُرْآنِ الْعُلُومِ لَعَالِمٌ *** أُنْبِيتُ عَن مَعْنَاهُ مِنْ كَلِمَاتِهِ
إِنِّي لِقُرْآنِ الْعَيَانِ مُعَايِنٌ *** فِي كُلِّ مَرْقىً أَلْتَقِي بِذَوَاتِهِ
إِنِّي لِقُرْآنِ الْمَشَاهِدِ شَاهِدٌ *** وَبِهِ رَعَيْتُ الْحَبَّ فِي إِنْبَاتِهِ
وَتِبْيَانُ سُنَّةِ: تِبْيَانُ مرفوعة بالعطف علي جملة (بصدري مكنون) الواقعة في محل رفعٍ خبر أنَّ, يعني كما أن القرآن مكنون بصدري فإن السُنَّة - سُنَّة النبي صلي الله عليه و سلم - وهي التي تبيّن القرآن مكنونة بصدري كذلك, قال تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) آل عمران 187

المعني:
وَمِنْ عَبثٍ: وَمِنْ: الواو استئنافية, مِنْ: حرف لتبيين النوع. عَبثٍ: العَبَثُ اللَّعِبُ, نوعٌ من العبث
بَخْسُ الْحَقِيقَةِ أَهْلَهَا: بَخْسُ: البَخْسُ: النَّقْصُ. بَخَسَه حَقَّه يَبْخَسُه بَخْساً إِذا نقصه, والبَخْسُ من الظلم أَنْ تَبْخَسَ أَخاك حَقَّه فتنقصه كا يَبْخَسُ الكيالُ مكياله فينقصه, و في الآية: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) الشعراء 103 الْحَقِيقَةِ: ما هو متحقق بالفعل, أَهْلَهَا: أهل البيت هم ساكنوه و المقيمون فيه, أي: المقيمون في الْحَقِيقَة, الْحَقِيقَة هي مرتبة الإحسان من الدين, أهل مرتبة الإحسان في أعلي مراتب الدين
لأَنِّيَ: اللام للتعليل, لماذا صار من عبث بخس الحقيقة أهلها, للآتي, أَنِّيَ: أَنَّ: للتأكيد, مع ياء المتكلم, إشارة لحقيقة الذّات, أي: ذات المتكلم, الشيخ رضي الله عنه
عَبْدٌ فِي مَقَامِ الْعُبُودَةِ: العبادة تُسمي عَبادة في مرتبة الإسلام, عبودية في مرتبة الإيمان, عُبُودَة في مرتبة الإحسان, فِي مَقَامِ الْعُبُودَةِ: أي: أعبد في مرتبة الإحسان

المعني:
يُشَارُ إِلَيَّ: يُشَارُ إِلَيَّ: أَشار إِليه وشَوَّر: أَومَأَ، يكون ذلك بالكفِّ والعين والحاجب, و قد قيل: نُسِرُّ الهَوَى إِلاَّ إِشارَة حاجِبٍ *** هُناك وإِلاَّ أَن تُشِير الأَصابِعُ بِالْبَنَانِ: الباء للوسيلة أو الواسطة, أي: بواسطة البنان, الْبَنَانِ: الأصبع, الإشارة بالبنان تكون لذي المكانة الرفيعة, عبارة " يُشَارُ إِلَيَّه بِالْبَنَانِ" تُقال للمشهور بين الناس أو بين القوم
مُتَوَّجاً: المُتَوَّجُ: المُسَوَّدُ، لأن التاج وهو ما يصاغ للملوك من الذهب والجوهر, أي: أعطيتُ رئاساة الزمان, قال رضي الله عنه: مَلِكٌ تُتَوّجُهُ الْعِنَايَةُ بِالْبَهَا *** وَالْكُلُّ مَأْمُورٌ وَثَمَّ مُطَاعُ (7 ق 23) وَإِنِّي: وَإِنِّي: الواو للتأكيد, إِنِّي: إِنَّ: للتأكيد مع ياء المتكلم, أي: سيدي فَخْرُ الدِّينِ, تشير إلي حقيقة ذاته
فَخْرُ الدِّينِ: الفَخْرُ: التمدُّح بالخصال والافتِخارُ وعَدُّ القديم و الجاه و المكانة, فَخْرُ الدِّينِ: أي: الذي يفخرُ بي الدِّينُ, الدِّينُ الدِّينُ و أهلهُ, و هذه الكُنية جاءت من سيدتنا السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنه, قال رضي الله عنه: فَخْراً تُنَادِينِي فَأَفْخَرُ شَاكِراً *** فِي الْحَضْرَتَيْنِ وَمَا الْفَخَارُ مَشَاعُ (17 ق 27) و قال رضي الله عنه: أَخُوضُ بِحَاراً تَحْذَرُ السُّفْنُ مَا بِهَا *** يَجِلُّ عَنِ الْحُذَّاقِ مَكْنُونُ كُنْيَتِي (83 ق 1) فِي كُلِّ حَضْرَةِ: فِي: ظرفية, كُلِّ: حرف لاستعاب الأجزاء, حَضْرَةِ: حالة الحضور لأولياء الله في موطن من مواطن التجلّيات الإلهية, أي: فخر لكل الحضرات, عبّر عنها بسَمَاوَاتِ الْغُيوُبِ في قوله رضي الله عنه: أُكَنَّى بِفَخْرِ الدِّينِ بَيْنَ أَحِبَّتِي *** وَلِي فِي سَمَاوَاتِ الْغُيوُبِ مَنَاقِبُ (1 ق 27)

المعني:
فَحْوَضِيَ مَوْرُودٌ: فَحْوَضِيَ: الفاء استئنافية, حْوَضِيَ: حاضَ الماءَ وغيرَه حَوْضاً وحَوَّضَه: حاطَه وجَمَعَه, وحُضْتُ أَحُوضُ: اتخذْتُ حَوْضاً, واسْتَحْوَض الماءُ: اجتمع, والحَوْضُ مُجْتَمَعُ الماء معروف، وحَوْضُ الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم: حَوْضُ الْكَوْثَر الذي يَسْقِي منه أُمَّته يوم القيامة, مَوْرُودٌ: الوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ, فهو مَوْرُودٌ, القصائد يتلقاها أبناء الطريقة (بأرض الله) و تتلقاها عوالم السماء, و الشراب فيها هو العلوم العالية, و البيت يستقي بنيانه و معناه من سورة الْكَوْثَرَ, و حْوَضِيَ هنا إشارة إلي قصائد شراب الوصل, قال قال رضي الله عنه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكِوْثَرْ *** فَاعْلَمْ أَنَّ الوَاحِدَ أكْبَرْ (1 ق 51) وَنَحْرِيَ فِدْيَةٌ: وَنَحْرِيَ, الآية: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) الكوثر 2 وَنَحْرِيَ: النّحر: قتل النفوس, فِدْيَةٌ: إشارة إلي الِعتق, فَداه يَفْدِيه فِداءً إِذا أَعطى فِداءه وأَنقذه والفِدْيةُ الفِداء, قال تعالي: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ... ) البقرة 196 بعد قتل النفوس العتق حيث يبيع الشيخ المريد لربنا و الوسيط حضرة النبي صلي الله عليه و سلّم (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ) التوبة 111 قال رضي الله عنه: إِذَا نَحَرُوا الأَنْعَام أَدْفَعُ بِالَّتِي *** تُرَدُّ إِلَى اللَّهِ الَّذِي فِيهِ كَانَتِ (370 ق 1) وَشَانئِيَ الْمَبْتُوُر يَوْمَ الْقِيَامَةِ: وَشَانئِيَ: الشَّناءة مثل الشَّناعةِ: البُغْضُ, من يبغضني, الآية: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) الكوثر 3 الْمَبْتُوُر: البَتْرُ: اسْتِئْصالُ الشيء قطعاً, أي: مقوع من أن ينال شربة من حوض الشفاعة الكٌبري, يَوْمَ الْقِيَامَةِ, و مناسبة هذا: ردّ علي الذين ظنوا أن القصائد توقفت

