شراب الوصل (101 - 200)

المعني: عَجَباً: تقال للأمر غير المعتاد, و في حديث طويل عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم و نحن في مسجد المدينة فقال إني رأيت البارحة عجبا رأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد عنه و رأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك و رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم و رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم و رأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا كلما ورد حوضا منع منه فجاءه صيامه فسقاه و أرواه ,,,, الخ) أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول
رَأَيْتُ صَحِيفَتِي: رَأَيْتُ أي عياناً, و العَجَبُ في رؤيته لصحيفته رضي الله عنه أي طوي له عن أحوال الآخرة فشاهد صحيفته عياناً, و رؤية أحوال القيامة
فَقَرَأْتُهَا: الفاء في البيت حرف عطف يفيد الترتيب والتعقيب, قَرَأْتُهَا: قرأتها مسبقاً في القِدم, الآية: (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) الإسراء 14 فَرَأَيْتُ أَبْنَائِي حُروُفَ صَحِيفَتِي: فَرَأَيْتُ: الفاء للعطف, رَأَيْتُ: شاهدت بعيني, أَبْنَائِي: أبناء طريقتي, حُروُفَ صَحِيفَتِي: الحرف في اللغة أصغر مكونات الكلام, حرف واحد ابن طريقة يساوي كم من العبادات و الذكر و الأوراد لذكر القلب لذكر الروح لذكر الاصطلام, كلّ حرف و ما يسع: يقول سيدي إبراهيم: أنا الحرفُ لا أقرأ لكل مناظرٍ (هو حرف بالنسبة لحضرة النبي صلي الله عليه و سلّم). و هذا من باب (مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً) الحديث: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ سَنَّ فِي الإسلام سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِها بعْدَهُ كُتِب لَه مثْلُ أَجْر من عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ... الخ) رواه مسلم

المعني: وَيَصْدُقُ: صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقاً, يقول الصِدقَ, ما خالف الكذِب, الآية: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) الزمر 33 بُرْهَانُ الإِلَهِ: البرهان الدليل و الإثبات, بُرْهَانُ الإِلَهِ: الدّال علي الله, إشارة لكنية سيدي إبراهيم الدسوقي (بُرهان المِلَّة و الدِّين)
بِقَوْلِهِ مَفَاتِيحُ أَهْلِ اللَّهِ فِي طَيِّ قَبْضَتِي: بِقَوْلِهِ: القول هو البيت من القصيدة, مَفَاتِيحُ أَهْلِ اللَّهِ فِي طَيِّ قَبْضَتِي: قال في تائيته, سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه: وَصَلَيْتُ بِالتَّسَلِيمِ مَهْمَا تَكَاَثرَتْ *** مَفَاتِيحُ أَهْلِ الله فِي طَىِّ قَبْضَتِى مَفَاتِيحُ أَهْلِ اللَّهِ: مَفَاتِيحُ: مفاتيح الغيوب, الأسماء الإلهية, أَهْلِ اللَّهِ: الأولياء, الآية: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) الأنعام 59 فِي طَيِّ قَبْضَتِي: الطيّ هو ثني الثوب علي بعضه, يعني باطن قَبْضَتِي: يميني, و يمين سيدي إبراهيم هو سيدي فخر الدين رضي الله عنهم أجمعين

المعني: عَجَباً: كما سبق في البيت (101) , تقال للأمر غير المعتاد
تَغَارُ الشمْسُ مِنَّي: تَغَارُ من الغِيرة و هي كره الالتفات للغير, تَغَارُ الشمْسُ مِنَّي بمعني شدة ظهور سيدي فخر الدين, و قيل في ذلك: كُلُّ شَمْسٍ إِنْ رَأتهُمْ كَسَفَتْ *** كٌلٌّ بَدْرٍ مِنْ سَنَاهُم يَأفُلُ فَاشْهَدُوا: الفاء سببية, اشْهَدُوا: من الشهادة و هي رؤية العين الثابتة باليقين, قال تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران 81 يَوْماً يقوُلُ الْحَقُّ فِيهِ مَقَالَتِي: يَوْماً: اليوم هو الزمن الذي يحوي حدثاً عظيماً و تسمي الأعياد أيّام و كذلك يوم الجمعة و يوم العروبة و يوم الحشر لعظمتها, و المعني هنا اليوم الآخر, الْحَقُّ - الله سبحانه و تعالي: الآية: (هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) الكهف 44 يقوُلُ الْحَقُّ فِيهِ مَقَالَتِي – المقالة من القول و هو لغةً الكلام علي الترتيب, معني الجملة: أي تشهدوا يوم ظهوري الذي يفوق ظهور الشمس, يوم لا يرفض الله تعالي لي طلباً, قال رضي الله عنه: وَتَحْتَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يُجْمَعُ شَمْلُنَا *** وَيَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ يَوْمُ كَرَامَتِي (45 ق 1)

المعني:
هذا البيت يشرح البيت الأول من التائية: أَنَا فِي أَنَا إِنِّي وَإِنِّيَ فِي أَنَا *** رَحِيقِيَ مَخْتُومٌ بِمِسْكِ الْحَقِيقَةِ أَنَانِيَتِي: كون الأنا المعبّر عن الذّات الظاهر للمتكلّم سيدي فخر الدين رضي الله عنه حَيْثُ: ظرف مكان الأَنَا بِإِنَائِهَا: (موطن) الأَنَا المستتر في باطن حضرة النبي صلي الله عليه و سلّم بِإِنَائِ (هَا) (الهويّة النبوية) وَإِنَّ إِنَاءَ الْغَيْبِ: وَإِنَّ: الواو للعطف, إِنَّ: للتأكيد, إِنَاءَ الْغَيْبِ: موطن تجلّي حضرة غيب العما, ظهور حضرة النبي صلي الله عليه و سلّم من كنز العما (قبضة النّور) ذُو الأَحَديَّةِ: ذُو: مالك أو صاحب, الأَحَديَّةِ: الذي لا يُشاركه أحد في مرتبته, أي: حضرة غيب الأحديّة, قال رضي الله عنه: يَا نِعْمَ مَا طَلَعَ الْجَمَالُ مِنَ الْعَمَى *** نِعْمَ الظُّهُورُ وَجَلَّ مَنْ يَغْشَاهُ (1 ق 19) أَحَديَّةِ حضرة النبي صلي الله عليه و سلّم: المشار إليها في الصلاة الذاتية: (اللهم صلّ علي الذّات المحمديّة اللطيفة الأَحَديَّةِ .... )
حضرة غيب الأَحَديَّةِ أو حضرة التعيين الأوّل, المشار إليها في حديث سيدنا جابر رضي الله عنه: "أوّل ما خلق الله نور نبيّك يا جابر"

المعني:
فَعَوْداً عَلَى بَدْءٍ: في صفات الله تعالى: المبدِئُ المعِيدُ؛ و في قول النبي صلي الله عليه و سلم: (الرجل القَوِيُّ المُجَرِّبُ المبدئُ المعيدُ) يقصد: الذي قد أَبْدَأَ في غَزْوِهِ وأَعاد أَي غزا مرة بعد مرة، وجرَّب الأُمور طَوْراً بعد طَوْر، وأَعاد فيها وأَبْدَأَ، و سيدي فخر الدين يعود لتوضيح المعني من بداية التائية و هذا شرح البيت الثاني من التائية: صَبَرْتُ لِحُكْمِ اللَّه بَلْ أَنَا شَاكِرٌ ... *** فَمَا الصَّبْرُ إِلاَّ عَنْ عَظِيمِ الْمُصِيبَةِ صَبَرْتُ مُشَاهِداً: صبرت في موطن المشاهدة و هو حضرة القُرب قُبيل الشُهود لحضرة الذّات
وَكَانَتْ: حصل قِدماً
سِهَامُ الْحَضْرَتَيْنِ: سِهَامُ: السِهَامُ: ما يضرب ليستهم به للاختيار بين أمرين, توضيح (عَظِيمِ الْمُصِيبَةِ) سهام (اختيار) الحضرتين: الحضرة الإلهية و الحضرة النبويّة
مُصِيبَتِي: أي أصابتي أي وقع اختيارها عليَّ

المعني: هذا و البيت السابق في شرح البيت رقم 2 من التائية: صَبَرْتُ لِحُكْمِ اللَّه بَلْ أَنَا شَاكِرٌ *** فَمَا الصَّبْرُ إِلاَّ عَنْ عَظِيمِ الْمُصِيبَةِ فَأَصْبِرُ عَنْهَا: الفاء فاء الاستئناف, أَصْبِرُ عَنْهَا: الصَّبْرُ التحمّل و عدم الجَزَع، و الصبر مرّ كما هو معلوم. و مما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري
و أصبر حتى يأذن الله في أمري
و أصبر حتى يعلم الصبر أنني
صبرت على شيء أمرّ من الصبر
أَصْبِرُ عَنْهَا: الصبر عن الشئ الذي تحبّه و تريده
لاَ عَلَيْهَا: لا النافية تنفي عِلة الكُره
وَإِنَّنِي بِصَبْرِيَ شَكَّارٌ: وَإِنَّنِي: إنّ مع نون الوقاية, الباء (للوسيلة) الصبر, شَكَّارٌ علي وزن فعّال, كثرة الشكر
وَفِي الُقَابِ صَبْرَتِي: وَفِي الُقَابِ: قاب قوسين في الآية: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) النجم 9 و القاب هو مقبض القوس, إشارة إلي حضرة التقريب, (والصَّبْرة من الحجارة: ما اشتد وغَلُظ) صَبْرَتِي: شدة تحمّلي للتجلّي الذاتي. وَإِنَّنِي: نون الوقاية - تحت وقاية حضرة النبي صلي الله عليه و سلّم, و هو موطن المشاهدة في انتظار شهود الذّات الإلهية, فيكون الصبر حين الردّ من التجلّي انتظاراً للعودة إليه

المعني: هذا البيت في شرح البيت (3) من التائية:
سَعَيْتُ إِلَى مَوْلاَيَ مَرْفُوعَ هَامَةٍ ... *** وَمَا زِلْتُ لِلدُّنْيَا شُعَاعَ الْهِدَايَةِ وَإِنِّي إِذْ أَسْعَى إِلَى اللَّهِ: وَإِنِّي إِذْ أَسْعَى: إِذْ ظرفية, حال سعيّي إِلَى اللَّهِ, أَسْعَى: السعي فوق المشي و دون العدو, ينطوي علي الهمة
يَأْتِنِي بِكَامِلِ إِلْطَافٍ: يَأْتِنِي: يحضرني, بِكَامِلِ: أي في كامل, كمال التجلّي, إِلْطَافٍ من اللّطف بالزائر و الاحتفاء به. مثل كلمة إكرام من كرم. كلّ اللطف
يُهَرْوِلُ وُجْهَتِي: يُهَرْوِلُ: الهرولة الخبّ أكثر من السعي و دون العدو (الجري) , وُجْهَتِي: الجِهَةُ والوِجْهَةُ (بالكسرة) والوُجْهة (بالضمّة)، جميعاً: الموضعُ الذي تَتَوَجَّهُ إليه وتقصده, أي: نحوي, أو ناحيتي, (أَسْعَى) يقابلها (يُهَرْوِلُ) في الحديث القدسي: عن أبي هريرة, رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: (وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري ومسلم

المعني: أُضْرِمَتْ فِي حَشَا مُحِبّكَ نَارٌ *** نِعْمَتِ النَّارُ بَلْ وَنِعْمَ الْوَقُودُ (8 ق 81) و قال عن سيدي إبراهيم رضي الله عنه: إِنَّهُ مِشْكَاةُ نُورٍ زَيْتُهَا *** سَيِّدُ الأَكْوَانِ أَحْمَدُ مَنْ حَمَدْ (21 ق 8) و قال عن سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه: فَالنُّورُ خَصَّةُ جَدّهِ وَهُوَ الَّذِي *** زَيْتٌ لِمِشْكَاةٍ بِهَا مِصْبَاحُ (14 ق 25)

المعني: وَأَضْرِبُ أَكْبَادَ الْعَزَائِم: نقول: فلان تُضْرَبُ إِليه أَكبادُ الإِبل أَي يُرْحَلُ إِليه في طلبِ العِلْم وغيره, و في الحديث عَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "يُوشِكُ أَنْ تُضْرَبَ أَكْبَادُ الإِبِلِ، فَلا تَجِدُ عَالِمًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ " ذُكِرَ عَنْ سُفْيَانَ، أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, رضي الله عنهم أجمعين, و الإبل هنا الْعَزَائِم, جمع عزيمة, الآية: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) آل عمران 186 و في الحديث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير الأمور عوازمها) , و قيل في بشارة أحد الأولياء السابقين لسيدي فخر الدين رضي الله عنه: ستسري للكمال علي براقٍ ** من العزم المتين إلي اللحوق سَابِحاً: السبح من عدو الخيل, و البح سير السفن في البحار و سير النجوم في السماء, و في الآية: (وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا) النازعات 3 السير في بحار (مراتب) الأسماء الإلهية, و قال رضي الله عنه: سَبَحْنَا وَالْغَيَاهِبُ تَحْتَوِينَا *** وَكُنَّا كَالْجَوَارِي الْمُنْشَآتِ (2 ق 39) وَفِي لُجَجِ الأَنْوَارِ: لُجُّ البحرِ الماءُ الكثير الذي لا يُرَى طرَفاه، و لُجَجِ للجمع أبحار الأنوار. الأَنْوَارِ موطن التجليّات
تَكْمُنُ سَبْحَتِي: الكُمُون الخفاء, سَبْحَتِي السَبْحَة بفتح التاء المكابدة و النَصَب (نورٌ و ظُلمة). (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) * (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الشرح 8-7 بحر الهُو, في مواطن السير بين حضرات الأسماء. قال رضي الله عنه في القصيدة (39): نَزَلْنَا بَحْرَ هُو كَالسَّابِحَاتِ *** وَأَيْقَنَّا بِأَنَّ الْوَصْلَ آتِ

المعني:
هذا البيت مواصلة في شرح البيت (4) من التائية: وَآتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ مِنْ قَبْلُ رُشْدَهُ ... *** فَمَا هُوَ إِلاَّ فَلْذَتِي وَعَطِيَّتِي وَمَا رُشْدُ إِبْرَاهِيمَ: وَمَا: الواو للاستئناف, مَا نافية تتبعها إلاّ الاستثنائية تفيد الحصر و التأكيد, رُشْدُ: الرشد لغةً: هو وصف من تنساق تدبيراته إِلى غاياتها على سبيل السداد من غير إِشارة مشير ولا تَسْديد مُسَدِّد, إِبْرَاهِيمَ: (إِبْرَاهِيمَ) سيدي الشيخ ابراهيم ابنه و خليفته و وارثه, و من ثمّ كلّ خليفة بعده, و في الآية: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) الأنبياء 51 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: فَإِبْرَاهِيمُ عِنْدِي مَنْ يَرِثْنِي *** عَلَى الأَيَّامِ مِمَّنْ قَدْ وَصَلْتُ (13 ق 41) إِلاَّ تَتِمَّةٌ: إِلاَّ: استثنائية تم شرحها مه مَا النافية أعلاه, تَتِمَّةٌ: من ناحية الإعراب: تَتِمَّةٌ تقع "بدل" بالنسبة ل"رُشدُ" و البدل يتبع المُبدل منه في الإعراب و لم يغير وجود أداة الاستثناء إلاّ هنا حركة الإعراب لوجود بدل و مبدل منه, و معني ذلك أن الكلمتين متكافئتان. أي أن الرُشد هو التتمًّة و ليس جزءاً منها, و التتمًّة من تَمَّ الشي يَتِمُّ تَمّاً وتَمامُ الشيء وتِمامَتُه وتَتِمَّتُه: ما تَمَّ به
بِهَا أَكْمَلَ الْمَوْلَى جَزِيلَ الْعَطِيَّةِ:
بِهَا: الباء للوسيلة أو الواسطة أي: بواسطتها يعني التتمًّة, أَكْمَلَ:
الكَمَال: التَّمام، وقيل: التَّمام الذي تَجَزَّأَ منه أَجزاؤه، وتَكامَل الشيء وأَكْمَلْته أَنا وأَكْمَلْت الشيء أَي أَجْمَلْتُه وأَتممته، وأَكْمَلَه هو واستكْمَله وكَمَّله: أَتَمَّه وجَمَلَه,
قال تعالي: (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) يوسف 6 الْمَوْلَى: المالك, في الآية:
(وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج 78 جَزِيلَ: الجَزِيل العَظِيم. و الكثير, الْعَطِيَّةِ: واحدة العطاء, و هو البذل من الكرم

المعني: وَلَمْ يَكُ: الواو واو المعية, أي: و مع كون (وَمَا رُشْدُ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ تَتِمَّةٌ *** بِهَا أَكْمَلَ الْمَوْلَى جَزِيلَ الْعَطِيَّةِ) البيت السابق, لَمْ: نافية, يَكُ: إعرابها: فعل مضارع من الفعل كَان النون المحذوفة للتخفيف, أي: لم يحصل أو لم يحدث
نُقْصَانٌ: النقصان ضدّ التمام
لَدَيَّ: عندي
أَتَمَّهُ: أي, الضمير راجع لابراهيم في البيت السابق, أي: الخليفة نعمةً أتمّت للطريقة, و ما ذاك لنقص عندي
وَلَكِنْ: الواو للعطف, لَكِنْ للاستدراك
بِيَ النُّقْصَانُ يَكْمُلُ لِلْفَتِي: بِيَ: بواسطتي, يَكْمُلُ النُّقْصَانُ لِلْفَتِي: الفتي من الفتاء: الشَّباب, والفَتى والفَتِيَّةُ: الشابُّ والشابَّةُ، والفعل فَتُوَ يَفْتُو فَتاء, وقد فَتِيَ، بالكسر، يَفْتى فَتًى فهو "فَتِيٌّ" السنِّ بَيِّن الفَتاء، أي المكتمل القوة, يعني الكامل المؤيد

المعني: هذا البيت يشرح البيت رقم (5) من التائية: تَوَاكَبَتِ الأَقْطَابُ يَوْمَ إِجَابَتِي ... *** تَزَاحَمَتِ الأَمْلاَكُ تَخْدُمُ رَوْضَتِي (5 ق 1) أَقُولُ: القول في القصائد يعني البيت الواحد, إشارة للبيت (5) من التائية
أُجِبْتُ: فعل ماضي مبني للمجهول, و الفاعل ضمير غائب تقديره (هُو) إشارة إلي الله تعالي, كنت أنا من طلب فأُجِيب طلبي
وَمَا أَجَبْتُ لِطَالِبٍ: وَمَا: الواو للعطف, مَا: نافية, أَجَبْتُ: لبيت الطلب, لِطَالِبٍ: الطَّلَبُ مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه, وفي حدِيثِ الهِجْرَةِ جاء عن سيدنا أَبي بَكْرٍ أنه قَالَ للنبي صلي الله عليه و سلم: "أَمْشِي خَلْفَك أَخْشَى الطَّلَبَ", أن يحاول أحد الخصول علينا, أي طلبتُ الانتقال فأجابي الله تعالي لطلبي, و لم يكن هو من طلبني, و بذلك وصف تعالي الصحابة رضي الله عنهم الآية: (وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ) آل عمران 143 ثم قال تعالي: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) آل عمران 144 أَقُولُ مُنَايَ: أَقُولُ: أثبت بالقول, مُنَايَ: مُنَيَ من التَّمَنِّي بغية ومطلب، رغبة مرجوّة، ما يتمنّاه الإنسانُ ويشتهيه, أي: ما أرغب فيه و اشتهيه
وَلاَ أَقُولُ مِنِيَّتِي: وَلاَ أَقُولُ: نفي للقول بأنها, مَنِيَّتِي: المِنِيَّة الابتلاء و قدر الموت
حاشية:
(من خير ما قرأت عن انتقال الشيخ رضي الله عنه) من مقال للأخ شرف الدين ميرغني, تحت عنوان: الأيام الأخيرة من العمر المبارك:
في الساعة الخامسة صباحاً في اليوم الرابع من أبريل 1983 م صعدت النسمة الطاهرة إلى بارئها على سرير القرب من الله تعالى ولنعد إلى البداية ففي عام 1974 رأى الشيخ سيد احمد قرافي رؤيا أولَّها بانتقال الشيخ إلى الدار الآخرة وذهب إلى الشيخ وهو يبكي، ولما طرق الباب كان الشيخ يتوضَّأ للصلاة ففتح له الباب وسأله عما به فلم يجب من شدَّة البكاء فرشَّ عليه الشيخ من ماء الوضوء فهدأ ونام وعندما استيقظ من النوم، سأله الشيخ رضي الله عنه عن سبب بكائه فأخبره بالرؤيا فقال له الشيخ رضي الله عنه مطمئناً لا يزال اليوم الذي سانتقل فيه إلى الدار الآخرة بعيداً وعندما تحين وفاتي ستكون أنت بالقرب مني. وحدث هذا فقد حضر الشيخ سيد احمد في الوقت الذي حدثت فيه الوفاة، وطيلة الأيام التي كان فيها جسد الشيخ مسجَّى على الفراش كان الشيخ سيد احمد قرافي يرقد بجانب السرير إلى أن نقل الجسد الطاهر إلى المقام الحالي.
كان أمينه مولانا الشيخ إبراهيم أوَّل من عرف حين دعاه وأوصاه وأخبره بأن لقاء الله تعالى وشيك فأبى الأمين أن يستلم الأمانة لأن وقت استلامها لم يحن بعد، ولكن الشيخ أخبره بأن الأمر قد أُبرم وعليه أن يستعدَّ لحمل الأمانة، وطافت روحه على كلِّ مريد صادق ونعى نفسه إليهم في مصر وفي السودان ومنهم من جاء من جنوب السودان قبيل الوفاة وذكر أن الشيخ قد جاءه ونعى إليه نفسه، وأما السيدة زينب الرفيقة الصالحة التي احتملت مشاق الدعوة منذ بدايتها فقد أخبرها بالأمر وسألها أن تأتيه بثيابه الجديدة التي ادَّخرها لهذا اليوم ودخل الحمام وتطهَّر واغتسل وقلَّم الأظافر ولبس الثوب الجديد، فعل كلَّ هذا وهو مستبشرٌ، ثمَّ رقد على فراشه وأمرها أن تغطيه بثوب أبيض، وامتثلت السيدة المؤمنة الطائعة ولبَّت الأمر ـ رغم أن هذا الأمر يشقُّ على كلِّ امرأة ـ وغطَّته وفاضت الروح الطاهرة إلى بارئها لا سكرات موتٍ ولا حركةٌ ولا صوت، وأخطر الأمين فحضر بثباته وحضر الإخوان والأهل وحضر الطبيب، و كان القوم بين تكذيب وتصديق فلا نبض ولا نفس والقلب ساكن لا يخفق ولكن الجسد دافيء كأنما تجري فيه الحياة والأطراف ليِّنة لم يلحقها ذلك التيبُّس الذي يصيب أعضاء الميِّت والوجه يطفح بالبشر،.وأخيراً ثبت عندهم الموت وإنا لله وإنا إليه راجعون
وقد كان الشيخ رضي الله عنه كلَّما زار المكان الذي دفن فيه يقول مستبشرا: هذا بيتي, لم يكن الإخوان يفهمون هذه الإشارة وكان يشير إلى المكان الذي سيكون فيه مرقده، ويذكِّرنا هذا بقول الشيخ أبي الحسن الشاذلي لتلميذه الشيخ أبي العباس المرسي رضي الله تعالى عنهما وهما يتأهَّبان لرحلة الحج التي توفِّي فيها الشيخ أبو الحسن الشاذلي: في حميثرا سوف ترى

المعني: هذا البيت يشرح البيت رقم (5) من التائية: تَوَاكَبَتِ الأَقْطَابُ يَوْمَ إِجَابَتِي ... *** تَزَاحَمَتِ الأَمْلاَكُ تَخْدُمُ رَوْضَتِي (5 ق 1) وَمَا خِدْمَةُ الأَمْلاَكِ: الواو استئنافية, مَا: النافية, خِدْمَةُ: الخِدمة ما يكون من قبيل المساعدة و العناية والاهتمام, و الخادم من يخدم غيره, بأجر أو من قبيل الإكبار و الإعزاز, الأَمْلاَكِ: الأملاك و الملائكة جمع مَلَك, يخدمون مجالس الذكر, و الخدمة تكون بالعطاء و المدد و قضاء الحوائج, وفي الحديث قال رسول صلى الله عليه وسلم: "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلمُّوا إلى حاجتكم, أي وجدوا بغيتهم, ـ قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم، وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قال: تقول: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً، قال: يقول: فما يسألونني؟ قال: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلبا ً، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم" لِلْرَّوْضِ دُونَكُمْ: لِلْرَّوْضِ: أي خدمة الأملاك لِلْرَّوْضِ, الْرَّوْض و الروضة الأرض ذات الخضرة والروضة البستان الحسن, و في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "بين قبري أو بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" و يعني أن من يجلس في هذا المكان يُكرم بكرم الجنّة, فالرّوض تعني فناء البناءة التي فيها مقامي, دُونَكُمْ: الذي أمامكم أي: مقامي في الخرطوم
فَكُلُّ مَقَامٍ فِيهِ أُذْكَرُ رَوْضَتِي: فَكُلُّ: الفاء للتأكيد, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, مَقَامٍ: مكان القيام, حيث قام الشخص, في الآية: (قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) النمل 39 فِيهِ أُذْكَرُ: (أي: أُذْكَرُ فِيهِ): ذكر الشئ حديثك عنه أو حوله, تحدث عن الشيخ و سيرته و دروسه و قصائده, رَوْضَتِي: أي: لا ينحصر معني رَوْض في المقام الذي أقيم فيه في الخرطوم, بل يتسع المعني ليشمل أي مكان قمتم فيه تذكرونني فذلك روض و تخدمه الملائكة التي تخدم روضتي (مقامي)

