المعني:
إِليْكَ: اسم فعل أمر بمعنى خُذْ، نحو: إليك القلم، ومنه قولهم: إليك الخبر بالآتي, أي: يا مُرِيدِي خُذْ عني الآتي من القول
مُرِيدِي: أصلها يا مُرِيدِي. يا المنادي مجذوفة, و المريد, هو الطالب أو القاصد مقابله المُراد, و المريد الطالب اعلم و الهداية من المُراد و هو الشيخ, و الطريقة عهدٌ بين المُريد و الشيخ, و المُريد هو من وافقت إرادته إرادة الشيخ, قال رضي الله عنه:
وَلَسْتُ بِنَاءٍ عَنْ مُرِيدِيَ لَحْظَةً *** وَإِنَّ مُريدِي مَنْ أَرَادَ إِرَادَتِي (266 ق 1)
مَا بِه: الذي بِهٍ و الباء لاصقة, كقولك أمسكتُ بالحبل
اللَّهُ خَصَّنِي: اللَّهُ: إشارة إلي حضرة الألوهية الرئيسة عل كل حضرات الأسماء, خَصَّنِي: من خَصّه بالشيء يخُصّه خَصّاً وخُصوصاً وخَصُوصِيّةً وخُصُوصِيّةً، واخْتصّه: أَفْرَدَه به دون غيره, أي: خُصّ سيدي فخر الدين بخصائص تميّزه من بين الأكابر, و هذا اصطفاء و يبيّن في هذا البيت و ما بعده هذه الخصائص, يجملها هنا ثمّ يفصلها في الأبيات التالية له
بِنُورِ: الباء حرف جر للإلصاق الحقيقي, نحو: أمسكت الحبل بيدي أي ألصقتها به) , نُورِ: النّور: الهِداية, قال تعالي:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) النساء 174
قال رضي الله عنه:
نُورِي مِنَ النُّورِ الْمُبِينِ *** وَنُورُ جَدِّي الأَغْلَبُ (3 ق 4)
عموميّة الطريقة لأهل الزمان, خُصّ بها سيدي فخر الدين وراثة نبويّة محمّدية صرفة. فجاءت طريقته لتعُمّ الكون, من عمومية رسالة جدّه صلّي الله عليه و سلّم الكون دون الرسالات السابقة
وَرِضْوَانٍ: الواو للعطف, الرِضْوَان الرّضَا, أعلي مواطن القُرب الإلهي, قال تعالي:
(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المائدة 16
فكانت الطريقة موطن الرضا لمن أمّها, و الرّضا أعطي لسيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه, قال عن ذلك سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
إِنَّه دَارٌ وَدَيَّارُ الِرّضَا *** إِنَّهُ وَاللَّهِ حَلاَّلُ الْعُقَدْ (10 ق 8)
و قال عنه:
يَقُولُ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ *** وَأُرْضِينَا بِهِ جَمْعاً وَفَرْدَا (1 ق 58)
وَتَأْيِيدِ دَوْلَتِي: الواو للعطف, (نور و رضوان و تأييد) , التأييد: النصر و الدعم و التمكين, دَوْلَتِي: الدّولة من تداول الأمر, قال تعالي:
(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران 140
و من معاني الدّولة: العُقْبة في المال والحَرْب, و من معاني الدّولة: الانتقال من حال الشدَّة إِلى الرَّخاء, و هي دولة سيدي إبراهيم رضي الله عنه, المعبّرة عن آل البيت الكرام رضي الله عنهم. و بها بشّر الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه, حيث قال:
لَنَا دَوُلةٌ فِي آخِرِ الدَّهُرِ تَظُهَرُ *** فَتَظُهَرُ مِثُلُ الشَّمُسِ لَا تَتَسَتَرُ
و قالوا أيضاً:
هِذِه دَوُلَتُنَا قَدُ حَضَرَتُ *** دَوُلَةُ العِزِّ وَ كَنُزُ الفَرَحِ
و في إشارة إلي عزيز مصر, سيدنا الإمام الحسين, أعطي المُلك لسيدي فخر الدين (الطريقة) , و لذا قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
وَآيَةُ مُلْكى أَنَّنِي مَا خَطَبْتُهَا *** وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ شَاهِدُ عُقْدَتِي (69 ق 1)
و هذه الخصال الثلاثة التي خُصّ بها سيدي فخر الدين, ممثلا في شارة الطريقة, يمكن تلخيصها في:
النّور: من حضرة سيدنا حضرة النبي صلّي الله عليه و سلّم (الشارة الصفراء – الحقيقة المحمّدية) يمثّله سيدي أبو الحسن الشّاذلي رضي الله عنه
الرّضوان: سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه (الشارة البيضاء – الشريعة)
التأييد: سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه (الشارة الخضراء – شرف الإضافة
لآل البيت). كما سيتضّح تفصيله ذلك في أبيات قادمة