المعني:
أُعَانِقُ أَجْدَادِي: أُعَانِقُ: عانَقهُ مُعَانقةً وعِناقاً: التزمه فأدنى عُنُقَه من عُنُقِه، و المُعَانقة لصيقةٌ بالمودة, أَجْدَادِي: جمع جَدّ و يعني بكلمة جَدّ الإشارة للوراثة لأن الجّدّ يورّث, و أَجْدَادِي هنا هم الخلفاء أصحاب الرئاسات السابقة من سيدنا آدم عليه السلام و حتي زمنه رضي الله عنه و عنهم أجمعين, أُعَانِقُ: كناية عن وحدة الكون المُمد بواسطة الخلفاء, قال رضي الله عنه: فَكُلُّنَا وَاحِدٌ فِي وَاحِدِيَّتِهِ *** وَإِنَّمَا فَرَّقَ التَّوْحِيدُ رُتْبَتَنَا (49 ق 35) وَأَعْتَنِقُ الْهُدَى: الواو للعطف, أَعْتَنِقُ: الاعتناق أصله الاشتباك, الْهُدَى: جميع ما جاء به سيدنا رسول الله من الدلالة علي الله تعالي و الإرشاد إليه, وَأَعْتَنِقُ الْهُدَى: أقبل عليه بكُلّي فلا فرق بيننا و الهُدَي حضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم و أعتنق: كون حضرة الرسول صلي الله عليه و سلم أضافني إليه و صار هو باطني كما تعانق الألف اللام في الحرف (لا) فالألف لا يقوم إلا باللام معه
وَأَجْنِحَةُ الْعَنْقَاءِ: الواو للعطف, أَجْنِحَةُ: جمع جناح و لأن طائر العنقاء مفهومٌ عنه كثرة الأجنحة لم يقل جناحا بل قال أَجْنِحَة, و الأجنحة كناية عن الرحمة, الْعَنْقَاءِ: في الأصل طائر ضخم و سمِّيت عَنْقاء لأنه كان في عُنُقها بياض كالطوق، و هي تعبيرٌ عن النادر الوجود, يُكنّي بها عن الحضرة الإلهية, و في المعني أشار إليها سيدي فخر الدين رضي الله عنه بقوله: وَحِيناً أَرَى الَعْنَقاءَ بِالسَّهْمِ قَدْ رَمَتْ *** أَصَابتْ عُبَيْداً صَار نِعْمَ الَّرِمِيَّةِ (242 ق 1) تُورِفُ وَاحَتِي: تُورِفُ: ورَفَّ النباتُ يَرِفُّ رَفيفاً إذا اهتز وتَنَعَّمَ, و أَن يَتَلأْلأَ ويُشْرِقَ ماؤه, وَاحَتِي: الواحة مكان الظلّ و الفيئ و النعيم, أي: طريقتي, تُورِفُ تنتشر و تزدهر و يطيب زمانها, تُورِفُها َأَجْنِحَةُ الْعَنْقَاءِ, أي: رحمة الله, قال رضي الله عنه: طَرِيقِيَ فِي كُلِّ الطَّرَائِقِ رَحْمَة *** شَهَادَةَ حَقٍّ مِنْ عُبَيْدٍ مُشَاهِدِ (29 ق 14)

المعني:
أَرُوحُ وَأَغدُو: (الفاعل ضمير مستتر تقديره "أنَا", أَرُوحُ: من الرّواح بالعشيّ أي السير إلي حيث الكسب, و الغُدُو: السير بالنهار أي: الرجوع بالرزق, في الحديث (لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) , حال المربّي, و هو يعتني بالسالكين’ يأخذهم من أول الطريق إلي آخره, قيل: وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفُ الحَبِيرِ مَسِيرُهُ *** كَثُرَتْ عَلَيْهِ طَرَائقُ الأوْهَامِ فِي الْغُيُوبِ مُسَافِراً: الغيوب: غيب الشهادة- غيب الذّات-غيب المشيئة-غيب الإرادة, غيب الأفعال, مُسَافِراً: من السّفر (نضّر الله وجه الرّاحل المترّحل) في ترقي دائم
مَحَطُّ رِحَالِ السَّالِكيِنَ: مَحَطُّ: من الحَطُّ: الوَضْعُ، حطَّه يَحُطُّه حَطّاً فانْحَطَّ, والحَطُّ: وضْع الأَحْمالِ عن الدَّوابِّ، و مَحَطُّ: مصدر كونه حطّ الأحمال عن الدّابة, رِحَالِ: الأحمال, وفي حديث سيدنا عمر رضي الله عنه: إِذا حَطَطْتُمُ الرِّحالَ فشُدُّوا السُّروجَ أَي إِذا قضيتم الحَجَّ وحَطَطْتُم رِحالَكم عن الإِبل وهي الأَكْوارُ والمَتاع، فشُدُّوا السُّروج على الخيل للغَزْو, السَّالِكيِنَ: السائرين إلي الله
بِرَاحَتِي: الباء ظرفية أي: في رَاحَتِي, الرّاحة راحة اليد معروفة, و راحة اليد تعني العناية و الكرم و العطاء, أي: عنده رضي الله عنه محطّ الرِحال, يعتني بالسائرين, و هو أقصي مواطن السير

المعني:
وَإِنِّيَ فِي أَهْلِ الرَّقيِمِ: وَإِنِّيَ: الواو استئنافية, إنَّ: للتأكيد, مع ياء المتكلم, إشارة لحقيقة ذات المتكلم, أي: سيدي فخر الدين, فِي: حرف جر متعلق بجملة (لَمُفْتِكُمْ) , أَهْلِ الرَّقيِمِ: هم أهل الكهف, وهم فتية كانوا في الفترة بين سيدنا عيسى عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم, قال تعالي: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) الكهف 9 و الرَّقيِمِ كتاب كتب فيه اسماء أهل الكهف, رُقمت أي كتبت بارزة, قال الطبري في تفسيره: "وأما الرقيم فإن أهل التأويل اختلفوا في المعني به فقال بعضهم: هو اسم قرية أو واد، وقيل: كتاب، وقيل: لوح من حجارة كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف, وقيل غير ذلك, ثم قال: وأولى هذه الأقوال بالصواب في الرقيم أن يكون معنيا به لوح أوحجر أو شيء كتب فيه كتاب" أهـ.
لَمُفْتِكُمْ: اللام للتأكيد, مُفْتِكُمْ: من أَفْتاه في المسأَلة يُفْتِيه إِذا أَجابه، والاسم الفَتْوى, و أفتي أصدر حُكماً, و الفتوي في الدّين لا تقوم إلا علي الدّليل و الحُجّة, وفي الآية: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) الكهف 22 (قال قتادة: قال ابن عباس: أنا من القليل الذي استثنى الله - عز وجل - كانوا سبعة, وكذا روى ابن جريج، عن عطاء الخراساني عنه أنه كان يقول: أنا ممن استثنى الله، ويقول: عدتهم سبعة, و هم نائمون أقعدهم سيدنا الإمام علي كرّم الله وجهه و تحدث إليهم و سألهم عن أسمائهم, و مقامهم بالأردن, و سيدي فخر الدين رضي الله عنه كذلك, أفتي بأن عددهم سبعة, من قوله رضي الله عنه
فَثَامِنُهُمْ كَلْبٌ: فاء تفسيرية, ثَامِنُهُمْ: أي عددهم سَبْعَةٌ و ثَامِنُهُمْ كَلْبٌ: أي: كلب أهل الكهف, و اسمه قطمير, و المعروف أنّه يدخل الجنّة بسبب حبّه لهم
وَعَيْنِي حُجَّتِي: وَعَيْنِي: أي شهادة عين, رأيتُهم بعيني, ياء المتكلم, سيدي فخر الدين رضي الله عنه, حُجَّتِي: دليلي و إثباتي, و رأي العين لا تعدله حجةٌ