المعني: هذا البيت يشرح البيت رقم (6) من التائية: وَأَعْرِفُ أَقْدَارَ الرِّجَالِ جَمِيعِهِمْ ... *** وَلَكِنَّهُمْ ضَلُّوا ابْتِدَاءَ مَكَانَتِي (6 ق 1) أَلاَ: حرف استفتاح للتنبيه، وللدلالة على تحقيق ما بعدها
إِنَّ أَقْدَارَ الِرّجَالِ: إِنَّ: للتأكيد, أَقْدَارَ: جمع قَدر و هو المكانة و المنزلة, الِرّجَالِ: من هم مِن الْمُؤْمِنِينَ مَن صدقَ فترقي من درجة الإيمان إلي درجة الأحسان, أي: أهل مرتبة الإحسان, الأولياء, قال تعالي: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) الأحزاب 23 مَنَازِلٌ: جمع مَنْزِل أو مَنْزِلة, و هو الدرجة أو المرتبة التي انتهي إليها (أو نزل بها) الوليّ, الآية: (وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ) المؤمنون 29 بِهَا نَزْلُوا خَتْماً: بِهَا: فيها, الباء بمعني في, نَزْلُوا: أقاموا, خَتْماً: في ختام السير, جاء تصنيف منازل الأولياء في الفتوحات المكية - لابن عربي - ج (2) , لأكثر من مائة ألف منزل وثلاثة وعشرون ألف منزل وستمائة منزل وسبعة وثمانون منزلا أمهات يحتوي كل منزل منها على منازل وَتِلْكَ بِدَايَتِي: وَتِلْكَ: الواو لللاستئناف, تِلْكَ: اسم إشارة للبعيد, بِدَايَتِي: البِداية أول ما يُعدّ من التكوين, أول مراتبي, حيث تنتهي مراتب الأولياء, يبدأ ترقّي سيدي فخر الدين لمنزلته, و له في ذلك أسوة بشيخه سيدي أبي العينين و مالك زمام أمره سيدنا الإمام الحسين و محبوبه سيد الخلق صلي الله عليه و سلم الذي تبدأ مكانته حيث تنهي مكانة المرسلين عليهم السلام, و قد أنشد في ذلك: نِهَايَاتُ كُلِّ الرُّسْلِ مَبْدَؤهُ وَ بَلْ *** بِهِ يِقْرَأونَ الكُلُّ صُحْفَ الشَّرِيعةِ

المعني: وَحَدِّيَ: الحدّ الغاية و النهاية, أي: غاية وصولي, عطفاً علي البيت السابق الذي تحدث عن بدليته رضي الله عنه: أَلاَ إِنَّ أَقْدَارَ الِرّجَالِ مَنَازِلٌ *** بِهَا نَزْلُوا خَتْماً وَتِلْكَ بِدَايَتِي حَدُّ اللَّهِ: ختم مراتب الولاية
وَالْحَدُّ مَطْلَعٌ لَدَيَّ: الْحَدُّ: الغاية, أي: حدّ الأولياء, حدّ منزلتهم, مَطْلَعٌ لَدَيَّ: بالنسبة لي مَطْلَع, المَطْلَع بداية السلّم أو الصعود, و في ذلك إشرة للحديث الشريف عن سيدنا عبد الله ابن مسعود – رضي الله عنه - قال قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع" و كذلك لكونه رضي الله عنه اشتمل علي كل حقائق القرآن الكريم, قال رضي الله عنه: فلاَ جَدَلٌ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَضِدِّهِ *** فإِنِّيَ صَرْحٌ وَالْقُرْآنُ يُشيدُنِي (12 ق 36) وَمَا ضَلَّتْ بِذَاكَ سَفِينَتِي: وَمَا ضَلَّتْ: الضلال عدم الاهتداء, أي: وصلت للغاية (الحدّ) , بِذَاكَ: بالمطلع الذي صعدت به, سَفِينَتِي: مركب سيري, إشارة لسفينة سيدنا نوح عليه السلام, في قوله تعالي: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) هود 41 و في ذلك قال رضي الله عنه: تَرْسُو عَلَى جُودِيِّ جُودِيَ هِمَّةُ *** فِي تَرْكِهَا يَبْدُو هَلاَكُ الْمُغْرَقِينْ (3 ق 7) و قال رضي الله عنه: وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا هَمَّ مَرْكِبُنَا *** عَلَى الْعُرُوجِ وَقَبْلَ الْهَمِّ أَسْرَيْتُ (10 ق 69)

المعني: هذا البيت يشرح البيت رقم (8) من التائية: سَقَيْتُ مُرِيدِي مِنْ شَرَابٍ مُعَتَّقٍ *** وَكَفِّيَ كَأْسٌ وَالْخَفَاءُ مَزِيَّتِي (8 ق 1) وَكَفِّيَ: الكفّ كفّ اليد، في الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) 11 المائدة أي: منع أيدهم عنكم, وفي حديث سيدنا عمر، رضي اللّه عنه: إن اللّه إن شاء أَدخل خلْقه الجنة بكفّ واحدة، فقال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: صدق عمرو الكفّ كناية عن يد القدرة
كَفُّ الْبَأْسِ: كَفُّ: الكف المنع ومن هذا قيل لطرف اليد كف, الْبَأْسِ: الشدةّ أي شدّة التجلّي, أي: منع شدة التجلي عن المريد, وقاية المريد من شدة التجلّي, قال رضي الله عنه: فَلِلْتَجَلى شَرَابٌ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ *** وَكَفُّ بَأْسِ التَّجَلِي تِلْكَ صَنْعَتُنَا (15 ق 35) و قال رضي الله عنه: مِنْهَا سَقَيْتُكَ وَالسّقَايَةُ كَفُّنَا *** عِنْدَ الْمَقَامِ وَسِرُّهَا يَسْرِي بِي (8 ق 83) عَنْ كُلِّ شَارِبٍ: عَنْ: حرف جر للمجاوزة، نحو: جلت القوات عن الحدود, كُلِّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, شَارِبٍ: الذي يشرب, و الشراب بالروح, العلوم و التجلّيات
لأَنَّ: اللام لام التعليل, أَنَّ تفيد التوكيد
مُرِيدِي: المريد الطالب من الإرادة مريد و مراد, و مريد الشيخ تابعه ابن طريقته
تَحْتَ سَيْفِ حِمَايَتِي: تَحْتَ: ظرفية, سَيْفِ: السيف أداة القتال يضرب به زوداً و حماية و قهراً, حِمَايَتِي: وقايتي, أي: التي أقي بها المريد من البأس, قال رضي الله عنه: هَنِيئاً لِمَنْ أَمَّ الْحِمَى وَبِيَ احْتَمَى *** هَنِيئاً لَمَنْ يُسْقَى بِرَاحِ طَرِيقَتِي (22 ق 1) و قال رضي الله عنه: مُعَتَّقٌ مِنْ قَدِيمِ الْوَصْلِ مُتَّصِلٌ *** أَكُفُّهُ فِي سَخَاءٍ مِنْ حِمَايَتِنَا (14 ق 35)

المعني: فَجِبْرِيلُ مِيكَالٌ وَإِسْرَافُ عَزْرَءٌ: الفاء استئنافية, جِبْرِيلُ مِيكَالٌ وَإِسْرَافُ عَزْرَءٌ: الأربعة الملائكة الفلكيون و هم من المثاني السبع, و هم رؤساء الملائكة الموكلون بالتصاريف في الدنيا – كما هو معلوم, و أعلي منهم الكروبيون حملة العرش (الملائكة العالين) , ومعنى كلمة جبريل عبد الله، أخرج البخاري عن عكرمة قال: جبر وميك وسراف: عبد، إيل الله, و من هنا اختصر عزرائل ب (عَزْرَءٌ) , و معنى كلمة جبريل عبد الله, و عن ابن عباس نحو الأول وزاد: وكل اسم فيه إيل فهو الله جُنُودِيَ فِي التَّصْرِيفِ: جُنُودِيَ: الجنود هم التابعون لقائد الجيش يطيعونه و ينفذون أوامره, فِي التَّصْرِيفِ: من الصرف رد الشيء عن وجهه إلي وجه آخر, و في الاية: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة 164 تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ أي: ردّها من وجه لآخر, و في ذلك تقليب الأمور حيث المشيئة, و التَّصْرِيفِ بالأسماء الإلهية, إذا أن الملائكة خُلقت لتطيع الأسماء الإلهية كلّ حسب الاسم الذي سخر لطاعته, و الخليفة لديه جميع الأسماء الإلهية, قال تعالي: (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) البقرة 31 الخليفة يتصرف بالأسماء و من هنا طاعة الملائكة كطاعة الجنود في الجيش لقائدهم أو مليكهم
هُمْ تَحْتَ إِمْرَتِي: هُمْ: أي: الملائكة, إِمْرَتِي: إمرة وأمارة يستأمر كل أحد في أمره والأمير الملك لنفاذ أمره, تَحْتَ إِمْرَتِي: مؤتمرون بأمري, الخليفة يملك التصرّف بالأسماء و الملائكة تطيعه بطاعة الأسماء, و مجموع الأسماء في الاسم الله, قال تعالي: (لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم 6

المعني: تُطَاوِعُنِي الأَمْلاَكُ: تُطَاوِعُنِي: تُطَاوِعُ من التصاريف النحوية للفعل أطاع فهي تطيعُ و تطاوعُ علي وزن تفعلُ و تُفاعل مفاعلةً, كقاتل يقاتل مقاتلة، أي تُلين لأمري, الأَمْلاَكُ جمع مَلَك
الخليفة يتصرّف بالأسماء الإلهية, و الملائكة شأنها طاعة الأسماء
بِالْجُودِ وَالْقِرَى: أي: أن الملائكة تبدي طاعته رضي الله عنه بِالْجُودِ وَالْقِرَى, و الباء للالصاق كقولك أمسكتُ بالحبل, الجود هو المبادأة بالعطاء قبل السؤال, الواو للعطف, القِرى: إكرام الضيف,
وَكُلُّ ذَوَاتِ الْكَافِ: الواو للعطف, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, ذَوَاتِ: جمع ذات مؤنث ذو التي تعني الملكية, أي: التي تملك الكاف, الْكَافِ: هو كاتب الحق، الذي أنزله الله تعالى من كينونته إلى الكون في الكتاب، قال الله تعالى إشارة: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَق) آل عمران 3 و من ثمّ هو الظاهر في الأكوان موطن التصاريف, وهي الثلاثة كما يلي: الملك: وهو السموات السبع والأرضون السبع والبحار السبع والرياح السبع, الملكو: وهو الجنات السبع, الجبروت: ويتكون من العرش والكرسى واللوح والسدرة, و قد حوي الحزب الكبير لسيد إبراهيم الدسوقي الذكر في هذه الأكوان مشتملاً علي الكاف, و الكاف ترمز لكل وحدة كونية من هذه الأكوان, و ما يليها من أحرف عن أذكار عوالم ذلك الكون و ذلك في الحروف المطلسمة: كَدٍ كَدٍ, كَردَدٍ كَردَدٍ, كَردَهٍ كَردَهٍ, علي التتالي
تَرْهَبُ صَوْلَتِي: تَرْهَبُ: من الرهب الخوف, الرّهَب اقصي درجات الخوف, و هي اليقظة, الحذر, الخشية, الخوف, الفزَع, الرّهَب, قال تعالي: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) الأنبياء 90 فجمع بيثن أقصي النقيضين في الآية, الرّغَب و الرّهَب, الصَوْلَة: السطوة و القهر و البطش (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) البروج 12 و ذلك غشارة إلي إذعان الأكوان له, قال رضي الله عنه: وَكُلُّ إِلَهِيٍّ إِذَا اخْتَارَ أَذْعَنَتْ *** جَمِيعُ مُلُوكِ الْخَافِقَينْ لِرَأْيِهِ (14 ق 66)

المعني: هذا البيت و التالي يشرحان البيت رقم (12) من التائية: وَهَا أَنَا ذَا أَشْفِي السَّقِيمَ مِنَ الضَّنَى *** وَأَجْبُرُ مَكْسُورَ الْقُلُوبِ بِنَظْرَتِي (12 ق 1) يُصَاب بِسُقْمٍ: أصابه بكذا فجعه به وأصابهم الدهر بنفوسهم وأموالهم جاحهم فيها ففجعهم وأصابته مصيبة فهو مصاب, بِسُقْمٍ: السُقْمُ المرض, و من ذلك ما أصاب سيدنا إبراهيم عليه السلام, تشوقاً للحقيقة الإلهية, قال تعالي: (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ) الصافات 88 - 89 قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: أَلاَ إِنَّ دَاءَ الْحُبِّ للِصَبِّ عِلَّةٌ *** وَلَكِنَّهَا تَشْفِي عُضَالَ الأَعِلَّةِ (136 ق 1) ذُو الصَّبَابَةِ: ذُو: صاحب, الصَّبَابَةِ: كثرة الشَّوْقُ إلي الحبيب, قال رضي الله عنه: دِينُ الصَّبَابَةِ لِلأَحِبَّةِ عُرْوَةٌ *** لَوْلاَ الشَّهَادَةُ ما اسْتَقَامَ الدّينُ (1 ق 67) و قيل: لَا يَعْرِفُ الشَّوْقَ إِلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ *** وَلَا الصَّبَابَةَ إِلَّا مَنْ يُعَانَيهَا و قيل: كلُّ البُدورِ إذا تجلَّى مقبلاً *** تَصبُو إلَيهِ وكُلُّ قَدٍّ أهيَفِ
إنْ قُلْتُ عِندي فيكَ كل صَبابةٍ *** قالَ المَلاحة ُلي وكُلُّ الحُسْنِ في
فِي الْهَوَى: الهوي الحُبّ من شأن المحب الوقوع فيه كم يهوي في عمقٍ, و من ذلط قال تعالي في دعوة سيدنا إبراهيم لسيدنا اسماعيل و أمه: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) إبراهيم 37 فَيُكْسَرُ قَلْباً: الفاء السببية, أي بسبب ذلك السقم يُكسر قلباً: يقرّ قلبه بالضعف و قلة الحيلة و يذعن
فِي قُلُوبٍ كَسِيرَةِ: فِي: للمصاحبة، نحو قوله تعالى (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ) الأعراف 38 والتقدير: مع أمم, يعني مع قُلُوبٍ كَسِيرَةِ, قُلُوبٍ كَسِيرَةِ: اختصوا بالعندية, ممن كان الله عندهم, كما جاء في الحديث القدسي, قال تعالي: "أَنَا عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ أَجْلِي" قيل في شرحه: "إن الله تعالى لا يكون عندك حتى تنكسر جملة هواك وإرادتك, فإذا انكسرت ولم يثبت فيك شيء ولم يصلح فيك شيء, أنشأك الله فجعل فيك إرادة, فتريد بتلك الإرادة, فإذا صرت في الإرادة المنشأة فيك، كسرها الربّ تعالى بوجودك فيها, فتكون منكسر القلب أبداً, فهو لا يزال يجدد فيك إرادة ثم يزيلها عند وجودك فيها هكذا إلى أن يبلغ الكتاب أجله"

المعني: فَيُجْبَرُ: الفاء سببية, يُجْبَرُ: جَبَرَ الكسر إذا رمّه و أعاد تماسكه, و الفعل مبني للمجهول الفاعل ضمير غائب تقديره هو, إشارة إلي الله تعالي
لَوْ مَسَّ الِشّغَافَ: لَوْ: شرطية بمعني إذا, مَسَّ: لمس و تعني أصاب أو نزل بالمرء, و تستعمل مع ورادات الخير و الشر, مثل قوله تعالي: (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)المعارج 19 - 20 الِشّغَافَ: الِشّغَافَ غِلافُ القَلْب، وهو جلدة دُونَه كالحجاب وسُوَيْداؤه, أي: أول بادئة التجلّي و بشرياته
تَنَزُّلٌ: التجليّات الإلهية, بشريات المريد السالك, قال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) فصلت 30 بِيَ: بواسطتي, اللَّهُ يَجْبُرُ كَسْرَهُ: أو لتقريب المعني: (يَجْبُرُ كَسْرَهُ اللَّهُ) بي بواسطتي: يجمعه أو يرتقه, من خصائص اسمه تعالي الجَبّار جبر الكسور أي: رمّها و رتقها
مِنْ جَبِيرَتِي: مِنْ: حرف جر متضمن معنى (الباء) , نحو: أمسكته من يده, و نحو قوله تعالي: (يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ) الشوري 45 جَبِيرَتِي: الجبيرة التي يجبر بها العظام المكسورة أي: العيدان التي تجبر بها العظام وفي حديث سيدنا الإمام علي كرم الله تعالى وجهه: "وجبار القلوب على فطراتها هو من جبر العظم المكسور" كأنه أقام القلوب وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والإقرار به شقيها وسعيدها, جَبِيرَتِي: جبيرة مع يا النسبة للمتكلم, أي: ما أعطي الشيخ من خصاصية رتق فتق قلب المريد و جمعه, عند التجليّات

المعني: هذا البيت و التالي في شرح البيت رقم (13) من التائية: وَأَفْطُمُ مِنْكُمْ مَنْ أَتَمَّ رِضَاعَةً *** وَأُورِثُ سِرِّيَ لِلَّذِي فِيهِ صِبْغَتِي فَنِعْمَ: الفاء استئنافية, نِعْمَ: ضدُّ بِئْس و تقال نِعْمَ للمدح كما تقال بِئْسَ للذّم, يعني مولانا هنا يمدح مريده
مُرِيدِي: محبي و تابعي السالك منهجي
مِن وَليدٍ: مِن حرف: لتبين النوع, وليد: الوليد الصبي حين يولد, عندما يأخذ الطريقة, و مُرضَعٍ: الواو للعطف, مُرضَعٍ: يتربي بالرضاعة في بداية عمره, و الرضاعة هي تلقي الذكر باللسان ثم الترقي و يربّيه الشيخ أول عهده بالطريقة بمحبة النبي صلي الله عليه و سلم و آل بيته, قال رضي الله عنه: وَأَرْضَعْتُ أبْنَائِي هَوَى آلِ أَحْمَدٍ *** فَأَوْرَثَهُمْ طَهَ الصَّفَاءَ وَرَحْمَتِي (25 ق 1) بي: الباء للوسيلة أو الواسطة أي: بواسطتي
اللَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ: قَدْ للتأكيد, أَعْطَاهُ اللَّهُ, العطاء الإلهي, الكرم
كَفْرَ الْخَطِيئَةِ: كَفْرَ: الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه, الْخَطِيئَةِ: الذنب, أي: ستر الذنوب و محوها, يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه إنّ السيئات و الحسنات ككفتي ميزان, فيجتهد المريد و برعاية الشيخ ترجح كفة حسناته, لقوله تعالي: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) هود 114

المعني: هذا البيت متابعة للبيت السابق: فَنِعْمَ مُرِيدِي مِن وَليدٍ وَمُرْضَعٍ *** بِي اللَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ كَفْرَ الْخَطِيئَةِ فَأُورِثُه: أورثه الشيء أعقبه إياه, أي: أورث مُريدي, قال تعالي: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا) مريم 63 سِرِّي: السِرّ الخفيّ من الأمر, و ما لا يفصح به إلا لأهل القرب و الأمناء عليه, و السِرَ تلك القوة الخفيّة التي تخصّ ذلك الشخص, و سرّ الشيخ ما يخصّه, و عن القصائد قال رضي الله عنه: لَهَا الإِنْشَاءُ بَلْ وَلَهَا الْجَوَارِي *** وَسِرُّ السّرِّ أُوِدعَ فِي حَشَاهَا (15 ق 29) وَيَكْفِيهِ مَوْرِثاً: الواو للعطف, يَكْفِيهِ: يقوم بأمره فلا يحتاج لغيره, مَوْرِثاً: يُعرب إسم منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره أخص، أو أعني, أي: يكفيه أعني مَوْرِثاً, و مَوْرِث اسم الفعل وَرِثَ
وَأُبْدلُهُ عَنْ كُلِّ هَمٍّ بِهِمَّةِ: الواو للعطف, أُبْدلُه: بدل الشيء وبدله وبديله الخلف منه وتبديل الشيء تغييره وتبدله به إذا أخذه مكانه, و الفاعل هنا الشيخ يفعل فعل التبديل في المريد من الهمّ إلي الهِمّة, قال تعالي: (ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) الأعراف 95 عَنْ: كُلِّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, هَمٍّ: الهمّ الهم الحزن و ما يشغل من أمر الدنيا باتبّاع النفس و الشيطان, بِهِمَّةِ: الهّمة حافز في القلب علي ارتياد العمل و المجاهدة, و الهمّ و الهِمّة كلاهما ناجمٌ عن وجة اتّباع و ميلان الهوي, فإذا مال الهوي مع النفس و الشيطان صار همّاً و إذا مال مع الله و الذّكر صار همّة, قال صلي الله عليه و سلم: "لَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ حَتَّى يَكُون هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْت بِهِ"

المعني: فَذِي: الفاء تفسيرية, لما يرث المريد, ذِي: إشارة لجمع مؤنث جنّة, جنّات, في البيت السابق: فَأُورِثُهُ سِرِّي وَيَكْفِيهِ مَوْرِثاً *** وَأُبْدلُهُ عَنْ كُلِّ هَمٍّ بِهِمَّةِ سَبْعُ جَنَّاتٍ: درجات المؤمنين, قال تعالي: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا) مريم 63 , و المؤمنون ميزتهم التقوي, المؤدية إلي مرتبة الإحسان, كما أوضحت الآية: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة 93 وَثِنْتَانِ بَعْدَهَا: الواو للعطف, ثِنْتَانِ: اثنتان, خففت بحذف الألف مما أدي للحفاظ علي الوزن لغوياً, أي: جنّتان, بَعْدَهَا: بعد السبع جنّات, أي: جنّتان لأهل درجة الإحسان, الأولياء, جنّة المشاهدة و جنّة المعرفة, الآية: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) الرحمن 46 فَجَنَّةُ أَعْيَانٍ: الفاء للعطف تفيد التعقيب و الترتيب, جَنَّةُ أَعْيَانٍ: جنّة المعرفة, يصير عارف إلهي
وَجَنَّةُ قُرْبَةِ: الواو للعطف و لا تشترط الترتيب, جَنَّةُ قُرْبَةِ: للمقربين, لأهل المشاهدة, ذلك أن جنّة القُرب تأتي قبل جنّة المعرفة, و جنّة المعرفة هي الأعلي

المعني: هذا البيت و التالي في شرح البيت رقم (14) من التائية: لَقِيتُ مِنَ الْمَوْلَى رِضَاهُ وَقُرْبَهُ *** نَشَرْتُ عَلَيْكُمْ بُرْدَتِي وَعَبَاءَتِي (14 ق 1) عَبَاءَتِي الْغَرَّاءُ: عَبَاءَتِي: العباءة ضرب من الأكسية واسع فيه خطوط سود كبار, الْغَرَّاءُ: يُشار بها إلي البياض و أول الشئ غُرّته و يكُني بها للشرف, أي: الشرف النبوي الذي ناله بالانتساب و الإضافة لآل البيت رضي الله عنهم, و هم أهل العَباء و الكِساء, كما في قصة المباهلة
وَالْبُرْدُ: الواو للعطف, الْبُرْدُ: أو البُردة كساء يلتحف (شال أو ملفحة) , الرضوان, أعلي مواطن القُرب من الله, قال رضي الله عنه: وَأَفْتَرِشُ التَّأْيِيدَ حَقّاً وَإِنَّنِي *** لأَلْتَحِفُ الرِّضْوَانَ وَالنُّورُ حُلَّتِي (51 ق 1) خِلْعَةُ: الخِلْعَةُ: الوقاية و الستر من خلَع عليه خِلعةَ أي: طرحها عليه و ستره بها, وقاية الشيخ للمُريد
تُظِلكُمُ: من الظِلّ و هو الوقاية من الشمس و الحرّ, شدةّ التجلّي
فَلْتَهْنَأُوا: الفاء سببية, اللام للتأكيد, تَهْنَأُوا: (أي: يا أبناء الطريقة) , تَهْنَأُوا من الهنيء والمهنأ ما أتاك بلا مشقة, و استمتعت و فرحت به
بِالنَّشِيَرةِ: الباء حرف جر لاصق, النَّشِيَرةِ: من النشر الحياة وأنشر الله الريح أحياها بعد موت وأرسلها نشرا, النشيرة الطريقة لنشره بعد أن كانت مخفية في غيابت الزمان, قال رضي الله عنه: هَنِيئاً لِمَنْ أَمَّ الْحِمَى وَبِيَ احْتَمَى *** هَنِيئاً لَمَنْ يُسْقَى بِرَاحِ طَرِيقَتِي (22 ق 1)