المعني:
تَهُبُّ: هَبَّتِ الريحُ تَهُبُّ هُبُوباً وهَبِيباً: ثارَتْ وهاجَتْ, و منها الهبّ بمعني النشاط, أي نشطت و أهاجتهم, و الهبوب دائما ما تهبّ بالخير, و في ذلك قيل: هبّت نَسَمَات *** أحيت الأرواح عَلَى أَهْلِ الْغَرَامِ: عَلَى: حرف جر, أَهْلِ: أهل البيت هم ساكنوه و المقيمون فيه, أي: من لازمهم الغرام, الْغَرَامِ: الغرام الحبّ و العشق لدرجة العذاب, قال في لسان العرب: "والغَرامُ: اللازم من العذاب والشرُّ الدائم والبَلاءُ والحُبُّ والعشق وما لا يستطاع أَن يُتَفَصَّى منه, وقال الزجاج: هو أَشدُّ العذاب في اللغة"، و قال تعالي في صفة العذاب: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا) الفرقان 65 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: تَوَاعَدَ أَرْبَابُ الْغَرَامِ عَلَى الْجَويَ *** فَمَنْ يُلْقَ فِي نَارِي فَلَيْسَ بِهَالِكِ (26 ق 10) و قال رضي الله عنه: إِنَّ الْغَرَامَ إِذَا أَلَمَّ بِعَاشِقٍ *** أَحمَى حَمِيثاً للِحَشَا يَجْتَاحُ (9 ق 25) لَوَاقِحِي: اللَّواقِحُ من الرياح: التي تَحْمِلُ النَّدَى ثم تَمُجُّه في السحاب، فإِذا اجتمع في السحاب صار مطراً, و منها اجتماعها علي النبات و إتمام إلقاحه, أي أن يصير حاملاً للجنين و الثمر, لَوَاقِحِي: الفيوضات الإلهية
وَعَاتِيَتِي: صفة للريّاح, أي: كما أن رياحي اللواقح تهبّ, فإن رياحي العاتية أي: الجبّارة فوق المعتاد من الضخامة و الأثر, قال تعالي: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) الحاقة 6 الغضب الذي يصيب بالتدمير, قال في ذلك رضي الله عنه: صَرْصَرُ التَّوحِيدِ أَرْدَتْ جَهْلَهُمْ *** فَبَدَوْا أَعْجَازَ نَخْلٍ مُنْقَعِرْ (35 ق 13) تَأْتِي عَلَى: تمرّ علي و يكون نتيجة مرورها هلاكاً, قال تعالي: (مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) الذاريات 42 ذِي الْجَهَالِة: صاحب الْجَهَالِة: و الْجَهَالِة الجهل الملازم
و من هذا البيت نستبط المقارنة التالية:
1. الرياج نوعين واحدة تحمل الخير و تلقح و تنتج الثمار و أخري و هي التي لا تحمل ذلك و تسمي الريح العقيم و لا ينتج منها إلا العذاب و منها الصرصر العاتية التي تبلغ قمة الإحراق و الخراب
2. العوالم في تلقي كلتا النوعين من الرياح كذلك نوعان: ? نوع لديه استعداد لتلقي رياح اللقاح, و منه المحب الذي فار الغرام بداخله فغدا مستعداً لتلقي الخير الذي تحمله رياح اللقاح أو الرياح اللواقح و فيما يخص المعني هنا هو أنواع التجليات و الفتح بفقه العلوم الثمينة
? نوع جاحد و منكر و غير مهيأ لتلقي الخير بل يقف في تحدٍ كما حدث لقوم عاد و قوم لوط و مثلهم من ينكر علوم أهل الله فلا تأتيه إلا رياح الخراب التي هي في الأصل أداة لإزالة الجهل و الإنكار

المعني:
وَرِيحُ رُخَائِي: وَرِيحُ رُخَائِي: الرّيح لغة: الرِّيحُ: الرِّيحُ واحدة الرِّياح، و هي نَسِيم الهواء، وكذلك نَسيم كل شيء، و ريح الرّخاء هي أحد الأرياح السبعة المكونة لجزء من عالم المُلك, موطن الخلافة, قال تعالي في قصة سيدنا سليمان عليه السلام: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ) ص 36 الرَّخاء: سَعَة العَيْشِ، الرّيح تكون رخاء بما تقل من السحاب المطير و ما تحمل من حبوب اللّقاح فتنبت الأرض حيث أصابت و يزدهي العيش. رِيحُ رُخَائِي: إمداده رضي الله عنه للكون, قال رضي الله عنه في (4 - 5 ق 87): يَشْتَهِيهَا كُلُّ عَبْدٍ مَالِكٍ *** قَائِمٍ بِالْحَقِّ دَوْماً لاَ يَهِي
قَائِمٍ بِالأَمْرِ قَوَّامٍ بِهَا *** مُلْكُ رَبِّ النَاسِ مَمْدودٌ بِهِ
تَحْمِلُ الْخَيْرَ لِلْدُّنَا: تَحْمِلُ: الرّيح تحمل السحّاب و هو الخير, الْخَيْرَ: ما فيه النفع للناس, لِلْدُّنَا: اللام حرف لانتهاء غاية مكانية, الدُّنا: هي الدُّنيا باعتبار الحياة الجارية, أي: القريبة, الآية: (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ) النحل 30 أُصِيبُ بِهَا مَنْ تَرْتَضِيِه إِصَابَتِي: أُصِيبُ بِهَا: أُبلغها, مَنْ تَرْتَضِيِه: من تقبله, إِصَابَتِي: صابَ الغيثُ بمكان كذا وكذا، وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ: جادَتْها, وكُلُّ نازِلٍ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، فقد صابَ يَصُوبُ, (تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ) الآية,
أي: أختار أين تنزل

المعني:
وَإِنَّ صَبَا نَجْدٍ: الواو استئنافية, إِنَّ: للتأكيد, صَبَا: الصَّبا ريحٌ ومَهَبُّها المُسْتَوِي أَن تَهُبَّ من موضع مطلع الشمس إِذا اسْتَوى الليلُ والنهارُ و هي تَسْتَقبلُ البيتَ (الكعبة)، و هي أحد الأرياح السبعة في عالم المُلك, موطن الخلافة, قيل: لأَنَّها تحِنُّ إِلى البيت, صَبَا نَجْدٍ: أي: أنّها تهبّ إليه من ناحية نجد, و هي ريح طيبة يشجي نسيمها العاشقين. قال سيدي النابلسي: يا صبا نجدٍ ** زدت في وجدي ** ليت لو تجدي ** عن شذا الأحباب و من شعر العاشقين: ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد *** لقد زادني مَسراكِ وجدا على وجد و صبا نجدٍ هنا هي الريح الباعثة علي إمداد المحبّة، قال رضي الله عنه:- رِيحُ الصَّبَا نَفَثَتْ بِرُوْعِ مُتَيَّمٍ *** عَجَباً لِرَاحٍ رِيحُهَا لَفَّاحُ (25 ق 25) تَفُوحُ بِعِطْرِهَا: تَفُوحُ: تقول فاحَ المِسْكُ فَوْحاً وفُؤوحاً وفَوَحاناً وفَيْحاً وفَيَحاناً: انْتَشَرَتْ رائِحَتُه، ولا يقالُ إلا في الريح الطيّبة, بِعِطْرِهَا: العِطْرُ: اسم جامع للطِّيب، تنتشر لتبعث الحُبّ في قلوب المحبّين, بإمدادي يَشُمُّ شَذَاهَا: يَشُمُّ: يأخذ من مددها, شَذَاهَا: الشذي قوة الرائحة, قوة أثرها في المدد بالمحبة, قال سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه: لقد نظرت قوم بطرف لهم قذى *** فلم يشهدوا الأحجاب جمال ذي
وقوم لقد شموا شذا روضها الشذى *** يقولون لي ما العلم ما السرّ ما الذي
هو الجوهر الغالي عن البحر خبرنا
مَنْ يَذُوقُ صَبَابَتِي: مَنْ: الذي, يَذُوقُ: الذوق هو أول استطعام الشراب, أول الشرب, و في صيغة المضارع للاستمرارية, صَبَابَتِي: الصَّبابة الشَّوْقُ؛ وقيل: رقته وحرارته, من شرب من المحبّة فذاق بقلبه, صَبَابَتِي كناية عن المحبّة الناتجة عن حسن العقيدة, و الصبابة هي ما سبق العبادات من المحبّة, قال رضي الله عنه: دِينُ الصَّبَابَةِ لِلأَحِبَّةِ عُرْوَةٌ *** لَوْلاَ الشَّهَادَةُ ما اسْتَقَامَ الدّينُ (1 ق 67) و قيل: روح المحب على الأحكام صابرة *** لعلّ مسقمها يوما يداويها
لا يعرف الشوق إلا من يكابده *** ولا الصّبابة إلا من يعانيها

المعني:
وَإِنِّيَ: الواو للعطف, إنّ للتأكيد, مع يا المتكلم, إشارة لحقيقة ذات المتكلم غَوَّاصُ الْبِحَارِ: الغَوْصُ النُّزولُ تحتَ الماءِ. الغَوّاصُ الذي يَغُوصُ في البحر على اللؤلؤ، الْبِحَارِ: البحر يُسمي به كلما و كلّ من يحتوي محتوي بالع الأهمية, غَوَّاصُ: الماهر بالغَوْص, الْبِحَارِ: بحار العلوم مع كثرتها, قال رضي الله عنه: بحر علمي من يرده ** لاي جد فيه طريّا (30 ق 27) وَأَنْتَقِي: النقاوة الصفوة و أجود ااشئ, أختار من العلوم أعلاها و أجودُها
جَوَاهِرَ مَكْنُونِ الْعُلُوِم: جَوَاهِرَ: الحُلي النفيسة الغالية, مَكْنُونِ: مخبأ, الْعُلُوِم: علوم الحقائق الإلهية, جاء في الحديث: (إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ كَهَيْئَةِ الْمَكْنُونِ) علوم الحقائق
بِهِمَّتِي: الهمة هي العزم الباعث علي الفعل, و لك بهمة سيدي فخر الدين رضي الله عنه, قال رضي الله عنه: فَارْكَبْ مَعِي إِنَّ الْعَزِيمَةَ مَرْكِبِي *** تَسْتَوقِفُ الْغُرَّ الْكِرَامَ الْكَاتِبِين (2 ق 7) و قال رضي الله عنه: لّمّا استَبَقنا و المَطَايا جُهِّزَت *** مَا غَيرَ مَحبُوبي أرَاهُ أمَامِي (55 ق 15)

المعني:
وَإِنِّيَ: الواو للعطف, إنّ للتأكيد, مع يا المتكلم, إشارة لحقيقة ذات المتكلم
فِي أُمِّ الْكِتَابِ: الكتاب: القرآن الكريم, أم الكتاب: سورة الفاتحة, و قد بين مولانا معانيها و اقسامها في كلامه عن السبع المثاني, و في عالم المعاني, ما قبل عالم الأرواح هي (الحقيقة المحمدية) , الآية: (ألم. ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ) البقرة 1 - 2 بيَّن رضي الله عنه أن (ذلك) تفيد الإشارة للأبعد و بذلك تكون راجعة للألف الذي هو الأبعد, و بذا يكون ذلك الكتاب هو كتاب الألف, بداية رتق المرتقات و فتقها, صلي الله عليه و سلم
مُهَذِّبٌ: التهذيب في أصناف العلم: هو تقريب معاني و إزالة غوامضه حتي يبين معناه, و أصل الكلمة إزالة ما يعلق من الحنظل من حبوب و غشاء مُرّ حتي يسهل اكله
وَإِنِّيَ فَرْعٌ فِي أَصِيلِ الْمَنَابِتِ: وَإِنِّي: الواو للعطف, إنّ: للتأكيد, مع يا المتكلم, إشارة لحقيقة ذات المتكلم, رضي الله عنه, فَرْعٌ: فَرْعُ كلّ شيء: أَعْلاه، أي: ما قام علي الأصل, فِي أَصِيل: الأَصْلُ: أَسفل كل شيء, أي: ما يقوم عليه غيره, أَصِيل: ثابت, الْمَنَابِتِ: جمع مَنبَت, والمَنْبِتُ موضعُ النبات، والمَنْبِتُ الأَصْلُ, الآية: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) إبراهيم 24 و (إنّي) هنا يفهم منها حقيقة احتوائه للهويّة النبوية, و أصيل المنابت و هو حضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (30 - 31 ق 41): فَإِنَّ الأَصْلَ مَا أَدْلَى بِدَلْوٍ *** لأَنَّ الْقَوْلَ قَيْدٌ قَدْ أَشَرْتُ
وَإِنِّي ظِلُّ نُورٍ مِنْ عَلِيٍّ *** وَعَنْ قَوْلٍ سَدِيدٍ مَا انْحَسَرْتُ

المعني:
أَخُوضُ: أَصْل الخَوْض المشيُ في الماء بِحَاراً: جمع بَحر, و البَحْرُ: لُغةً: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كان أَو عَذْباً، وهو خلاف البئَرِّ، سمي بذلك لعُمقِهِ واتساعه، وجمعه أَبْحُرٌ وبُحُورٌ وبِحارٌ, و البحار هي بحار الحقائق الإلهية و هي كثيرة العدد, كُلّ يردها بحسب مقامه, و في مقالة سيدي أبي يزيد البسطامي: "خُضتُ بحراً وقفَ الأنبياءُ بساحلِه", قال ذلك لكونه وارثٌ محمديّ تَحْذَرُ السُّفْنُ مَا بِهَا: تَحْذَرُ: تخاف, السُّفْن: جمع السَّفِينة: الفُلْك لأَنها تَسْفِن وجه الماء أَي تقشره، إشارة إلي الأكابر من الأولياء, مَا بِهَا: الباء ظرفية بمعني في, أي ما فيها, قال رضي الله عنه: هَذَا كَلاَمِي قَدِيٌم يَسْبِقُ الزَّمَنَ *** فَلاَ تَخُوضُوا بِحَاراً أَهْلَكَتْ سُفُنَا (1 ق 35) يَجِلُّ عَنِ الْحُذَّاقِ: يَجِلُّ عَنِ: جَلَّ: عَظُمَ, و جَلَّ عنه: تَنَزَّهَ, أي: يبعُد عن, الْحُذَّاقِ: أصلها الحِذْقُ والحَذاقةُ: المَهارة في كل عمل، حذَق الشيءَ يَحْذِقُه حَذْقاً وحِذْقاً وحَذاقة وحِذاقة، فهو حاذق من قوم حُذَّاق, أي: المهرة في علوم الحقائق
مَكْنُونُ كُنْيَتِي: مَكْنُونُ: المكنون هو المُخبأ, السّر, كُنْيَتِي: أصلها إخفاء ما تريد قوله بعبارة تشير إليه, و منه الكُنية, يُكْنى الرجل باسم توقيراً وتعظيماً, و المُراد كنيته رضي الله عنه بفخرِ الدّين, و الفخر في اللغة: عدّ القديم و الامتداح بالعظمة و الجاه, قال رضي الله عنه: أُكَنَّى بِفَخْرِ الدِّينِ بَيْنَ أَحِبَّتِي *** وَلِي فِي سَمَاوَاتِ الْغُيوُبِ مَنَاقِبُ (1 ق 27) و قال رضي الله عنه: يُشَارُ إِلَيَّ بِالْبَنَانِ مُتَوَّجاً *** وَإِنِّي فَخْرُ الدِّينِ فِي كُلِّ حَضْرَةِ (73 ق 1) و قال رضي الله عنه: وَأَعْتَصِرُ الْقُرْآنَ حَدّاً وَمَطْلَعاً *** وَكُنْيَةُ فَخْرٍ مَا لَهَا مِنْ سَمِيَّةِ (299 ق 1)

المعني:
سَرَيْتُ كَإِسْرَاءِ الْمُقَدَّمِ: سَرَيْتُ: لغةً: بمعني سِرْت ليلاً، و يعني في الحقائق, السير إلي موطن شهود الذّات, (الفاعل ضمير مستتر تقديره "أنا") أي: بذاتي, كَإِسْرَاءِ: الكاف للتشبيه, أي: صورة من الأصل, إِسْرَاءِ: الاسم من الفعل سري, الْمُقَدَّمِ: حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, و التقديم له في كل شئ و ورد في حالة الإسراء في صلاته بالأنبياء ببيت المقدس و عندما تقدم جبريل عند سدرة المنتهي, حيث قال له: إذا أنت تقدّمت اخترقت وإذا أنا تقدّمت احترقت, كَإِسْرَاءِ: يعني أنني سريت كإسراء حضرته صلي الله عليه و سلم و لم يقل "إسراء" بل قال "كإسراء "و ذلك يعني قلدته, و هذا شأن اقتداء العارفين به في كل العبادات تبعاً لقوله صلي الله عليه و سلم "صلّوا كما رأيتموني أصلّي" أي قلدوا صلاتي
جلوة: ظاهراً عياناً, في حال الصحو و ليس رؤي منام
رَأَيْتُ: راي العين, شهادة
بمعراجي: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة معراجي: و معراجي: من عَرَجَ في الدَّرَجَة والسُّلَّم يعرُج عُرُوجاً أَي ارتقى, معراج: سلّم أو دَرَج الارتقاء لموطن التجلّي الإلهي الذّاتي, مع يا المتكلم (سيدي فخر الدين) , و كل ولي من الأكابر يخصص له معراج للعروج فالعروج مستمر, و المِعراج وسيلة العروج أي الصعود إلي السماء, قال تعالي: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) سبأ 2 عَجَائِبَ صنعة: عَجَائِبَ: جمع عجيب أو عجيبة و هو الأمر غير المُعتاد, صنعة: الصنعة من صنع الشئ إذا عمله, قال تعالي: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) النمل 88 يعني رأيت و شاهدت عياناً سر عجائب) صنع الله في أكوانه) التي مررت به حال صعودي إلي الله, من القصيد الذي ينشده رضي الله عنه و هو ما يمثّل حاله, رضي الله عنه: سريت ولا رد هناك ولا منع *** إلى أن تساوى عندي الأصل والفرع
وإني لحيران وفرقي هو الجمع *** إذا قلت يا الله قال لمن تدعو
وإن أنا لا أدعو يقول ألا تدعو