المعني: هذا البيت و التالي في شرح البيت رقم (15) من التائية: وَإِنِّي وَأَيْمُ اللَّهِ مَا غِبْتُ عَنْكُمُ *** وَعَارِيَتِي رُدَّتْ لِرَبِّ الْبَرِيَّةِ (15 ق 1) بِلاَ: الباء حرف جر لاصق, لا: النافية
حَنَثٍ: الحِنثُ الخلف في اليمين حنث في يمينه حنثا وحنثا لم يبر فيها, الحَنَث اسم الفعل من حَنَثَ يحنِثُ, أي: يخلف اليمين أو القسم,
أَقْسَمْتُ: حين أقسم بقوله (وَإِنِّي وَأَيْمُ اللَّهِ مَا غِبْتُ عَنْكُمُ) البيت 15 لن أرجع عن قولي. يقول ذلك للتأكيد, و التثبيت الذي كان يحتاجه الإخوان بعد انتقاله رضي الله عنه
مَا غِبْتُ عَنْكُمُ: مَا: النافية, مَا غِبْتُ: مَا صرت غيباً (بالانتقال) و الغيبُ ضدّ الشهادة, أي: أنا معكم في عالم الشهادة, حاضرٌ فيكم و بينكم, قال رضي الله عنه: وَإِنِّي فِيكُمْ فَاشْهَدُونِي وَعَاينُوا *** جَمَالِيَ مَوْصُولٌ وَسِرِّي بِصُحْبَتِي (16 ق 1) فَلَسْتُ: فاء سببية, لَسْتُ: ليس: فعل ماض والتاء تاء الفاعل, و هي من حروف الاستثناء
بِحَلاَّفٍ: الحَلفُ القَسَم, الصيغة للمبالغة أي كثير الحلف
مَهِينٍ: من المَهانة الحَقَارة والصُّغْر, وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: ليس بالجافي ولا المَهينِ, قال تعالي: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ) القلم 10 مُعَنّتِ: العَنَتُ: دُخُولُ المَشَقَّةِ على الإِنسان، ولقاءُ الشدَّةِ, وفي التنزيل: (ولو شاء اللهُ لأَعْنَتَكم) البقرة 220 المُعَنّتِ: من يدخل المشّقة علي الآخرين, و في الآية: (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) التّوبة 128

المعني:
حَوَتْنِي قُلُوبٌ: حَوَتْنِي: حَوَى مع يا المتكلم (سيدي فخر الدين) , حَوَى: حَوَى الشيءَ يحوِيه حَيّاً وحَوَايَةً واحْتَواه واحْتَوى عليه: جمَعَه وأَحرزه, قُلُوبٌ: القلب موطن الإدراك و الإيمان, حَوَتْنِي: جمعتني بداخلها
تَعْرِفُ: أي: القلوب, تَعْرِفُ تعلم
الْحُبَّ مَسْلَكاً: المَسلَك من سَلَك و هي تدلّ على نفوذ شيءٍ في شيء, يقال سلكت الطَّريقَ أَسلُكُه, تَعْرِفُ الْحُبَّ مَسْلَكاً: تنتهجه نهجاً و طريقةً
حَوَانِي فُؤَادٌ: حَوَانِي: كما ورد أعلاه, فُؤَادٌ: الفُؤَادٌ هو الجامع للقلب موطن المشاعر و الأحاسيس, و أصله من فأَد الخبزة في المَلَّة يَفْأَدُها فَأْداً: شواها, و سمي الفؤاد لتفوده و توقّده, يقول رضي الله عنه: كَمْ مِنْ فُؤَادٍ يَشْتَكِي بَثَّ الْقِلَى *** بِالصَّمْتِ تُسْمَعُ آهَةٌ وَأَنِينُ (11 ق 67) شَاهِدٌ بِالتَّجِلَّةِ: شَاهِدٌ: في موطن الشهود, بِالتَّجِلَّةِ: التَّجِلَّة الجَلالة أَي عَظُم القَدْر, شَاهِدٌ بِالتَّجِلَّةِ: شهد (رأي) عظمة الشيخ رضي الله عنه, و لذلك فالفؤاد واحد معني به الخليفة الوارث النبوي حيث الخطاب بالفؤاد الواحد مرتبة نبوية من حيث تمكنه من المشاهدة الحقّية, قال تعالي: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) النجم 7

المعني: هذا البيت و التالي في شرح البيت رقم (16) من التائية: وَإِنِّي فِيكُمْ فَاشْهَدُونِي وَعَاينُوا *** جَمَالِيَ مَوْصُولٌ وَسِرِّي بِصُحْبَتِي (16 ق 1) أَقُولُ: القول الجزء من الكلام و هو في القصائد البيت و يشير إلي البيت (16) أعلاه من التائية
جَمَالِي: جَمَالِي: الجمال بتعريف أهل اللغة هو صفة تلحظ في الأشياء وتبعث في النفوس سروراً أو إحساساً بالانتظام والتناغم، و في الحقيقة هو مجموع الصفات التي تشمل كل ما تطيب به العباد من أصناف المشاهدة و العطاء و هو نعوت الرحمة والألطاف, (نعمتي الإيجاد و الإمداد) , جمالي عليكم: تجلّي جمال الشيخ علي المريدين
لاَ جَلاَلِي عَلَيْكُمُ: لاَ: النافية, جَلاَلِي عَلَيْكُمُ: الجلال في اللغة هو العظمة و الرهبةو و في الحقيقة ما يشمل صفات القهر و الرهبة و الخوف المقلق، والوجل المزعج، والغلبة العظيمة على القلب بما يظهر على الجوارح، يعطي في القلوب هيبةً وتعظيماً, لاَ جَلاَلِي عَلَيْكُمُ: نفي تجلي الشيخ بصفات الجلال علي المريدين, قال رضي الله عنه: فَذَاتِيَ شَمْسٌ لَوْ تَجَلَّتْ لأَحْرَقَتْ *** وَلكِنْ بِفَضْلِ اللَّهِ أضْحَتْ مُضِيئَتِي (24 ق 1) وَأَغْشَيْتُكُمْ: من غَشَّيْت الشيءَ تَغْشِية إِذا غَطَّيْته, أي: سترته, و من ذلك قوله تعالي: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) اللَّيْل 1 و يقابله قوله تعالي: (وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) اللَّيْل 2 فكان تغشي الليل عبارة عن الستر سِتْراً جَمِيلاً: سِتْراً: السِتْر الوقاية, جَمِيلاً الجميل من الفعل ما يقع علي المتلقي رضاً و محبّة, خلق إلهي, قال تعالي في الآية: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) يوسف 18 و جاء في التحصين الشريف لسيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه: "اللهم يا جميلّ السّتر, إذا أحاط البلاء من سدرة المنتهي" بِوَصْلَتِي: الباء يعني بواسطة, وَصْلَتِي: كلُّ شيء اتَّصَل بشيء فما بينهما وُصْلة أو وَصْلة, يعني بوصلتكم معي, و هي معيّة الشيخ

المعني:
هذا البيت و التالي في شرح البيت رقم (17) من التائية:
رَوَيْتُ عَنِ الْمَحْبُوبِ مَا قَدْ رَأَيْتُه *** وَسِرُّ أَبِي الْعَيْنَيْنِ مَتْنِ رِوَايَتِي (17 ق 1) رَأيْتُ عَيَاناً: أي: رؤية العين, شهادةً
مَا رَويْتُ: مَا: الذي, رَويْتُ: تلوتُ الكلام حتي يُحفظ, و الذي رويتُ يعني بها قصائد شراب الوصل
لِعَاشِقٍ: العاشق من يعشق و العشق هو المحبّة الزائدة التي تلي درجة الحبّ و الحُبّ سبع درجات: ميل-حُبّ-عِشق-غرام- هُيام-وّلّه- تتيُم, و هو ذلك الحُب الذي يقتضي التعلق من غير انفكاك من المحبوب
الرَّوِيَّةِ: التوأدة و الأناة و التمهّل
تَرَوَّى فَهَامَتْ رُوحُهُ بِالرَّوِيَّةِ: تَرَوَّى: طلب الريّ أو استسقي, طلب الشرب للريّ من شرابي, فَهَامَتْ: الفاء للعطف تفيد الترتيب و التعقيب, هَامَتْ: الهُيامُ: من هامَت الناقةُ تَهِيم: ذهَبَت على وجِهها لرَعْيٍ كهَمَتْ، ورجل هَيْمانُ: مُحِبٌّ شديدُ الوَجْدِ. والهُيامُ: كالجنون، و هو ما يلي العِشق من مراتب الحُبّ, أي: اشتداد العِشق, العاشق لكلام سيدي فخر الدين الطالب للريّ منه شرب في تأنٍ حتي هامت روحه و انطلقت لتأتي المورد العذب الرّوي, رُوحُهُ: الرّوح هي مجلي الحقائق و إناء الشراب, و الشراب هو العلوم الحقيّة و التجلّيات العالية, بِالرَّوِيَّةِ: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة الرَّوِيَّةِ, الرَّوِيَّةِ: هي النظم لما يشتمله من القافية و القافية هي الرّوي وَقُلْتُ قُلُوبَكُمْ بِالْحَقِّ تُرْوَى *** بِعِلْمٍ بِالتَّرَوِّي كَالْخِضَابِ (10 ق 74) ملاحظة بلاغية: هذا البيت ملئ بالجناس اللفظي بدرجة نادراً ما توجد إذا حوي أربع كلمات متجانسة: (رَأيْتُ - رَويْتُ - تَرَوَّى - بِالرَّوِيَّةِ)

المعني:
هذا البيت و التالي في شرح البيت رقم (18) من التائية: أَلاَ فَخُذُوا عَنِّي الآحَادَ مُعَنْعَناً *** أَصَحُّ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ رِوَايَتِي (18 ق 1) أَحَادُ أَحَادِيثِ الصَّحَابَةِ: أحاديث الآحاد, أحاديث الآحاد, ما جاء عن طريق واحد من الصحابة و لم يكن متواتراً, من ذلك حديث سيدنا جابر الأنصاري رضي الله عنه: عن جابر-رضي الله عنه-قال: سألت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن أول شئ خلقه الله تعالى؟ فقال:: "نُورُ نبيّك يا جابر" ... و غيره من أحاديث الآحاد, الصَّحَابَةِ: تعريف الصحابي هو من رأي رسول الله صلي الله عليه و سلم و لو للحظة
عُمْدَةٌ: العُمْدَةُ ما يُعتَمَدُ عليه, أي: يُعتمد علي أحاديث الآحاد, و قد ذكر في دروسه رضي الله عنه أنّ الحديث الذي يرويه وليّ من الأولياء يُعتَمَدُ عليه لأنّه يري حضرة النبي صلي الله عليه و سلم و ذكر في ذلك أمثلة كثيرة, و لهذا يؤخذ بحديث الآحاد الذي يرويه سيدي فخر الدين رضي الله عنه
فّأَعْيُنُهُمْ للِسَّمْعِ نِعْمَ الْعَضِيدَةِ: فّأَعْيُنُهُمْ: الفاء سببية, أَعْيُنُهُمْ: أي: أعيُن السادة الصحابة رضوان الله عليهم لأنهم رأوا حضرة النبي صلي الله عليه و سلم بها, للِسَّمْعِ: سمع الصحابة أي: سمعوا الحديث عن حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, نِعْمَ الْعَضِيدَةِ: نِعْمَ: للمدح و الإعجاب, الْعَضِيدَةِ: من يعضّد الشئ, يدعمه, و أصلها من العضد الساعدُ عضّدَ دعم و أعان, .. لتسهيل المعني نعيد تركيبة العبارة: فّأَعْيُنُهُمْ نِعْمَ الْعَضِيدَةِ للِسَّمْعِ, يعني سمعوا و رأوا, المرأي منهم لحضرة النبي صلّي الله عليه و سلّم, فكانت رؤيتهم له بالعين داعماً لصحة الحديث المروي عن طريق آحادهم

المعني: كَذَلِكَ: الكاف للتشبيه, ذلك اسم إشارة للبعيد, أي: التشبيه برواية الصحابة رضي الله عنهم عن حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, التي يدعمها رؤيتهم له بالعين, فما أرويه سمعته و رأيته مثلهم, و اسم الإشارة يتعلق بما جاء في البيت السابق: أَحَادُ أَحَادِيثِ الصَّحَابَةِ عُمْدَةٌ *** فّأَعْيُنُهُمْ للِسَّمْعِ نِعْمَ الْعَضِيدَةِ مَا أَرْوِيهِ: مَا: الذي, أَرْوِيهِ: أقوله و أحفظكم إيّاه, أي: قصائد شراب الوصل
حَقاًّ مَقَامُهُ: مَقَامُهُ: مكانته, حَقاًّ: من حقّ اليقين, قال رضي الله عنه في (4 - 6 ق 4): لَوْ كَانَ مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ *** فَكُلُّ عِلْمٍ يُغْلَبُ
أَوْ كَانَ مِنْ عَيْنِ الْيَقِينِ *** فَكُلُّ عَيْنٍ تُحْجَبُ
إِذْ كَانَ مِنْ حَقِّ الْيَقِينِ *** فَمَا أَجَلَّ الْمَأْربُ
تَقَلَّدَ فِي التَرْتِيبِ: تَقَلَّدَ: من والقِلادَة: ما جُعِل في العُنُق علامةً علي التشريف و المكانة, فِي التَرْتِيبِ: في المنزلة و المكانة
أَعْظَمَ رُتْبَةِ: أَعْظَمَ: أكبر من العظيم الكبير و العظمة هي الرئاسة و القيادة, كان صلي الله عليه و سلم حين يكتب للزعماء و الملوك يكتب: "من محمدٍ رسول الله إلي كسر عظيم فارس ,,,, أو إلي قيصر عظيم الرّوم .... " و هكذا, رُتْبَةِ: الرُّتْبَةِ المنزلة و المكانة

المعني: فَكَيْفَ: الفاء استئنافية, كَيْفَ: اسم استفهام لتعيين الحال, كقوله تعالى (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله) آل عمران 101 يُوَالِي: من الوَلْيُ: القُرْبُ، والدُّنُوُّ، أي: يصاحب و يُقارب
الْخِلُّ: من الخُلَّة و هي الصداقة المختصة التي ليس فيها خَلَل, قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً" الْخِلُّ الذي يحبّنا و قرّبناه, منّا
خَالٍ مِنَ الْهَوَى: خَالٍ: من خَلا المكانُ والشيءُ يَخْلُو خُلُوّاً وخَلاءً وأَخْلَى إِذا لم يكن فيه أَحد ولا شيء فيه، وهو خالٍ, عديم الهوي, مِنَ الْهَوَى: الْهَوَى الحُبَ, عديم الحُبَ, من حكم الشيخ العبيد ود بدر: "الما عنده محبّة ما عنده الحبّة" , أي: فاقد كل شئ
وَكَيْفَ: الواو للعطف, كَيْفَ: للاستفهام كما ذُكر
يُوَاسِي: أسا الجُرْحَ أسْوًا وأسًا: داواهُ, يخفف عليهم ما بهم من أذي
الآيِسِينَ: من اليأس أي عدم الرجاء, في الحديث: ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه (آيس من رحمة الله) بِغضْبتِي: كيف يريد أن يواسيهم و ثمن ذلك غضبتي, و السؤال استنكار علي من نعِم بمحبّة المشائخ أن يصحب من خليت قلوبهم من محبته (الفارغين من المحبّة)
نكتة: أنظر الجناس البلاغي في عبارتيه: الْخِلُّ – خَالٍ, يُوَاسِي-الآيِسِينَ. في شغل في اللغة في القصائد محتاج لمجمع لغوي يبحث فيه

المعني:
حَدِيثِي: الحديث الجزء من الكلام يتناول موضوع محدد, القول جزء من الحديث, و الحديث من شراب الوصل هو القصيدة الواحدة, قال رضي الله عنه: حَدِيثُ الْمُرْسَلاَتِ بِصِدْقِ وَعْدِي *** وَوَيْلٌ عَشْرُ آيَاتٍ عُشَار (1 ق 31) نُورٌ لَوْ تَلَقَّاهُ مُهْتَدٍ: نُورٌ: النّور الهُدي, قال تعالي: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المائدة 16 والنور هو الذي يبين الأَشياء ويُرِي الأَبصار حقيقتها، لَوْ تَلَقَّاهُ: لَوْ: شرطية بمعني إذا, تَلَقَّاهُ: استقبله التَّلقي يعني الاستقبال, قال تعالي: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة 37 مُهْتَدٍ: المُهْتَدي هو الذي عرف الطريق الي الحق و الرشاد
وَنَارٌ عَلَى قَلْبٍ غَدَا فِي أَكِنَّةِ: الواو للعطف, أي: أن حديثي يتصف نَارٌ: النّار هي ما تُحرق و تؤذي, كناية عن الضلال, عَلَى قَلْبٍ: القلب: لتقلبه بين الهُدي و الضلال و الير و الشّر, غَدَا: من الغدوة و هي أول النهار, أي: اكتمل فيه الضلال, فِي أَكِنَّةِ: الأَكِنَّةُ الأَغطِيَةُ, لا يري نور الهداية, الآية: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) الأنعام 28

المعني:
وَإِنَّ: واوا العطف, إِنَّ للتوكيد
حِبَالَ الْوَصْلِ: حِبَالَ: جمع حَبل و الحبل الرباط, والحبل التواصل و الوصال, الْوَصْلِ: وصلت الشيء وصلا وصلة والوصل ضد الهجران, و الْوَصْلِ ربطُ الشيئين ببعضهما فلا انفصال, و الْوَصْلِ هو الْوَصْلِ بالله تعالي, و الفناء عنده و البقاء به
بِالأَصْلِ أُوصِلَتْ: الباء حرف جر لاصق كقولك أمسكتُ بالحيل, الأَصْلِ: هو أساس الشئ الذي يقوم عليه, و الأصل هو حضرة النبي صلّي الله عليه و سلّم, أصل كلّ الكائنات, قال سيدي فخر الدين: لَهَا الْمَعْصُومُ أَصْلٌ وَهُوَ جَدِّي *** وَمِنْ نُورِ الْعَبَاءَةِ قَدْ كَسَاهَا (14 ق 29) وَإِنَّى حَبْلُ اللَّهِ: وَإِنَّى: الواو للعطف, إنَّ للتوكيد, حَبْلُ اللَّهِ: الصلة التي تربط و توصل بالله, للوراثة النبوية المحمديّة التي نالها رضي الله عنه و بها التخلق بالقرآن الكريم, قال تعالي: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا, وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا, كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران 103 حبل الله القرآن, لذلك هو حَبْلُ اللَّهِ. في الحديث: "كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أذله الله وهو حبل الله المتين" و في الحديث عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَتْ: "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ" و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: فلاَ جَدَلٌ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَضِدِّهِ *** فإِنِّيَ صَرْحٌ وَالْقُرْآنُ يُشيدُنِي (12 ق 36) وَالْوَصْلُ فَيْئَتِي: الفَيْءُ: ما كانت عليه الشمسُ فَزالَتْ عنه فهو فَيْءٌ، وما لم تكن عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ, و لذلك الفَيْءُ بالعشىّ, أي: لكونه رضي الله عنه يحتوي الهو النبوي, باطنه حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, أشر لذلك ب (وَإِنَّى) , ذلك هو الوصل, الوصل بالشيخ و به الوصل بحضرة النبي صلي الله عليه و سلم و به الوصل الأعظم بالله تعالي

المعني: هذا البيت في شرح البيت رقم (22) من التائية: هَنِيئاً لِمَنْ أَمَّ الْحِمَى وَبِيَ احْتَمَى *** هَنِيئاً لَمَنْ يُسْقَى بِرَاحِ طَرِيقَتِي (22 ق 1) وَبِي: الباء للوسيلة, مع ياء المتكلم, أي: سيدي فخر الدين, أي: بواسطتي
يَهْتَدِي لِلْقَصْدِ: يَهْتَدِي: من الهدى ضد الضلال وهو الرشاد والدلالة, القصد: استقامة الطريق, قَصَد يَقْصِدُ قصداً، فهو قاصِد
مِنْ جَاءَ قَاصِداً حِمَايَ: مِنْ: الذي, جَاءَ: أتي, قَاصِداً: طالباً, حِمَايَ: المكان الذي فيه الحماية, الطريقة
وَإِنْ حُمَّ القضاء بِالْحَمِيَّةِ: وَإِنْ: الواو واو المعية, إِنْ: شرطية بمعني إذا, حُمَّ القضاء: قُدِّرَ, الحَمِيَّةِ: حَمَيْت القومَ حِماية، وحَمَى فلانٌ أَنْفَه يَحْمِيه حَمِيِّةً ومَحْمِيَةً, وفلان ذُو حَمِيَّةٍ مُنْكَرةَ إذا كان ذا غضب وأَنَفَةٍ .... الْحَمِيَّةِ: إحاطة البلاء و شدتّه, قال رضي الله عنه: وَإِنِّي حِينَ الْبَأْسِ لِلْحِبِّ نَاصِرٌ *** عَلَى كُلِّ ذِي بَطْشٍ شَدِيدٍ مُعَانِدِ (13 ق 14)

المعني:
هذا البيت في شرح البيت رقم (56) من التائية: وَإِنِّي حَقٌّ وَالْحَقِيقَةُ أُودِعَتْ *** غَيَابَةَ جُبٍّ يُوسُفِيٍّ بِفِطْنَةِ (56 ق 1) وَمَا الْجُبُّ: ما النافية, الْجُبُّ: البئر, إشارة إلي الزّمان, الطريقة أخفيت حتي يجئ سيدي فخر الدين و ينشرها, الإشارة من الآية: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) يوسف 15 إِلاَّ: استثناء, سبقتها ما النافية لتفيد الحصر و التأكيد
جَبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا: الجَبُّ: القَطْعُ, مَا كَانَ: الذي كان – من أعمال المريد - قَبْلَهَا: راجعة للطريقة, في حديث يرويه سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه, عن النبي صلي الله عليه و سلم, قال: "الإسلام يجبُّ ما قبله" تنقل المريد في مراتب الطريق من قتل النفوس إلي السير إلي الله
وَمَا الْمَاءُ: الواو للعطف, مَا النافية, إشارة لماء البئر الذي وردته القافلة في قصة سيدنا يوسف عليه السلام, و يعني المدد, كلّ المدد من سيدي إبراهيم الدسوقي, توضيح للبيت رقم 57: وَكَانَ أَبُو الْعَيْنَيْنِ وَارِدَ مَائِهَا *** فَأَدْلَى بِدَلْوٍ قَالَ تِلْكَ بِشَارَتِي (57 ق 1) إِلاَّ مَا بِهِ الأَرْضُ مُدَّتِ: إِلاَّ: استثنائية سبقتها ما النافية تفيد الحصر و التأكيد, مَا: اسم موصول بمعني الذي, بِهِ: بواسطته, الأَرْضُ: موطن انتشار الطريقة, مُدَّتِ: وصلها المدد و المدد الزيادة, في الآية: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) الجن 16

المعني:
أَلاَ: للتنبه إِنَّ: للتأكيد دَاءَ الْحُبِّ: الدّاء المرض, الْحُبِّ تعلّق القلب بالمحبوب, مؤلم, يقول سيدي فخر الدين: لَمَّا تَرَاءَى لِلْعُيُونِ جَمَالُهَا *** كَدَّ الْمُحِبُّ بِهَا نَهَارَ مَعَاشِهِ و يقول سلطان عاشقي زمانه سيدي ابن الفارض: زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً *** وارحمْ حشى ً بلظي هواكَ تسعَّراً
وإذا سألتكَ أنْ أراكَ حقيقة ً*** فاسمَحْ، ولا تجعلْ جوابي: لن تَرَى
يا قلبُ! أنتَ وعدتَني في حُبّهمْ *** صبراً فحاذرْ أنْ تضيقَ وتضجرا
للِصَبِّ عِلَّةٌ: الصَبٌّ العاشق المشتاق، عِلَّةٌ يضاعف عناءه وَلَكِنَّهَا: لَكِنَّ حرف ناسخ لما قبله من الجملة, الهَاء ضمير ترجع ل"عِلَّةٌ"
تَشْفِي: الشِّفاء: الدواءٌ الذي يُبرئُ من السَّقَم و المرض
عُضَالَ الأَعِلَّةِ: عُضَالَ شديدٌ غالبٌ, عُضَالَ الأَعِلَّةِ: القوي من الأمراض, و هي النفوس, و مراتبها: أمّارة-لوّامة-مُلهَمة-مُطمئنة-راضية-مرضية-كاملة, يعني الحبّ به معاناة و لكنه يخلّص المريد من النفوس, و الشفاء يزيل المرض نهائياً. و لسيدي فخر الدين عبارة جزِلة في حرب النفوس, يقول: "لتأمن الكِلاب يجب عليك أن تُصاحِب صاحبَ الكِلاب" يعني بقوله الكلاب النفوس و صاحبها الذي تصاحبه هو الشيخ لأنه يعرف مسايستها و كيف يخلّصك منها, و قد فصّل ذلك رضي الله عنه في القصيدة السادسة في الأبيات من 10 إلي 22:
كَمْ مِنْ عَدُوٍّ فِي بَنِيَّ قَتَلْتُهُ *** حَتَّى غَدَوْا بِتَنَفُّسِ الصَّعْدَاءِ
أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ بِئْسَ شَرَابُهَا *** فَهْوَ الزُّعَافُ وَقِمَّةُ الْبَلْوَاءِ
فِي قَتْلِهَا نِعْمَ الثَّوَابُ لِقَاتِلٍ *** عَنْكُمْ أَمَاطَ مَصَادِرَ الإِيذَاءِ
مِنْ بَعْدِهَا لَوَّامَةٌ بِدَهَائِهَا *** للِنَّاسِ بَيْنَ تَقَارُبٍ وَتَنَائِي
فِي خَيْرِهَا شَرٌّ وَشَرٌّ ضُرُّهَا *** لَيْتَ الْمُحِبَّ يَفُوزُ بِالإِصْغَاءِ
مِنْ بَعْدِهَا نَجْدُ الْفُجُورِ لِمُبْعَدٍ *** نَجْدُ التُّقَى بِمَلاَئِكِ الأَسْمَاءِ
قَدْ أَفْلَحَ السَّارِي إِلَى نَجْدِ التُّقَى *** خَابَ الَّذِي مَا فَازَ بِالإِسْرَاءِ
وَالْمُطْمَئِنَّةُ فِي عَظِيمِ فُضُولِهَا *** هِيَ فِتْنَةٌ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءِ
وَالرَّاضِيَاتُ إِذَا الْعَزَائِمُ ثُبِطّتْ *** رَضِيَتْ بِسَيْرٍ ثُمَّ بِاسْتِبْقَاءِ
ثُمَّ الَّتِي قُبِلَتْ عَلَى عِلاَّتِهَا *** فِي نَحْرِهَا يَبْدُو أَجَلُّ فِدَاءِ
مِنْ بَعْدِهَا يَحْيَا الْمُرِيدُ بِفِطْرَةٍ *** ذَاكَ الْفِطَامُ وَذَا أَتَمُّ عَطَاءِ
ذِي سَبْعَةٌ عِنْدِي وَمَا مِنْ ثَامِنٍ *** أَمْلَيْتُهَا وَفَرَغْتُ مِنْ إِمْلاَئِي
لاَ يَسْتَطِيعُ الشَّيْخُ يَقْتُلُ جَمْعَهَا *** أَوْ بَعْضَهَا لَوْ كَانَ ذَا إِغْفَاءِ