المعني:
وَإِنِّيَ: الواو للعطف, إنّ للتأكيد, مع يا المتكلم, إشارة لحقيقة ذات المتكلم
في الإسراء: الإسراء السير إلي موطن التجلّي الذّاتي الإلهي, إلحاقاً للبيت السابق: سَرَيْتُ كَإِسْرَاءِ الْمُقَدَّمِ جَلْوَةً *** رَأَيْتُ بِمِعْرَاجِي عَجَائِبَ صَنْعَةِ كُنْتُ إِمَامَهُمْ: كُنْتُ: تعرّف ما حصل في الزمان الماضي, إِمَامَهُمْ: الإمام هو من يؤتم به و يُقتدي و يُتّبع, ضمير الجمع الغائب (هُم) إشارة للأولياء, أي: إمام الأولياء, أهل الحضرتين, و من كلام سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه: أَنَا لِلأولِياءِ إِمَامٌ لَأنَّي *** قَبلَ دَاوُودَ حُزْتُ عِلْمَ الزَّبُورِ
وَ شَرَحْتُ القُرْآنَ فِي الغَيْبِ حَتَى *** سَائرِ الكُتُبِ طَاعةً لِلغَفُورِ
لأَنِّيَ نَجْمٌ: لأَنِّيَ: اللام للتعليل, أنًّ: للتأكيد مع يا المتكلم, إشارة لحقيقة ذات المتكلم, نَجْمٌ: النّجم علامة الهداية, أي: هداية السالكين, قال تعالي: (وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) النحل 16 يُقتفي بالثرية: يُقتفي: يُتَّبع, بالثرية: في اللغة: الثُرَيّا (في الفَلك): مجموعة من النجوم في صورة الثور, و عند السادة الصوفية: هي سبعة أنجم تشير إلي مسبعات عالم المُلك: الأرضين السبع – السموات السبع – البحار السبع – الأرياح السبع, و المحموع كلّه في يدّ الخليفة القطب الغوث, و منه فالثرية تشير إلي الخليفة, أي: أن الخليفة في كلّ زمانٍ تابعٌ له رضي الله عنه

المعني:
سَمِعْتُ نِدَاءَ الْحَقِّ: سَمِعْتُ: في الزمان الماضي, نِدَاءَ: النَّداءُ والنُّداء: الصوت و ناداه ونادى به وناداه مُناداة ونِداء أَي صاح به, الْحَقِّ: اسم الله تعالي المتجلي بالحقيقة و النافي لكل باطل, و النداء كان لأخذ ميثاق العباد في عالم الذرّ بالربوبية لله تعالي, قال تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) الأعراف 172 كُنْتُ مُجِيبَهُ: كُنْتُ: حصول فعل في الزمن الماضي, فاعله ضمير المتكلم المستتر تقديره "أنا", مُجِيبَهُ: من الإجابة التَّلْبِيةُ، و الحضور و الطاعة و الإذعان, أجبت النداء للميثاق بالربوبية في الأزل
فَأَلْقَمَنِي الْمِيثَاقَ بِالتَّبَعِيَّةِ: فَأَلْقَمَنِي: الفاء سببياة, أَلْقَمَنِي: أَلْقَمَ, مع نون الوقاية و ياء المتكلم, أَلْقَمَ من قولك لَقِمَه لَقْماً والْتَقَمه وأَلْقَمه إِياه، ولَقِمْت اللُّقْمةَ أَلْقَمُها لَقْماً إِذا أَخَذْتَها بِفِيك، وأَلْقَمْتُ غيري لُقْمةً فلَقِمَها, و اللّقمُ عموماً يفيد الاحتواء و الالتزام, الْمِيثَاقَ: العهد, بالإذعان له تعالي بالربوبية, و تفصيلاً: فقد ألقم سبحانه و تعالي هذا الميثاق للحجر الأسود - من حجارة الجنة - يستلمه زائرو البيت الحرام فيكون تجديداً لذلك العهد, وقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال: "إن اللَّه تبارك وتعالى لما أخذ مواثيق العباد أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال: أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة" يقول سيدي فخر الدين: أنه بعد إجابته لنداء الحق في عالم الذرّ أعطي كرامة أن ألقم الميثاق ليكون تجديد العهد معه هو تجديد العهد مع الله, فكل من تبعه فقد جدد العهد السابق من ألستُ بربكم, قال رضي الله عنه: وَيَسْلَمُ يَوْمَ الْحَشْرِ قَوْمٌ بَايَعوُا *** يُجَدَّدُ مِيثَاقُ الْعِبَادِ بِبَيْعَتِي (87 ق 1) بِالتَّبَعِيَّةِ: الباء للوسيلة أو الواسطة, التَّبَعِيَّةِ: تَبِعَ الشيءَ تَبَعاً وتَباعاً وتَبِعْتُ الشيءَتُبوعاً: سِرْت في إِثْرِه, واتَّبَعَه وأَتْبَعَه وتتَبَّعه قَفاه وتَطلَّبه مُتَّبعاً له وكذلك تتَبَّعه وتتَبَّعْته تتَبُّعاً, و منها التَّبَعِيَّةِ أي: كونه مقفي أو متبّع لقبلٍ, أي: بالإضافة لحضرة النبيّ صلّي الله عليه و سلّم, القائم علي الميثاق بالأصل, قال تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران 81

المعني:
وَيَسْلَمُ يَوْمَ الْحَشْرِ: الواو للاستئناف, يَسْلَمُ: من سَلِمَ يَسلَمُ سَلامَاً و سلامةً و السّلامة: أن يسلم الإنسان من العاهة والأذَى, يَوْمَ الْحَشْرِ: الحَشْرُ الجمع, الآية: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) النمل 17 و يَوْمَ الْحَشْرِ: جمع الناس يوم القيامة قَوْمٌ بَايَعوُا: قَوْمٌ: القوم من حمعهم شأن واحد قلّوا أو كثروا, بَايَعوُا: بيايع مبايعةً عاهد و البيعة العهد و الميثاق و هو ما تقوم عليه الطريقة, عهدٌ بين الشيخ و المريد و بيعة من الشيخ للمريد, علي السمع و الطاعة للشيخ, و المناسبة هي مبايعة حليفة سيدي فخر الدين سيدي الشيخ إبراهيم عند انتقال سيدي فخر الدين, قال رضي الله عنه عن الشيخ إبراهيم رضي الله عنه: فَاسْأَلُوهُ النَّجَاةَ مِنْ يَوْمِ حَشْرٍ *** يَوْمَ لا يَسْأَلُ الْحَمِيمَ حَمِيمُ (2 ق 12) و البيعة تكون للإمام, قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: "من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية" و لذا تكون البيعة للخليفة القائم بالأمر, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَكُلُّ شَيْخٍ عَلاَ لاَبُدَّ مُتَّبِعٌ *** وَمَنْ تَوَلَّى فَلاَ يُعْطَى أَمَانَتَنَا (19 ق 35) يُجَدَّدُ مِيثَاقُ الْعِبَادِ: يُجَدَّدُ: تجديد العهد و تجديد افيمان حتي لا يصيبه الفتور و التآكل, مِيثَاقُ الْعِبَادِ: عهدهم مع الله, الوارد في قوله تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا) الأعراف 172 بِبَيْعَتِي: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة بَيْعَتِي, كلّ بيعة لخليفة هي تجديد للبيعة مع سيدي فخر الدين رضي الله عنه, قال رضي الله عنه: يُبَايِعُ إِبْرَاهِيمَ مَنْ كَانَ وَاثِقاً *** بِأَنَّ أَبَا الْعَيْنَيْنِ يَجْلُو بِخَلْوَتِي (41 ق 1)

المعني:
أَجَبْت: لبيتُ النداء, دعاني فأجبتُ أي: لبيتُ نداءه
كَرِيما: صيغة النكرة (بدون تعريف بالألف و اللام) تعني اطلاق الوصف, و يعني الله سبحانه و تعالي, له الكرم المطلق, واسمه الكريم, و الكريم: هو الذي يبتدئ بالنعمة من غيرنظرٍ استحقاق
فِي نَظِيفِ جَمَالِه: فِي: أي: و هو في, وصف لحال من أجاب, نَظِيفِ: نَظِيف: حَسُن وبَهُوَ, جميل, نَظِيفِ جَمَالِه: كناية عن جمال الجمال
لأَعْصِرَ: اللام تُسمي لام الصيرورة، وتسمى لام العاقبة أو لام المآل, أَعْصِرَ: من وعَصَرَ العِنَبَ ونحوَه مما له دُهْن أَو شراب أَو عسل يَعْصِرُه عَصْراً، استخلص الشراب منه, و يعني استقاء القصائد من القرآن الكريم, قال رضي الله عنه: وَأَعْتَصِرُ الْقُرْآنَ حَدّاً وَمَطْلَعاً *** وَكُنْيَةُ فَخْرٍ مَا لَهَا مِنْ سَمِيَّةِ (299 ق 1) مِنْ كَرْمِ الكَرِيمِ: الكرم بسكون الراء: العنب, إشارة لآيات القرآن, المنزل للقرآن و لذلك سمي القرآن الكَرِيمِ, قال رضي الله عنه:
وَإِنّيَ مَنْ آِي الْقُرَانِ لَمُسْتَقيٍ *** وَإِنَّ صُوَاعَ الْمُصْطَفَى لَسِقَايَتِي (276 ق 1) و القصائد من موطن الكرم كذلك من حيث تنزل القرآن الكريم, و في ذلك قال رضي الله عنه: كِتَابٌ كَرِيمٌ جَدُّهَا مِنْ أَبٍ لَهَا *** وَمَوْئِلُهُا مِنْ بَطْنِهِ تَشْرَحُونَهَا (9 ق 32) مُدَامَتِي: المُدامة الخمر, ما يسكر, إشارة إلي شراب الوصل, من الشراب بالأرواح و هو تلقي العلوم و التجلّيات, قال رضي الله عنه: وَشَارِبُ خَمْرِيَ يَنْتَشِي لَوْ بِقَطْرَةٍ *** وَبَاطِنُ أَمْرِي فِي غُيُوبٍ خَفيَّةِ (55 ق 1) و جاء وصف شراب القوم بالمُدام كثيراً, منه: مِلْتُ سُكْرَاً نَحْوَ سَاقِي المُدَام ** حِينَ قَام ** عَاقِدُ البَنْدِ و منه: قِفْ جَانِب الدَّيْرِ سَلْ عَنْهَا القَسَاقِيسَا *** مُدَامَةً قَدَّسَتْهَا القَوْمُ تَقْدِيسَا و منه: اسْقِني مِنْ مُدَامَةِ القُدُّوسِ *** فَهْيَ مِلءُ الدَّنَانِ مِلءُ الكُؤوسِ
وأدِرْهَا عَلَيَّ بَيْنَ النَّدَامَى *** مِنْ قِيَامٍ بِسُكْرِهَا وَجُلُوسِ
صِرْفْ رِاحٍ بِشُرْبِهَا كَمْ أُمِيتَتْ *** مِنْ نُفُوسٍ وأحَيَيَتْ مِنْ نُفُوسِ

المعني:
وَقَفْتُ كَشُمٍّ: وَقَفْتُ: الوُقوف خلاف الجُلوس، و الوقوف دليل العزّ و الشموخ, كَشُمٍّ: الكاف للتشبيه, شُمٍّ: جمع أَشَمُّ, و الأَشَمُّ: من الجٍبال أي طويل الرأْس
شَامَخِاتٍ: جبال عالية جداً, كناية عن السادة الأقطاب, قال رضي الله عنه: شَامِخَاتُ الْجِبَالِ مَا أنْ تَجَلَّى *** صِرْنَ دَكَّ الْحَشَا كَثِيباً مَهِيلاَ (6 ق 20) بِرُوجُهَا: البُرج الحِصن, حصونها
بِهَا سَكَنَ التَّحْرِيكُ: بِهَا: أي: بالبروج الأقطاب حصون, سَكَنَ: السُّكُونُ: ضدّ الحركة, سَكَنَ الشيءُ يَسْكُنُ سُكوناً إذا ذهبت حركته، التَّحْرِيكُ: إحداث الحركة, لا شئ يحدث فيها حركة من السكون
كَرّاً وَفَرَّةِ: كَرّاً: الكَرُّ: الرجوع, الواو للعطف, فَرَّةِ: الفرّ الهُروب, الفَرَّةِ واحدة مرات الفرّ, الكرّ, الرجوع يتكرر و مع كلّ كرّة فرّة, و الفرّ من الفرار إلي الله أي: إلي حضرة الشهود, قال تعالي: (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) الدخان 18 و الكرّ الرد عن الشهود, ثم العودة إليه, إشارة إلي ثبات الأكابر في حالة التجلّي الذّاتي

المعني:
مَشَيْت: المشي معروف, و فيه التؤدة و التّأني, و المشي يمشيه عامة الناس, إشارة لكون المتكلم - صاحب الديوان رضي الله عنه – مشي بين الناس في خفاء
كَمَا يَسْرِي: كَمَا: الكاف للتشبيه و ما مصدرية, يَسْرِي: من السّري سَيرُ الليلِ عامَّتهِ, و سُري النسيم في أثناء الليل أي في هدأته
النَّسِيُم عَلَى الرُّبَا: النَّسيمُ ابتداءُ كلِّ ريحٍ قبل أَن تَقْوى, عَلَى: يعلوها, فوقها, الرُّبَا: جمع ربوة و رابية ما ارتفع من الأرض, و وجه الشبه أنّه حينما يَسْرِي النَّسِيُم عَلَى الرُّبَا يخلّف أثراً ناعماً, و يكني به الشيخ هنا للخفاء الذي اتّصف به و كناية عن تجلّي الجمال, و في وصف ذلك قال أحد الشعراء: وفاتنةٍ ... رمتني ... من رباها *** بسهمٍ صائب سلمت يداها
تميسُ ... تَغَنُجاً تختالُ تيهاً *** تَجُرُ مفاخرَ ... الدُّنيا ... وراها
يُرى مشي النسيمِ بوجنتيها *** ويَندى حُمْرةً إن مسَ فاها
وَأَصْمِتُ صَمْتَ الزَّمْهَرِيرِ بِقَفْرَةِ: الواو للعطف, أَصْمِتُ: الصمت السكوت الطويل, صَمْتَ: تُعرب حال لأنها تنعت الفعل "أَصْمِتُ", الزَّمْهَرِيرِ: الزَّمْهَرِيرُ: شدة البرد, قال تعالي: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا) الانسان 13 بِقَفْرَةِ: القَفْرة: الخلاءُ من الأَرض، صمت الزمهرير في الصحراء أو الأرض الخلاء ينّم بداخله عن أزيز قوي الأثر, أي: أن صمته ينطوي علي الحديث العميق العظيم الشأن, و هو كناية عن تجلّي الجلال, و هنا يلاحظ المفارقة
التي هي أشبه بمعجزة حضرة النبي صلي الله عليه و سلم: بان أثره الشريف علي الصخر و لم يبن علي الرمل, كما ورد في السيرة

المعني:
حَنَوْتُ: حَنَوْت عليه أَي عطفت عليه و فلان أَحْنَى الناس ضُلوعاً عليك أَي أَشْفَقُهم عليك كَمَا يَحْنُو: كَمَا: الكاف كاف التشبيه, ما مصدرية, يَحْنُو: يشفق الرَّحِيمُ: من الرحمة الرحيمية الامتنانية الصِرفة, أي: المشتقة من اسمه تعالي الرّحيم, و في تلك الرّحمة جاء الحديث عن سيدنا جُنْدُبٌ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ عَقَلَهَا، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى رَاحِلَتَهُ، فَأَطْلَقَ عِقَالَهَا، ثُمَّ رَكِبَهَا، ثُمَّ نَادَى: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تُشْرِكْ في رَحْمَتِنَا أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتَقُولُونَ هَو أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: لَقَدْ حَظَرْتَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ رَحْمَةً وَاحِدَةً يَتَعَاطَفُ بِهَا الْخَلاَئِقُ جِنُّهَا وَإِنْسُهَا وَبَهَائِمُهَا، وَعِنْدَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ، أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ" و من الرحمة الرحيمية الامتنانية الصِرفة خصّ سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم, فقال تعالي: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) التوبة 128 بِقَوْمِهِ: الباء للإلصاق, قَوْمِهِ: القَوم هم من يجمعهم شأن واحد, و منه تقول: قَوْمُ نوح أو قَوْمُ موسي ... الخ أي: من هم علي دينه, و قَوْمُ الشيخ من هم علي طريقته و هكذا ... , أي: أن زعيم القوم و سيدهم الرَّحِيمُ يشفق عليهم, و ذا إشارة لرحمته بأبنائه في الطريقة, رضي الله عنهم, حتي أنّه قال, تأسيا بحضرته صلي الله عليه و سلم: "إنّي لأتألمُ لأحَدِكمُ الشّوكةَ يُشاكُهَا" و قال رضي الله عنه: أَجُودُ عَلَى أُمٍّ لِتَرْحَمَ طِفْلَهَا *** فَرَحْمَةُ مَنْ فِي الْكَوْنِ مِنْ بَعْضِ رَحْمَتِي (27 ق 1) و قال رضي الله عنه: نَطُوفُ بِالرَّحْمَةِ الأَكْوَانَ أَجْمَعَهَا *** نُلَقّنُ الْوَالِدَاتِ بَعْضَ رَحْمَتِنَا (41 ق 35) و من ذلك طلبه تلك الرّحمة من حضرة النبي صلي الله عليه و سلم لقومه, أبناء طريقته في قوله رضي الله عنه: تَعَطَّفْ يَا رَحِيمً وَقَوْمِي *** بِأَمِّ السَّيّدَاتِ الطَّاهِرَاتِ (67 ق 39) قَسَوْتُ: القَسْوَةُ الصَّلابةُ في كل شيء, مواجهة الأمر بصلابة
لِمَا تَدْعُو إِلَيْه ضَرُورَتِي: لِمَا: اللام لام التعليل, ما اسم موصول, أي: للذي, تَدْعُو إِلَيْه: بمعني تنادي أو تدفع إليه, و منه قولك: دعاني إلى الإحسان إليك إحسانُك إليّ, أي: دفعني, ضَرُورَتِي: الضّرورة من الاضطِرَارُ: و هو الاحتياج إِلى الشيء، الآية: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ) النمل 62 الضرورة مما تقتقضيه الغيرة علي الدين أو نصرة الضعفاء, و له رضي الله عنه في ذلك مواقف كثيرة