المعني: وَأَقْتُلُ بِاسْمِ اللَّهِ: وَأَقْتُلُ: الواو استئنافية, أَقْتُلُ: أفني و أزيل, بِاسْمِ اللَّهِ: بِاسْمِ: بواسطة إسم اللَّهِ: التصرّف بالاسم الإلهي
فِي الصَّبِّ نَفْسَهُ: الصَّبِّ العاشق المتشوّق, نَفْسَهُ: النفس بتراكيبها الأساسية السبعة
فَيَحْيَا: الفاء السببية, بسبب قتلي للنفوس في المريد المحبّ العاشق, يَحْيَا: من الحَياةُ: نقيض الموت, انعتاق الروح من كثافة الجسد, الآية: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ) الأنعام 122 حَيَاةَ الصَّالِحينَ: الصَّالِحينَ: الأولياء, حَيَاةَ الصَّالِحينَ: الحياة في الاطلاق, الآية: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) الأعراف 196 ذكر اللسان (ذكر الغفلة) يذكر الشخص و هو صاحٍ و يغفل عند النوم, ذكر القلب يذكر نائم و صاح, ذكر الرّوج يذكر حيّ و ميّت. قال سيدي فخر الدين: لاَ تَنْثَنِي هِمَمٌ تَسِيُر بِهِمَّتِي *** فَبِهَا حَيَاةُ الْخِلِّ بَعْدَ مَمَاتِهِ (11 ق 9) بِقَتْلَتِي: باء للوسيلة, أي: بواسطة قَتْلَتِي, قَتْلَتِي: قَتْلَة واحدة للنفوس, قال رضي الله عنه: لاَ يَسْتَطِيعُ الشَّيْخُ يَقْتُلُ جَمْعَهَا *** أَوْ بَعْضَهَا لَوْ كَانَ ذَا إِغْفَاءِ (22 ق 6)

المعني:
وَعِلْمِيَ: الواو استئنافية, عِلْمِيَ: علم الحقيقة الذي وُهبتُ فِي العَلْياءُ: السماءُ, جميع المراتب
صَعْبٌ مَنَالُهُ: صَعْبٌ: الصَّعْبُ خلاف السَّهْل، مَنَالُهُ: أي: منال علمي, المَنالُ: مصدر نِلْت أَنال و هو نيل العطاء أي: الوصول إليه
وَإِنَّ ظِلاَلِي: الواو للعطف, إِنَّ: للتوكيد, ظِلاَلِي: و الظل يكون ما يلي النور بخلاف الظلام, و يعني الخليفة و الظلال الخلفاء, قال تعالي: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا) الفرقان 45 غَافِلاً: الغفلة ضد الانتباه و يعني توجّه القلب للخليفة الوارث, قال تعالي: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) الكهف 28 مَا أَظَلَّتِ: مَا: النافية. أَظَلَّتِ: غطّت و غشيت, أي: يخرج الغافل عن حماية الخليفة الوارث

المعني: يُرَاحُ: من راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، و راحَ رِيحَ الروضة يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وجد ريحها
برَاحِي: الباء للوسيلة و الواسطة, أي: بواسطة راحي, أي يجد ريح راحي, من الرّاح الخمر يعني: قصائد شراب الوصل
كُلُّ قَلْبٍ: كُلّ: حرف لاستيعاب افراد العدد, قَلْبٍ: موطن الأحاسيس و المشاعر و المشاهدة
مِنَ الْعَنَا: العناء التعب و تتعب القلوب من عدم ذكر المحبوب, و لما كانت الصلاة صلة بين العبد و ربه, خاطب المحبوب عليه الصلاة و السلام بلالاً ليؤذن بها قائلاً: أرحنا بها يا بلال, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: أُرِحْنَا بِرَاحٍ مِنْ حِمَى الْغَيْبِ سِرُّهَا *** وَصَرْصَرُهَا فِينَا الرِّيَاحُ اللَّوَاقِحُ (1 ق 82) وَمَا كُلَّ عَيْنٍ: وَمَا: واو العطف, ما النافية, كُلَّ عَيْنٍ: العين أداة الشهود و الرؤية الحقيقة
إِذْ تَرَانِي: إِذْ: ظرف زمان بمعني حين, تَرَانِي: تري رؤية العين و هو الشهود, قال رضي الله عنه: وَإِنِّي فِيكُمْ فَاشْهَدُونِي وَعَاينُوا *** جَمَالِيَ مَوْصُولٌ وَسِرِّي بِصُحْبَتِي (16 ق 1) قَرَّتِ: قرار العين سكونها لما تري, يعني: ليس كل من يراني يتحمل شهود ذاتي, قال رضي الله عنه: مَا طَابَ نَوْماً مَنْ قَدِ اسْتَرْعَيْتَهُ *** مَا لِلْمُشَاهِدِ فِي الْقَرَارِ جُفُونُ (10 ق 67)

المعني: وَإِنَّ: الواو للعطف و إِنَّ للتوكيد
ثَنَايَا وَجْهِ: الثَنَايَا الأسنان الأربع التي مقدَّم الفم، اثنتان من فوق و اثنتان من تحت, تبادرك بوجه المُستقبَل, و الثنايا تبدو للمشاهد عند الابتسام و هو أول مشاهد تجلّي الجمال, و في الحديث عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول
"ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي" مَنْ لاَحَ: مَنْ: اسم موصول بمعني الذي, يشير إلي ذاته الشريفة رضي الله عنه, لاَحَ: لاَحَ بدا و لمح كالبرق, لاح أي: لاح للمريد, أول درجات المشاهدة
جَهْرَةً: واضحاً, تجلّي واضح
لَتَذْهَبُ بِالأَلْبَابِ: اللام للتوكيد, تَذْهَبُ تعود لثَنَايَا, تَذْهَبُ بِالأَلْبَابِ: الألباب: العقول, أي: تغيّب المشاهد, كما ورد في قولهم: و إن بدا غيّبني
فِي كُلِّ طَلْعَةِ: الطَلْعَة الواحدة من مشاهد الرؤية, أي: في كلّ مرة من مرّات المشاهدة, كما هو في حالة التجلي الإلهي لسيدنا موسي عليه السلام, قال رضي الله عنه: لاَ زَالَ يَلْقَى كُلَّ يَوْمٍ دَكَّةً *** بَعْدَ الإِفَاقَةِ مِنْ خِطَابِ الطَّالِبِ (7 ق 54)

المعني: وِرَاثَةُ: الوِرَاثَةُ هي أيلولة المال أو المجد للوارث من بعد أصحابه
أَرْبَابِ الْمَكَارِمِ: أَرْبَابِ: جمع ربّ أي مالك أو صاحب, أي: أصحاب الْمَكَارِمِ, الْمَكَارِمِ: جمع مكرُمة و هي مصدر الكرم و تعني مقتضى إطلاق المجد، و يعني بهم السادة الأقطاب
رِفْعَةٌ: الرذفعة االشرف و العلو و هي نقيض الذِّلّة و الضّعة
وَرَثْتُ: ورث مع تاء المتكلم, صاحب الديون رضي الله عنه سيدي فخر الدين, و ورث أي آل أو صار اليه المجد و الشرف من أرباب المكارم
فَصَارَ: الفاء للعطف و تفيد الترتيب و صَار بمعني انتقل من مكان الي مكان
الْبَعْضُ منَّى: يعني الفرق و هو جمع جمع أي: خاصة ذاتي و هو الباطن
جُمْلَتِي: جمعي, و هو الظاهر, أي: صار باطني ظاهري, تجلّي لكي يعرف و يدلّ علي الله تعالي, و مما كان ينشد من قصائد القوم (معبراً عن حاله هو):-
(و إنّي لحيرانٌ و فرقي هي الجمعُ) – أي صار ظاهري باطني (جلوتي خلوتي). (و صرتُ موسي زماني مذ صار بعضيَ كُلّي) أيضاّ كان ينشدها معبّراً عن حاله رضي الله عنه

المعني: أَدَاعِبُ: مضارع ليفيد الاستمرارية, و المداعب هو البارع في الغناء و الموسيقي
أَوْتَارَ الْقُلُوبِ: أصلها الخيط المشدود علي القوس, ثم سُمي بها خيوط العود و الآلة الوترية في الموسيقي, يضرب عليها بالأصابع فتحدث الأنغام, و للقلوب أوتار يحركها الطرب, و إنّما تلك القلوب الحيّة, قال رضي الله عنه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ حَجُّ الْبَيْتِ لِلْسَّارِي *** وَمَيَّتُ الْقَلْبِ لاَ تُشْجِيهِ أَوْتَارِي (1 ق 31) و الأنغام هي كلّ حديث سيدي فخر الدين و الحال الذي يسكبه علي المريد, و هي القصائد تنشد و روايته في الإنشاد و ما ينفثه في روع المنشد من روايات طروبة.
فَتَنْطَلِي: الفاء السببية, الطِلا الخمر, أي فتسكر من تلك الأنغام التي يعزفها الشيخ, و قيل في مثل ذلك: ورنةُ عودٍ تمنحُ الحِبرَ سكرةً ** بفهم معانٍ لا يطاقُ لها صبرُ وَأَعْرِفُ شَكْوَاهَا: من غير أن تبوح
وَلَوْ: للتقليل كما في قوله صلي الله عليه و سلّم: (اتقّوا النار و لو بشقّ تمرة) بَثُّ أَنَّةِ: البَثُّ إظهار الحزن و الألم, الآية: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) يوسف 66 الأَنَّةِ: الواحدة من الأنين, رزيم الصدر من الألم.

المعني: وَتَخْشَعُ أَبْصَارُ الْعُيُونِ: الواو للعطف فتنطلي القلوب, تَخْشَعُ: خَشَع يَخْشَعُ وتَخَشَّعَ: رمى ببصره نحو الأَرض وغَضَّه, و في الاية: (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ) القمر 7 أَبْصَارُ الْعُيُونِ: البصيرة, قال تعالي في الآية: (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ) الأعراف 179 إشارة للبصيرة التي تبصر بها العيون, وَتَخْشَعُ أَبْصَارُ الْعُيُونِ: أي: نظرهم إلي الأسفل من الرهبة, كم قيل: كأنّما الطّيرُ حطّاً فوقَ أرؤسِهم ** لا خوفَ مكرٍ و لكِن خوفَ إجلالِ لِطَلْعَتِي: اللام حرف جرّ, الطلعة ما يبدو من الشخص إذ يواجهك, و الطلعة بداية التجلّي, قيل: أيها الطلعة التي أخذتنا ** بسناها عنا وقد أعدمتنا
ثم لما معارج القرب فتنا ** قبضة النور من قديم أرتنا
في جميع الشؤون قبضا وبسطا
إِذِ: ظرف للزمان الماضي بمعنى حين
اللَّهُ: اسم علم يدلّ علي الذّات
أَضْحَى: الضُحي هو بداية النّهار و سطوع الشمس, ظهور تام
بَعْدَ ذَا الْقَتْلِ: بَعْدَ: ظرفية تفيد ما تلي, ذَا: اسم إشارة للقريب, الْقَتْلِ: الفناء في الله, أي: فناء الشيخ في الله عند شهود التجلّي الإلهي
دِيَّتِي: الدِّيَةُ: المالُ الذي يُعطَى ولِيَّ المقتول بَدَلَ نفسِه, دِيَّتِي: أي: ما أُعطيت بعد فنائي في الله, هو دوام الشهود الله, ورد الكلام عن الديّة في الآية: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء 92 و في ذلك إشارة للعتق, قيل: عَبْدٌ رِقٍّ، مارَقّ يَوْماً لعَتْقٍ *** لوْ تَخَلّيْتَ عَنْهُ ما خَلاّكا

المعني: وَمَازِلْتُ: الواو للعطف, مَازِلْتُ: كلمة تتكون من مَا النافية و كلمة زَالً و هي فعل ماضي ناقص من أخوات كان، ومعناه النفي، و تعمل فيه مَا النافية عمل نفي النفي, أي: يصير حرف إثبات و تأكيد يفيد الاستمرارية و الدوام
مَحْفُوظاً: الحفظ الإلهي للأولياء, يقابل العصمة للأنبياء, قال تعالي: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) ق 32 وَإِنَّ بِدَايَتِي: وَإِنّ: الواو للعطف, إِنَّ: للتوكيد, بِدَايَتِي: بدَأ اللهُ الخلقَ: أوجدَهم، و البداية هي الخَلَق في مرتبة التعيين الأول في الأزل, قال تعالي: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء 104 تُرَابٌ بِمَاءِ الْغَيْبِ: تُرَابٌ: يختار الله لكل إنسان التراب الذي يتكون منه, ماء الغيب: نور النبي صلي الله عليه و سلم, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَإِنَّا قَدْ فُطِرْنَا مَاءَ غَيْبٍ *** كَمَا أَنَّ السَّمَاءَ لَهَا انْفِطَارُ (30 ق 31) أَصْبَحَ طِينَتِي: أَصْبَحَ: أشعّ, أشعّ عليه نور حضرة النبي صلّي الله عليه و سلّم, طِينَتِي: الطينة: تُرَابٌ مخلوط بالماء, لكلّ إنسان طينة – تخصّه - يُخلق منه, و من الطينة خلق الخلفاء, قال تعالي: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ) ص 71 قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (2 - 3 ق 30): عَلاَ فَوْقَ الْفُهُومِ مُرَادُ رَبِّي *** خِلاَفَتُهُ مِنَ الْبَشَرِ السَّوِيّ
فَأَوَّلُ قِبْلَةِ السُّجَّادِ طِينٌ *** عَلَيْهِ أَشِعّةُ النُّورِ الْعَلِيّ

المعني: يُصَدّقُ: يقبل قول المتكلّم, و الصدق من مرتبة الصديقة, لما قابل كفّار قريش سيدنا أبا بكر رضي الله عنه وقد قيل له: إن صاحبك يزعم أنه أُسري به، فقال: إن كان قال فقد صدق. التصديق تقبل الكلام من الوهلة الأولي.
بِالْكَلمِاتِ: القصائد, و الكَلِمَةُ هي المفردة الواحدة من الكلام و هي أيضاً: القصيدة بطولها, و لذلك تكون كلمات بمعني القصائد أو الكلمة الواحدة منها, و قال رضي الله عنه في ذكر كلمة أو كلمات: كَمْ لِي بِفَضْلِ اللَّهِ مِنْ آيَاتِ *** مَأْثُورَتِي وَقُطُوفُهَا كَلِمَاتِي (1 ق 26)
كَلِمَاتُ مَا يُتْلَى كَحَدِّ الْفَيْصَلِ *** هِيَ مِنْ عَطَاءِ الْمُنْعِمِ الْمُتَفَضّلِ (1 ق 38)
مِنْ آيَتِي يَسْقِي أَرْبَابُ حَظْوَتِنَا *** عَذْبَ الْحَدِيثِ وَمِنهْا طَيِّبَ الْكَلِمِ (1 ق 40)
أَهْلُ مَحَبَّتِي: أهل المكان هم الذين يقيمون به, و من ذلك أهل الله: أهل الاشتغال بالله, أهل البيت: ساكنيه من زوج و أولاد, أهل السماء (الغيب) , أهل المحبّة من يجمعهم الاشتغال بالمحبّة. و أهل الذكر (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) النحل 43 أهل الصنعة الواحدة, أَهْلُ مَحَبَّتِي: من تجمعهم محبتي
فَأَنْفَخُ فِيهِمْ: الفاء سببية, أَنْفَخُ فِيهِمْ: نفَخ في الشَّيءِ: هيَّجه، حرّكه بريح أخرجه من فمه, النفخ موجب العطاء من غير طلب, كقوله تعالي: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا) الأنبياء 91 أعطاها ابناً من غير أن تطلب, و الفرج عند أهل المحبّة القلب, و تحصينه المحبّة
مِنْ عُلُومٍ زَكِيَّةِ: مِنْ للبعضيّة, عُلُومٍ: عُلُومٍ الحقائق, زَكِيَّةِ: من الزكاء و هو النماء, أي: علوم نامية تعطي كلما أخذت منها, وفي حديث سيدنا الإمام علي، كرم الله وجهه: المالُ تنقُصه النَّفقة والعِلم يَزْكُو على الإِنْفاقِ, أي ينمو, قال: وَتُؤْتِي بِإِذْنِي كُلَّ حِينٍ أُكْلَهَا *** وَتُمْطِرْنَ مَا لاَ تَحْتَمِلْهُ سَحَائِبُ (12 ق 27)

المعني: وَأَكْشِفُ: الواوللعطف, أَكْشِفُ: الكشْفُ: رفعُك الشيء عما يُواريه ويغطّيه، يزيل غشاوات القلوب فتبصر علمه رضي الله عنه و مراتب الكشف: الرؤيا الصالحة ثم الإلهام ثم التنوير ثمّ الكشف ثم الفتح ثم الفتح المبين, مراتب نور البصائر
لِلأَحْبَابِ: الأَحْبَابِ: جَمْعُ الحِبِّ, الحِبِّ المُحبّ المحبوب (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) المائدة 54 عَنْ عِلْمِيَ: عَنْ: حرف جرّ, عِلْمِيَ: العلم الذي خُصصت به
الَّذِي جَوَاهِرُهُ: الَّذِي: اسم موصول, جَوَاهِرُهُ: جمع جوهر و جوهرة و الجوهر من الاحجار الكريمة و الجوهر الشئ حقيقته وذاته, أي: المعاني العالية للقصائد, قال رضي الله عته: وَلِي نَظْمُ دُرٍّ وَالْجَوَاهِرُ مَنْطِقِي *** وَفِيهِنَّ لِلرَّاجِي النَّجَاةَ مَكَاسِبُ (11 ق 27) فِي كُلِّ صَدْرٍ كَمِينَةِ: فِي: ظرف مكان يفيد الاستبطان لشئ, كُلِّ: حرف لاستيعاب افراد العدد, أي: يعني كلّ أبناء طريقته الآخذين من علومه, صَدْرٍ: موضع حفظ العلوم, في الآية: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) العنكبوب 49 كَمِينَةِ: من كَمَنَ كُمُوناً: اخْتَفى, أي: علم مخبوء في الصدور, و في الحديث عَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ كَهَيْئَةِ الْمَكْنُونِ، لا يَعْرِفُهُ إِلا الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ، فَإِذَا نَطَقُوا بِهِ لَمْ يُنْكِرْهُ إِلا أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللَّهِ" جواهر العلم الشيخ أودعها في الصدور و يكشفها للمريد, و مما عرف عن سيدي أبي الحسن الشاذلي حين سئل عن قلة تأليفه, قال: "كتبي تلاميذي" و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: شَرَابِيَ عَذْبٌ سَلْسَبِيلٌ مَذَاقُهُ *** وَعِلْمِيَ كَنْزٌ فِي قُلُوبِ أَحبَّتِي (7 ق 1)

المعني:
بَدَتْ: ظَهرت
شِقْوَةُ الْوَاشِي: شِقْوَةُ: تعاسة, الْوَاشِي: من الوشي و هو تلوين الثوب و الواشي الذي يلّون الكذب و يزينه ينمّ به, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: يَصِيرُ الْحَقُّ وَالتَّنْزِيلُ زُوراً *** وَبُهْتَاناً بِأَفْوَاهِ الْوُشَاةِ (20 ق 39) وَجَفَّ مَعِينُهُ: الواو للعطف, جَفَّ: انحسر ماؤه, مَعِينُهُ: المَعِينٍ: الماءُ الظاهر الجاري كناية عن المدد, يقطع عن الإمداد
وَأَصْبَحَ مَاءُ الْغِرِّ غَوْراً: الواو للعطف, أَصْبَحَ: صار الي حال واضح, مَاءُ: سبب الحياة, المدد بالنسبة للروح, الْغِرِّ: المخدوع الخادع لنفسه, غَوْراً: الغور البعد العميق و الماء الغائرِ الذي لا يُقْدَر عليه, اصبح المدد بعيد المنال بالنسبة له
بِغَارَتِي: الغارة الاسم من الإِغارة على العدوّ, و الغارة من الغيرة من الله و من أوليائه, حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قال (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ... ) كما جاء في الحديث القدسي, غارة الشيخ من الغيرة الإلهية, تسلب الغرّ بعد العطاء, قال رضي الله عنه: وَآصِفُ مُلْكِي نَظْرَةٌ مِنْهُ للِسّوَى *** يَصِيُر بِهَا غِرّاً عَدِيَم الْبَصِيَرةِ (213 ق 1)

المعني:
عَلَى بَابِ عِزِّ اللَّهِ: عَلَى: للظرفية أي ظرف مكان, بَابِ: المكان من حيث الدخول أي وقفت علي الباب أي وقفت – مناديا - علي باب عِزِّ اللَّهِ في عالم الأرواح, عِزِّ اللَّهِ: هو المنعة و النعيم الالهي الذي خص به المؤمنين اهل مرتبة الايمان, قال تعالي (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) المنافقون 8 و هؤلاء هم اهل الطريقة و المريد قسم له ان يكون مع الشيخ من عالم الارواح قبل الزمن, و يقف كل شيخ طريقة ينادي علي اتباعه في عالم الارواح أي قبل ان يخلقوا و كان سيدي فخر الدين هو الواقف علي باب طريقة سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, تجده يقول: مقامُ أبي العينين أُعطيتُ بابَهُ *** و حمدِيَ عندّ الله أعلي المحامد كُنْتُ مُنَادِياً: كُنْتُ: حصل في الماضي, مُنَادِياً: اسم فاعل النِّداءِ، و النِّداءِ: الدُّعاءِ بأَرفع الصوت، وقد نادَيْته نِداء، وفلان أَنْدى صوتاً من فلان أَي أَبْعَدُ مَذْهباً وأَرفع صوتاً, قال تعالي: (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ) آل عمران 193 كما حدث مع سيدنا إبراهيم عليه السّلام بعد الانتهاء من بناء الكعبة، أمره الله تعالى أن يدعو الناس إلى الحج, قال تعالي: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الحج 27 صعد سيدنا إبراهيم إلى جبل أبي قبيسٍ و صاح في جميع اتجاهاته: "أيها الناس! لقد فرض الله عليكم الحج وزيارة هذا البيت العتيق" و استجابت الأرواح وجميع من سمع نداء سيدنا إبراهيم، حتى الأجنة في أرحام أمهاتها، استجابت ولبت هذه الدعوة بقولها: "لبيك اللهم لبيك". ,,, نادي سيدي فخر الدين في الأرواح ليستجيبوا لدعوته لطريقة سيدي إبراهيم
فَمَنْ جَاءَنِي: فَمَنْ: الفاء استئنافية, مَنْ: اسم موصول بمعني الذي, جَاءَنِي: اتي الي, بعد سماع النداء, جاء لعزّ الله في الطريقة, و هذا يوضح ان الشيخ و الطريقة واحد فمن جاء الي الشيخ جاء الي الطريقة, قال سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه: هي الأصلُ في طُرق الوصول لأنها *** طريقة عزّ غربها و المشارقِ فَهْوَ: الفاء السببية, هْوَ: ضمير أي صار هويّته أي باطنه أي روحه
الْعَزِيزُ: صاحب المنعة و الدعة أي تحقق بالعزة فعرف بالالف و اللام و لم يقل عزيزا بل قال العزيز كناية عن كمال العزة للمريد
بِعزَّتِي: الباء للوسيلة أي بواسطة عزَّتِي أي عزّة سيدي فخر الدين و عزّة سيدي فخر الدين هي الاضافة من حيث اضافته لسيدنا الحسين رضي الله عنه, قال تعالي: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) يوسف 88 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه اشارة لذلك في (187 - 188 ق 1): بِمِصْرَ يُبَاعُ الْحُرُ عَبْداً لِسَيّدٍ *** لُيصْبِحَ رِقَّا فِي عِبَادٍ أَثِيَرةِ
فَيَا نِعْمَ مُبْتَاعٍ وَيَا نِعْمَ مُشْتَريً *** وَيَا عِزَّ مَأْثُورٍ لَدَيْهِ وَجِيَرةِ