المعني:
سَقَيْتُ: فعل ماضي مع تاء المتكلّم الفرد, سقي يسقي الماء و الشراب المعبر لديهم بالخمر و السِّقاية من فيوضات العلم و تجلياته علي الأرواح, يقول رضي الله عنه: سَقَيْتُ مُرِيدِي مِنْ شَرَابٍ مُعَتَّقٍ *** وَكَفِّيَ كَأْسٌ وَالْخَفَاءُ مَزِيَّتِي (8 ق 1) كَمَا يَسْقِي الْغَمَامُ: كَمَا: الكاف للتشبيه مع ما المصدرية, يَسْقِي: يصبّ الماء علي الأرض فيسقي النبات, الْغَمَامُ: السّحاب, يحملُ الماء, كناية عن موارد علوم الحقائق, يقول رضي الله عنه: فَالسَّمَاءُ عِنْدَنَا أَبْوَابُهَا *** لَوْ فَتَحْنَاهَا فَمَاءٌ مُنْهَمِرْ (24 ق 13) مِنَ الظَّمَا: التلهف للشرب, طلب الأرواح للعلم و المدد
عَفَوْتُ: أي: عَفَوْتُ عن المخطئ, العفو هو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس, محو الخطايا, بدأ (صدر البيت) ب "سَقَيْتُ" و (عجز البيت) ب "عَفَوْتُ":
وجه الشبه أن الغيث ينزل (يُسقي) و يغسل (يَعفو) كلّ مساوئ الأرض الجدباء
كَمَا يَعْفُو الْقَدِيُر: كَمَا: الكاف للتشبيه مع ما المصدرية, يَعْفُو: يتجاوز و يمحو الخطأ, الْقَدِيُر: القدير من القدرة و هي المتصرف بها, و القديرُ هنا الله سبحانه و تعالي. يعني متخلقاً بالأخلاق الإلهية, الذي لديه القدرة, لديه تصرفّ بالقدرة, قال تعالي: ( إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ) النساء 149 قال رضي الله عنه: اللَّهُ مِنْ بَعْدِ الزِّيَادَةِ زَادَنِي *** فَهْوَ الْقَديرُ وَمَنْ لَدَيْهِ قَديرُ (1 ق 5) بِقُدْرَتِي: أي (عَفَوْتُ بِقُدْرَتِي) و جملة (كَمَا يَعْفُو الْقَدِيُر) جملة اعتراضية كما تقول اللغة. (عَفَوْتُ بِقُدْرَتِي) (كَمَا يَعْفُو الْقَدِيُر) , يعفو و هو متصرّف بالأسماء الإلهية, في حين يمكنه أن يفعل أي أمر بالمخطئ

المعني:
غَفَوْتُ: غَفَا غفوة إِذا نامَ نومَةً خَفيفة كَمَا تَغفُو الطُّيُورُ مَعَ الْجَوَى: كَمَا: كاف النشبيه و مَا المصدرية, تَغفُو الطُّيُورُ مَعَ الْجَوَى: الجَوَى: الحُرْقة وشدَّة الوَجْدِ من عشق أَو حُزْن، تغفو – تنام نومة خفيفة غير كاملة - و هي في الجو, و الطيور تحنّ للأوطان في سيرها, يعني في حالة ترقّي مع دائم الشوق للقاء الحبيب, قال رضي الله عنه في (38 - 39 ق 15): مَا نِمْتُ فِي دَارِ النِّيَامِ فَهَلْ تُرَى *** دَارُ الْحَيَاةِ بِهَا يَطِيبُ مَنَامِي
مَا طَابَ لِي نَوْمٌ وَمَا لِي غَفْوَةٌ *** حَتَّى الْمَلاَئِكُ أَفْطَرَتْ لِصِيَامِي
وَلَسْتُ أَخَا غَفْلٍ: وَلَسْتُ: الواو للاستئناف, لستُ للنفي, أَخَا غَفْلٍ: أخ هو الصاحب و الملازم, أي: لست تصاحبني أو تلازمني صفة الغفل, و الغفل هو الصفة الكليّة من غَفلَ يغفلً, و المرة منها تسمي غَفلة, و ذلك يرجع لما جاء في الآية: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا) الأعراف 150 يعني أنني وارثٌ محمّدي و لست وارثاً موسوياً, كما قال رضي الله عنه: وَأَدْخُلُ أَبْوَابَ الْمَدِينَةِ مُسْلمِاً *** عَلَى حِينِ صَحْوٍ لاَ عَلَى حِيِنِ غَفْلَةِ (258 ق 1) فَنَوْمِيَ يَقْظَتِي: الفاء السببية, نَوْمِيَ يَقْظَتِي – ضدّان, نَوْمِيَ هو يَقْظَتِي, لا نوم لدي

المعني:
صَبَبْتُ عَلَى الْجَردَاءِ: صَبَبْتُ: صبَّ الماءَ ونحوه يَصُبُّه صبّاً فَصُبَّ وانْصَبَّ وتَصَبَّبَ: أَراقه، وصَبَبْتُ الماءَ: سَكَبْتُه, عَلَى الْجَردَاءِ: الْجَردَاءِ من جَرَدَ الشيءَ: قشَره, ومكانٌ جَرْدٌ، لا نبات به، وأَرض جَرْداءُ وقد جَرِدَتْ جَرَداً وجَرَّدَها القحطُ تَجْريداً, الْجَردَاءِ كناية عن الروح بدون روح الإيمان, و معروف أن الروح في الإنسان من ثلاثة طبقات, الروح البهيمية و يشترك فيها ابن آدم مع البهائم, و تقوم علي الغريزة, روح التكريم لتمكن ابن آدم من العلم و الفهم, و روح الإيمان التي يتعلق بها الإيمان بالله تعالي, الجرداء هي الروح قبل حصولها علي الإيمان, قال رضي الله عنه: مَائِيَ: المدد
أَنْبَتَتْ: أخرجت النبت, أي: غرست الإيمان في الرّوح, الآية: (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) الحج 5 وَأَثْمَرَ نَبْتِي: الثَّمَرُ: حَمْلُ الشَّجَرِ وأَثْمَر الشجر: خرج ثمَره, ترّقي الروح و تعلمها علوم الحقيقة, الآية: (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأنعام 99 بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةِ: لا يوجد وقت بين اليوم و الليلة, تعبير عن تلاشي الزمن, أي: في ذات اللحظة التي صَبَبْتُ عَلَى الْجَردَاءِ مَائِيَ, أَنْبَتَتْ, أكمّل المريد في لحظة

المعني:
أَلاَ: حرف استفتاح للتنبيه، والدلالة على تحقيق ما بعدها
إِنَّ نُكْرَانَ الْجَمِيلِ كَبِيَرةٌ: إِنَّ: للتوكيد, نُكْرَانَ الْجَمِيلِ: الْجَمِيلِ: هو حُسن الصنيع, عدم الاعتراف بالجميل, من تلّقي التربية و الهداية من الشيخ, و منه ما جاء في البيت السابق من نقل حال المريد من أرض جرداء إلي أرض مثمرة, كَبِيَرةٌ: الكبيرة الفَعْلةُ القبيحةُ من الذنوب و هي واحدة الكبائر, قال تعالي: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) النساء 31 كَذَلِكَ: الكاف للعطف وذلك اسم إشارة للبعيد
دَعْوَى الْعِلْمِ: الدَّعْوَى: هي نسب الشئ إلي غير أصله و من ذلك الزعم بأن الشئ ملك لك, الصحيح أن تنسب العلم للشيخ, جاء في ذكر قارون: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) القصص 78 أَقْبَحُ تِرَّةِ: التِرّة البعد و القطع, الآية: (وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) القصص 42 أَقْبَحُ تِرَّةِ: أسوأ درجات البُعد

المعني:
يَغَانُ: والغين لغة في الغيم، وهو السحاب، وأَغانَ الغَينُ السماء أَي أَلْبَسها؛ غِينَ على قلبه غُطِّيَ عليه وأُلْبِسَ
عَلَى عَيْنِ الْمُشَاهِدِ: عَيْنِ الْمُشَاهِدِ قبله لأن المشاهدة بالبصيرة (القلب) , أسلوب بلاغي فيه جناس بين الغين و العين.
عِنْدَمَا يُقَارِفُ: عِنْدَمَا: ظرفية, يُقَارِفُ: من القِرْف: القِشْر, وقارَفَ الذنبَ وغيرَه: داناهُ ولاصَقَهُ, وفي الحديث: رجل قَرَف على نفسه ذنُوباً أَي كَسَبَها, و يقارف غير يقترف - مثل كسب (للذنب) و اكتسب (للحسنة) و في الحديث: رجل قَرَف على نفسه ذنُوباً أي كسبها, قال رضي الله عنه: فَمُقَارِفُ الْمَعْنَى الدَّنِيِّ جَهَالَةٌ *** مَحْجُوبَةٌ عِلْمَ الْيَقِينِ تَرَدَّتِ (307 ق 1) رَيْباً: الرّيبُ الشَّك
فِي عَظِيِم مَكانَتِي: عَظِيِم: العظمة تعني الرئاسة و الزعامة, و كان صلي الله عليه و سلم يبتدر كتاباته للملوك بعبارة بقوله: (من محمد رسول الله إلي كسري عظيم فارس ,,, أو إلي قيصر عظيم الروم .... ) مَكانَتِي: منزلتي, عَظِيِم مَكانَتِي: رئاستي للزمن

المعني:
شَاهَتْ وُجُوهُ: رجل أَشْوَهُ: قبيحُ الوجهِ. يقال: شاهَ وجْهُه يَشُوه، قَبُح, سُلِب القبول
الْقَوْمِ: القوم هم من جمعهم شأن واحد
مَا لَمْ: ما: مصدرية ظرفية لَمْ: حرف نفي وجزم
يَشْهَدُوا: الشهادة رأي العين شرعاً
بِأَنَّ أَمِينِي: أَمِينِي: القائم بحفظ أمانتي, الخلافة, الخليفة الوارث شيخ الطريقة
رَاسِخٌ: رَسَخَ الشيءُ يَرْسَخُ رُسُوخاً: ثبت في موضعه و يوصف بها الجبل الراسخ الممتد جذوره في باطن الأرض فلا يتزحزح، قال تعالي: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) آل عمران 7 فِي الوِلاَيَةِ: الرسوخ في الولاية , هو مرتبة زيادة الحُسني, من قوله تعالي: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) يونس 26

المعني:
قَضَيْتُ قَضَاءاً: القضاء الحُكم, قَضَيْتُ (أنا) حكمت بالحٌكم
وَاقْتَضَيْتُ مَشِيئَةً: الواو, اقْتَضَيْتُ: الاقتضاء الأخذ, مَشِيئَةً: موطن الصفات¸ بعد الأمر, من قوله تعالي: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس 82 يقصد بذلك أمر انتقاله رضي الله عنه
أَجَبْتُ لِدَاعِي اللَّهِ: أَجَبْتُ: الإجابة ردّ السؤال و التلبية و الحضور عند المنادي, لِدَاعِي اللَّهِ: اللام حرف انتهاء لغاية مكانية, دَاعِي اللَّهِ: المَوت لأن فيه لقاء الله و ويقال لكلّ من مات دُعِيَ فأَجاب, كذا في قاموس لسان العرب, و في الحديث: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءِهُ" الخ أَوَّلَ مَرَّةِ: لم أتأخر في الردّ حتى يكرر الدّاعي دعوته, و في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ودخل ملك الموت وقال: السلام عليك يا رسول الله، أرسلني الله أخيرك بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى" و هذا هو شأن صاحب الوراثة المحمدية الكاملة

المعني:
تَرَكْتُ: أودعت, و الترِكة الإرث يُترك للوارثين
بِأَحْشَاءِ الزَّمَانِ: بِأَحْشَاءِ: الباء ظرفية بمعني في, أَحْشَاءِ: الأَحْشَاءِ: البطون, أَحْشَاءِ الزَّمَانِ: بطونه و غيوبه
أَمَانَةً: الأمانةُ ما يُستودع لدي الأمين فيحفظه, يعني وراثة الطريقة و الخلافة من بعده
وَجَائَنِي الْحَقُّ الْيَقِينُ: وَجَائَنِي: أتاني, الْحَقُّ الْيَقِينُ: الْحَقُّ الذي لا يخالطه شك, الْحَقُّ الْيَقِينُ: الموت, الانتقال للدار الآخرة , كما جاء في قوله تعالي: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) الحِجر 99 بِبُغْيَتِي: بطلبي, قال رضي الله عنه: أَقُولُ أُجِبْتُ وَمَا أَجَبْتُ لِطَالِبٍ *** أَقُولُ مُنَايَ وَلاَ أَقُولُ مِنِيَّتِي (112 ق 1)

المعني:
كَمَا: الكاف للتشبيه مع ما المصدرية, و هذا البيت يلي بيتين في موضوع انتقاله رضي الله عنه: قَضَيْتُ قَضَاءاً وَاقْتَضَيْتُ مَشِيئَةً *** أَجَبْتُ لِدَاعِي اللَّهِ أَوَّلَ مَرَّةِ (98 ق 1) و تَرَكْتُ بِأَحْشَاءِ الزَّمَانِ أَمَانَةً *** وَجَائَنِي الْحَقُّ الْيَقِينُ بِبُغْيَتِي (99 ق 1) عندما سمع عمر رضي الله عنه الخطبة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان, أي أن ذلك علامة قرب انتقاله صلّي الله عليه و سلّم
خَطَبَ الْمَعصُومُ عِنْدَ وَدَاعِهِ: خُطبته صلّي الله عليه و سلّم, في حجّة الوداع ذي القعدة سنة عشر من الهجرة المباركة
أَرْسَيْتُ أَرْكَانِي وَأَتْمَمْتُ نِعْمَتِي: قال فيها صلّي الله عليه و سلّم: ( ... فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد) و لما فرغ رسول الله صلّي الله عليه و سلّم من خطبته نزل عليه قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأسْلاَمَ دِيناً) المائدة 3 أَرْسَيْتُ: أركان الطريقة أوراد – عقيدة – خدمة – استلام الرئاسة لبداية زمن الطريقة, وَأَتْمَمْتُ نِعْمَتِي: بالشيخ إبراهيم رضي الله عنه, يتضح ذلك في قوله رضي الله عنه: مِنْ كَمَالِ الْعَطَاءِ مِنْ فَيْضِ وَهْبٍ *** أَيُّهَا النَّاسُ جَاءَكُمْ إِبْرَاهِيمُ (1 ق 12) و قوله رضي الله عنه: كَمَالُ الدِّينِ فِي الأَرْكَانِ حَجٌّ *** لِبَيْتِ اللَّهِ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ (1 ق 49)

شراب الوصل کی کونسی بیت نمبر تلاش کرنی ہے ؟

طریقہ برہانیہ کی تجدید سوڈانی شیخ مولانا محمد عثمان عبدو البرہانی نے کی (1902-1983)۔ اس کی قیادت کو شیخ محمد عثمان عبد البرہانی سے اپنے بیٹے شیخ ابراہیم (2003) میں اور اس کے بعد اپنے پوتے شیخ محمد کے پاس لایا گیا ہے۔

رابطہ کریں

ہاؤس نمبر1524، گلی 41A, فیز4، بحریہ ٹاؤن، اسلام آباد، پاکستان۔

info@burhaniya.pk  |   +92 312 00 1 2222