المعني:
وَلِي: الواو استئنافية لِي: اللام تفيدالاختصاص مع ياء المتكلم, أي اختصاصي
نَظْرَةُ الرَّاعِي: نَظْرَةُ: الواحدة من النظر و هو نفاذ النفس – بفتح الفاء و السين – و هو التربية الروحية بنظر الشيخ و كان من الاكابر من إذا نظر إلى المريد نظرة مخصوصة يوصله بتلك النظرة إلى مقام الشهود و ذلك من التربية الالهية بمقتضي قوله تعالي: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه 39 الرَّاعِي: من يرعي أي يغذي و يحرس و قد مارس الرسل رعيّ الأغنام لترعي الكلأ, كناية عن رعايتهم للعباد, و الشيخ يرعي قلوب المريدين لتمتلئ بذكر الله
إِلَى الْقَلْبِ يَرْتَقِي: إِلَى الْقَلْبِ: أي نظرة الشيخ إِلَى الْقَلْبِ, يَرْتَقِي: يصعد في مراتب الذكر الي ذكر القلب و هو ذكر الحضور و اول مراتب ذكر الكثرة و في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رب ذرة من اعمال القلوب تعدل مثاقيل الجبال من اعمال الابدان) و صاحب ذكر القلب يذكر في كل اوقاته صاحيا او نائما
وَيَصْعَدُ: يترقي بعد ذكر القلب الي ذكر الرّوح و هو ذكر السر و صاحبه يذكر حيا و ميتا و هو ما اشار اليه الشيخ بقوله: لاَ تَنْثَنِي هِمَمٌ تَسِيُر بِهِمَّتِي *** فَبِهَا حَيَاةُ الْخِلِّ بَعْدَ مَمَاتِهِ (11 ق 9) مَحْمُولاً بِنُورِ مَحَفَّتِي: مَحْمُولاً: أي معرجا به علي وسيلة حمل في موطن الجذبات و هي مرتبة الاصطلام في الذكر، بِنُورِ: الباء للوسيلة و الواسطة أي بواسطة نُورِ مَحَفَّتِي يخلع عليه الشيخ خلعة الوقاية, مَحَفَّتِي: حَفَّ القومُ بالشيء وحَوالَيْه يَحُفُّونَ حَفّاً وحَفُّوه وحَفَّفوه: أَحْدَقُوا به وأَطافُوا به وعَكفوا واسْتَداروا، وفي التهذيب: حَفَّ القوم بسيدهم، وفي التنزيل: (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الزمر 75 أي احتواء الشيخ للمريد

المعني:
عَلاَمَةُ: العلامة السِّمَةُ و الوسم أَهْلِ الِشّقَوتَيْنِ: أَهْلِ: أَهْلِ المكان هم المقيمون فيه و المشتغلين به، الِشّقَوتَيْنِ: الشقوة ضد السعادة, و الِشّقَوتَيْنِ شقوة الضلال، قال تعالي: (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ) المؤمنون 106 و شقوة عذاب الآخرة، قال تعالي: (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) هود 106 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه عن شقوة الضلال: شَتَّانَ بَيْنَ ضَلاَلَةٍ مِنْ شِقْوَةٍ *** وَضَلاَلِ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينْ (18 ق 7) و قال رضي الله عنه عن شقوة عذاب الآخرة: وَإِذَا مَا لاَمَ مَحْرُومُ الْهُدَى *** لأَمِينِي يَصْطَلِي مَسَّ سَقَر (11 ق 13) عَدَاوَتِي: العَدُوُّ: ضِدُّ الصَّدِيق و ضِدُّ الوَلِيِّ، تكون العداوة الظاهرة من القول و الفعل علامة لاهل الشقوتين، قال تعالي: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) الأنعام 112 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: فَمَا فَازَ فِي الأَكوَانِ إِلاَّ مُسَالِمِي *** وَمَا خَابَ إِلاَّ مَنْ أَرَادَ عَدَاوَتِي (10 ق 1) وَآيَةُ أَهْلِ الْحَظْوتَيْنِ: الواو للعطف, آيَةُ: الآية العلامة و تاتي في موضع الوصف الحسن, الْحَظْوتَيْنِ: الحُظْوَة والحِظْوَة: المَكانة والمَنزِلة للرجل من ذِي سُلْطان ونحوه، و الْحَظْوتَيْنِ: حظوة الهداية في الدنيا و الحشر معه في الآخرة
مَحبَّتِي: أي محبة المريد لي تكون علامة علي انه من أَهْلِ الْحَظْوتَيْنِ

المعني:
وَكُلُّ: الواو استئنافية, كُلُّ: الكلُّ عبارة عن أَجزاء الشيء مجتمعة
رُمُوزِ: الرمز الإشارة, ما يدل علي الشئ, مفتاحه و الشفرة - بالانجليزية (code)
الْمُرْتَقَاتِ: الرتق: الظُلمة, كُنه الأشياء من غير تفصيل و المُحكَم, الآية: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) المؤمنون 106 و شقوة عذاب الآخرة، قال تعالي: (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) الأنبياء 30 فَتَقْتهَا: الفتق: الوضوح و التبيين و التفصيل, فَتَقْتهَا: فصّلتُها و بيّنتها (فككت شفرتها). الآية: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ) يس 37 وَكُلُّ شَرَابٍ فِي الْعَوَالِم: وَكُلُّ شَرَابٍ: شراب الأرواح (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) الأنبياء 30 الْعَوَالِم: الاكوان و هي الملك-الملكوت-الجبروت-اللاهوت-الهاهوت, يعني كل شراب لاصناف العلوم و التجلي في الاكوان الخمس سُقْيَتِي: السُّقيَا إسم الفعل من السَّقْيُ والسِّقْيُ: الشُّرْبة الواحدة, سرمدية الشرب في العوالم من يديه, رضي الله عنه

المعني:
يُخَامِرُنِي صَحْواً: يُخَامِرُنِي: من خامَرَ الشيءَ: قاربه وخالطه, صَحْواً: في حالة عدم السكر, مثال قولهم (إن غبتُ بدا و إن بدا غيّبني)
مُخَامِرُ مُسْكَرٍ: من المُخامَرَةُ و هي المخالطة, السُّكْرُ: نقيض الصَّحْوِ, مُسْكَرٍ (بفتح الكاف): مضاف إلي مُخَامِرُ, و يعني: سكران, و الذي سكرانٌ صاحٍ هو سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, كما قال: (أنا الذي سكرانُ صاحِ من غير مُدام). و كلّ العبارة (يُخَامِرُنِي صَحْواً مُخَامِرُ مُسْكَرٍ) أنّ باطن سيدي فخر الدين و ظاهره هو سيدي إبراهيم قال رضي الله عنه: يُبَايِعُ إِبْرَاهِيمَ مَنْ كَانَ وَاثِقاً *** بِأَنَّ أَبَا الْعَيْنَيْنِ يَجْلُو بِخَلْوَتِي (41 ق 1) وَكُلُّ بَنِي إِسْحَاقَ: الكلُّ عبارة عن أَجزاء الشيء مجتمعة. بَنِي إِسْحَاقَ: الأنبياء كلّهم نسل سيدنا إسحق عليه السلام ما عدا سيدنا محمد صلّي الله عليه و سلّم من سلالة سيدنا إسماعيل عليه السلام. فِي الأَصْلِ: الأَصْل حضرة النبي صلّي الله عليه و سلّم, في حضرة التعيين الأول (غيب الأحدية) , في الحديث: (أنا من نور الله و الأنبياء من رشحات نوري). رِفْقَتِي: الرِفْقة الجماعة المُترافِقون في السفر, أي تنزلّنا معا من نور حضرة النبي صلّي الله عليه و سلّم

المعني:
وَإِنَّا: واو الاستئناف, إِنَّا: إنّ للتوكيد, (نا) ضمير المتكلّم الجمع, جمع أبناء الطريقة مع سيدي فخر الدين
لَدَى اللَّهِ الْعَظِيِم: عند الله, بصفة الْعَظِيِم تجّلي العظمة الإلهية في اليوم الآخر قال تعالي: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) الحج 56 سَنَلْتَقِي: السين ظرف لما يستقبل من الزمان, يعني في اليوم الآخر, نَلْتَقِي: للِّقاء: نقيض الحِجاب, لكشف حجاب الكون يومئذٍ, يجمع كل أبناء الطريقة تحت لواء سيدي فخر الدين, أي سيكون الجميع شهود علي ذلك من غير حجاب, قال رضي الله عنه: وَتَحْتَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يُجْمَعُ شَمْلُنَا *** وَيَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ يَوْمُ كَرَامَتِي (45 ق 1) إِذِ: إِذِ ظرفية بمعني حين
الأَرْضُ جَمْعاً: الأَرْضُ: محتوي الكائنات المكلفة بالعبادة في الحياة الدنيا, جَمْعاً: من جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعاً, و قد قيل: قبضة الله تجمع الأرض جمعاً *** وبيمنى البديع ِتُطوَى السماءُ وَالسَّمَواتُ دُكَّتِ: الواو للعطف, السَّمَواتُ: جمع سماء و هي السموات السبع في عالم الملك, دُكَّتِ: من الدَّكُّ: هدم الجبل والحائط ونحوهما، دَكَّه يَدُكُّه دَكّاً, يوم القيامة الأرض تصير دكّا (أي تسوّي) كما في قوله تعالي: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) الفجر 21 جَمْعاً وَالسَّمَواتُ أي تُجمع الارض و تُطوي السموات: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) الأنبياء 104

المعني: فَفِي: فَفِي: الفاء للتفسير, أي تفسير ما سبق الاشارة اليه من اللقاء في البيت السابق: وَإِنَّا لَدَى اللَّهِ الْعَظِيِم سَنَلْتَقِي *** إِذِ الأَرْضُ جَمْعاً وَالسَّمَواتُ دُكَّتِ النَّفْخَةِ الأولَى: النَّفْخَةِ: النفخ في الصور, و هي النفخة التي تكون في البرزخ, قال تعالي: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ) الزمر 68 و الصور كما أوضح الشيخ رضي الله عنه ليس بوقاً بمعني صفارة, إنما هو البرزخ و البرزخ علي شكل بوق مخروطي رأسه إلي أسفل و قاعدته إلي أعلي
الأولي: التي بها نهاية الحياة الدنيا و إنسجام الكل في البرزخ
أُعَانِقُ أَحْمَداً: أفني في الذات الأحمدي, حيث عالم الأرواح
النَّفْخَةِ الأَخْريَ: و هي النفحة التي بعد الاولي و بها البعث, أي حيث أبقي بالذات المحمدي
سَتُنْشَرُ رَايَتِي: سَتُنْشَرُ: السين السين حرف تنفيس للمستقبل القريب، وسميت كذلك لأنها تنفس في الزمان فيصير الفعل المضارع مستقبلاً بعد احتماله للحال والاستقبال وذلك نحو قولك: ستخرج، وستذهب، والمعنى أنك تفعل ذلك فيما يستقبل من الزمان, نحو قوله تعالى: (كلا سيعلمون) النبأ 4 يعني يوم القيامة, تُنْشَرُ: النَّشْر خلاف الطيّ, نَشَر الثوبَ ونحوه يَنْشُره نَشْراً ونَشَّره: بَسَطه, رَايَتِي: الرايةُ: العَلَم و اللواء الدال علي من تحته, تحت لواء الحمد, كما قال رضي الله عنه في البيت التالي: لِوَاءُ حَبِيبِي وَارِفُ الظّلِ وَالنَّدَى *** وَإِنَّ لِوَائِي تَحْتَهُ فِيهِ دَوْحَتِي

المعني: لِوَاءُ حَبِيبِي: لواء الحمد الذي خص به حضرة النبي صلي الله عليه و سلم الذي كني عنه بقوله: حَبِيبِي، واللِّواء العَلَم، و اللِّواء: الرايةُ ولا يمسكها إِلا صاحبُ الجَيْش، و في لواء الحمد, جاء الحديث: عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: " أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، ما من أحد إلا وهو تحت لوائي يوم القيامة ينتظر الفرج، وإن معي لواء الحمد، أنا أمشي ويمشي الناس معي حتى آتي باب الجنة فأستفتح فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد، فيقال: مرحبا بمحمد، فإذا رأيت ربي خررت له ساجدا أنظر إليه" وَارِفُ الظّلِ وَالنَّدَى: الظّلِ الوَارِفُ: الواسع الذي يتسع للكل, الواو للعطف، النَدى: الجود, تتسع شفاعته حتي ليطمع فيها إبليس
وَإِنَّ لِوَائِي تَحْتَهُ: الواو للاستئناف, إِنَّ: للتوكيد, لِوَائِي: أي لواء سيدي فخر الدين, رايته و علم الذي يعرف به و معه تابعيه, تَحْتَهُ: أي تحت لواء الحمد, مثلما في ساحة المولد النبوي الساري الذي في وسط الميدان يمثّل لواء الحمد, و تحته ألوية الطرق الأخري, و لواء سيدي فخر الدين تحته (أي مباشرة)
فِيهِ دَوْحَتِي: فِيهِ: في ظرف مكان و الضمير يعود علي لوائي أي لواء سيدي فخر الدين, دَوْحَتِي: الدَّوْحةُ: الشجرة العظيمة المتسعة, شفاعة سيدي فخر الدين رضي الله عنه. قال رضي الله عنه في (11 - 15 ق 57):
وَيَوْمُ الْجَمْعِ مِيقَاتُ التَّنَاجِي *** وَلَسْنَا لِلشَّهَادَةِ كَاتِمِينَا
تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَلَيْهَا *** لِوَاءُ الْحَمْدِ مَوْرِدُنَا يَقِينَا
وَفِي ظِلِّ الشَّفَاعَةِ كُلُّ عَبْدٍ *** وَبَيْنَ الْخَلْقِ نَحْنُ الشَّافِعِينَ
وَأَوَّلُ رَشْفَةٍ مِنهَا هَنِيئاً *** لَدَى الضَّعَفَاءِ وَالْمُسْتَضعَفِينَ
وَيَوْمَئِذٍ يَقُولُ الرُّسْلُ جَهْرا *** رَضِينَا يَا أَبَا الزَّهْرَا رَضِينَا
(رَضِينَا: أي بشفاعة سيدي فخر الدين)

المعني: وَأَشْهَدُ عِلِّيِّينَ: وَأَشْهَدُ: في صيغة المضارع تفيد الديمومية و الاستمرار. الآية: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) 18 الْمُطَفِّفِينَ أَشْهَدُ: رأي العين, عِلِّيِّينَ: مرتبة الأبرار (حضرة غيب الأحديّة) , قال رضي الله عنه: أَحَدِيَّةٌ وَالْوَاحِدِيَّةُ دُونَهَا *** مَا بَيْنَ قَابَيْ حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ (1 ق 83) يشهد رضي الله عنه من موطن حضرة التقريب, غيب الهوية الالهية, قال تعالي: (يشهده المقربون) الْمُطَفِّفِينَ 21 أَقْرَأُ مَا بِهَا: الآية: (كِتَابٌ مَرْقُومٌ) الْمُطَفِّفِينَ 20 أصل القرآن, و هو كذلك كتاب الالف, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (20,21 ق 9):
إِنِّي لِقُرْآنِ الْمَشَاهِدِ شَاهِدٌ *** وَبِهِ رَعَيْتُ الْحَبَّ فِي إِنْبَاتِهِ
وَشَوَاهِدُ التَّوْحِيدِ فِيهِ أكِنَّةٌ *** وَمَشَاهِدُ التَّوحِيدِ لُبُّ مَوَاتِهِ
وَكُلُّ مُحِبٍّ يَصْطَلِي بِمَوَدَّتِي: وَكُلُّ: الواو للعطف, كُلُّ: حرف لاستيعاب افراد العدد, مُحِبٍّ: من رقي الي درجة التعلق بالمحبوب و قامت ارادته علي محبته, يَصْطَلِي: من اصطلاء العود بالنار اذكاؤها به, أي زيادة لهيبها و اوراها, و و الوصول بدرجة الحب الي العشق و الغرام, بِمَوَدَّتِي: الباء للوسيلة او الواسطة أي بواسطة مودتي, و المودة الحب مع جلب النفع للحبيب, و ذلك باتباع الحبيب و ذكره, قال رضي الله عنه: إِلاَّ الْمَوَدَّةَ مَا سَأَلْنَا حِبَّنَا *** إِنَّ الْمَوَدّةَ رِفْعَةٌ وَرَشَادُ (10 ق 46)

المعني: وَكُلُّ شَقِيٍّ: كُلّ الأجزاء مجتمعة, شَقِيٍّ: المكتوب شَقِيٍّ في ألواح المحوّ و الإثبات, وَكُلُّ شَقِيٍّ تفيد انه ليس هنالك استثناء او حالة تستعصي علي الشيخ لَوْ: حرف امتناع لوجود
تَدَارَكهُ الْهَوَى: الْهَوَى الحُبّ إذا وقع بكليّته فيه, التدّارك اللحاق, منّة و تفضّل, مما يعني ان الحب قسمة و حظ و لا يكتسب
مَحَا اللَّهُ عَنْهُ: مَحَا اللَّهُ عَنْهُ: مَحا الشيءَ يَمْحُوه ويَمْحاه مَحْواً ومَحْياً: أَذْهَبَ أَثَرَه, مَحَا اللَّهُ عَنْهُ, أي محا الاسم الله عن الذي يقبل بشقوة, قال تعالي: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد 39 بِالْهَوَى: الباء للوسيلة, بالتخّلي و الهوي الحب و يهوي نحو الحبيب يترك نفسه و يقع في حبه و هو التخلي عن رؤية النفس
كُلَّ شِقْوَةِ: كُلَّ: حرف لاستيعاب افراد العدد, شِقْوَةِ: الشِقْوَة الضلال و العنت و غيرها من الشقاء, و ذلك مصداقا لقوله تعالي في الحديث القدسي عن سيدنا أنس بن مالك رضي عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة

المعني: وَإِنِّي: الواو استئنافية, إِنِّي: باطن الانا بالنسبة له رضي الله عنه
حَقٌّ: متخلّق باسمه تعالي الحقُّ, كلّ الحقّ, قال تعالي: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) الإسراء 21 يوم فتح مكة لما دخل رسول الله صلّي الله عليه و سلّم الكعبة ووجد فيها وحولها الأصنام جعل يشير إليها بقضيب ويقول "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" الإسراء 81 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَإِنِّي حَقٌّ وَالْحَقِيقَةُ أُودِعَتْ *** غَيَابَةَ جُبٍّ يُوسُفِيٍّ بِفِطْنَةِ (56 ق 1) شَأْنُ كُلِّ مُؤَيَّدٍ: شَأْنُ: الشَّأْنُ: الخَطْبُ والأَمْرُ والحال، كُلِّ: حرف لاستيعاب افراد العدد, مُؤَيَّدٍ: من الأَيْدُ و هو القوة وتقول من الأَيْد: أَيَّدته تأْييداً أَي قوَّيته، وفي حديث سيدنا حسان بن ثابت: إن روح القدس لا تزال تُؤَيِّدُك أَي تقويك وتنصرك، و المؤيد أي بالتأييد النبوي, يكون الحقّ معه
وَإِنِّي رَبُّ الْبَيْتِ: وَإِنِّي: كما شرح في بداية البيت، رَبُّ: صاحب، الْبَيْتِ: الطريقة
وَهْيَ بِعِصْمَتِي: وَهْيَ: الواو للعطف, هي اسم اشارة يعود علي الطريقة, بِعِصْمَتِي: بالباء ِحرف جر الاصق كقولك امسكت بالحبل, عِصْمَتِي: العِصمة الحفظ و العِصمة العقد الرابط للزوجين, الشيخ و الطريقة العِصمة الحفظ و العِصمة العقد الرابط للزوجين, و من تكون العصمة بيده هو المتصرف و الممسك بزمام الامر

المعني: غَيَابَةَ جُبٍّ: غَيَابَةَ: من الغيب و غَيابَةُ كلِّ شيءٍ: ما سَتَرَكَ منهُ, ومنه غَيابت الجُبِّ أي ما أُخفي, الجُبٍّ: البئر, قال تعالي: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) يوسف 15 و يعني بالجب الزمان, و غيابت الجُب بطون الزمان, حيث أودعت أمانة الطريقة لحين ظهور حاملها و هو سيدي فخر الدين رضي الله عنه, و في ئلك يقول سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه: فوائدكم أضحت قيود رهيننا *** وعنكم لقد أخفي مقام أميننا
ويا علماء الرسم هل من معيننا *** مذاهبكم نرفو بها بعض ديننا
مذاهبكم نرفو بها بعض ديننا
و يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه, في المعني: فَأَنَا ابْنُ سَيِّدِ سَادَتِي وَأَمِينُهُ *** الصَّائِمِ الْمُتَصَدِّقِ الْقَوَّامِ (35 ق 15) كَيْ تُصَانَ لِوَقْتِهَا: كَيْ: ناصبة للفعل و تفيد التعليل, تُصَانَ: من صان و الصَّوْنُ: أَن تَقِيَ شيئاً أَو ثوباً، وصانَ الشيءَ صَوْناً وصِيانَةً, وقاه و حفظه, لِوَقْتِهَا: اللام تفيد الانتهاء لغاية زمانية, وَقْتِهَا: لوَقْتُ: مقدارٌ من الزمانِ، وكلُّ شيء قَدَّرْتَ له حِيناً، فهو مُؤَقَّتٌ, أي له وقتً معلوم و محدد, و الضمير المتصل (ها) يرجع للطريقة أخفيت في الزمان حتي يأتي زمن انتشارها علي يد سيدي فخر الدين رضي الله عنه, لِوَقْتِهَا: لوقت ظهورها و انتشارها, فهو يعلم و قتها, و ذلك كما ورد في قوله تعالي: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ) الأعراف 187 وَمَا قُلْتُ أَلْقَوْهَا وَلَكِنْ وَدِيعَتى: أَلْقَوْهَا (بفتح القاف) فعل ماضي. الواو واو الجماعة, مفعول به (بفعل الأمر) تقديره هم, أي لم آمر, في الأزل, بإلقائها و اإلقاء بمعني الرمي و منه الأُلْقِيَّةُ ما يوجد علي قارعة الطريق, و ذلك إشارة لقصة سيدنا موسي عليه السلام, إذ قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) القصص 7 و معناه لكوني لست وارثا موسوياً (مَا قُلْتُ أَلْقَوْهَا) , و لكني وارث محمدي
وَدِيعَتى: من الودع و هو الحفظ و الصيانة وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه: صانَه, مع يا النسبة للمتكلم, أي: حفظتها لوقتها, أي: الطريقة, و قال رضي الله عنه: وَإِنِّي حَقٌّ وَالْحَقِيقَةُ أُودِعَتْ *** غَيَابَةَ جُبٍّ يُوسُفِيٍّ بِفِطْنَةِ (56 ق 1)

المعني:
وَلَمَّا تَغَاشَيْنَا: الواو استئنافية, لَمَّا: ظرفية بمعنى (حين) متضمنة للشرط, كما في قوله تعالي: (قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) البقرة 33 تَغَاشَيْنَا: الإذن لسيدي فخر الدين بالإرشاد, الآية: (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا) الأعراف 189 و في معني ذلك قيل: وقوله تعالى: فلما تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمرَّتْ به؛ كناية عن الجِماع. يقال: تغَشَّى المرأَة إِذا عَلاها، وتجَلَّلها مثله، وقيل للقِيامةِ غاشِية لأَنها تُجَلِّلُ الخُلْق فتَعُمُّهم, لأن غشا و غشي بمعني غطّي, أي: حين تمازجنا أنا و الطريقة, و هذا يعطيك معني الأبوة و الأمومة, إذ أن الشيخ كما هو معلوم للمريد أبٌّ و الطريقة له أمٌّ, و في ذلك قيل: أنا للسالك أمٌّ وأب *** فتمتَّع بعلومي يابُني حَمَلْنَا أَمَانَةً: حَمَلْنَا: من الحَمل, تكوين الجنين في الرَّحم, قال حَمَلْنَا و لم يقل حَمَلَتُ (لا فرق بينه و بين الطريقة) , أَمَانَةً: الأمانة (ضد الخيانة) و هي حفظ ما يوكل إليك أمر حفظه, قال تعالي: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) الأحزاب 33 رئاسة الزمن, زمن سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: فَمَا أَسفْرَتْ فِي جَانِبِ الطُّورِ نَارُهَا *** كَمَا أَسْفَرَتْ لِي يَوْمَ حَمْلِ أَمَانَتِي (195 ق 1) فَصِرْنَا: فاء سببية, صِرْنَا: صارَ الأَمرُ إِلى كذا, انتقل من مكان إلي مكان أو من حال إلي حال, بعد حمل الأمانة مِزَاجاً وَاحِداً: مِزَاجاً: المَزْجُ: خَلْطُ المِزاجِ بالشيء, ومَزْجُ الشرابِ: خَلْطُه بغيره, ومِزاجُ الشرابِ: ما يُمْزَجُ به, كلُّ نوعين امْتَزَجا، فكل واحد منهما لصاحبه مِزْجٌ ومِزاجٌ, قال تعالي: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلا) الإنسان 17 مِزَاجاً وَاحِداً: ليسا مزاجين, كلٌ منهما هو الآخر, الشيخ هو الطريقة و الطريقة هي الشيخ
فِي الْحَقِيقَةِ: حق يقين, أمر محقق, تخطي مرحلة علم اليقين, و في ذلك قيل: تنقّلتُ مِن عِلمِ اليقينِ لِعَينِه *** إلَي حَقِّه حَيثُ الحَقِيقَةِ وِجهَتِي

المعني: وَأَيَّدَنِي: الواو استئنافية, أَيَّدَنِي: من أَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة, التأْييد مصدر أَيَّدته أَي قوّيته, قال تعالي: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ... ) المائدة 110 إذ آيَدْتُك أَي قوّيتك, و التاييد يتنزل إلي عالم الأفعال عبر تُسمي ملائكة التأييد, و التأييد هو المُوَافَقَةٍو الْمُسَاعَدَة و الدَّعْم و الْمُسَانَدَة و النَّصر الأَقْطَابُ جَمْعاً: الأَقْطَابُ: الرؤساء, جَمْعاً: حضرة الجمع, تأييد الحضرة الإلهية (الديوان)
وَقَدَّمُوا مِزَاجِيَ: وَقَدَّمُوا: واو العطف, قَدَّمُوا: من قَدَّمَهُ إِلَاه أي عَرَّفَه بِهِ, أي: عرّفوا و أخبروا, مِزَاجِيَ: المِزَاجُ: ما يُمزج به من الشّرابِ ونحوِه، وكلّ نوعين امتزَجا فكلّ واحد منهما, مِزَاجِيَ: مزاج الشيخ و الطريقة
لِلأَكْوَانِ: اللام: لام التبليغ: وهي اللام الجارة لاسم سامع القول أو ما في معناه, نحو: قلت , وفسرت له, الأَكْوَانِ: جمع كَون, و هي الأكوان أو العوالم الخمسة: عالم الملك- عالم الملكوت- عالم الجبروت- عالم اللاهوت- عالم الهاهوت, ذلك أنّ الأكوان كانت في انتظاره رضي الله عنه, أشبه بما جري لحضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم ليلة الإسراء و المعراج, حيث كلما وصل مع سيدنا جبريل عليه السلام إلي سماء, ناداه أهل السماء: من هذا؟ فقال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمد. قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحبا به وأهلا به، يستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم
تِلْكَ بِشَارَتِي: تِلْكَ: اسم إشارة للمؤنث البعيد, بِشَارَتِي: البشارة هي الإخبار بما ييُفرح, أي البشارة التي بُشِّرتُ بها, أي: أي: تقديم الأقطاب سيدي فخر الدين للأكوان, قال رضي الله عنه: وَكَانَ أَبُو الْعَيْنَيْنِ وَارِدَ مَائِهَا *** فَأَدْلَى بِدَلْوٍ قَالَ تِلْكَ بِشَارَتِي (57 ق 1) قال سيدي ابو العينين (تِلْكَ بِشَارَتِي) و قال سيدي فخر الدين هنا (تِلْكَ بِشَارَتِي). لأن هو و الطريقة واحد و هو و سيدي إبراهيم واحد

المعني: وَهَمَّ: الواو اسنئنافية, هَمَّ: من الهَمُّ: ما همّ به في نَفْسِه, قرّ في نفسه أن يفعله, في الآية: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ, وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ, إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) يوسف 24 أَخُو جَهْلٍ: أي صاحب جهلٍ كما يُقال أَخُو فِطنةٍ أي صاحب فِطنة, و الجّهل عدم العِلم, و نري من ذلك تشابه أحوال الطريقة بأحوال الدين, فأخو جهل تجد في مقابله أبو جهل, في نزاعه للرسول صلي الله عليه و سلم و أخو جهل يعني هو و الجهل صنوان, و قصة أبي جهل (عمرو بن الحكم بن هشام المخزومي) أنّه طمع في أن يكون نبيّا, و لِمَ يكون النبيّ من قُريش, كما يتضح مما جاء في سيرة ابن هشام, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لقريش: إن الله بعثني أن أقتل جميع ملوك الدنيا وأجرَّ الملك اليكم، فأجيبوني الى ما أدعوكم اليه تملكوا بها العرب، وتدين لكم بها العجم، وتكونوا ملوكاً في الجنة, فقال أبو جهل: اللهم إن كان هذا الذي يقوله محمد هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب أليم، حسداً لرسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال: كنا وبنو هاشم كفرسي رهان، نحمل إذا حملوا، ونطعن إذا طعنوا، ونوقد إذا أوقدوا، فلما استوى بنا وبهم الركب، قال قائل منهم: منا نبي! لا نرضى بذلك أن يكون في بني هاشم، ولا يكون في بني مخزوم) أ. ه. حديث ابن هشام, و ذلك فيه إشارة لمن همّ بأن يترأس أهل الطريقة و نازع في الخلافة, و ذلك أيضاً من باب الوراثة الكاملة, من كلّ ما مرّ سيدنا النبيّ صلي الله عليه و سلم, مرّ بسيدي فخر الدين و خلفائه في الطريقة, قال رضي الله عنه في إشارة إلي ذلك: وَرَثْنَا عَنْهُ حَتَّى مَا رَمَوْهُ *** لِذَلِكَ مَنْ كَفَاهُ فَقَدْ كَفَانَا (17 ق 89) يَنَالُ مُرَادَهُ: يَنَالُ: يَنَالُ الشئ يحصل عليه, و الفاعل ضمير مستتر تقديره هو راحع ل (أبو جهل) , مُرَادَهُ: المُراد هو المطلوب, أراد وراثة الرئاسة في الطريقة
وَهَمَّتْ بِعَفْوٍ: العَفْو: البراءة و الفَضْلُ الذي يجيءُ بغيرِ كُلْفَةٍ, لقوله تعالي: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف 199 لقي من التقدير من الشيخ و أهل الطريقة ما أغراه
فَهْيَ: الفاء سببية, هْيَ: اسم إشارة المعتي بها الطريقة
غَيْرُ ضَعِيفَةِ: غَيْرُ: اسم يستعمل للاستثناء, لمستثني منه محذوف, في الصنف الذي تُعدّ منه, ضَعِيفَةِ: صفة من الضعف: خِلافُ القُوّةِ، و الضعيف الذي يُنال من و لا يذود عن نفسه, و نفي الضعف أراد أن يقول أنّها قويّة, و صفة الطريقة هي صفة الشيخ كما سبق أن الشيخ و الطريقة مِزاجٌ واحد

المعني: تُقَرِبُ: تُدني في المكانة, و الفاعل ضمير مستتر تقديره هِيَ يرجع للطريقة, المشار إليها في البيت السابق: وَهَمَّ أَخُو جَهْلٍ يَنَالُ مُرَادَهُ *** وَهَمَّتْ بِعَفْوٍ فَهْيَ غَيْرُ ضَعِيفَةِ و القرب موطن الرحمة و الأمان, قال تعالي: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) الإسراء 57 مَنْ شَاءَتْ: الذي شَاءَتْ: الذي اختارت, و من ذلك يؤخذ ضمنيّاً أنّها كما تقرّب تباعد, و هذا البيت للتنبيه.
جَمَالاً: في العموم المسئول الذي ينيبه الشيخ في إدارة شئون الطريقة, و جاءت باللفظ الصريح إشارة إلي الشيخ جمال الدين السنهوري (المسئول الأسبق للطريقة في جمهورية مصر العربية)
هُوَ الَّذِي: هُوَ: ضمير يقع موقع التوكيد ذلك أنه إذا كان الضمير المتصل في محل نصب، أو جر، يجوز توكيده بالضمير قبل توكيده بلفظتي " نفس وعين "، نحو قولك: كافأته هو نفسه, الَّذِي: اسم موصول
لَدَيْهِ: عنده
لِسَانِي: اللِّسانُ: جارحة الكلام المعبّر بها عمّا في قلب الإنسان, و لِسَانِي: أضيف إلي لسان ياء المتكلم ليعلِم بنسبة الكلام إليه, و يُريد بذلك إعطاءه المسئول قوة الكلام, يتحدث بلسان الشيخ
مَعَ يَمِينِي الْقَوِيَّةِ: مَعَ: حرف جر سكّنت عينها فهي بمعني المصاحبة, أي: أعطاه ميزتان سويّاً, (لسان و يمين) , يَمِينِي الْقَوِيَّةِ: يَمِينِي: اليمين القدرة و التصريف, إشارة لذلك قال تعالي: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى) طه 17 يَمِينِي الْقَوِيَّةِ: القويّة صفة ليمين, تعني القدرة المطلقة علي الفعل, أي: المؤيدة, قال تعالي في قصة سيدنا موسي عليه السلام: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) القصص 26 و يقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه من موطن التأييد النابع من الوراثة المحمدية: وَلِي فِي عَصَا مُوسَى الْمُكَلَّمِ مَأْرَبٌ *** وَلِي فِي يَمِينِ الْمُسْتَجَارِ مَآرِبُ (9 ق 27)

المعني:
وَيُحْرَمُ مِنْ إِيثَارِهَا: الواو للعطف, يُحْرَمُ مِنْ: حرَمَ فلانًا الشيءَ: منعَه إِيّاه, وَيُحْرَمُ فعل مضارع يفيد الاستمرارية, أي: حكم مستمر, و في الآية: (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) الواقعة 67 إِيثَارِهَا: إِيثَارِهَا من الأَثَرة التفضيل و التقريب, قال تعالي: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ) يوسف 91 مَنْ يَشِي بِهَا: مَنْ: الذي, يَشِي: أصلها من شي الثوب وَشْياً أَي نسْجاً وتأْليفاً.
ووَشى الثوبَ وَشْياً وشِيةً: حَسَّنَه, وو الواشي الذي يَشي الكذبَ: يُؤَلِّفُه ويُلَوِّنه ويُزَيِّنه, و يسعي بين الناس بالفتن ويحرض بعضهم على بعض بالكذب والخداع يَشِي بِهَا: بالطريقة يعمل علي الإيقاع بها, قال رضي الله عنه: يَصِيرُ الْحَقُّ وَالتَّنْزِيلُ زُوراً *** وَبُهْتَاناً بِأَفْوَاهِ الْوُشَاةِ (20 ق 39) خُرُوجاً عَلَيْهَا: خرَج عليه: برز لقتاله, أي: ظاهر بالعداء للطريقة, الخداع صفة الخوراج و هم من خرجوا علي سيدنا الإمام علي رضي الله عنه و رفعوا راية تحكيم القرآن خداعاً, و في إشارة إليهم
منوهاً لمن حذا حذوهم, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: لَعَمْرُكَ مَا صَنَعَ الْخَوَارِجُ غَيْرَهَا *** فَقَدْ وَرَدُوا التَّحْكِيمُ وَاضِحُ (18 ق 82) ذَاكَ بُعْداً لِشَامِت: ذَاكَ: اسم إشارة للبعيد, أي: الخرمان من الإيثار, بُعْداً: أي يبعدُ, لِشَامِت: اللام حرف جر لاصق, شَامِت: من الشَّماتة: فَرَحُ العدوّ, وقيل: الفَرَحُ بِبلِيَّة العَدُوِّ, وقيل: الفَرَحُ ببليَّة تنزل بمن تعاديه, الشامت الذي يعجبه ما يري من أذي للطريقة, و الأمثلة في الواقع كثيرة

المعني: وَكُلُّ: للشمول, الأجزاء مجتمعة
رَفِيعٍ: من الرِّفْعة: خلاف الضّعة، رَفُع يَرْفُع رَفاعة، فهو رَفيع إِذا شَرُف, و في الآية: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) غافر 15 و مما كان يشدو به سيدي فخر الدين مما فيه من أحواله قول سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه: ما في المناهلِ مَنهلٌ مُستَعذب *** إلا ولي فيه ألذُ وأطيبُ الْمَنَازِلِ: الدرجات و مراتب السير, و الأقدار, و ردت في قوله تعالي: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) يس 39 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: مَنَازِلٌ قُدِّرَتْ لِلذِّكْرِ أَجْمَعِهِ *** وَبَعْدَهَا نُصْطَفَى هَذِي بِدَايَتُنَا (12 ق 35) جُزْتُهُ: جازَه الطريق و المكان: سار فيه وسلكه, الاجْتِيازُ: السلوك بخلاف المجاوزة و التجاوز ترك المكان خلفك, أي: سلكت إلي كل المنازل و المراتب
وَكُلُّ شِفَاءٍ: كُلّ: أجزاء الشئ مجتمعة, في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء) شفاء أمراض الظاهر و الباطن.
مِنْ تَمَائِمِ رُقْيَتِي: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, تَمَائِمِ و الرّقية في المُصطلح: تَمَائِمِ جمع تميمة و التميمة معوذة من خرز و ما شابه تُعلّق في العُنق للحفظ, و الرُّقْيَةُ، بالضم: العُوذَةُ, و من ذلك في صحيح مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد اشتكيت، فقال: نعم، قال: "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك", و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الرُّقية: "أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً" التمائم للوقاية و الرُقية للعلاج, لكن ما المقصود بتمائم رُقيتي هنا؟؟ صدر البيت يقول: وَكُلُّ رَفِيعٍ فِي الْمَنَازِلِ جُزْتُهُ, فيبقي أن رُقيتي أي ارتقائي للمنازل و تمائم من الاتمام, فقد أتم رضي الله عنه كل مراتب السير, و من سرّ ارتقائه للمراتب جاءت كل أنواع الشفاء, الظاهر و الباطن

المعني: وَكُلُّ: الواو استئنافية, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد قَوَارِيرِ: جمع قارورة والقارورة: واحدة القَوارير من الزُّجاج، سميت بها لاستقرار الشراب فيها, قال تعالي: (وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا) الإنسان 15 و القوارير و الأكواب و الكأسات هي الأرواح, حيث بها يكون الشراب, قال رضي الله عنه: كَلاَمِي مَشْربُ الأَرْواحِ وَصُلاٍ *** إِذَا لَمْ تَشْربُوا مِنْهُ فَأَي (17 ق 30) الشَّوَارِبِ: مَجاري الماءِ في الحَلْقِ, إشارة إلي الأرواح السالكة الممكنة من الشراب
مِلْؤُهَا: المِلْءُ، بالكسر: اسم ما يأْخذه الإِناءُ إِذا امْتَلأَ, ملء الكأس خمراً يعني ذلك الذي ملأ الكأس هو خمر, مِلْؤُهَا: أي ملءُ الأرواح
مِزَاجُ: مِزاجُ الشرابِ ما يُمْزَجُ به, الخليط
شَرَابٍ زَنْجَبِيلٍ: الزَّنْجَبِيل نبتً طيب مستطاب كُنيَت به الخمرُ, شَرَابٍ زَنْجَبِيلٍ: شراب خمرٍ طيبٍ, يعني به قصائد شراب الوصل, و ذكر الشراب في الجنّة في قوله تعالي: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا) الإنسان 17 و في تفسير الطبري الزنجبيل: اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار
هُوِيَّتِي: الهوّية أصلها من ال"هُو" إشارة إلي موطن اللاتسمية, أو موطن خلق الأرواح من بعد تنزّلها من النور النبوي في غيب الأحديّة, و هي باطن الذات, و يعني سيدي فخر الدين بقوله "هُوِيَّتِي" أنّ هذا الشراب فيه سرّي, إذ يقول رضي الله عنه: "أنّ الوليّ يضعُ سرّه في ديوانِه", و هو رضي الله عنه سرّه في شراب الوصل, قال رضي الله عنه: شَرَابُ الْوَصْلِ مَخْتُومٌ وَسِرِّي *** شِفَاءٌ لاَ شَرِبْتُمْ غَيْرَ مِنَّا (1 ق 56)

المعني: وَإِنَّ: الواو استئنافية, إِنَّ: للتوكيد
عُلُومَ اللَّهِ: اللَّهِ عَلَم علي الذّات, علوم اللَّهِ: هي الحقائق المدركى بالصفة العلمية الإلهية من عين علم الله بذاته وبمخلوقاته علوم حضرة الأُلوهيّة.
فِي اللَّوْحِ كُلَّهَا: اللَّوْحِ المَحفُوظ, كُلَّهَا الكُلّ الأجزاء مجتمعة, و يسمي أمّ الكتاب حيث اندزجت فيه كل ّ الحقائق, قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنه: اللوح من ياقوتة حمراء أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك، كتابه نور، وقلمه نور ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء: يرفع وضيعاً، ويضع رفيعاً يغني فقيراً ويفقر غنياً، يحيي ويميت ويفعل ما يشاء لا إله إلاَّ هو, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: مَا كِتَابُ اللَّهِ إِلاَّ حَضْرَةٌ *** قَابَ قَوْسَيْهَا الْهُدَى لاَ يَنْتَهِي (2 ق 87) أُطَالِعُهَا: أنظر ما عندها, رأي العين, الفاعل ضمير مستتر تقديره أنا, يفيد موطن البقاء بعد الفناء
مِنْ قَابِ قَوْسِ الْحَظِيَرةِ: مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, قَابِ: القابُ ما بين المَقْبِضِ والسِّيَة (الحد) , قَوْسِ: القَوْس التي يُرْمى عنها، و قاب القوس كناية حضرة القُرب, حضرة الأحديّة, المفضية لشهود التجلّي الذّاتي, الواردة في قوله تعالي: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) النجم 9 الْحَظِيَرةِ, الحضرة الواحدة من حضرات الأسماء و بلام التعريف قصد بها هنا حضرة الأُلوهيّة, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَحَظَائِرُ الأَقْدَاسِ مِلءُ حِيَاضِهَا *** نُورٌ لِغَيْبِ اللَّيْلِ سِرُّ لِبَاسِهِ (6 ق 9) و في حضرة الأولهية, قال رضي الله عنه: إِنْ تَدَلَّى عِلْمُهَا مِنْ قَابِهَا *** أَسْكَرَتْنَا فِيهِ سُكْرَ الْمُولَهِ (6 ق 87)

المعني: وَبِاللَّهِ عِلْمِي: عِلْمِي بِاللَّهِ, المعرفة الإلهية
يَجْعَلُ الكُلَّ دُونَهُ: الكُلَّ الأجزاء مجتمعة, كل العلوم دون علمي
وَكُلُّ كِتَابٍ: الواو للعطف, كُلُّ كِتَابٍ: والكِتابُ ما كُتِبَ فيه من لوح أو صحيفة أو مجلّد, أي: كُلّ كتاب كُتب في العلوم الإلهية
فِي هَشِيمِ حَظِيرَتِي: فِي: ظرفية, هَشِيمِ: من الهَشْمُ: كَسْرُك الشيء الأَجْوَف واليابس، هَشَمه يَهْشِمُه هَشْماً، فهو مَهْشوم وهَشيم، قال تعالي: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا) الكهف 45 و الحَظِيرَةُ ما أَحاط بالشيء، وهي تكون من قَصَبٍ وخَشب, أي: حضرتي الجامعة لكل الحضرات, و قال تعالي: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) 31 القمر, في التفسير: الهَشِيم ما يَبِس من الوَرَقِ وتكسر وتحطَّم، فكانوا كالهَشِيم الذي يَجمَعُه صاحبُ الحَظِيرة أَي قد بلغ الغايةَ في اليُبس حتى بلَغ أَن يُجْمَع. أَبو قتيبة: اللحياني يقال للنبت الذي بقي من عام أَوّلَ هذا نَبْتٌ عاميٌّ وهَشِيمٌ وحَطِيمٌ، و في ترجمة حظر: الهَشِيم ما يَبِس من الحَظِرات فارْفَتّ وتكسَّر، المعنى أَنهم بادُوا وهلَكوا فصاروا كيبيس الشجر إذا تحطّم, و منه معني قوله رضي الله عنه "فِي هَشِيمِ حَظِيرَتِي", أي: فارقٌ كبيرٌ في الدرجة من علوم الكُتب بنسبة علمي الإلهي, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: أَيْنَ عِلْمُ اللَّهِ مِنْ عِلْمِ الْهَوَى *** أَيْنَ عِلْمِي مِنْ هَشِيمِ الْمُحْتَظِرْ (31 ق 13)

المعني:
فَيَوْمَئِذٍ: الفاء: استئنافية, يَوْمَئِذٍ: كَلِمَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ يَوْمٍ وَإِذْ ظرف بمعنى حينئذٍ، وفتحت الميم على البناء، بمعني: في ذلك اليوم, و هي ترد في ذكر يوم القيامة كما فيقوله تعالي: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) الحجّ 56 و كلمة يوم تأتي لوصف ميقات حدث هام, كيوم القيامة و يوم الجمعة, و يوم عرفة ... الخ. و هنا اليوم هو يوم من أيام الشيخ, يوضع فيه كل شئ في نصابه و يحق الحقّ, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (13, 14 ق 13):
وَدَعَاوَى كَاذِبٍ لَوْ لاَمَنِي *** كَبُرَتْ مَقْتاً وَقَدْ وَلَّى الدُّبُرْ
هُوَ يَوْمٌ آخِرٌ مِنْ نَفْخَتِي *** لاَتَ حِينَ الْبَأْسِ أَيَّامٌ أُخَرْ
لاَ يَنْفَعُ الْغِرَّ عِلْمُهُ: أي في ذلك اليوم لاَ يَنْفَعُ الْغِرَّ عِلْمُهُ: لاَ يَنْفَعُ: لا يُجدي و لا يفيد شيئًا و لا يجد من يدفع عنه أو يشفع له, الْغِرَّ: الجاهل الخادع لنفسه, عِلْمُهُ: علم ينفع و علم لا ينفع, قال تعالي: (فَيَوْمَئِذٍ لّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) الروم 57 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: الْعِلْمُ غَثٌّ أَوْ سَمِيـ *** ـنٌ لِلْقُلُوبِ يُخَضِّبُ (11 ق 4) و مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ وَمَنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ " وَكُلُّ صِحَافٍ فِي الْقَبَائِح خُطَّتِ: الواو للعطف, كُلُّ: حرف لاستيعاب الأجزاء مجتمعةً, صِحَاف: من صفحة ورقة و ما فوق, فِي الْقَبَائِح: قَبَائِح جمع قَبيحة, من القُبح: ضد الحُسْنِ يكون في الصورة, والفعل, القبائح: الأفعال القبيحة, مثل السبّ و الخداع و الإنكار و البهتان و الإدعاء ... الخ., خُطَّت: كُتبت, الآية: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت 48 إشارة لدعوي الوثيقة التي نُسبت زوراً للشيخ, و حتي لا يتكرر فعلٌ مثلها

المعني: وَكُلُّ: الواو للعطف, كُلُّ: حرف لاستيعاب الأجزاء مجتمعة
أَكَاذِيبِ الْجَهَالَةِ: أَكَاذِيبِ: علي وزن أفاعيل جمع أُكْذُوبَة أَحاديث مُلَفَّقَة, الْجَهَالَةِ: جَهَالة: مصدر جهِلَ, الجّهل عدم العِلْم, و في ذلك إشارة إلي القوم الذين مشوا بأكاذيب الجهالة
يَوْمَهَا: يوم الحساب, أي لا مفرّ, المشار إليه في البيت السابق: فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَنْفَعُ الْغِرَّ عِلْمُهُ *** وَكُلُّ صِحَافٍ فِي الْقَبَائِح خُطَّتِ و هو هنا يوم من أيام الشيخ, يوضع فيه كل شئ في نصابه و يحق الحقّ, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (13, 14 ق 13):
وَدَعَاوَى كَاذِبٍ لَوْ لاَمَنِي *** كَبُرَتْ مَقْتاً وَقَدْ وَلَّى الدُّبُرْ
هُوَ يَوْمٌ آخِرٌ مِنْ نَفْخَتِي *** لاَتَ حِينَ الْبَأْسِ أَيَّامٌ أُخَرْ
سَتُوضَع فِي الْمِيزَانِ: سَتُوضَع: الأعمال, فِي الْمِيزَانِ: الميزَان: اسم آلة من وزَنَ: آلة تُوزن بها الأشياء لمعرفة مقدارها من الثقل، وهو رمز العَدْل, و ذكر الميزان في القيامة، في التفسير: أَنه مِيزانٌ له كِفَّتانِ، و في الآية: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) الرحمن 7 قال رضي الله عنه: وَسَمَتْ سَمَاءُ مُحَمَّدٍ فَوْقَ السَّمَا *** هُوَ فِي الْعُلَى وَالْوُضْعُ للْمِيزَانِ (48 ق 2) وَالْكَافِي كَفَّتِي: الْكَافِي: من كَفَى يَكْفِي كِفايةً إِذا قام بالأَمر, و الْكَافِي اسم الله و معناه كفاية الخلق كل ما أهمهم بيده سبحانه (فسيكفيكهمُ اللهُ و هُوَ السّميعُ العليم) البقرة 137 كَفَّتِي: من كفّة الميزان جنبته التي فيها عملي, كفتهم فيها أعمالهم و كفتّي هي الْكَافِي, و منها معني ينكفئ الميزان حيث الثقل الأكبر أي: يرجح

المعني: وَإِنَّى: الواو استئنافية, وَإِنَّى: الأنا مع ياء الإشباع, إشارة لحقيقة ذات المتكلم
فِي أَحْيَا الْحَيَاتَيْنِ: فِي: طرفية, أَحْيَا: صيغة مفاضلة علي وزن أفعلٌ, حيّ أحيا, أي أكثرهما حياة, الْحَيَاتَيْنِ: الدُنيا و الآخرة, و في الآية: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) العنكبوت 64 و في تأويل (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ) وإن الدار الآخرة لفيها الحياة الدائمة الباقية التي لا زوال لها ولا انقطاع ولا موت معها, و الحياة الآخرة تشمل البرزخ, لقوله تعالي كذلك: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا, بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران 169 و هؤلاء أهل مرتبة الشهادة فمن الأولي من هم أعلي: أي: الأنبياء و الصديقون و ورثتهم, و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: مَا نِمْتُ فِي دَارِ النِّيَامِ فَهَلْ تُرَى *** دَارُ الْحَيَاةِ بِهَا يَطِيبُ مَنَامِي (38 ق 15). و في ذلك جاء عن سيدنا الإمام علي كرّم الله وجهه, قوله: "النّاسُ نيامٌ فإذا ماتوا انتبهوا" مُنْعَمٌ عَلَيَّ: أَنْعَمَ عليه بكذا: أَعطاه إِيّاه, أي: يُنعمُ علي المُنعم, قال تعالي: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا) مريم 50 قال رضي الله عنه يصف أهل مقام المشاهدة: قَوْمٌ إِذَا مَا أَبْطَأَتْ أَعْمَالُهُمْ *** فَالْغَيْثُ مَدٌّ زَادَهُمْ تَنْعِيمَا (3 ق 74) بِتَكْرِيمٍ: الباء حرف لاصق, التَكْرِيم الاحتفاء و التشريف و التفضيل
وَإِسْبَاغِ نِعْمَةِ: الواو للعطف, إِسْبَاغِ نِعْمَةِ: إسْبَاغُ النِّعَمِ عَلَى العِبَادِ مِنْ اللَّهِ: غَمْرُهُمْ بِهَا، إِتْمَامُهَا عَلَيْهِمْ, و في الآية: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ) لقمان 20 و من مسوغات إِسْبَاغِ النّعمة: العلم و الهُدي و الكتاب المُنير

المعني: وَأَشْرَبُ مِنْ حَوْضِ الشَّفَاعَةِ: , أشرب (مضارع): ديموميّة الشراب, و الشراب إشارة إلى الخمر التي هي المعاني الإلهية والتجليات, قال تعالي: (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهوراً) الإنسان 21 قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: "سقاهم التوحيد في السر فتاهوا عن جميع ما سواه، فلم يفيقوا إلا عند المعاينة ورفع الحجاب فيما بينهم وبينه، وأخذ الشراب في ما أخذ عنه. فلم يبق عليه منه باقية وحصلته في ميدان السرور والحضور والقبضة ... طهرهم به عن كل شيء سواه، إذ لا طاهر من تدنس بشيء من الأكوان", مِنْ: حرف ابتداء لغاية مكانية, حَوْضِ: ما يجمع فيه الماء, الشَّفَاعَةِ: لغةً, كلام الشَّفِيعِ لِلْمَلِكِ في حاجة يسأَلُها لغيره .. و الشفع أحد الاثنين, فلما كان عمل العامل لا يكفي لجزائه الجزاء الحسن شُفع له. الشَّفَاعَةِ لسيد الخلق صلي الله عليه و سلّم و من يُشفّع, حَوْضِ الشَّفَاعَةِ: حوض الكوثر, و في حديث سيدنا حديثُ زَيد بن ثابتٍ رضي الله عنه, قال صلي الله عليه و سلم: "إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ", و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: فَمِنْ حَوْضِ الشَّفِيعِ قَدِ ارْتَوَيْنَا *** جَمِيعاً قَدْ جُمِعْنَا حَيْثُ كَانَ (19 ق 89) شَرْبَةً: الشّربة الواحدة من الشراب, و الشراب يتناول مناولة بالكأس و يُجرع
إِذَا ذَاقَهَا: إِذَا شرطية, ذاق من الذوق و هو بداية الشرب إذ يُخس المذاق, الطعم للمشروب
أَهْلُ الزَّمَانِ: أَهْلُ: أهل المكان المقيمون فيه و أهل الزمان المقيمون فيه, أي المنتسبون إليه عيشاً, الزَّمَانِ: زمان الطريقة (حتى انتهاء أيّام الدنيا) , حيث اختار سيدي ابراهيم أن تكون طريقته هي رئيسة آخر أزمان الأقطاب الأربعة, هم أهل زمان الرئاسة المبتدئة بسيدي فخر الدين رضي الله عنه, و هم كل القاطنون في هذا الزمان إلي يوم القيامة
لأَرْوَتِ: اللام للتوكيد, أَرْوَتِ: جواب الشرط (ذَاقَ) , أروي أذهب العطش, و المقارنة هنا أنه شَربَ شربة من الحوض (لا يُعرف مقدارها) و لكن لو ذاق جميع أهل زمانه الممتد إلي يوم القيامة, ذوقاً و ليس شرباً من هذه الشربة, لأروتهم و أذهبت عطشهم, للمعاني و التجليات الإلهية, و هذا كذلك يذكرنا بالأبيات التي كثيراً ما أنشدها رضي الله عنه (و ما كان ينشد إلا ما يعبّر عن حقيقته هو رضي الله عنه) , تقول الأبيات: شَرِبْتُ بِكَأسِ الخُبِّ فِي المَهدِ مَرةً *** خَلاوَتُها حَتَي القِيَامةَ فِي حَلْقِي

المعني: وَيُحْرمُ مِنْهَا: الواو استئنافية, يُحْرمُ من الشفاعة, يُحْرمُ يُمنع, بني علي البيت السابق: وَأَشْرَبُ مِنْ حَوْضِ الشَّفَاعَةِ شَرْبَةً *** إِذَا ذَاقَهَا أَهْلُ الزَّمَانِ لأَرْوَتِ مَنْ عَلَى اللَّهِ يَفْتَرِي: مَنْ: الذي, عَلَى اللَّهِ يَفْتَرِي: افْتَرَى الكذب يَفْترِيه اختلقه, قال تعالي: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) النحل 105 و قال تعالي: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) هود 18 الافتراء علي الله بتكذيب آياته, رسله و أنبيائه و أوليائه, من افتري علي أي منهم فقد افتري علي الله وَلَوْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ: وَلَوْ: للتقليل (كقوله صلي الله عليه و سلّم: اتّقوا النّار و لو بشِقّ تمرة) الباء و سيلة, حَدِيثِ النَّفْسِ: ما حاك في النفس من حديث و لم ينبث به صاحبه, قال تعالي: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) البقرة 248 و في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" رواه مسلم أَوْ كُلُّ شَامِتِ: أَوْ حرف عطف لا يشترط الترتيب, الشَّماتة: الفَرَحُ بما يصيب العدوّ من الأذي, (أي: يحرم من الشفاعة في أيٍّ من الحالتين)

المعني:
وَكُلُّ شُعَاعٍ: الواو استئنافية, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, شُعَاعٍ: الشُّعَاعُ لغة هو الضوءُ الذي يُرَى كأنه خيوط أو حبال ممتدّة من مصدر الضوء, الشُعَاع في علم الحقائق: العضو الواحد من 124 ألف أعضاء الحضرة الصمدانية الوترية
مِنْ بَنِي النُّورِ: مِنْ: للبعضية, بَنِي النُّورِ: بَنِي: جمع ابن أي: المتنزل من النور كتنزل البن من أبيه, النُّورِ: هو الذي به الهداية و النور هو حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, لما في الآية: (للَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ... ) النور 35 و كل الرؤساء أبناؤه, لقوله صلي الله عليه و سلم في الحديث: (أنا من نور الله و الأنبياء من رشحات نوري). و قد قيل: فأبُّ الحقيقةِ أحمدٌ إن رُمته *** و أبُّ المجاز آدمٌ قد حقّقوا وَاصِلٌ: وَاصِلٌ إِلَى المَكَانِ: بَالِغٌ إِلَيْهِ, أي: بالغٌ إلي حضرة الحبيب المصطفي صلّي الله عليه و سلّم, لا يمكن فصله عنه, لا يمكن تعادي الأولياء و تدعي حبّ أبيهم صلّي الله عليه و سلّم
وَشَامِتُ جَدِّي: الواو استئنافية, شَامِتُ: من الشَّماتة: الفَرَحُ بما يصيب العدوّ من الأذي, جَدِّي: صلّي الله عليه و سلّم, و حين يقول جَدِّي يشير إلي الوراثة النبوية المحمدية الكاملة, لأن الجدّ يورّث, قال رضيى الله عنه: فَجَدِّيَ مَنْ وَرِثَ الْعُلُوَمَ جَمِيعَهَا *** وَلَمْ يَكُ مَقْطوعُ الْوَتِينِ يُرِيبُنِي (13 ق 36) فِي الْحَقِيقَةِ: الحقِيقَةُ: الشيءُ الثابتُ يقينًا, فِي الْحَقِيقَةِ: أي في حقيقة الأمر يقيناً
شَامِتِي: اذا شمت فيّ فقد شمِت في جدّي

المعني:
وَكُلُّ: الواو استئنافية, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد
ذِكِيٍّ: أصلها من ذَكَتِ النارُ: اشْتَدَّ لهَبُها واشْتَعلت، والذَّكاءُ: سُرْعة الفِطْنَة
دَقَّ: لغة, أصلها صار في حجم متناهي الصغر, دقّ حتي لا تكاد تراه من دِقّته, أي يستطيع أن يميز و يستوعب أدقّ العبارات و التي هي عند أهل الفهم حقائق وسطية تتمتع بكل ما للحقيقة من خصائص و تستبطن المعاني, فهمه دقيق لا تفوت عليه عبارة إلا وقف عندها و تدبّرها
رَقَّ: لغة, أصلها صار في سمك متناهي الصغر, رقّ الخيط حتي كاد أن ينقطع رقّ قلبه, فهمه رقيق يستوعب ألطف المعاني
فَهْمُهُ: الفهم تلك الطاقة التي تمكن صاحبها من استيعاب حقائق الأشياء
لَدَى كَلِمَاتِي: عند كَلِمَاتِي: و كَلِمَاتِي تعني تلك الوحدات من الكلام (شراب الوصل كلام الشيخ) التي تتركب من الحروف, و الكلمات أدّق وحدة ذات دلالة و معني, و لذلك سمّاها الشيخ الدَّقائق و تقابلها الرّقائق و هي بواطن المعاني, و قال رضي الله عنه في وصفها في (1 - 4 ق 26): كَمْ لِي بِفَضْلِ اللَّهِ مِنْ آيَاتِ *** مَأْثُورَتِي وَقُطُوفُهَا كَلِمَاتِي
يَجْنِي الأَحِبَّةُ سِرَّهَا وَسُرُورَهَا *** وَبَطَائِنُ الأَسْرَارِ مُتَّكَآتِي
مَصْدُوقَةٌ كَمْ أَخْبَرَتْ مَا أَقْفَرَتْ *** كَلِمَاتُهَا مَوْسُومَةٌ بِسِمَاتِي
وَالْعَبْقَرِيُّ الْخُضْرُ مِنْ حَبَّاتِهَا *** مَنْظُومَةٌ يَا نِعْمَ مَنْظُومَاتِي
و قال رضي الله عنه: دَعُوا كُلَّ خَوَّاضٍ يَنُوءُ بِحِمْلِهِ *** فَإِن إِشَارَاتِي أَدَقُّ الدَّقَائِقِ (10 ق 16) صَارَ: صارَ الأمرُ إلى كذا صَيْراً ومَصِيراً, انتقل من حال إلي حال أو من مكان إلي مكان
فِي الْجَهْلِ مُثْبَتِ: فِي: ظرفية, الجهل: عدم العلم, و تشبيهاً علي العِلّة التي تفعد بصاحبها لها الوصف بكلمة مُثْبَتِ و المُثْبَتُ هو الذي ثَقُلَ، فلم يَبْرَحِ الفِراش, و كما قال رضي الله عنه: فَجَهْلُ غَبِيٍّ عِلَّةٌ فَوْقَ عِلَّةٍ *** وَعِلْمُ وَلِيٍّ مَلْجَأٌ فِي الشَّدَائِدِ (34 ق 14) و الغبيّ نقيض الذكيّ, و لما كان الأمر بالمحبّة قال رضي الله عنه في شمائل صاحب المنحة سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه: فَبِهِ انتَفَى جَهْلٌ وَأُثْبِتَ عِلْمُهُ *** فِي مُحْكَمَاتِ صُدُورِ أَهُلِ مَحَبَّتِي (339 ق 1)

المعني:
فَمِنْبَرُ جَدّيَ: الفاء استئنافية, مِنْبَرُ: المِنْبَر: منصّة، مرقاة يصعد عليها الخطيبُ من إمام وغيره ليسمعه ويراه الناس, و أصلها من كلمة نبر أي ارتفع, جَدّيَ: يشير بها رضي الله عنه للوراثة لأن الجد يورث, مِنْبَرُ جَدّيَ: أي مرقي في مسجد يُخاطب مه النّاس, في الحديث عن جابر بن عبد الله قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأيّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة وأعطيت الشفاعة). و منبر جدّي تشمل كل موقع يُرشدُ منه الناس, لأن الداعي إلي الله أصالة هو حضرة المصطفي صلي الله عليه و السلام و غيره إنما هو مبلغٌ, يرشد بالإنابة
مِنْبَرٌ مِلْؤُهُ الْهُدَى: مِنْبَرٌ مِلْؤُهُ: ملء الشئ أي ما حواه و امتلأ به, ملؤه لبن أي ما حوي و امتلأ به هو لبن, الْهُدَى: الارشاد للصواب و الخير, أي: منبر تم فيه الهدي و ما غير الهدي ليس له مكانٌ فيه وَإِنَّ طَرِيقِي فِي هُدَى اللَّهِ عُرْوَةٌ *** وَمَا بَدَأَتْ يَوْماً بِفَضِّ التَّعَاقُدِ (23 ق 14) وَكُلُّ بَذِيءٍ فَوْقَهُ: الواو استئنافية, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد, بَذِيءٍ: أي و كل متحدث بالبذاءة فوقه, و بذئ من بذاء بالمد الفحش وفلان بذي اللسان فهو بذي و تهمز فتقول فلان بذئ وبذوت على القوم وأبذيتهم وأبذيت عليهم من البذاء وهو الكلام القبيح, يعني من يسب و يشتم من فوق منابر الارشاد, حسية أو معنوية, إذ الارشاد من أي مكان ممكن, مثلاً واحد مسئول عن الارشاد و تجده يشتم و يسبّ, قال رضي الله عنه: يَهْدِي إِلَى اللَّهِ الْهُدَاةُ بِعِلْمِنَا *** لاَ بِالْعُوَاءِ وَقُطِّعَتْ أَسْبَابُ (15 ق 45) فَوْقَ جَمْرَةٍ: فَوْقَ: ظرفية بقصد: يقعد فوق جَمْرَةٍ, جَمْرَةٍ: الجمرةُ الواحدة من الجمرات و هي اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأها من سائر القبائل ومن هذا قيل لمواضع الجمار التي ترمى بمنى جمرات لأن كل مجمع حصى منها جمرة وهي ثلاث جمرات تُنسب لقبائل عبس وضبة ونمير و معروفٌ أن رَمْيَ الجمار ركن من أركان الحج، والجمار ثلاث: الجمرة الأولى ” الصغرى ” والوسطى، وهما قرب مسجد الخيف مما يلي مكة، والجمرة الكبرى، ” جمرة العقبة ”، وهي في آخر منًى مما يلي مكة, وقال الإمام ابن الأثير رحمه الله عن الجمار: ((الجمار: هي الأحجار
الصغار، ومنه سمِّيت جمار الحج للحصى التي يُرمَى بها، وأما موضع الجمار بمنىً فسُمِّيَ جمرة؛ لأنها تُرمى بالجمار, و معناها أنّ من يتخذ منبر الإرشاد للسباب فإنه لم يتخلص من النفوس, لقوله رضي الله عنه: وَلاَ كُلُّ مَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى مِنىً *** بِقَاتِلِ نَفسٍ أَوْ مُبَلَّغِ بُغْيَتِي (261 ق 1).

المعني:
وَقِبْلَةُ جَدّيَ: الواو للاستئناف, قِبْلَةُ: القِبْلَةُ: الجهةُ أو الوِجهة التي يُتجه إليها, جَدّيَ: المصطفي صلي الله عليه و سلم, إشارة للوراثة المحمدية الكاملة, إذ أن الجَّدُ يورث, قِبْلَةُ جَدّيَ: في السماء, سماء التوحيد الأعلي, موطن الشهود الذّاتي, قال تعالي: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ, فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا, فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ, وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ, وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ, وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) البقرة 144 قِبْلَةٌ قَدْ رَضِيتُهَا: قَدْ: للتأكيد. رَضِيتُهَا: اخترتها و قبلتها, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه في (1,2 ق 57): عَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ يَكُونُ قَصْدِي *** رَضِيتُ اللَّهَ وَالإِسْلاَمَ دِينَا
هُوَ السَّنَدُ الَّذِي صِرْنَا إِلْيهِ *** هُوَ النُّورُ الْمُعَظَّمُ يَحْتَوِينَا
أُقَلِّبُ وَجْهِي فِي سَمَاوَاتِ قِبْلَتِي: أُقَلِّبُ: من القَلْبُ: تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه, قَلَبه يَقْلِبُه قَلْباً، وأَقْلَبه، وقَلَبَ الشيءَ، وقَلَّبه: حَوَّله ظَهْراً لبَطْنٍ, مع تتالي الفعل, فعل مضارع و الفاعل ضمير مستتر تقديره (أنا) , وَجْهِي: وَجْهُ كُلِّ شيء: مُسْتَقْبَلُه، وفي الآية: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة 115 فِي: ظرفية, سَمَاوَاتِ: جمع سماء و السماء لغة كل ما علا, و حقيقة المراتب أو الحضرات, بمعني واحد, قِبْلَتِي: وجهتي, و هي الحق تعالي, في موطن الشهود, قال رضي الله عنه: وَبَعْضُ شَرَابِي أَغْرَقَ الكُلَّ فِي الْهَوَى *** وَمَنْهَجِيَ الْقُرْآنُ وَاللَّهُ وَجْهَتِي (9 ق 1) و قال رضي الله عنه, في الأبيات (13 - 34 ق 29): فَفَوْقَ الإِسْتِوَا قَلَّبْتُ وَجْهِي *** فَعَايَنْتُ السَّمَاءَ وَمَا بَنَاهَا
فَهَذِي قِبْلَةٌ قَلَبَتْ قُلُوباً *** عَلَى أَعْقَابِهَا يَوْمَ اصْطِفَهَا
فَأَمَّا قَدْ نَرَى هِيَ قَدْ رَأَيْنَا *** عَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ بَدْءِ اسْتَوَاهَا
وَلَيْسَ إِلَى السَّمَا بَلْ فِي السَّمَاءِ *** وَقِيلَ فَوِلِّ بَعْدَ أَنِ ارْتَضَاهَا

المعني:
وَكُلُّ: الواو استئنافية, كُلُّ: حرف لاستيعاب أفراد العدد
خَطِيبٍ بِالْجَمَاعَةِ: خَطِيبٍ: مصدرها الخُطْبَة من خَطَب الخاطِبُ على المِنْبَر، واخْتَطَب يَخْطُبُ خَطابَةً، واسمُ الكلامِ: الخُطْبَة, بِالْجَمَاعَةِ: الباء حرف جر يفيد هنا معني الاستعلاء, نحو قوله تعالى (إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) آل عمران 75 الْجَمَاعَةِ: من جمَعَ و تجمَّع القوم: اجتمعوا أَيضاً من ههنا وههنا و جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعاً وجَمَّعَه وأَجْمَعَه فاجتَمع, أي: يعتلي الخطيب المتبر ليخطب في الجماعة, و المنبر, منبر حسي كما في المسجد أو معنوي بمعني مسئولية إرشاد الناس من أي مكان كان
قَدْ لَغَا: قَدْ: للتأكيد, لَغَا: من اللَّغْو واللَّغا: السَّقَط وما لا يُعتدّ به من كلام وغيره ولا يُحصَل منه على فائدة ولا على نفع, و يعني الخطيب أو المرشد الذي لا يقول للناس ما يفيدهم في دينهم, قال تعالي: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) القصص 55 و قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه يصف الصالحين: لَمْ يَأْنَسُوا بِاللَّغْوِ حَتَّى أُونِسُوا *** مَرُّوا بِلَغْوِ الْخَائِضِينَ كِرَامَا (8 ق 68) يُعَلمِهٌ الشَّيْطَانُ سَبَّ طَريقَتِي: يُعَلِّمُهُ: من العِلْمُ: نقيضُ الجهل, أي: يثبت في روعه عِلماً, أي: روع اللاغي الخطيب في الجماعة, الشَّيْطَانُ: الشَّيْطانُ علي وزن فَيْعال من شَطَنَ إذا بَعُدَ، الشيطان معروف، وكل عات متمرد من الجن والإِنس والدواب شيطان, و الشَّطِينُ: البعيد, والشَّطْنُ: مصدر شَطَنَه يَشْطُنُه شَطْناً خالفه عن وجْهه ونيته, قال تعالي: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ... ) البقرة 102 و قال تعالي: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فاطر 6 و قال تعالى (كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِيْنَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوْحِيْ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوْرًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوْهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُوْنَ) الأنعام 112 و قد قيل: "من ليس له شيخٌ فشيخُه الشيطان" اسَبَّ طَريقَتِي: السَّبُّ السَّبُّ: الشَّتْم، وفي الحديث: "سِبابُ المُسْلِم فُسوقٌ، وقِتاله كُفرٌ", من سَبّ الطريقة فذلك من الشّيطان, و يذكر ذلك بكتابه رضي الله عنه: "إنتصار أولياء الرّخمن علي أولياء الشيطان" و الذي يرُدّ فيه علي كل أقاويل المدّعين الذين يسبّون و يحاولون النّيلَ من التّصوف و أهله

المعني:
إِليْكَ: اسم فعل أمر بمعنى خُذْ، نحو: إليك القلم، ومنه قولهم: إليك الخبر بالآتي, أي: يا مُرِيدِي خُذْ عني الآتي من القول
مُرِيدِي: أصلها يا مُرِيدِي. يا المنادي مجذوفة, و المريد, هو الطالب أو القاصد مقابله المُراد, و المريد الطالب اعلم و الهداية من المُراد و هو الشيخ, و الطريقة عهدٌ بين المُريد و الشيخ, و المُريد هو من وافقت إرادته إرادة الشيخ, قال رضي الله عنه: وَلَسْتُ بِنَاءٍ عَنْ مُرِيدِيَ لَحْظَةً *** وَإِنَّ مُريدِي مَنْ أَرَادَ إِرَادَتِي (266 ق 1) مَا بِه: الذي بِهٍ و الباء لاصقة, كقولك أمسكتُ بالحبل
اللَّهُ خَصَّنِي: اللَّهُ: إشارة إلي حضرة الألوهية الرئيسة عل كل حضرات الأسماء, خَصَّنِي: من خَصّه بالشيء يخُصّه خَصّاً وخُصوصاً وخَصُوصِيّةً وخُصُوصِيّةً، واخْتصّه: أَفْرَدَه به دون غيره, أي: خُصّ سيدي فخر الدين بخصائص تميّزه من بين الأكابر, و هذا اصطفاء و يبيّن في هذا البيت و ما بعده هذه الخصائص, يجملها هنا ثمّ يفصلها في الأبيات التالية له
بِنُورِ: الباء حرف جر للإلصاق الحقيقي, نحو: أمسكت الحبل بيدي أي ألصقتها به) , نُورِ: النّور: الهِداية, قال تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) النساء 174 قال رضي الله عنه: نُورِي مِنَ النُّورِ الْمُبِينِ *** وَنُورُ جَدِّي الأَغْلَبُ (3 ق 4) عموميّة الطريقة لأهل الزمان, خُصّ بها سيدي فخر الدين وراثة نبويّة محمّدية صرفة. فجاءت طريقته لتعُمّ الكون, من عمومية رسالة جدّه صلّي الله عليه و سلّم الكون دون الرسالات السابقة
وَرِضْوَانٍ: الواو للعطف, الرِضْوَان الرّضَا, أعلي مواطن القُرب الإلهي, قال تعالي: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المائدة 16 فكانت الطريقة موطن الرضا لمن أمّها, و الرّضا أعطي لسيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, قال عن ذلك سيدي فخر الدين رضي الله عنه: إِنَّه دَارٌ وَدَيَّارُ الِرّضَا *** إِنَّهُ وَاللَّهِ حَلاَّلُ الْعُقَدْ (10 ق 8) و قال عنه: يَقُولُ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ *** وَأُرْضِينَا بِهِ جَمْعاً وَفَرْدَا (1 ق 58) وَتَأْيِيدِ دَوْلَتِي: الواو للعطف, (نور و رضوان و تأييد) , التأييد: النصر و الدعم و التمكين, دَوْلَتِي: الدّولة من تداول الأمر, قال تعالي: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران 140 و من معاني الدّولة: العُقْبة في المال والحَرْب, و من معاني الدّولة: الانتقال من حال الشدَّة إِلى الرَّخاء, و هي دولة سيدي إبراهيم رضي الله عنه, المعبّرة عن آل البيت الكرام رضي الله عنهم. و بها بشّر الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه, حيث قال: لَنَا دَوُلةٌ فِي آخِرِ الدَّهُرِ تَظُهَرُ *** فَتَظُهَرُ مِثُلُ الشَّمُسِ لَا تَتَسَتَرُ و قالوا أيضاً: هِذِه دَوُلَتُنَا قَدُ حَضَرَتُ *** دَوُلَةُ العِزِّ وَ كَنُزُ الفَرَحِ و في إشارة إلي عزيز مصر, سيدنا الإمام الحسين, أعطي المُلك لسيدي فخر الدين (الطريقة) , و لذا قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: وَآيَةُ مُلْكى أَنَّنِي مَا خَطَبْتُهَا *** وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ شَاهِدُ عُقْدَتِي (69 ق 1) و هذه الخصال الثلاثة التي خُصّ بها سيدي فخر الدين, ممثلا في شارة الطريقة, يمكن تلخيصها في:
النّور: من حضرة سيدنا حضرة النبي صلّي الله عليه و سلّم (الشارة الصفراء – الحقيقة المحمّدية) يمثّله سيدي أبو الحسن الشّاذلي رضي الله عنه
الرّضوان: سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه (الشارة البيضاء – الشريعة)
التأييد: سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه (الشارة الخضراء – شرف الإضافة
لآل البيت). كما سيتضّح تفصيله ذلك في أبيات قادمة

المعني:
بِسَاطِي: بِسَاطِي: البِساط هو الفرش الواسع المُستَوِي و أَرض بَساطٌ وبَسِيطةٌ: مُنْبَسطة مستويَة, الآية: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً) نوح 19 بِسَاطِي: الياء ياء المتكلّم, مضاف, و البِساط يجلس عليه صاحب حضرة القرب, يعني بذلك, إقامته في موطن الهداية إلي الله وردّ الشاردين إليه, قال سيدي الشيخ أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه: "يجلسك (الله تعالى) على بساط الاصطفاء للتعليم", و في قصيدة "يسير بك المهيمن" التي بشر فيها سيدي الشيخ قريب الله سيدي فخر الدين رضي الله عنهم أجمعين يقول: وَ تَجْلِسُ فِي بِسَاطِ القُرْبِ تَبْدُو *** عَلَيْكَ مِن التُّقَي حُلَلُ البَهَاءِ تَأيِيدٌ: التأييد هو النصر و الدعم و التمكين, قال تعالي: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) البقرة 87 و قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) الصف 14 أي: أنه يجلسُ في حضرة القُرب مؤيداً, بالتأييد الإلهي, و التأييد بتسخير الملائكة بأصنافهم و ملائكة الأسماء و بروح القُدس, سيدنا جبريل عليه السلام, قال رضي الله عنه: فِي الرَّفْرَفِ الأَعْلَى اتَّكَأْتُ مُؤَيَّداً *** وَكِسَائِيَ الْخَضْرَاءُ بِالإِحسَانِ (58 ق 1) و قال رضي الله عنه: وَأَفْتَرِشُ التَّأْيِيدَ حَقّاً وَإِنَّنِي *** لأَلْتَحِفُ الرِّضْوَانَ وَالنُّورُ حُلَّتِي (79 ق 1) وَبَسْطِيَ مِنَّةٌ: الواو للعطف, بَسْطِيَ: من البَسْطُ مع ياء المتكلم المضافة: نقيض القَبْضِ، بسَطَه يبسُطه بَسْطاً فانبسَط وبَسَّطَه فتبَسَّط، بَسَّطَ كَفَّيْهِ بالعطاء وبسَط الشيءَ: نشره, و البَسط في الحقيقة ذهاب الوحشة على بساط الأنس و التوسع في الطلب بلا حرج حين الاستئناس بالحبيب, أي: يطلب ما يشاء, الآية: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) العنكبوت 62 مِنَّة: المِنَّة صُنع الجميل, العطاء و الكرم الإلهي النبوي المحض
وَأَكْبَرُ رِضْوَانٍ: الواو للعطف, أَكْبَرُ رِضْوَانٍ: صفة راجعة لَبَسْطِيَ, أَكْبَرُ: صيغة تفضيل علي وزن فعيل أفعل, كبير أكبر, وَأَكْبَرُ رِضْوَانٍ: الرضوان الذي لا يوجد أكبر منه, الرضوان: هو أعلي مراتب القرب إلي الله, و هو القبول و الأمان, قال تعالي: (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ) التوبة 21 إِذِ النُّورُ حُلَّتِي: إِذِ: تعليلية, أي: بسبب أن (النُّورُ حُلَّتِي) , النُّورُ: حضرة النبي صلي الله عليه و سلم, قال تعالي: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ... ) النور 35 حُلَّتِي: الحُلَّةُ ما يلبس لغطاء الجسد كله (لبسة كاملة) , حُلَّتِي: أي الحلّة التي ارتديت, و هي النور النبوي, خلعة المصطفي صلي الله عليه و سلم, و هي الوقاية النبوية من شدة التجلّي الذاتي الإلهي, قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه: فَيَا حُلَّةَ الأَنْوَارِ يَا صِنْوَ حُلَّتِي *** لَقَدْ كَانَتِ الأَسْرَارُ عِقْداً بِجِيدِهَا (10 ق 80) و في قصيدة الشيخ قريب الله مبشراً لسيدي فخر الدين, رضي الله عنهم أجمعين: وَ يُلبِسُكَ الخَلَائِعَ مِثْلَ قَوْمٍ *** خُلِعْنَ عَلَيهِمُ خِلعَ الرِّضَاءِ

المعني:
وَأَهْلِيَ أُولُو الشَّرَفِ الْعَظِيِم: (خُصة) إضافة الطريقة لآل البيت (سيدنا الحسين رضي الله عنه) الْعَظِيِم
وَعِتْرَةُ: آل بيتي, و معني عترة: أنا منهم و هم منّي (باب الدخول).
لِخَاتَمِ رُسْلِ اللَّهِ: لِخَاتَمِ: إشارة لأن زمن الطريقة يختم الأزمان, لتعم رسالته صلّي الله عليه و سلّم (تصبح الأرض كلّها تصّوف) لنا دولة في آخر الدهر تظهر*** وتظهر مثل الشمس لا تتستَّر هَادِي الْبَرِيَّةِ: برأ خلقَ و البَرِيَّةُ الخَلْقُ، هادي الْبَرِيَّةِ: القمر المنير سيدنا رسول الله صلّي الله عليه و سلّم, و نجوم الهدايةِ سادتنا آل البيت, عترته. تأييد آل البيت لسيدي فخر الدين, لخدمة الدين.

المعني:
وَإِنِّي وِتْرٌ: (خصّه الله) بالوتريّة النور: حضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم.
وِتْرٌ فِي سَمَا النُّورِ لاَمِعٌ: الوَتْرُ: الفَرْدُ أَو ما لم يَتَشَفَّعْ من العَدَدِ (واحديتيه) , شعاع أو عضو الحضرة الصمدانية الوترية, النُّورِ: حضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم, سَمَا النُّورِ: واحديّة حضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم.
صرت به: بحضرة المصطفي صلي الله عليه و سلم.
شفعاً: (أنا و هو (ثاني اثنين.
الجار: المستجير, الطالب إجارتي
شفعتي: الشفع الإثنينية, أدخله في معيّتي و أعينه

المعني:
وَكُلُّ: الواو للعطف علي ما سبق (خُصّة من خصائصه رضي الله عنه) الكُّلّ الأجزاء مجتمعةً
فُؤَادٍ: الفُؤَاد الحيّز الذي يجمع القلب, الآية: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) القصص 10 لِلْمُهَيْمِنِ سَاجِدٌ: المُهَيْمِنُ الشاهد، وهو من آمن غيرَه من الخوف، وأَصله أَأْمَنَ فهو مُؤَأْمِنٌ، بهمزتين، قلبت الهمزة الثانية ياء كراهة اجتماعهما فصار مُؤَيْمِنٌ، ثم صُيِّرت الأُولى هاء كما قالوا هَراق وأَراق. قال تعالي: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الحشر 23 فهو مبدأ أسماء الجلال و رئيسها. قيل لبعض العارفين: أيسجد القلب بين يدى ربِّه؟!، قال: أي والله، بسجدة لا يرفع رأْسه منها إلى يوم القيامة· و حين يسجد القلب سجدة الأبدية يصبح عرشاً من عروش الرّحمن, و لذا قيل: لا تقولوا بفرد عرشٍ و كرسي ** كم عروشٍ لربّنا و كراسي يُرَتّلُ آيَاتِي: الرَّتَلُ: حُسْن تَناسُق الشيء. والترتيلُ في القراءة: التَّرَسُّلُ فيها والتبيين من غير بَغْيٍ. قال تعالي: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان 32 آيَاتِي: أبيات شراب الوصل. ترتيل شراب الوصل يقرأه المريد بتمعن و تأنٍ و بتشّوق, بنظام
وَيَنهَلُ خَمْرَتِي: يَنهَلُ بشرب حتي الارتواء, خَمْرَتِي: المعاني (من شراب الوصل): خمرُنا خمرُ المعاني ** عُتِّقت من قبلِ آدم ** و لها نحنُ القَناني ** من زمانٍ قَد تَقَادَم

المعني:
أَنَا: الظاهر – تجلّي الشهود الحقّي, البيت يشرح (خُصّة من خصائصه رضي الله عنه)
الحق في الدنيا: الحق: من التخلق بإسمه تعالي الحق, الآية: (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) يونس 32 و الحق يزهق الباطل (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) 81 الإسراء الحق في اللقا: يوم القيامة, في الحديث حديث جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يبعث كل عبد على ما مات عليه) النّاس بين مصدّق و مكذّب بلقاء الله, الآية: (أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ) فصّلت 54 كذلك من كذّبوا بالحقّ في الدنيا يبين لهم أنّه الحقُّ في الآخرة. قال رضي الله عنه: وَلِي يَوْمَ لاَ يُخْزَى النَّبِيُّ وَآلُهُ *** شَفَاعَةُ مَحْبُوبٍ وَقَوْلٌ صائِبُ (6 ق 27) إِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ: الآية: (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) الإنشقاق 3 مُدَّتْ: بُسطت
وَالسَّمَوَاتُ حُقَّتِ: الآية: (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) * (وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ) الإنشقاق 1,2 حُقَّتِ أي حُقَّ لها أنَ تفعل. أي: أعني يوم القيامة.

المعني:
وَمَا الْجُبُّ: (البيت يشرح (خُصّة من خصائصه رضي الله عنه) ما النافية, الْجُبُّ: الزّمان, الطريقة أخفيت حتي يجئ سيدي فخر الدين و ينشرها, الآية: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) يوسف 15 إِلاَّ: استثناء
جَبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا: الجَبُّ: القَطْعُ, قَبْلَهَا: راجعة للطريقة. من حديث عمرو بن العاص: (الإسلام يجبُّ ما قبله). تخلّي المريد عن مرتبة و تحلّيه بالمرتبة التالية لها.
وَمَا الْمَاءُ: المدد, كلّ المدد من سيدي إبراهيم الدسوقي (و كان أبو العينين واردَ مائها)
إِلاَّ مَا بِهِ الأَرْضُ مُدَّتِ: الأَرْضُ: موطن عمومية انتشار الطريقة

المعني:
وَمَا يُوسُفِيٌ غَيْرُهَا: الواو حرف عطف, يواصل شرح خصائصه رضي الله عنه (ما به الله خصّني) , ما النافية غير استثناء من النفي, أي أن الإشارة بسيدنا يوسف للطريقة لجمال الطريقة (و هذه خُصّة) , إذ أن سيدنا يوسف رمز للجمال كما جاء في قصته في القرآن, و في ذلك قول الحبيب صلّي الله عليه و سلّم: (أوتي يوسف شطر الحسن) رواه مسلم, أي اختصّه الله بالجمال. وَمَا يُوسُفِيٌ غَيْرُهَا: يعني إذا كان هنالك حينما أشرت بالجمال اليوسفّي فأنا أقصد الطريقة.
لِجَمَالِهَا: أي نسبةً لجمالها, قمة الجمال في الطريقة: شيخ-أوراد-إذن عالي-مدد-قصائد-علوم-إضافة-أناقة و جمال في كلّ شئ, في كلّ شئ.
وَمَا هِيَ فِي التَّحْقِيقِ إِلاَّ طَرِيقَتِي: في عالم الحقائق مشهود لها بالجمال. و في الحديث: "إِن الله جَمِيل يحب الجَمَال", و (خصّ الله سيدي فخر الدين) بتجلّي الجمال, فكانت الطريقة مظهر الجمال.

المعني:
بِمِصْرَ: لسيدنا الحسين, (خُصّة إضافة الطريقة لسيدنا الحسين رضي الله عنه) - الشيخ كان يقول: (يا اللي ما رحتش مصر) , في مداعبته لبعض الأخوان, بقصد معيّة سيدنا الحسين
يُبَاعُ الْحُرُ: بعد العتق
عَبْداً لِسَيّدٍ: الإضافة لسيدنا الحسين, قال رضي الله عنه: أَهْلُ الْعِنَايَةِ إِنْ تَوَلَّوْا سَيِّداً *** لَغَدَا مَتَاعاً يُشْتَرى وَيُبَاعُ (1 ق 23)
لُيصْبِحَ رِقَّا: عبدُ رِقٍّ ما رقَّ يَوماً لِعِتقٍ *** لو تَخَلّيتَ عنه ما خَلاّكا
فِي عِبَادٍ أَثِيَرةِ: أَثِيَرةِ يُعتمد عليها (عُمَد) كبار.

المعني:
فَيَا نِعْمَ: الفاء للاستئناف. يا: حرف نداء يفيد التعجب, نِعْمَ: فعل ماض جامد مبني على الفتح لإنشاء المدح
مُبْتَاعٍ: يُباع لسيدنا الحسين, البائع سيدي إبراهيم الدسوقي
وَيَا نِعْمَ مُشْتَريً: سيدنا الحسين
وَيَا عِزَّ مَأْثُورٍ لَدَيْهِ: العِزَّ: المنعة, مَأْثُورٍ يعني متفرد و مستأثر به, مَأْثُورٍ لَدَيْهِ سيدنا رسول الله صلّي الله عليه و سلّم, عِزَّ: العزّ من رسول الله صلّي الله عليه و سلّم للطريقة
وَجِيَرةِ: جوار سيدنا رسول الله صلّي الله عليه و سلّم
حاشية:
حوي البيت ثلاث محطات تعجب و مدح: يَا نِعْمَ - يَا نِعْمَ - يَا عِزَّ , سيدي إبراهيم-سيدنا الحسين-سيدنا رسول الله صلّي الله عليه و سلّم, شارة الطريقة: أبيض – أخضر – أصفر بالترتيب

المعني:
وَمَا أَيْنَعَتْ: يَنَعَ الثَّمَرُ أَدْرَكَ ونَضِجَ، الطريقة, الآية: (انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأنعام 99 إِلاَّ لأَنَّيَ تُرْبَةٌ: إِلاَّ: استثناء مفرغ لأنها مسبوقة بما النافية, كقوله تعالي: (و ما محمدٌ إلا رسولٌ) آل عمران 144 لأَنَّيَ: اللام للتعليل. تُرْبَةٌ: أرض طيّبة, البذرة الطريقة و أثمرت (تعدد الكثرة في الواحد) و كان ينشد: أنا وحدي ما معي في الكون غيري.
أَنَا السَّاقُ: الجذر سيدي إبراهيم الدسوقي, السّاق سيدي فخر الدين, مظهر الطريقة
وَ السَّاقِي لَهَا: الوراثة المحمّدية الصرفة, الآية: (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) القيامة 29 قال رضي الله عنه: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِي وَلاَ عَجَبٌ *** إِنْسَانِ عَيْنٍ وَلْلأَرْوَاحِ قَدْ رَبَّى (3 ق 70) وَهْيَ زَهْرَتِي: الطريقة (أبناء الطريقة)

المعني:
وَكُلُّ: الأجزاء مجتمعة
أُصُولٍ لِلنَّوَابِتِ: طرق الأصول
دُونَهَا: أمامها (قصادها)
لَبَعْضُ فُرُوعٍ: لام التأكيد, تعتبر فروع منها:
هي الأصل في طرق الوصول لأنها ** يئول إليها أمر كلّ الطرائق بيت لسيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه
فَالْحَقَائِقُ دَقَّتِ: فاء الاستئناف, الْحَقَائِقُ: المعاني, دَقَّتِ: لا تكشف عنها الكلمات (الدقائق: الكلمات).

المعني:
لِذَا: لأن (الْحَقَائِقُ دَقَّتِ) في البيت السابق: وَكُلُّ أُصُولٍ لِلنَّوَابِتِ دُونَهَا *** لَبَعْضُ فُرُوعٍ فَالْحَقَائِقُ دَقَّتِ فَهِيَ خَضْرَاءٌ: الشارة الخضراء للطريقة, الإضافة لسيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه.
غَدَا الْخِضْرُ عِنْدَهَا: غَدَا: من الغدو, أي ورد موطنها يقتات منها. في موطن تجلّي الحقائق. الْخِضْرُ: سيدنا الخضر عليه السلام, إدراك علم الحقائق. الآية: (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) الكهف 65 كَطَالِبِ عِلْمٍ: كاف التشبيه, يبحث عن العلم
مِنْ أُصَيْحَابِ نَهْلَتِي: يطلب العلم اللدّني ممن نهلوا من علوم سيدي فخر الدين. من عظمة علوم الطريقة و احتوائها لكل علم الباطن.

المعني:
كذَا: بمثل القدر السابق
فَهِي صَفْرَاءٌ: الشارة الصفراء, إشارة للحقيقة المحمّدية, الممنوحة لسيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه
تَسُرُّ نَوَاظِراً إِلَى الْمَلأَ الأَعْلَى: النواظر: جمع ناظر والنَّاظِرُ في المُقْلَةِ: السوادُ الأَصغر الذي فيه إِنْسانُ العَيْنِ، أي أهل تجلّي الشهود. الآية: (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) البقرة 96 تَسُرُّ نَوَاظِراً: غاية الشهود: فقُرّة الحدّ للأحداق أحمدها. غاية الشهود لأهل الشهود في الطريقة, و الحقيقة المحمّدية غاية الشهود. وَبَيْضَاءُ شِرْعَةِ: الشارة البيضاء كناية عن الشريعة, اختص بها سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه. اختار الشريعة, و لذا قال: و أوصيتُ أتباعي بأن يتشرّعوا ** و من بعد هذا يقتدوا بالحقيقة و ذكر مثل ذلك في أقواله كثيراً رضي الله عنه.
حاشية: قصة ألوان الرايات من خلع التشريف التي خلعها سيدنا رسول الله صلّي الله عليه و سلّم علي السادة الأقطاب في ليلة الإسراء و المعراج, فكانت كالآتي:
السوداء (كناية عن كنز العما) لسيدي أحمد الرفاعي
الخضراء (كناية عن شرف آل البيت) لسيدي عبد القادر الجيلاني
الحمراء (كناية عن الحقيقة الأحمديّة) لسيدي أحمد البدوي
البيضاء (كناية عن الشريعة) لسيدي إبراهيم الدسوقي
الصفراء (كناية عن الحقيقة المحمّدية) لسيدي أبي الحسن الشاذلي
شارات الطريقة: الخضراء من سيدنا الحسين لسيدي فخر الدين, إضافة الطريقة لسيدنا الحسين رضي الله عنه.

المعني:
فَصِرْتُ: صار من المصير إلي من حالٍ حال, و صيغة الماضي, ما أبرم و تمّ قضاؤه
بِهَا: بالباء الوسيلة إلي الصيرورة, ها راجعة للطريقة (البيت السابق).
عَبْداً: مرتبة العبودة
وَللِنَّاسِ: عمومية الإذن, الآية: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) سبأ 20 سَيِّداً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وارث محمّدي

المعني:
وَإِنِّيَ: باطني الظاهر في الخليفة الوارث
مِيذَابُ الْحَقَائِقِ كُلهَا: المِيزابُ: قناة أو ماسورة عموديّة يجري فيها الماء منصرفًا من أسطح الدُّور أو المواضع العالية، فينسكب على الأرض بعيدًا عن جدرانها (ميزاب الكعبة معروف). بمعني: تتنزل مني علوم الحقائق لأهل العلم
وَإِنِّي ذُو فَخْرٍ: ذُو صاحب, فَخْرٍ: مُظِهر المَكَارِمَ وَ الجَاه
أَتِيهُ: أعتزُ و أفخر
بِتُهْمَتِي: تعظيم آل البيت (جنايتها تعظيم آل محمدٍ ** و أنّ رسول الله ذو أحدية)

المعني:
فَمَا أَسفْرَتْ: الفاء للاستئناف, ما النافية, أَسفْرَتْ: السَّفرُ و السُّفور كشف السّتر عن الشئ و ظهوره و إشراقه, الآية: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) عبس 38 فِي جَانِبِ الطُّورِ نَارُهَا: يقصد "نارَ موسي" التجّلي الإلهي, الآية: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا) القصص 29 و الطُّورِ في الحقيقة القلب.
كَمَا أَسْفَرَتْ لِي: لأني صاحب وراثة محمّدية
يَوْمَ حَمْلِ أَمَانَتِي: (و يسمي يوم العروبة) تنصيب صاحب الوقت, و خطب الرسول صلي الله عليه و سلّم في الحضرة الإلهية بأن سيدي فخر الدين تولّي رئاسة الزمن.

المعني:
جَنَيْتُ: من جني الثمرة
بِتَعْظِيِم الْحَبِيبِ وَآلِهِ: العظيم هو سيد القوم, ينظر إليه بالمهابة و بالتوقير, و تعظيم آل بيته و محبتهم. قال تعالي: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) الشورى 23 و قال عروة بن مسعود حين وَجَّهَتْهُ قريش عام القضية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى من تعظيم أصحابه له ما رأى، وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوئه، وكادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقاً ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم، فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدَّونَ إليه النظر تعظيماً له، فلما رجع إلى قريش قال: " يا معشر قريش، إني جئتُ كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه، وقد رأيت قوماً لا يسلمونه. سيدي فخر الدين رضي الله عنه عكف علي تعظيم آل البيت رضي الله عنهم, قولاً و فعلاً و علّم أبناء طريقته تعظيم النبي و آله.
جَنَيْتُ: كرر للتأكيد
ثِمَارَ الْجَنَّتَيْنِ: جنة المعرفة و جنة القرب, الآية: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) الرحمن 46 بِجُنَّتِي: الجُنَّة الستر و الوقاية و الخفاء, قال عن السيدة الزهراء رضي الله عنها: وَأَخَذْتُ مِنْ فِيهَا جَوَاهِرَ حِكْمَتِي *** وَكَذَا خَفَائِي وَالْخَفَاءُ مَتَاعُ (13 ق 23)

المعني:
وَجَنَّ: الواو للعطف علي السابق, و لما قال في البيت السابق " جَنَيْتُ" أتي هنا بالنقيض علي المنكر لحبّ آل البيت, و في صورة الجناس اللفظي " جَنَيْتُ" و "جَنَّ". و جَنَّ معناها: أظلم من "جَنَّ اللّيلُ". الآية: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي) الأنعام 76 عَلَى مَنْ يُنْكُرِ الْحُبَّ جَهْلُهُ: أي: جَنَّ جَهْلُهُ عَلَيه, أظلم و عمي بصيرته من إنكاره لحبّ النبي و آل بيته
فَأَصْبَحَ: جنّ (ليل) و لكنه في حقيقة الأمر (أَصْبَحَ)
مَقْطُوعَ الْوَتِينِ: الوَتِينُ: الشِّريان الرئيسُ الذي يغذِّي جسمَ الإِنسان بالدّم النقيِّ الخارج من القلب, إذا قُطع فارقت الرّوح الجسد, الآية: (ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) الحاقّة 46 فقدوا روح الإيمان
بِفِتْنَةِ: هاجموا كتاب "تبرئة الذمة في نصح الأمّة" لسيدي فخر الدين و قد كتب في محلّ مولفه "لجامعه الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني", فوقعوا في الفتنة و أضاعوا إيمانهم.

المعني:
فَصَارَ: آل أمره إلي (الخوض في أعراض الرجال) بِأَعْرَاضِ الرِجَّالِ: جمع عِرْض و عِرْضُ الرجلِ حَسبَهُ، وقيل نفْسه، وقيل خَلِيقَته المحمودة، وقيل ما يُمْدح به ويُذَمُّ, الرِجَّالِ: المؤمنين, ألاية: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) الأحزاب 23 وَحِبّهِمْ: حِبّهِمْ للنبي و آل بيته
يَخُوضُ مَعَ الْخُوَّاضِ: أَصْل الخَوْض المشيُ في الماء وتحريكُه ثم استعمل في التلبس بالأَمر المعيّن, و هو يأتي في المزموم من القول و الفعل و من ذلك: الخَوْضُ من الكلام: ما فيه الكذب والباطل، وقد خاضَ فيه. وفي الآية: (وإِذا رأَيْتَ الذين يَخُوضون في آياتنا) الأنعام 68 وفي حديث: يَتَخَوَّضُون في مال اللّه تعالى. الآية: (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) المدّثر 45 فِي كُلِّ وَحْلةِ: الوَحْلُ: الطينُ (الرَّقيقُ) تَرْتَطِمُ فيه الدوابُّ. وفي حديث سُراقة: فوَحِل بي فَرَسي وإِنني لَفي جَلَدٍ من الأَرض أَي أَوقعني في الوَحَل؛ يريد كأَنه يسِير بي في طِينٍ وأَنا في صُلْب من الأَرض. يعني الشيخ بذلك: أنّ هذا المنكر لحبّ النبيّ و آل بيته تنكّب الطريق, و وقع في أوحال الوهم و الضلال.

المعني:
وَأُوتِيتُ أَلْوَاحاً حَمَلْتُ بِقُوَّةٍ: الآية في قصة سيدنا موسي عليه السلام (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) الأعراف 145 القصائد وَعُدْتُ إِلَى قَوْمِي: قَوْمِي: أبناء طريقتي, العود: لغةً الرّجوع إلى الشّيء بعد الانصراف عنه إمّا انصرافا بالذّات، أو بالقول والعزيمة, و عاد يعود الشيء عودا وعيادا: بدأه وباشره ثانيا. وقال ابن منظور: العود ثاني البدء. أي أتيتهم بالقصائد بعد أن انتقلت بجسدي عنهم بِأَحْمَدِ عَوْدَةِ: قولهم في المثل: العود أَحمد (من الأمثال السائدة في العرب قبل الإسلام) أَي أَكثر حمداً, و من ذلك بيتٌ لِابْنِ الرُّومِيِّ: وَالْعَوْدُ أَحْمَدُ قَوْلٌ قَدْ جَرَى مَثَلًا *** وَعُرْفُ مِثْلِكَ بِالْعَوْدَاتِ مَوْصُوفُ و يعني الشيخ أنني عدتُ لهم بالعطاء البرزخي.

المعني:
وَلَمْ أُلْقِ أَلوَاحِي: لأنني وارث محمّدي و لست وارثاً موسويّاً
وَمَا كُنْتُ غَاضِباً: الآية (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الأعراف 150 وَلَسْتُ أَخَا أَسَفٍ: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا) الأعراف 150 أي أنني لا أتأسف و لا نجتمع أنا و الأسف لِخَوَّانِ نِعْمَتِي: قال تعالي: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) الحج 38 و في الحديث: "المُؤْمِنُ يُطْبَع على كلِّ خُلُقٍ إلا الخِيانَةَ والكَذِب" و الخَوَّانٌ من تشرّب بالخيانة. نعمتي: هدايتي. (غير مأسوفٍ عليه).

شراب الوصل کی کونسی بیت نمبر تلاش کرنی ہے ؟

طریقہ برہانیہ کی تجدید سوڈانی شیخ مولانا محمد عثمان عبدو البرہانی نے کی (1902-1983)۔ اس کی قیادت کو شیخ محمد عثمان عبد البرہانی سے اپنے بیٹے شیخ ابراہیم (2003) میں اور اس کے بعد اپنے پوتے شیخ محمد کے پاس لایا گیا ہے۔

رابطہ کریں

ہاؤس نمبر1524، گلی 41A, فیز4، بحریہ ٹاؤن، اسلام آباد، پاکستان۔

info@burhaniya.pk  |   +92 312 00 1 2222